يماطل الجانب الروسى فى إجراءات استئناف الرحلات الجوية إلى مصر، حيث ترغب موسكو فى الاستفادة أكبر قدر من حظر الطيران إلى القاهرة والمنتجعات المصرية، لمحاولة تنشيط السياحة الداخلية فى البلاد، التى تعد على الأرجح غير منافسة لمصر، نظرًا لفرق الأسعار.
ومنذ سقوط الطائرة الروسية فى سيناء 31 أكتوبر عام 2015، شهدت روسيا زيادة فى الإقبال على حجم السياحة الداخلية، وهذا الأمر لم يحدث من قبل، خصوصًا على المدن الساحلية مثل سوتشى وشبة جزيرة القرم، وبالرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة إلا أن الخبراء السياحيين يتوقعون ارتفاع نسبة السياحة الداخلية 20% أى ما يقرب 60 مليون سائح روسى عن العام الماضى الذى وصل إلى 50 مليون سائح روسى، وذلك على خلفية حظر الطيران العارض من وإلى روسيا لكل من مصر وتركيا.
ونفذت مصر جميع التدابير الأمنية المطلوبة من الجانب الروسى، حيث قال شريف فتحى، وزير الطيران المدنى، فى تصريحات سابقة له إنه ليس بإمكاننا إجبار دولة على المجىء لمصر، ولكننا نقوم بدورنا فيما يتعلق بجانب التأمين، معقبًا: "أنا لا ألوم أحد.. لكننى ألوم نفسى لو لم تكن إجراءاتنا مضبوطة"، موضحًا أن هناك شركات من دول عديدة فى العالم تتعامل مع مطارات القاهرة ولا تشكو من التأمين، ونحترم كل وجهات النظر التى ترفض التعامل مع مطار القاهرة، وخاصة الجانب الروسى الذى تربطنا به علاقات قوية، ولديه بعض الملاحظات على عدم المجىء لمصر، معقبًا: "لا يوجد مطار فى العالم ليس عليه ملاحظات".
وحاولت روسيا تنشيط عمل المنتجعات الداخلية، حيث اتجهت معظم الشركات السياحية إلى تنظيم برامج سياحية ترفيهية داخل روسيا بدعم من الحكومة بعد انعدام الطلب على الرحلات الخارجية من قبل المواطن الروسى، وإعلان إفلاس أكثر من 70% من هذه الشركات، وساعد هذا على انخفاض سعر الليلة السياحية بمتوسط 40 دولارا.
وأشاد رئيس الوزراء الروسى ديميترى ميدفيدف بالقطاع السياحى وبالجهود المتواصلة لهذا القطاع، مؤكدًا أنه علينا الاستفادة من كل الفرص المتاحة لتطوير هذا القطاع، وفيما يخص بعودة الطيران العارض لمصر وتركيا، قال إن "روسيا حظرت الطيران العارض لمصر وتركيا لأسباب معروفة للكل، وهذا طبعًا سىء، حيث يقلل من فرص الاختيار للمواطن، ولكنه جيد فى إعطاء فرصة لنا لتشجيع السياحة والمنتجات الداخلية حيث يوجد لدينا أماكن ممكن الاستماع بها".
وفى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة المصرية جاهدة لعودة السياحة الروسية لمصر، تقوم الحكومة الروسية بتعقيد هذه المجهودات عن طريق زيادة سقف الطلبات للحيلولة دون وقوع حوادث إرهابية، بالرغم من أن الإدارة الأمريكية وضعت مصر ضمن الدول الآمنة للسفر لمواطنيها، ما دفع البعض للاعتقاد بأن عودة السياحة الروسية ليس مرتبطًا بالوضع الأمنى، ولكن له خلفيات سياسية واقتصادية أخرى، حيث عادت السياحة الروسية لتركيا، رغم أنه بحسب عدد من الخبراء السياحيين لا تتعدى نسبة السياحة الروسية فى تركيا 20% مقارنة بحجمها قبل الحظر.
لذلك فإن الاستثمارات الحكومية التى تم ضخها فى آخر 3 سنوات فى القطاع السياحى، وكذلك أموال المسثمرين الروس والأجانب تقف حائلًا ضد عودة السياحة الروسية لمصر، حيث تعتبر من أرخص الواجهات وأكثرها تفضيلًا للمواطن الروسى، وذلك حين مقارانتها بالأماكن السياحية فى روسيا.
وقد تنتهى أزمة "عودة السياحة الروسية لمصر"، عندما تقتنع روسيا أن لا يمكن استبدال مصر بأى دولة من الدول الأخرى، حتى تركيا لأن مصر مناسبة للسائح الروسى الذى يبلغ متوسط دخله أقل من 500 دولار ولا يستطيع السفر إلى أى مكان سوى مصر.
وكانت الرحلات الجوية بين موسكو والقاهرة قد توقفت فى 31 أكتوبر عام 2015 بعد حادث سقوط طائرة مدنية روسية من طراز "إيرباص 321"، فى طريقها من مدينة شرم الشيخ إلى سان بطرسبورج وعلى متنها 224 شخص ماتوا جميعًا.
لجنة السياحة بالبرلمان: نفذنا كل مطالب روسيا ونجهل سبب المماطلة
ووفقا لرأى البرلمان، أكد النائب رشاد شكرى، عضو لجنة السياحة والطيران المدنى بمجلس النواب، أن الجانب المصرى نفذ كل المطالب والملاحظات التى أعلن عنها الجانب الروسى من قبل، إضافة إلى أن الوفد الروسى الأخير أشاد بالجهد المبذول من قبل الأمن المصرى فى كل المطارات المصرية، قائلا: "إحنا عملنا كل الملاحظات اللى جات لنا من الجانب الروسى وزيادة".
وتساءل "رشاد" فى تصريح لـ"برلمانى"، عن السبب الذى دفع الجانب الروسى إلى المماطلة كل هذا الوقت والتأخر فى إرسال الوفود السياحية إلى المقاصد المصرية، وما المبررات التى أجلت تنفيذ تصريحات وزيرى الخارجية والسياحة الروسية حول بدء إرسال الوفود إلى مصر واستئناف الرحلات من جديد إليها.