تزايدت التساؤلات عن تداعيات الإصلاحات الاقتصادية والتى يتسبب فيها "تعويم الجنيه" ورفع الدعم جزئيًا عن أسعار المحروقات، منذ بداية شهر نوفمبر الماضى، وعلاقة ذلك بموازنة المحافظات للتوسعات التنموية وتقديم الخدمات العامة للمواطنين، صحيح أن الموازنة العامة للدولة ثابتة ومقررة سلفًا، لكن كما توقع الخبراء تأثرت كافة القطاعات بالدولة، فارتفعت أسعار المواد الخام، إذ ان كل شىء يعتمد على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وطرق التسعير السلعية.
ويتوقع برلمانيون أن يتصاعد حدة الخلاف على مخصصات الموازنة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة وأن محافظات الجيزة وأسيوط وبنى سويف وقنا تشتكى فعليًا من قلة الموارد بعد زيادة تكلفة المشروعات وتقديم الخدمات وهو ما لا تتحمله الموازنات المخصصة لكل منهم، وتستعد لتقديم دراسات لوزارة التخطيط من أجل المطالبة بضخ مقتطعات مالية إضافية لا ستكمال خطة التنمية المستهدفة.
عضو لجنة الطاقة: الحكومة ملزمة بمضاعفة موازنة المحافظات لتمويل مشروعات التنمية
قال السيد حجازى الباز، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، إنه لابد للحكومة اعتماد زيادة جديدة على موازنة جميع المحافظات المرتبطة بمشروعات توسعية وتنموية خلال الـ 6 أشهر الحالية، والتى تمثل النصف الثانى من الموازنة العامة للدولة للعام 2016/2017، مشيرًا إلى أن جميع الأسعار ارتفعت، كذلك أجور العمالة، والمشروع الذى كان سيتكلف مليون جنيه أصبح تكلفته 2 مليون جنيه.
ولفت السيد حجازى،إلى أن المقاولين يطالبون بزيادة ١٠٠ ٪ بعد التعاقد مع الدولة لزيادة جميع تكاليف الإنشاء، من أسعار الحديد والأسمنت والزلط والرمل، بسبب زيادة أسعار المحروقات، وكذلك الكهرباء والمياه، وعلى الدولة ضح أموال فى موازنات المحافظات لإتمام المشروعات المعلقة والمستهدف تسليمها خلال السنة المالية الحالية أو مراحل منها.
واقترح النائب البرلمانى، أن تحصل كل محافظة على ضعف المخصص لها كموازنة مشروعات تنموية، لتتمكن من إتمام المخططات الاستراتيجية لها، لافتًا إلى أن العامل الذى كان يحصل على 50 جنيها أجر يومى، يطالب الآن بـ100 جنيه، بخلاف إيجار المعدات وتكاليف الإنارة العامة للشوارع والطرق السريعة، متوقعًا مضاعفة الموازنة العامة الجديدة للعام 2017/2018 عن الحالية، ومتسائلًا: "الأسمنت بكام والحديد بكام وأجرة العمال كام والنقل بكام؟".
ووصف عضو لجنة الطاقة، تعويم سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية بـ"مشكلة"، لأنه أثر على كل السلع، منتقدًا مبرر الحكومة لتعويم الجنيه، وهو انخفاض مديونيتها لشركات البترول الأجنبية، واصفًا حجة الحكومة بـ"مبرر خائب وواهى".
عصام الفقى: على الحكومة إنفاق أموال قرضى النقد والبنك الدولى على تنمية المحافظات وليس دعم الاحتياطى النقدى
وطالب عصام الفقى عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بتخصيص أموال قرض صندوق النقد الدولى البالغة 12 مليار دولار، لمشروعات تنموية والبنية التحتية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الناتج المحلى لتدعيم التنمية والشباب وليس لتدعيم وضع الاحتياطى النقدى كما تستهدف الدولة، لافتًا إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى 2016/2017 وصل إلى 350 مليار جنيه.
وتابع الفقى: "طلب المحافظات بزيادة مبالغ الموازنة الخاصة بها لاستكمال المشروعات التنموية أمر مشروع لكنه عمليًا لن يمكن تمويله، لأننا مش هنقدر نسد احتياجات المحافظات كلها، خلينا عقلانيين"، مشيرًا إلى وجود أولويات لدى كل محافظة وعليها أن تضع هذه الأولويات وتؤجل ما يمكن تأجيله للعام المالى الجديد، معلقًا: "لدينا الأهم ثم المهم".
وفيما يتعلق بقرض مصر من البنك الدولى للتنمية، قال النائب عصام الفقى، إن غالبية النواب فى البرلمان يؤيدون إنفاق أمواله فى مشروعات التنمية المستدامة ورصف وتعمير المحافظات للتغلب على زيادة العجز فى الموازنة العامة للدولة، خاصة وأنه من المتوقع زيادة أسعار فائدة الدين والديون الخارجية كذلك والداخلية أيضًا.
يوم الخميس الماضى، وقع البنك الدولى ووزارة التعاون الدولى إتفاق لإقراض مصر مليار دولار، وهو القرض الثانى لأغراض تمويل سياسة التنمية البرامجية لضبط أوضاع المالية العامة، وتوفير الطاقة المستدامة، وزيادة القدرة التنافسية لمصر.
النائب إبراهيم نظير: زيادة موازنة المحافظات "صعب" فى ظل عجز حالى بأكثر من 300 مليار جنيه
وقال إبراهيم نظير، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه من الصعب توفير مخصصات إضافية للمحافظات لاستكمال المشروعات المختلفة والتى تأثرت بالفعل بسبب تعويم الجنيه وزيادة أسعار المحروقات، مرجعًا الصعوبة فى ذلك لوجود عجز بأكثر من 300 مليار جنيه فى الموازنة المالية الحالية للعام المالى 2016/2017.
وأضاف "نظير"، أن وزارة التخطيط فى هذه الحالة ستقوم بتوجيه فوائض الموازنات والمشروعات إلى مشروعات أخرى بنفس المحافظات أو محافظات أخرى بحسب درجة الأهمية، موضحًا أن الكثير من المشروعات يتم تخصيص مبالغ مالية معينة لها لكنه يتم إنفاق أقل منها وبالتالى توجه هذه الزيادات لمشروعات أخرى، ضاربًا مثال بأنه إذا كانت الوزارة قد اعتمدت مبلغ ١٠٠ مليون لإنشاء كوبرى وتم توفير ٢٠ مليون جنيه من التكلفة، يتم جمع هذه الفوائض لمشروعات أخرى أو يتحول لإيراد فى السنة التالية، أو يتم توزيع مثلا 220 مليون جنيه فوائض على محافظات الجمهورية بنسب متباينة حسب احتياجات كل محافظة بمبالغ تتراوح بين 20 إلى 25 مليون جنيه لمشروعات رصف الطرق وتوصيل المياه والصرف الصحى وغيرها من المشروعات ويتم تقييم هذه المشروعات كل ثلاثة أشهر.
وأوضح النائب إبراهيم نظير، أنه فى حالة عدم وجود موارد لدى المحافظة، مثل محافظة أسيوط التى لا يوجد بها موارد طبيعية مثل باقى المحافظات، تعتمد المحافظة بشكل أساسى على دعم وزارتى المالية والتخطيط، وأحيانًا يكون لدى المحافظة موارد لكن إذا لم يتوافر تلزم الدولة بتمويلها خاصة فى ظل زيادة الأسعار.
وحول زيادة موازنات المحافظات وفقًا لنسبة التضخم المعلنة التى تجاوزت الـ 20%، أكد إبراهيم نظير، أن مقارنة نسب الزيادة التقريبية بالتضخم أمر غير علمى لأن التفاوت فى الأسعار ليس بنفس النسبة صعودًا ولذلك من الأفضل التعامل بنظام المبالغ المقتطعة والبحث عن إمكانية تعظيم المحافظة من مواردها الذاتية التى تجمعها من تحصيل غرامات المخالفات ورسوم إصدار التراخيص والخدمات العامة والتجارية من خلال تسديد تبرع لأحد صناديق تنمية المحافظة ليعاد استخدام المبالغ مرة أخرى فى مشروعات تنموية.
الجدير بالذكر أن عددا من المحافظات وعلى رأسهم الجيزة، طالبت بزيادة المخصصات المالية لتتمكن من استكمال مشروعات المياه بعد زيادة التكاليف الناتجة عن إجراءات الإصلاح الاقتصادى الأخير، وقد أعلنت المحافظة عن عرض تصور على وزارة التخطيط، كذلك تعد حاليا دراسة بالمشروعات التى تحتاج إلى مخصصات إضافية والمقرر الانتهاء منها نهاية الشهر الجارى، لتسليمها إلى وزارة الإسكان لطرح مناقصات عامة على شركات المقاولات للتنفيذ مطلع العام المقبل.