فى خطوة جديدة لرأب الصدع بين البرلمان والقضاة، على خلفية موافقة مجلس النواب على مشروع قانون السلطة القضائية، الذى يحدد آلية جديدة لاختيار رؤساء الهيئات القضائية، طرح النائب عبد الرحيم على مبادرة جديدة، طالب خلالها البرلمان بالالتزام بتوصيات مجلس الدولة فى شأن القانون، وفتَّح نقاش موسع بشأن المبادرة فى لقاء له مساء أمس السبت، مع وفد من نادى القضاة.
وكشف النائب عبد الرحيم فى تصريحات خاصة لـ "برلمانى"، تفاصيل ذلك اللقاء، المنعقد بمقر النادى النهرى ولمدة ساعتين ونصف، مُعلناً موافقة وفد القضاة برئاسة المستشار محمد عبد المحسن، على تلك المبادرة من حيث المبدأ، كاشفاً عن لقاء مرتقب بينه وبين الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، غداً الأحد لعرض تفاصيل اللقاء وبنود المبادرة.
وبشأن تفاصيل اللقاء، قال عضو مجلس النواب، أن رئيس نادى القضاه أعلن موافقته على المبادرة، وأنه أكد على أن القضاة أول من يراعوا مصلحة الوطن العليا، وأنهم يبحثون عن حل وليس تصعيد الأزمة، متابعاً، : " رئيس نادى القضاه قال لو لم نصل لحل يصون استقلال القضاة، سنخوض معركتنا حتى آخر نفس".
ودعا النائب عبد الرحيم على، جميع الأطراف لتفويت الفرصة على المتربصين بمصر، والذين يستغلون ذلك الخلاف البسيط من أجل صب الزيت على النار بين أكبر سلطتين فى مصر، لافتاً إلى أنه أجرى اتصالا مع النائب أحمد حلمى الشريف مُقدم مشروع القانون، والذى أكد بدوره انفتاحه على ما يراه القضاة مُحققاً لاستقلالهم، وأنه حسن النية فى تقديمه لمشروع القانون.
وحضر اللقاء، المستشار محمد عبده صالح سكرتير عام النادى، والمستشار ناجى عز الدين، أمين الصندوق، والمستشار مفتاح سليم، وكيل النادي، والمستشار محمد صبحى مساعد السكرتير العام، وحازم أبوسديرة رئيس النيابة، والقاضيين محمد هانى عبد الجابر، وأحمد سمير الجمال أعضاء مجلس الإدارة.
وجاء نص المبادرة على النحو التالى :
منح المُشرِّع الدستورى مجلس النواب سلطة التشريع وفقًا لنص المادة ١٠١ من الدستور، وهو بذلك يمثل سيادة الشعب والنائب الشرعى عنه، وبالتالى فإن ممارسة البرلمان سلطته التشريعية حق أصيل لا ينازعه فيه أحد، ولكن هذا الحق مقيد باحترام البرلمان لنصوص الدستور وتحقيق المصلحة العامة للمجتمع.
كما حرص المُشرِّع الدستوري، فى ذات الوقت، على وضعٍ خاص للسلطة القضائية فى نصوص الدستور، باعتبارها الحصن الحصين لحقوق وحريات الأفراد داخل المجتمع، والضمانة الدستورية لعدم تغول أى سلطة فى المجتمع على الأفراد أو على أى سلطة أخرى، لذلك جعل استقلال القضاء وحصانته ضمانة للمجتمع قبل أن يكون ضمانة للسلطة القضائية ذاتها.
كما أقر الدستور مبدأ الفصل بين السلطات، وجعله أساسًا للحكم فى الدولة وفقًا لنص المادة الخامسة، وبالتالى يجب أن تتعاون كل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية على إعلاء كلمة القانون ومصلحة المجتمع، وتترفع عن الصغائر التى من الممكن أن تسبب أزمات فى المجتمع فى الوقت الحالي، الذى نعيش فيه مرحلة من أصعب مراحلنا التاريخية، والتى تحتاج منا إلى وحدة الصف، حتى نعبر بالبلاد تلك المرحلة الحرجة من تاريخها السياسى والاجتماعي.
علينا أولًا فهم السياق والظَّرْف الموضوعى الذى تم فيه طرح مشروع قانون الهيئات القضائية، حيث تم وضع مشروع القانون فى ضوء اعتبارات عدة حكمت منذ البداية أداء مجلس النواب أولها: مبدأ حسن النية، والعمل على اقتراح ووضع تشريعات جديدة تنهض بمؤسسات الدولة، وتطور أدائها، دون تداخل أو تغول على أحد. وأن المجلس يعى جيدًا، بل ويعمل على ضمان إعمال المبادئ العامة التى تحكم العلاقة بين السلطات؛ وهى مبدأ الفصل، لتجنب التداخل والازدواجية، مبدأ التوازن بين السلطات، من أجل عدم هيمنة إحداها على الأخرى، ومبدأ الاستقلالية لضمان النزاهة والشفافية والحرية. وأن السلطة التشريعية أكثر حرصًا على استقلال القضاء بشكل كامل، وهذا الاستقلال يحدده القضاة أنفسهم.
كما أن واضع مشروع القانون كان حريصًا على التشاور والجلوس مع السلطة القضائية، وأكد على ضرورة إبداء رأيهم فيما يتعلق بمشروع القانون للأخذ بملاحظاتهم، ولكن حتى إجراء التصويت على مشروع القانون لم تكن الهيئة القضائية قد أبدت رأيها.
وبناءً عليه ولما كان الدستور المصرى قد أعطى الحق لمجلس الدولة وفقًا لنص المادة ١٩٠ اختصاص مراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، فإن المجلس عند ممارسته اختصاصه ومراجعة وصياغة التشريعات من واجبه أن يسترعى النظر إلى ما قد يكون فى مشروع القانون من مخالفات دستورية، يعمل البرلمان على تلافيها التزامًا بأحكام الدستور، ولا شك أن مجلس الدولة، وهو يقوم بذلك يضع تحت بصر المشرع كل ما يمكن أن يثار بصدد بحث ومراجعة ذلك القانون من أهمية أو التنبيه على خطورة التدخل التشريعى، لذلك تطرح المبادرة حلًا وحيدًا يتمثل فى أن ينظر مجلس النواب المصرى بعين الاعتبار إلى الملاحظات التى يبديها مجلس الدولة على مشروع القانون المحول له من مجلس النواب ويضعها نصب عينيه، ويعتبرها ملاحظات واجب الأخذ بها فى هذه الأزمة بالذات تلافيًا لأى تناحر بين السلطتين التشريعية والقضائية فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به البلاد.