حالة من الجدل أثارتها المادة 34 من مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات الخاصة بالإشراف القضائى على الانتخابات ، والذى يتم مناقشته حاليا بمجلس النواب، وذلك بعد اصرار الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس على عدم دستورية المادة التى تسمح بالإشراف القضائى على الانتخابات دون الالتزام بنص المادة 210 من الدستور والتى حددت مدة الاشراف القضائى ب 10 سنوات منذ تاريخ العمل بالدستور فى 2014، رغم وجود اجماع من اعضاء البرلمان على اقرارها لتحقيق مزيد من الضمانات .
وأكد عدد من الفقهاء الدستوريين على عدم دستورية المادة التى تم وضعها بهدف الحفاظ على استقلال القضاء وابعاد السلطة القضائية عن الاعمال الادارية التى تعرقل عملها وتؤثر على مسار العدالة الناجزة.
الامر الذى أدى الى وجود تخوفات من اصرار الاعضاء على تمريرها وبذلك يكون مصيرها الطعن على دستوريتها أمام المحكمة الدستورية العليا وقد يمتد ذلك إلى الطعن على أى انتخابات أجريت بناءا على قانون يخالف الدستور.
عضو لجنة العشرة": استمرار الإشراف القضائى أكثر من 10 سنوات يخالف الدستور
حذر الدكتور صلاح فوزى، عضو لجنة الإصلاح التشريعى،عضو لجنة العشرة التى شاركت فى وضع الدستور، مجلس النواب من الإصرار على إقرار المادة 34 من مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات والخاصة بالإشراف القضائى على الانتخابات ، بما يخالف الدستور ، قائلا:" لا نريد أن ندخل نفقا مظلما حال الطعن على المادة بعدم الدستورية بعد إجراء انتخابات سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محليات وبالتالى بطلانها الأمر الذى يتطلب تعديل المادة ، وانتخابات جديدة.
وقال "فوزى"، أن الإشراف القضائى الكامل فى الانتخابات دون التقيد بمدة الـ10 سنوات التى نص عليها الدستور فى مادته 210 يُعَد مخالفة دستورية واضحة، وربما سيتم التحفظ عليها من جانب مجلس الدولة أو الطعن بعدم دستوريتها حال إصرار البرلمان على إقرارها.
وأضاف "فوزى" فى تصريحاتٍ لـ"برلمانى"، أنه عند وُضِعَ النص الدستورى كان الهدف منه الخروج من الإشراف القضائى لأنه لا توجد دولة تضع قاضٍ على كل صندوق، قائلاً: "لو كنا نشير إلى فئة محددة بتمتعها بضمانة ونزاهة، مش معناه إن باقى الفئات المجتمعية عكس ذلك".
وأشار إلى وجود اتجاه لإلغاء الندب الكلى أو الجزئى للقضاة، معقبًا: "الندب فى بعض الأحوال ينال من استقلالية القضاة، لأنه سيكون فى النهاية معاون لوزير أو محافظ، مما يؤثر على استقلاليته".
وأوضح "فوزى" أن المنظومة القضائية تعانى من بطء إجراءات التقاضى، ولا يجب تحميل مزيد من الأعباء الإدارية على القضاة بالمشاركة فى انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحليات واستفتاءات وانتخابات عامة وتكميلية، الأمر الذى سيدفع نحو وجود مساحات زمنية كبرى لأعضاء الهيئات القضائية سينشغلوا بها مما يؤثر على مطالب العدالة الناجزة".
وتابع: "لابد من الحرص على المقام الرفيع لأعضاء السلطة القضائية بعيد عن التواصل المباشر مع الناس، لأن التواصل سيؤدى نحو مزيد من الاحتكاكات مما ينال من مقام القضاة".
واستطرد أن الأصل أن القضاة لا يشتركوا فى أعمال الانتخابات ولكن استثناء 10 سنوات جاء رغبة من أعضاء الخمسين لإتاحة الفرصة أمام الهيئة الوطنية لضم الخبرات المناسبة.
صابر عمار : لا يجوز الطعن على أى انتخابات إلا بعد إنتهاء 7 سنوات
وذهب الدكتور صابر عمار، عضو لجنة الإصلاح التشريعى، إلى ضرورة الالتزام بالنص الدستورى، والسماح بالإشراف القضائى لمدة 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور فقط، وعدم تجاوزه.
وأكد "عمار" أنه على الرغم من عدم دستورية نص المادة 34 من مش مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، إلا أنه لا يجوز الطعن على أى انتخابات إلا بعد انتهاء مدة السبع سنوات المتبقة من العشر سنوات التى نص عليها الدستور، قائلا: "الطعن غير مرتبط بوقت سريان القانون وإنما بتحقيق المصلحة، وبالتالى الطعن يكون بعد انتهاء مدة العشر سنوات".
شوقى السيد : الهيئة الوطنية للانتخابات بديلا للإشراف القضائي
فيما طالب الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، مجلس النواب بالتريث والتأنى قبل إقرار المادة 34 من مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات والخاصة بالإشراف القضائي، مؤكدا أن المادة تتعارض مع نص المادة 210 من الدستور.
وأوضح "السيد " أن الهدف من إنشاء الهيئة الوطنية لانتخابات هو التخلى عن فكرة الإشراف القضائى الكامل، حيث تشكل الهيئة من مجموعة من القضاة بمجلسها الوطنى العالى وتشكل تشكيل دائم لها ويكون لها الحق فى أن تستعين بمن تريد وإن لم يكن من القضاة، ولها حق تشكيل اللجان الفرعية لمتابعة إجراء الانتخابات.
يذكر أن المادة 210 من الدستور تنص على :
"يتولى إدارة الاقتراع، والفرز فى الاستفتاءات، والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها ان تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية. ويتم الاقتراع، والفرز فى الانتخابات، والاستفتاءات التى تجرى فى السنوات العشر التالية لتاريخ العمل بهذا الدستور، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية، وذلك على النحو المبين بالقانون، وتختص المحكمة الادارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الاداري. ويحدد القانون مواعيد الطعن على هذه القرارات على أن يتم الفصل فيه بحكم نهائى خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن".