"رايحه جاية ".. هذا هو حال المناطق الحرة الخاصة بقانون ضمانات وحوافز الإستثمار، لاسيما في ظل حالة الشد والجذب الدائمة بين وزارتي المالية والإستثمار بالحكومات المتعاقبة حول جدوي بقائها، فبينما تحاول "الاستثمار" إقناع "المالية" بأهمية تلك المناطق مع اتخاذ الإجراءات الكافة للتصدي لعمليات التهريب والتلاعب، تتمسك الأخيرة بموقفها الرافض إنطلاقاً من أن المثالب تفوق المميزات، وهو أيضا المشهد الذي تكرر لدى حكومة المهندس شريف إسماعيل أثناء إعداد مسودة القانون الجديد لينتهي الأمر بإعلان داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار إلغاء العمل بنظام المناطق الحرة علي أن يتم إنشاء مناطق تكنولوجية خاصة للشركات الراغبة فى الاستثمار بهذا القطاع، وذلك بعد إجتماع الحكومة الأخير.
وخلال 2015، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديلاً علي قانون الإستثمار، بعد نقاش موسع داخل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي التي ترأسها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء في ذلك الوقت، يتضمن إلغاء المناطق الحرة الخاصة، ِوبعد مده قصيرة جداً من إجراء التعديلات، أرسلت وزارة الإستثمار خطاباً إلي "الإصلاح التشريعي" تطالب فيه بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) بإعادة الاستثمار وفقا لنظام المناطق الحرة الخاصة.
في حين أرسلت وزارة المالية خطاباً أخر رفضت المقترح مع عدم الإخلال باستمرار الشركات القائمة بالفعل وفقا لهذا النظام، وجواز تجديد الترخيص لها حال انتهاء مدة الترخيص، مع التأكيد على خضوعها للرقابة الضريبية والجمركية، وحسمت اللجنة الاقتصادية المٌنبثقة عن اللجنة العليا للإصلاح التشريعي هذا الأمر برفض إجراء تعديل يقضي بعودة المناطق الحرة الخاصة.
جدلية بقاء المناطق الحرة الخاصة من عدمها، وكثير من الملفات الشائكة بقانون الاستثمار مثل الاعفاءات الضريبية وولايه الأراضي، ستنتقل بطبيعة الحال إلي ملعب البرلمان، بمجرد إرسال الحكومة مشروع القانون، لاسيما أن وزيرة الاستثمار داليا خورشد، أعلنت إقرار الحكومة للمسودة النهائية لمشروع القانون الأحد القادم.
لدى النواب قال عمرو غلاب، نائب رئيس ائتلاف دعم مصر، إن المناطق الحرة الخاصة ليست ذات جدوى، حيث إنها كانت أحد وسائل التهريب، مؤيداً توجه الحكومة بإلغاء المناطق الحرة مع منح إمتيازات وإنشاء مناطق تكنولوجية خاصة للشركات الراغبة فى الاستثمار بهذا القطاع.
وأضاف "غلاب" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن الائتلاف لن يتقدم بمشروع قانون بتعديل قانون حوافز وضمانات الاستثمار إلي مجلس النواب، علي أن يتم دراسة مشروع قانون الحكومة فور إرساله إلي البرلمان وإبداء الرأي حوله لاسيما فيما يتعلق بالإجراءات والضوابط التي من شأنها تسهيل دخول وخروج المستثمر في السوق، بما يعمل علي تشجيع مناخ الاستثمار، بجانب أهميه تضمينه طرق محددة للمستثمر الذي يريد تحويل أمواله خارج البلاد.
وتابع "غلاب"، أن الائتلاف سيكون شديد الحرص أن يتضمن القانون كل ما يلزم لتسهيل عملية الاستثمار، بما في ذلك من حوافز للاستثمار وتسهيل الإجراءات الخاصة بالمنح والتخصيص ومنع تأخير الإجراءات.
أما النائب محمد فؤاد، عضو الهيئة البرلمانية عن حزب الوفد، فاختلف مع "غلاب" حيث أيد الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة مع وضع ضوابط لمنع التهريب والتلاعب الذي يحدث.
وقال "فؤاد"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن مسودة قانون الإستثمار التى تناقش داخل الحكومة حالياً غير كاملة "النضج" وتحتاج إلي أيادٍ أخرى للعمل فيه خاصة إن المسودات التي تُعد لم تخضع لحوار مجتمعي بشكل كاف.
واقترح عقد الحكومة مؤتمر موسع يتم خلاله دعوة جمعيات رجال الأعمال والمستثمرين للنقاش حوله والوقوف علي رأيهم في النقاط الأساسية في القانون، لاسيما ولاية الأراضي والشباك الواحد وآلية تنفيذه، وفتنة المناطق الحرة، وما يتعلق بها من إعفاءات ضريبية.
وأضاف "فؤاد" أن هناك مشاكل فعلية في قانون الاستثمار يجب إشراك فيها المجتمع قبل حسمها في الغرف المغلقة، قائلاً: " إذا تم وضع قانون جيد للإستثمار، فلسنا في حاجة إلي الوزراة، ومن رأيي يتم إلغاؤها، فهيئة الاستثمار كافية".
من جانبه رأى النائب عمرو الجوهرى، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية، إن الإشكالية ليست في بقاء المناطق الحرة أو إلغائها، بل في الإدارة، قائلاً: "للأسف كلما فعلنا هذه المناطق نفشل فيها، بالرغم أن كثير من الدول التي نجحت اقتصادياً تعمل بنظام المناطق الحرة".
وقال "الجوهرى" في تصريحات لـ"برلماني" إن المشكلة تُكمن في سوء إدارة الحكومة لهذه المناطق رغم أهميتها، مشيراً إلي أنه كان يجب اتخاذ العديد من الإجراءات الحاسمه لمنع التهرب والتلاعب.
وعلق النائب أحمد سمير، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، علي فكرة جدلية الالغاء أو الابقاء علي المناطق الحرة بقانون الاستثمار، بقوله:" فكرة الابقاء والتراجع عنها أو العكس بقوانين الاستثمار يعطي صورة سيئة عن الرؤية التي تتبناها البلد فيما يتعلق بمناخ الاستثمار، لذا لابد أن يكون هناك سياسة واضحة تتبناها الدولة فيما يتعلق بهذه المناطق بعد دراسة متأنية".