شهد الاجتماع المشترك للجنة الشئون الدينية والأوقاف واللجنة التشريعية بمجلس النواب، الذى عقد اليوم الأحد، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بحضور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور محى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، جدلا حول مشروع قانون تنظيم الخطابة الدينية، المقدم من النائب محمد شعبان ـ عضو اللجنة الدينية، وانقسام فى وجهات النظر بين من يرى عدم الحاجة لإصدار قانون جديد للخطابة والاكتفاء بالقانون الحالى رقم 51 لسنة 2014، وتبنى هذا الرأى وزير الأوقاف وبعض النواب، وما بين من يرى أهمية مشروع القانون وضرورة وضع ضوابط صارمة ضد من يخالف شروط وقواعد إلقاء الخطبة الدينية.
واتفقت لجنة الشئون الدينية برئاسة الدكتور أسامة العبد، على أن يتم عقد لقاء بين الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والنائب محمد شعبان عضو اللجنة ومقدم مشروع قانون تنظيم الخطاب الدينية، وبحضور رئيس اللجنة، للتوافق حول مشروع القانون الخاص بالخطابة، وذلك بعد تأكيد وزير الأوقاف على أن القانون الحالى كاف وشاف ولا حاجة لإصدار قانون جديد.
وقال "العبد": "أقترح عقد لقاء بين النائب محمد شعبان ووزير الأوقاف للتفاهم على ما جاء فى مشروع القانون، لأننا لا نستطيع أن نضيع جهد النائب شعبان ونأخذ كلام الوزير فى الاعتبار بأن القانون الحالى فيه ما ورد بمشروع القانون".
وأشار "العبد" أنه اللجنة لن تدخل فى مناقشات تفصيلية فى مشروع القانون ومواده إلا بعد الجلسة المشتركة مع وزير الأوقاف.
وأكد رئيس اللجنة الدينية، أن كل من يتولى الإفتاء ويعتلى المنبر لابد أن يكون على قدر كبير من التخصص الدقيق، وقال أن هناك قواسم مشتركة بين الأديان السماوية وهى التحلى بالفضائل والبعد عن الرذائل.
وطالب الدكتور أسامة العبد، بسد العجز فى عدد أئمة المساجد والعاملين بالأوقاف، وأن يعين كل عامل أو إمام فى محافظته ولا يتم تعيينه فى محافظات أخرى، موضحا أن محافظة دمياط فيها عجز فى عدد 15 ألف من الأئمة والعاملين بالأوقاف، وعقب الدكتور جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف، بأن هناك عجز كبير فى عدد أئمة المساجد والوزارة تسعى إلى سد هذا العجز من خلال الاستعانة بخطباء المكافأة، وأكد أن أئمة الأوقاف يتولى الخطابة فى المساجد يوم الجمعة وتعليم شئون الدين فى المساجد ولكن ليست من ضمن اختصاصاتهم الإفتاء.
بهاء أبو شقة: نحتاج لخطاب دينى متطور حديث..والبعض حصر الإسلام فى المرأة والربا
من جانبه، قال المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب: "نحن أمام تطوير الخطاب الدينى، ولا أعرف المصطلح الصحيح تجديد ولا تحديث الخطاب الدينى، فأنا أعتقد أننى لست متعمقا فى الدين، ولكن وجهة نظرى أن نكون أمام تحديث لأن التحديث مرحلة أهم من التطوير، فقد نطور أمرا ولا نحدثه، ونحن فى حاجة لخطاب دينى متطور حديث، يواكب الفكر والتطور الحديث.
وتابع "أبو شقة": "ارتباط الدين بالأخلاق أمر هام وأساسى، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، والتطوير للفكر الدينى لن نتبع شيئا وإنما له أصوله، والمستحدثات العلمية كلها مثل البصمة الوراثى والـ DNA، وأمور كثيرة أثبتها العلم، وتطوير الخطاب الدينى لابد أن يبدأ من المدرسة، نحن حفظنا القرآن فى المدرسة وكان يدرس لنا شيوخ أفاضل، لازال ما تعلمناه منهم حتى راسخ أمام أبصارنا".
واستطرد "أبو شقة": "نحتاج لحملة إعلامية موسعة، ليفهم الطفل والشاب أصول الدين والمعاملات، وكنا فى المدرسة توجد حصة دين إسلامى وحصة دين مسيحى، ولابد أن تتضافر الجهود لنعيد صورة الإسلام الصحيحة التى تعمد البعض تشويهها بأن يحصر الإسلام فى المرأة والربا وأمور أخرى، ولابد من محاربة الأفكار المتطرفة، ونتمنى أن يوفق الله الأزهر الشريف والقائمين على أمور الدين فى تحقيق تطوير الخطاب الدينى الذى يبدأ من التلميذ فى أول يوم يذهب فيه إلى المدرسة".
كما قال رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إنه خلال الفترة الماضية استشرت مسألة إصدار فتاوى وإبداء الرأى فى مسائل دينية من غير المتخصصين، وهذه مسألة تحتاج لضوابط دقيقة فى من له الحق فى أن يقف على المنبر أو يقف أمام وسيلة إعلامية ليدلى برأيه فى مسألة دينية تحتاج إلى تخصص فنى فى هذا الشأن، فمسألة التحريم والتحليل فى غاية الخطورة".
وتابع "أبو شقة": "يجب وضع الضوابط فيمن يدلى برأيه فى فتوى ومسألة دينية، فعندما يحرم أو يحلل شىء يكون وفقا لأساس دينى صحيح، ويجب وضع ضوابط للحديث فى الإعلام، فنرى حاليا البعض يظهر فى الإعلام ويتحدث فى الدين ويفتى بدون ضوابط وأسس ولأغراض أخرى، فيجب وضع عقوبات لمن يخالف هذه الضوبط، المسألة أعمق وأكبر لأنها ترتبط بالدين والأخلاق".
واستطرد "أبو شقة": "نرى فى بعض الأحيان من يوظف الحديث الدينى لتحقيق أغراض أخرى، والبعض يحرض على العنف والتطرف من خلال الحديث الدينى، وهذه قضية خطيرة يجب مواجهتها".
وزير الأوقاف يرفض إصدار تشريع جديد للخطابة الدينية.. ويطالب بقانون لتنظيم الظهور الإعلامى للحديث فى الدين
وأكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أنه لا توجد حاجة لإصدار قانون جديد لتنظيم الخطابة الدينية، مشددا على أن قانون الخطابة الحالى رقم 51 لسنة 2014، قانون شاف وواف ويحقق الغرض وفيه كل الضوابط الواردة بمشروع القانون المقدم من النائب محمد شعبان والمعروض على اللجنة الدينية، لكنه أكد أهمية إصدار قانون لتنظيم الظهور الإعلامى للحديث فى أمور الدين ليكون قاصرا فقط على المتخصصين، محذرا من أن تعديل القانون الحالى فى هذا الوقت ليس فى المصلحة العامة.
وقال وزير الأوقاف، إنه بالنسبة للخطابة فالقانون كائن بالفعل ويؤدى الغرض وهو قانون 51 لسنة 2014، وكل ما قصده النائب فى مشروع القانون المقدم منه موجودة فى هذا القانون، وكتبنا مذكرة للمستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية.
تابع الوزير: "نحن نطبق القانون بحسم، فهو ينص على ألا يتولى الخطابة إلا المتخصصين من أئمة الأوقاف المعينين من خلال مسابقات رسمية وأبناء الأزهر، ولا يصعد المنبر أحد غير من صدر له تصريح من الأزهر الشريف والأوقاف، والقانون القائم ينص على الضبطية القضائية، وينص على أن يعاقب بالحبس كل من يرتدى الزى الأزهرى من غير الفئات المحددة مثل الوعاظ وكل من تخرج من الأزهر أو يعمل به وبوزارة الأوقاف، وهناك ١٠٠ قيادة بالوزارة لديها الضبطية القضائية. ".
واستطرد الدكتور محمد مختار جمعة: "الآن نتحدث عن تطوير الخطاب الدينى وهذه مسألة أوسع من خطبة الجمعة، فيه ناس مش بتروح المسجد والخطاب يمتد لهم فى القهاوى والمدارس ومراكز الشباب، ونحن أعددنا رؤية شاملة بشأن تطوير الخطاب الدينى وسنقدمها للجنة الدينية لعرضها ومناقشتها، وأهم شىء تأهيل وإعداد الآئمة، وهجيب للجنة نماذج من امتحانات الأئمة..وأتحدى أن حالة واحدة نجحت فى مسابقة الأئمة دون وجه حق، ومستعد للمحاسبة، إذا ثبت عكس ذلك، لأن الممتحن يمر بمراحل امتحان قوية، وكل من يترقى لابد أن يمر بامتحان شفوى، وأقسم بالله أن الامتحانات التى وضعتها بنفسى ترقى لمن يحصلون على رجة الدكتوراة".
وقال وزير الأوقاف أن الخطوة السهلة هى غلق منابع التطرف، وتمنع هذا لأنه غير متخصص وتسمح لهذا لأنه متخصص، لكن الصعب هو التطوير والتطبيق، وعندنا قضية فى الانتقاء، والعبرة ليست بالكم فى عدد الأئمة ولكن بالكيف، فالبناء الأصعب هو بناء العالم".
واستطرد الوزير: "بالنسبة للتخصص مهمة الوعظ والإرشاد، وده موجود فى المدرسة والجامع، أما الفتاوى التى تتوقف عليها مصالح أمة فهناك مشروع قانون لتنظيم الفتوى معروض على اللجنة الدينية، وهناك قضايا لا تصلح فيها فتوى الأفراد على الإطلاق مثل قضية الموت الاكلينيكى لابد من تنسيق بين مؤسسات دينية وعلمية قبل إصدار فتوى فيها".
وواصل الوزير حديثه قائلا: "فى عمل المؤسسات كلنا كأوقاف وإفتاء نعمل تحت مظلة الأزهر، وكل له تخصصه، والحقيقة نتعاون جميعا فى المشترك وكل جهة تتولى مهامها التنفيذية، وبعدما ننتهى من قانون الإفتاء يجب أن يصدر قانون لتنظيم الظهور الإعلامى ليقول الرأى فى الدين المتخصصون فقط، وهذا القانون ما لم يدرس دراسة دقيقة ومتأنية فمردوده السلبى سيكون أكثر من الإيجابى، أما ما يتعلق بقانون الخطابة فأؤكد أن القانون القائم شاف وواف، ولا داعى لفرض قيود جديدة لأن الوسطية أفضل، وكلما وضعنا قيود تولد كبتاً ".
أمين عام مجمع البحوث الإسلامية يطالب البرلمان بإصدار تشريع لتنظيم الظهور فى الإعلام للحديث فى الدين
من جانبه، قال الدكتور محى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن هناك ضرورة لوضع ضوابط للظهور فى وسائل الإعلام للحديث فى الدين أو إصدار فتاوى أو يتحدثون باسم الأزهر، بإصدار تشريع ينظم هذه المسألة.
وتابع "عفيفى": "نحن فى الأزهر كنا بصدد مسابقة لتعيين نحو 1200 واعظ فى مختلف المحافظات، وهناك بدائل موازية لتفعيل دور القائمين على الخطاب الدينى، من خلال طرح قضايا معاصرة تواكب احتياجات المرحلة، وكان هناك فى السابق دورات تتعلق بمحتوى علمى، ورأينا أن الحاجة ماسة لتأهيل القائمين على الخطاب الدينى والوعاظ فى الفتاوى، فالضعف العلمى والشرعى لدى الخطيب والإمام تجعله ينسحب ويعطى الفرصة لأدعياء آخرين، وهناك فرق بين الخطيب المعين رسميا وبين خطيب المكافأة".
واستطرد: "بعض الناس يكون لهم انتماءات وهؤلاء يتم استبعادهم والجهات الأمنية تعلمهم، والإشكالية كيف نوجد كوادر مؤهلة للظهور، فمهم جدا من يتحدث فى الدين وباسم الأزهر يكون عنده ثراء معرفى، نحن بحاجة لتشريع مهم لمن يظهر فى المواقع والقنوات حتى لا يظهر من يسىء للدين، فبعض الأئمة يسعد عند طلبه من جانب الإعلاميين للظهور فى الإعلام فيتوجه دون أن يعلم الموضوع الذى يتحدث فيه ولا يهمه أن يكون مستعدا جيدا، لذلك إصدار تشريع ينظم هذه المسالة بات أمر ضرورى".
النائب شكرى الجندى: المساجد لا تصدر الإرهاب والتطرف..ومشروع تنظيم الخطابة جيد
وقال النائب اللواء شكرى الجندى، عضو اللجنة الدينية: "المساجد حاليا وخلال الفترة الماضية لا تصدر الإرهاب ولا الفكر المتطرف الذى يصدر بطرق ووسائل أخرى، ولا يوجد خطيب يتجرأ يطلع منبر مسجد ويتكلم فى موضوعات تحرض أو تدعم الإرهاب، فكل ألف إمام يكون بينهم واحد أو اثنين".
ووصف مشروع القانون المقدم من النائب محمد شعبان بأنه جيد ويحسب له، واستطرد قائلا: "وزارة الأوقاف بتشتغل كويس الفترة اللى فاتت وحاليا، ولا تسمح باستخدام المنابر فى أغراض أخرى".
نائب يطالب بإعفاء أئمة الأوقاف من صفة الضبط القضائى
وقال النائب محمد إسماعيل جاد الله ـ عضو اللجنة الدينية: " أرى الاكتفاء بقانون 51 لسنة 2014، هذا القانون كان أحد القرارات بالقوانين المهمة التى أقرها المجلس فى بداية انعقاده، وكان هناك اعتراض على المادة الرابعة منه التى تنص على أن يكون للعاملين المتخصصين بوزارة الأوقاف الذين يصدر بتعيينهم قرار من وزارة الأوقاف بالتنسيق مع وزارة العدل صفة الضبط القضائى"، مستطردا: "أنا لست ضد الضبط القضائى ولكن أرى أن نعفى أئمة الأوقاف من ذلك للمحافظة على هيبة الإمام حتى لا نضعهم موضع شبهة".
النائب محمد عطا سليم يرفض شرط حظر الانتماء الحزبى للخطيب
وقال النائب محمد عطا سليم عضو اللجنة التشريعية، أن الشروط الواردة فى مشروع القانون ستقضى على فراغ فى أماكن وتحدث فراغا أكبر فى أماكن أخرى مثل بعض المناطق النائية التى لا يوجد بها أحد من خطباء الأوقاف الذين تنطبق عليهم الشروط، مشيرا إلى ضرورة إلمام الخطيب بتقاليد المجتمع وأعرافه.
ورفض سليم شرط عدم وجود انتماء حزبى للخطيب، مضيفا أن هذا الأمر تزيد سيخلق حالة من الاستقطاب ضد الدولة وسيستدعى صراع لا حاجة إليه، واعترض "سليم" على خطورة تحديد موضوع الخطبة مسبقا، مشيرا إلى وجود بعض المناطق التى تحتاج إلى خطبة خاصة تتعلق بأزمة أو مشكلة تمر بها هذه المنطقة أو أن يكون أهل المكان على علم بموضوع الخطبة المحدد.
ولفت إلى صعوبة تطبيق القانون على خطيب من الأزهر تحدث فى قناة فضائية فى أى دولة أخرى، فيما طالب أحد النواب بضرورة إنشاء نقابة مهنية للخطباء تنظم عملهم و تدافع عن مطالبهم و حقوقهم.