كشف تراجع التيار السلفى عن فتواه بتولى المرأة مناصب قيادية؛ استغلال السلفيين للدين من أجل تبرير مواقفهم، والتناقض الذى يعيشه التيار، خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التى يغير فيها السلفيون فتاويهم وفقًا لمصالحهم.
كانت المرة الأولى متعلقة بترشح الأقباط، فعقب ثورة 25 يناير مباشرة؛ خرج ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بفتوى؛ يزعم فيها بعدم جواز ترشح الأقباط للمناصب القيادية بالدولة، تلك الفتوى التى أثارت جدلاً واسعًا حينها، وأكد أزهريون بعدها أنها فتوى غير صحيحة.
ولكن فى الانتخابات البرلمانية السابقة، رشح حزب النور الذراع السياسى للدعوة السلفية؛ أقباطًا على قوائمه الانتخابية، بعد أن نص قانون الانتخابات بأن القائمة الانتخابية يجب أن تضم عدد معين من الأقباط، وخرج ياسر برهامى ليقول: "ترشح الأقباط على قوائم حزب النور مبنى على قاعدة مراعاة المصالح والمفاسد، كما أن هذه القضية بها خلاف شرعى"، موضحا أن الحزب عندما رشح الأقباط كان يبتغى مصلحة الوطن أولاً.
المرة الثانية، جاءت خلال الساعات الماضية، عندما اعترفت الدعوة السلفية بتراجعها عن موقفها من ترشح المرأة للمناصب القيادية، فبعد أن خرجت الدعوة السلفية لتفتى بعدم جواز ترشح المرأة لمناصب قيادية؛ اعترف الشيخ ياسر برهامى، بتراجع فتوى السلفيين، وقال إنه لا يوجد مانع من تولى المرأة منصب المحافظ، قائلاً: "لو كان تراجعًا فما المانع؟".
ورد "برهامى" على سؤال ورد له على الموقع الرسمى للدعوة السلفية كان نصه: "هل تراجعت الدعوة السلفية بالفعل عن رأيها فى ولاية المرأة؟؛ وبعد ما كان لا يجوز أن تتولى المرأة هذه المناصب مثل منصب المحافظ أصبحت الآن لا ترى مانعًا مِن ذلك؟!".
واستدلالاً بفتوى نشرتْ مؤخرًا على موقع "صوت السلف" للشيخ ياسر برهامى عن ذلك جاء فى جوابها: "منصب المحافِظ يختلف مِن بلدٍ إلى بلد، ومِن زمانٍ إلى زمان حسب القانون والدستور، ثم حسب الواقع المطبق؛ فالحكم يتوقف على دراسة كل ذلك، وأرى أن التسرع فى هذا الحكم دون الدراسة القانونية والواقعية والشرعية غير مقبول؛ لأن أمر الولايات يختلف عن المناصب الإدارية.. فما الجواب عن ذلك؟".
وكان جواب "برهامى" على السؤال: "إذا قلنا الأمر يحتاج إلى دراسة؛ هل يُعد هذا تراجعًا؟، ولو كان تراجعًا؛ فما المانع أن يراجِع الإنسان أمرًا يَظهر له فيه أنه يحتاج إلى مزيدٍ من البحث؟! خصوصًا فى توصيف الواقع المتغير؛ فالقانون يجعل صلاحيات للمحافظ قد يكون الواقع مخالفًا لها؛ لوجود مؤثراتٍ مختلفة فى كل زمان وكل مكان، وأنا أظن أن الدراسة الدستورية القانونية الشرعية ثم الواقعية غير موجودة للآن، ونحن نجتهد فى إعدادها إن شاء الله".
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن تصريحات ياسر برهامى من قبيل المواءمات السياسية وهى من المراجعات الجيدة فى أحد الملفات المطلوبة للمراجعة، والنقد الذاتى لدى التيار السلفى، يضاف إليها ولاية غير المسلم ولا يزال الأمر فى بدايته وهو يحتاج لعمل متكامل من خلال إصدار مفصل مع التأصيل والشرح لجميع القضايا الإشكالية.
وأضاف "النجار" فى تصريحاتٍ لـ"برلمانى": "السلفيون يحتاجون مراجعة شاملة وتفصيلية وموثقة وتطرح للرأى العام بأقلام مراجعهم الفكرية".
وعن تراجعهم فى موقفهم بشأن تولى المرأة منصب المحافظ قال النجار: "القضية أثيرت عقب تولى امرأة هذا المنصب مؤخرًا، وعارض ذلك سلفيو تلك المحافظة".
من جانبه قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه لا يوجد فى الإسلام ما يمنع أن تتولى المرأة المناصب القيادية، لأن الإسلام اهتم بدور المرأة، كما أن المرأة فى الإسلام كان لها أدوارًا مهمة وعظيمة، سواء فى الحروب، أو فى تنمية المجتمع الإسلامى.
وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن من يحرمون تولى المرأة مناصب قيادية؛ لا يجدون أى دليل سواء فى القرآن أو السنة، وبالتالى هم مطالبون بمراجعة مواقفهم، خاصة أن هناك نماذج نسوية كثيرة مشرفة حققت إنجازات.