يُعد إلزام الدستور لمجلس النواب بإرسال مشروعات القوانين التى يناقشها إلى مجلس الدولة لمراجعتها إحدى المسائل التى أثارت الكثير من الجدل داخل مجلس النواب، خاصة وقت مناقشة اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
الدستور منح حق مراجعة صياغة مشروعات القوانين لمجلس الدولة
ونصت المادة 190 من الدستور بأن يختص مجلس الدولة بمراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، وجاء نص المادة كالتالى: "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".
لائحة البرلمان وضعت حدا زمنيا ولم تضع إجراءات للمخالفة
فيما نصت اللائحة فى مادتها 175 ووفقا لما أقره الدستور، بأن يرسل البرلمان مشروعات القوانين إلى مجلس الدولة لأخذ الرأى النهائى ومراجعتها وصياغتها خلال ثلاثين يوما على الأكثر.
وجاء بنص المادة: "يرسل رئيس مجلس النواب مشروعات القوانين، بعد موافقة المجلس عليها فى مجموعها، وقبل أخذ الرأى النهائى عليها إلى مجلس الدولة، ليقوم بمراجعتها وصياغتها خلال ثلاثين يوماً على الأكثر. ويجوز لرئيس مجلس النواب أن يطلب من مجلس الدولة أن تتم المراجعة والصياغة بطريق الاستعجال، وفق الأحكام المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة".
ووفقا لتلك المادتين، فإن مجلس النواب لا يملك اتخاذ أى إجراء إذا لم يرسل مجلس الدولة مشروعات القوانين إلى البرلمان بعد مناقشتها خلال المدة المنصوص عليها باللائحة الداخلية، وهو ما يمنح مجلس الدولة إمكانية حجز مشروع قانون الهيئات القضائية لديه وعدم إرساله إلى البرلمان، وتعطيل صدوره، بعد الأزمة التى نشبت بسببه بين الهيئات القضائية الرافضة له ومجلس النواب.
عطا سليم: مجلس الدولة يستطيع حجز قانون السلطة القضائية وتعطيله
من جانبه أوضح النائب محمد عطا سليم عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن مجلس الدولة يستطيع حجز مشروع قانون السلطة القضائية لديه ويعطل سيره ولا يعيد إرساله إلى مجلس النواب لمتابعة خطوات إقراره.
وأكد سليم فى تصريحات لـ"برلمانى"، أن مواد الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب التى تنظم مسألة إرسال مشروعات القوانين لمجلس الدولة لمراجعتها لم تمنح البرلمان الحق فى اتخاذ أى إجراء إذا تأخر مجلس الدولة فى مراجعة مشروع قانون عن مدة الـ30 يوما المقررة، أو إذا لم يعد إرسال مشروع القانون إلى البرلمان.
وقال سليم، إن البرلمان كان يجب عليه أن يضيف فى لائحته الداخلية ما يفيد بأن مشروعات القوانين تعتبر سارية فى إجراءات مناقشتها داخل البرلمان إذا تأخر مجلس الدولة فى إرسالها بعد المدة المقررة، حتى لا تكون هناك ثغرة فى هذا الخصوص، مؤكدا أنه فى حالة أن أرسل مجلس الدولة ملاحظاته على مشروع قانون السلطة القضائية سيتم مناقشتها وفق المتعارف عليه.
أبو المعاطى مصطفى: أى قانون هيتعطل عنده هنكمل مناقشته
فيما أكد النائب أبو المعاطى مصطفى عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، أن توصيات مجلس الدولة على مشروعات القوانين التى يناقشها البرلمان ليست ملزمة، وأن رأيه استشارى فقط، وأن الدستور والقانون لم يذكر نصا ضرورة الأخذ بتوصياته.
وأضاف النائب فى تصريحات لـ"برلمانى" أن عدم نص اللائحة على الإجراء المتبع لو تأخر مجلس الدولة فى مراجعة القوانين، يعنى توقف أعمال البرلمان انتظارا لرأى مجلس الدولة، متابعا: "أى قانون هيتأخر عند مجلس الدولة بما يعطل أعمال البرلمان هنكمل مناقشاته ومش هنستنى".
وأوضح أن مجلس الدولة لم ينته حتى الآن من مناقشة مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، ولم يعلن موقفه النهائى من مواده وهذا يمثل عطلة للبرلمان وللتشريع".
محمد حامد الجمل: مجلس الدولة مستقل ولايجوز تقييد أعماله زمنيا
وردا على ذلك رفض المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، لإلزام مجلس الدولة بسقف زمنى لمناقشة مشروعات القوانين التى يرسلها له البرلمان، واستكمال إجراءات التشريع إذا تأخر مجلس الدولة عن المدة المحددة.
وقال الجمل فى تصريحات لـ"برلمانى"، إن قسم التشريع بمجلس الدولة جزء من هيئة قضائية مستقلة ولا يجوز التدخل فى أعماله بوضع حد زمنى لمناقشة ملفاته، لأن ذلك يعد إخلالا بسلطته، مؤكدًا أن القضاة يباشرون أعمالهم ومسئولياتهم وليسوا فى حاجة إلى سقف زمنى.
وعن احتمالية أن يؤخر مجلس الدولة مشروعات القوانين التى يرفضها ولا يرسلها للبرلمان، قال الجمل إن مجلس الدولة لم ولن يفعل ذلك، لأن قضاته يدركون تماما حدود اختصاصاتهم ولا يغالون فى استخدام الحقوق التى منحها لهم القانون والدستور.
وطالب الجمل البرلمان بأن يلتزم بالتوصيات التى يصدرها مجلس الدولة بشأن مشروعات القوانين، مشيرا إلى أن إلزام الدستور للبرلمان بأخذ رأى مجلس الدولة يعنى ضمنيا الالتزام بذلك الرأى وليس إهماله.