رصد وفد البرلمان المسافر إلى أسوان فى زيارة ميدانية لمتابعة عدد من المواقع الأثرية على خلفية طلب الإحاطة المقدم من النائب يس عبد الصبور؛ إهمالاً جسيمًا فى عدد من معابد النوبة، منها "الدر" و"السبوع" و"عمدا"، خلال جولة أمس الجمعة التى بدأت بالطريق غير الممهد، مرورًا بالآثار المُهدرة دون حماية، وصولاً لأنين العاملين الذين وصفوا حياتهم هناك بغير الآدمية.
طريق غير آدمى وتعرض المعابد للسرقة لعدم وجود خدمات أمنية.. واستراحات أتلفها الزمن
الطريق إلى المعابد لم يكن ممهداً للسير، غطت الكثبان الرملية أجزاء كبيرة منه، وتعرضت الأجزاء الأخرى للتشقق، وهو ما رصدته اللجنة فى بدء الجولة، وما إن وصلت إلى معبد السبوع، استمعت إلى نصر سلامة مدير عام آثار أسوان، الذى عرض بدوره أبرز المشكلات التى تواجه المعابد، والتى بدأها بعدم وجود وسائل نقل أو مواصلات تُساعد على الوصول إلى هناك بسهوله.
وأضاف "نصر" فى حديثه للوفد البرلمانى، أن المعابد تتعرض دومًا لأعمال السرقة وسط غياب الخدمات الأمنية، وسُرقت رأس تمثال من قبل ونجحت الشرطة فى ضبط العصابة، مؤكّدًا عدم توافر خدمات الكهرباء والإعاشة المناسبة للعمال والموظفين، فضلا عن عدم وجود سيارات إسعاف لنقل الحالات الحرجة، وأن بعضهم يتعرض للدغات العقارب والثعابين.
الكثبان الرملية تزحف على جدران المعابد وإهمال أعمال الترميم والصيانة
أحمد حسن عبد الماجد مدير المعابد الصخرية بصندوق إنقاذ آثار النوبة، عرض عددًا من المشكلات التى تواجه المعابد والتى عاينها الوفد على أرض الواقع، منها زحف الكثبان الرملية على جدران المعابد، والتى وصل ارتفاعها فوق قدس الأقداس بمعبد السبوع والغرف المجاورة له لأكثر من 3 أمتار، وإهمال أعمال الترميم وصيانة المعابد منذ فترة طويلة.
فضلات الطيور تغطى الآثار.. وأعشاش العنكبوت والأبراص تتصدر المشهد
وأشار "حسن" إلى أن فضلات الطيور وأعشاش الدبابير والعنكبوت والأبراص التى غطت معظم التماثيل والنقوش بالمعابد، مؤكّدًا عدم وجود أى مصدر للإضاءة بعد سرقة جميع الكابلات الكهربائية، لافتاً إلى أن كل معبد يحرسه فردين غير مسلحين، فضلاً عن تدهور حالة الاستراحات وأماكن الإعاشة للعاملين بالمنطقة.
العمال: نعيش وسط العقارب والثعابين.. وأقرب مستشفى تبعد عنا بنحو 240 كيلو
وفى سياق متواصل بجولة الوفد، استمع نواب لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالبرلمان، إلى عدد من العمال الذين وصفوا حياتهم بـ"غير الآدمية"، وقال إبراهيم سعد الليثى أحد العاملين بمعبد السبوع، إنهم يعانون من غياب رجال الشرطة مما يُعرض المعابد لمحاولات سرقة، فضلا عن تعرضهم الدائم للدغات العقارب والثعابين، فى حين أن أقرب مستشفى تبعد عنهم بنحو 240 كيلو.
العمال: راتبنا 1400 جنيه.. وبناكل عيش ناشف طول الشهر"
ومن جانبه، قال سعيد سعد عبد الدايم عامل بمعبد عمدا: "عايشين وسط العقارب والثعابين، ومحدش سأل فينا لا بكهرباء ولا بمياه، وبناخد 1400 جنيه، وبناكل طول الشهر عيش ناشف زى الفراخ، وجايب قرض على مرتبى وما بيكفينيش".
نواب اللجنة: ما رأيناه صدمة وسنستدعى وزير الآثار.. ولن نسكت على الإهمال
وبدورها، قالت النائبة نشوى الديب وكيلة لجنة الإعلام والآثار بالبرلمان، إن اللجنة ستعد تقرير كامل بما رأته للعرض أمام اللجنة، وأنها ستستدعى وزير الآثار لعرض ما رصدته اللجنة عليه فى أحد اجتماعاتها، إلى جانب إرسال التقرير لوزير السياحة، متابعة: "ما رأيته كان صدمة لى، إهمال لموارد البلد ضياع للكنوز الوطن عن عمد، ومش هنسكت على رأيناه من إهمال".
ومن جانبه، طالب النائب يس عبد الصبور مقدم طلب الإحاطة، إعادة ترميم الآثار المهدرة، والاهتمام بالعاملين فى هذه المناطق الأثرية، وتوصيل المرافق لتلك المعابد، وبناء مجتمعات سكنية طبقاً لمناشدة رئيس الجمهورية لتطوير مناطق النوبة، مؤكداً أن إنطلاقة مصر وعودتها للريادة ستأتى من الجنوب.
و طالب نادر مصطفى أمين سر لجنة الثقافة والإعلام، بإعادة النظر بجدية إلى الطريق المؤدى المعابد، مضيفا : " السائح لا يمكن أن يأتي إلى هنا، طالما لا يوجد ميناء جوى ولا مرسى لائق"، مشيرا إلى أن المنطقة معزولة تماما، وأن أهلها لا يستطيعون ممارسة عملهم أو أن يعيشوا حياة طبيعية، وأن المحافظة لديها دور في الارتقاء بمعيشة العمال، متسائلا : " كيف يترك هؤلاء بلا كهرباء ولا ماء ولا أي سبل للمعيشة ؟ ".
جدير بالذكر أن النائبة نشوى الديب تترأس الوفد، ويضم فى عضويته النواب نادر مصطفى أمين سر لجنة الإعلام، ويس عبد الصبور وتامر عبد القادر، إلى جانب الدكتور أيمن مختار السكرتير العام لمحافظة أسوان.