كتب تامر إسماعيل
رغم عدم قدرة الحكومة على تلبية الاستحاقات الدستورية للصحة والتعليم والبحث العلمى فى الموازنة الحالية 2016/2017، بعد محاولات التحايل الكثيرة، إلا أن ما أقره الدستور فى هذا الخصوص سيظل مطلبا مشروعا ومأزقا تواجهه الحكومة والبرلمان كل عام، خاصة مع الزيادة الضخمة لحكم الناتج المحلى فى الموازنة الجديدة، والذى أعلن المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء أنه سيكون 4.1 تريليون جنيها فى الموازنة المقبلة، مما سيضاعف مخصصات تلك القطاعات المطلوبة دستوريا بحكم حسابها على أساس الناتج المحلى كبديل عن الناتج القومى الذى يصعب حسابه.
وقد أقر مجلس الوزراء خلال اجتماعه أمس الأربعاء، مشروع موازنة عام 2017/2018 الجديدة، والتى وصل حجم المصروفات بها إلى 1.2 تريليون جنيه، والإيرادات إلى 830 مليار جنيه، وتصل نسبة العجر بها إلى 9.1%.
ومن المنتظر أن ترسل الحكومة الموازنة إلى البرلمان لبدء مناقشة بنودها فى اللجان المختصة، ويعد من أهم تحديات الموازنة الجديدة تلبية المخصصات الدستورية التى حددتها مواد الصحة والتعليم فى دستور 2014 والتى تضمنتها مواده وألزمت الحكومة بتلبيتها بداية من موازنة 2016 الحالية، وزيادتها تدريجيا حتى تصل للمعدلات العالمية.
أكثر من 123 مليار جنيه الموازنة الدستورية للصحة بالموازنة الجديدة
نصت المادة 18 من الدستور على تخصيص نسبة لا تقل عن 3% من الناتج القومى للإنفاق على الصحة على أن تتصاعد تدريجيا لتتفق مع المعدلات العالمية، ووفقا لتلك المادة يجب أن يتخطى الحد الأدنى للإنفاق على الصحة فى الموازنة الجديدة 123 مليار جنيها، والتى تمثل 3% من الناتج المحلى البالغ فى الموازنة المرتقبة 4.1 تريليون جنيه.
أكثر من 164 مليار جنيه حصة دستورية للتعليم قبل الجامعى
وفيما يخص التعليم ما قبل الجامعة، فقد نصت المادة 19 على أن تنفق الدولة 4% من الناتج القومى على التعليم ما قبل الجامعة، وتتزايد تدريجيا بدءا من موازنة 2017/2018 لتتوافق مع المعدلات العالمية، ووفق تلك المادة فيجب أن تزيد مخصصات التعليم ما قبل الجامعى عن 164 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة.
أكثر من 82 مليار جنيه استحقاق دستورى للتعليم الجامعى
وحددت المادة 21 حصة التعليم الجامعى بـ2% من الناتج القومى وتتزايد تدريجيا حتى تصل للمعدلات العالمية، وهى تمثل 82 مليار جنيه، ويجب أن تزيد الحصة فى الموازنة الجديدة عن هذا الرقم التزاما بالزيادة التدريجية التى أقرها الدستور.
أكثر من 41 مليار جنيه التزاما دستوريا للبحث العلمى
وحددت المادة 23 من الدستور نسبة 1% من الناتج القومى كمخصص للبحث العلمى على أن تتدرج سنويا للتوافق مع المعدلات العالمية، وتمثل هذه النسبة 41 مليارا، ويجب أن تزداد فى الموازنة الجديدة لتلبى التدرج الدستورى.
المادة 238 تؤكد على ضرورة التزام الدولة بالمخصصات وزيادتها تدريجيا
وأكدت المادة 238 على ضرورة التزام الدولة بتلك المخصصات بنسبها المذكورة بدءا من موازنة 2016/2017، على أن تبدأ الزيادات التدريجية مع موازنة 2017/2018، وهى التى أقرتها الحكومة فى اجتماعها اليوم.
الحكومة والبرلمان فى مواجهة الدستور واستحالة التنفيذ
ووفق تلك المواد والأرقام، فإن الحكومة ملزمة أن توفر أكثر من 410 مليارات جنيه من الموازنة الجديدة للعام المالى 2017/2018 للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى، وقد ارتفع هذا الرقم لهذا الحد وفق ما أعلنه رئيس الوزراء بأن الناتج المحلى سيكون 4.1 تريليون جنيه فى الموازنة الجديدة، بزيادة الضعف عن الناتج المحلى فى الموازنة الحالية، وكما أن ذلك الاستحقاق سيظل مطلبا دستوريا، إلا أن تحقيقه أيضا سيظل مستحيلا بالنظر إلى الأرقام التى تضمها الموازنة، حيث إن إجمال المصروفات 1.2 تريليون، أى أن هذا الرقم الذى يغطى المطلب الدستورى يمثل تقريبا 1/3 حجم الموازنة بالكامل، وهو ماستؤكد الحكومة استحالة تنفيذه، لتكون هى والبرلمان أما اختيارات أصعب، وهو مخالفة الدستور، أو تعديله، كى لا تتكرر نفس الأزمة كل عام.