يقضى محمد جمعة يومه لتقليم غصون أشجار المانجو المريضة بمزرعته، فيما يقوم شقيقه بشراء أدوية زراعية لإنقاذ ما تبقى من الأشجار، هذا هو حال المزراعين، بعدما تأثرت أشجار المانجو بالإسماعيلية بالتغييرات الجوية التى تتعرض لها مصر، ورفع نسب الإصابة بأمراض فطرية تصيب أوراق الأشجار وتؤثر على إمكانية ظهور الثمار القابلة للنضج، لانتشار مرض "العفن الهبابى" .
وانتشرت أعراض مرض العفن الهبابى بشكل أقرب إلى الوباء فى مزارع المانجو بالإسماعيلية، مما دفع ثلاثة أعضاء بمجلس النواب لتقديم طلبات إحاطة لوزير الزراعة للتحرك للسيطرة على المرض قبل تحوله إلى وباء كامل.
"العفن الهبابى" يتكون بسبب توالد ثلاث أنواع من الحشرات
ويقول محمد أحمد على مهندس زراعى بشركة خاصة بالإسماعيلية، "أمراض المانجو المؤثرة على كمية المحصول كثيرة، والعفن الهبابى أحدها وظهر فى الإسماعيلية قبل خمسة أعوام تقريبا ولكن هذا العام انتشر بشكل وبائى".
ويضيف "التغيرات المناخية ترفع من نسبة الإصابات الفطرية ومن المفترض أن يتابع المزارع فترات التغير المناخى، ويبدأ فى جرعات معالجة بالرش، ولكن هذا مكلف ماليًا، بسبب أسعار السولار والمبيدات والأسمدة وأجرة العمالة، بالإضافة إلى فعالية الأسمدة والأدوية الزراعية ذاتها.
وأوضح "على" أن العفن الهبابى" يتكون بسبب توالد ثلاث أنواع من الحشرات هى "المن والبق الدقيقى والحشرة القشرية" والأخيرة ترتكز على الوجه السفلى لأوراق الأشجار وتنتج مادة عسلية لزجة تكون بيئة حاضنة لفطريات تتسبب فى تحول لون سطح الأوراق إلى اللون الأسود ويمنع عملية التمثيل الضوئى واكتمال الغذاء، ولذلك يسميه الفلاحون " الهباب الأسود".
وأكد "على" أن الإسماعيلية هى أكبر المحافظات المنتجة للمانجو وتبلغ مساحة زراعة المانجو 107 آلاف و490 فدانا و222 قيراطا، ينتج الفدان الواحد ما بين طنان ونصف وطن وثلاثة أطنان كمتوسط أطنان، وقال بيان إحصائى لمديرية زراعة الإسماعيلية إن إنتاج الفدان الواحد خلال الموسم الأخير للمانجو كان طنان و644 كيلو.
مديرية الزراعة بالإسماعيلية لا تملك إحصاء رسميا لمساحة الأراضى المصابة بالعفن
أما مديرية الزراعة بالإسماعيلية لا تملك إحصاء رسميا لمساحة الأراضى المصابة بالعفن الهبابى، ولكن الدكتور السيد خليل مبارك وكيل وزارة الزراعة، قال إن المديرية تقسم الأراضى بحسب درجة الإصابة، وصنفت مزارع مركز الإسماعيلية وأبو صوير كأكثر الأماكن إصابة وأقلها بالترتيب التل الكبير والقصاصين وفايد والقنطرة شرق.
وتابع مبارك "بدأنا التحرك للسيطرة على المرض قبل ظهوره بهذا الشكل وخاطبنا الوزارة لإرسال لجنة من إدارة البحوث لتقييم الوضع وكيفية علاجه".
وأضاف "المزارعون الآن فى حالة استنفار لإنقاذ المانجو، لأن المرض انتشر بشكل كبير، بسبب سوء إدارة المزارع وتأخر توقيت المقاومة.
75% من أسباب الإصابة بالمرض يرجع لأسلوب تعامل الفلاحين مع الأشجار
ومن جانبه أكد أحمد أمين باحث متخصص فى أمراض النبات، أن 75% من أسباب الإصابة بالمرض يرجع لأسلوب تعامل الفلاحين مع الأشجار، فى التأخر فى المعالجة بعد الجمع وإهمال رشها بأدوية وقائية وغسل الأشجار من مخلفات الموسم المنقضى.
ويرجع أمين انتشار الإصابة فى مزارع الإسماعيلية إلى طول عمر الأشجار ووصول ارتفاعها إلى 15 مترا تقريبا، وهو ما يتسبب فى تشابك أغصانها ومنع أشعة الشمس من الدخول لباطن الأشجار وإكمال النمو، ويتسبب فى رفع درجات الرطوبة التى تؤدى إلى نشاط الفطريات المسببة للمرض.
وتابع "أمين" أن أزمة المزارعين فى تفاوت القدرات الاقتصادية فيما بينهم، وقد لا يستطيع أحدهم شراء مبيدات فعالة لارتفاع أسعارها متأثرة بتحرير سعر الصرف ويلجأ لأدوية أقل سعرا وأقل تأثيرا أيضا، مما يجعل جهده كأنه لم يكن.
توصيات لمقاومة أمراض تسببه الحشرات القشرية
أما إدارة مكافحة الأمراض الزراعية ومركز البحوث حددت سبع توصيات لمقاومة أمراض تسببه الحشرات القشرية والبق الدقيقى المسببة للعفن الهبابى، أهمها تقليل التزاحم بين أفرع الأشجار بالتقليم والتطهير بمحلول أكسى الكلور، والتحكم فى أطوال الأشجار بحيث لا يزيد عن متران إلى أربعة أمتار.
واستخدام مبيدات فسفورية مخلوطة بزيوت معدنية، ورش الأشجار بمحلول الصابون البوتاسى وزيادة ضغط موتور رش المبيد لإزالة اللون الأسود من على الأوراق.
وقال المهندس محمود عبد القادر مدير إدارة المكافحة، "بدأنا خطة عمل مكثفة بالتعاون بين إدارات المكافحة والإرشاد والبساتين، للسيطرة على المرض، مؤكدا أن إدارة المكافحة تركز عملها فى منطقة مركز الإسماعيلية كونه يضم أكبر مساحات زارعة المانجو بالمدينة، أكثر الأماكن تعرضا للإصابة".
مدير إدارة الإسماعيلية الزراعية: نحاول السيطرة على "العفن الهبابى"
أما المهندس شاكر على البنا مدير إدارة الإسماعيلية الزراعية، يقول: "لا نستطيع توقع مستقبل محصول المانجو هذا العام، ونحاول السيطرة على "العفن الهبابى" لأنه يمنع اكتمال النمو الخضرى، ولا تستطيع الشجرة الحصول على غذاء كاف للإزهار ومن ثم الإثمار".
وأضاف البنا الذى يشغل أيضًا منصب نقيب الزراعيين، "العفن الهبابى أحد الأمراض المؤثرة على كمية محصول المانجو، ولكنه أول درجات المكافحة، وقد تصاب الأشجار بمرض البياض الدقيقى فى شهور فبراير ومارس، هذا خطورته أشد لتأثيره على ساق النبات والأوراق الثمار قبل نضوجها، ومرض ذبابة الفاكهة ويظهر مع الإثمار فى شهور مايو ويونيو ويوليو.
ويقول نقيب الزراعين، أسلوب ممارسة المزارعين يتحكم فى درجة الإصابة فى المرض، ولكن حتى تعامل صاحب مزرعة بشكل فعال وكافح المسببات وله جار أهمل فى العلاج قد تنتقل حشرات إلى المزرعة السليمة بسبب الرياح.
وتابع "البنا" أن تفاوت درجات الوقاية بين أصحاب مزارع المانجو، اضطر المزارعين لطلب رش جماعى للأشجار، وإعادة دور وزارة الزراعة التى توقفت عنه قبل عشر سنوات حيث كانت تتدخل للمكافحة بشكل جماعى، وهو ما يقلق محمد جمعة من فعالية إجراءات الوقاية لا يطبقها جيرانه.