رغم تكرار وقائع النصب باسم توظيف الأموال، وامتلاء المواقع الإخبارية بأخبار القبض على "مستخبى" فى كل منطقة وكل محافظة"، إلا أن الظاهرة لازالت مستمرة، والنصب يتكرر يوما بعد يوم، وضحاياه من كل المستويات الفكرية والاجتماعية.
فكان ضحايا آخر تلك العمليات من صفوة المجتمع بأحد النوادى الشهيرة بمدينة نصر، حيث تمكنت سيدة من استغلالهم والحصول على قرابة 30 مليون جنيه من ضحاياها، عن طريق حصولهم على أرباح خيالية فى الشهر الأول وإيهامهم بتشغيلها فى مشاريع استثمارية، وتم إحالتها إلى محاكمة عاجلة، مما يطرح تساؤلات عن مدى قدرة أجهزة الدولة ومؤسساتها الاقتصادية على اجتذاب تلك الأموال وضخها فى شريان الاقتصاد الرسمى بدلا من سرقتها بعمليات نصب مماثلة أو تخزينها خارج البنوك دون فائدة.
هالة أبو على: 60% من اقتصاد مصر ضائع "تحت البلاطة" وفى "بير السلم"
من جانبها قالت الدكتور هالة أبو على عضو مجلس النواب وأستاذ الاقتصاد، إن 60% من اقتصاد مصر وأموالها تسير خارج الإطار الرسمى والنظامى، فيما يسمى بالادخار "تحت البلاطة" ومصانع "بير السلم"، وتضيع فائدته من الاقتصاد النظامى الكلى للدولة.
وطالبت النائبة فى تصريحات لـ"برلمانى" أن تتبنى البنوك المصرية حزمة من العروض التى تستطيع من خلالها اجتذاب تلك الأموال واستثمارها فى مشروعات حقيقية، تعود بالفوائد على الدولة وعلى المواطنين المدخرين.
كما أكدت أن حل تلك الأزمة لن يتم إلا من خلال سياسة الحوكمة، وهى أن تتخذ الحكومة قراراتها بشفافية، وتكون معلنة ومعلوماتها واضحة، ثم توفر للبرلمان حق المحاسبة، لكى يشعر المواطن بالثقة فى أجهزة الدولة ومن ثم يقبل على الدخول فى إطار مؤسساتها الاقتصادية.
وكيل "الاقتصادية": السبب الفقر أو تحريم البنوك أو عدم مشروعية الأموال
فيما فسر النائب عمرو الجوهرى وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب الظاهرة، بأن هناك سببين رئيسيين لادخار المصريين أموالهم "تحت البلاطة" وعدم استثمارهم فى البنوك أو فى مشروعات، وهو إما أن الشخص حصل على أمواله بطريقة غير مشروعة، وبالتالى لايستطيع وضعها بالبنك، او انه يعتقد أن فوائد البنوك ربا، مما تسبب فى اقتصار الحسابات البنكية فى مصر إلى 9 مليون مواطن فقط، فى حين أن 80 مليون مصرى تقريبا لايملكون حسابات بنكية للأسباب السابقة أوبسبب الفقر من الأساس.
وأوضح النائب فى تصريحات لـ"برلمانى" أن كلتا الحالتين يصبحا فريسة سهلة لأى نصاب يأخذ منهم أموالهم بدعوى استثمارها، ثم الهرب بها لأنهم لا يملكون بديلا آخر، وطالب أن تقوم الدولة بإطلاق مشروعات كبيرة بالمحافظات وتدعو المواطنين للمساهمة بها، مؤكدا أن ذلك هو الحل الوحيد لتشغيل تلك الأموال والاستفادة منها.
وضرب الجوهرى مثالا بمشروع قناة السويس الجديدة الذى شارك المصريون فيه بأكثر من 60 مليار جنيها فى فترة قصيرة جدا، وبمشروع الرخصة الرابعة للمحمول، الذى أكد أنه طالب بطرحه للمصريين، وليس للشركة المصرية للاتصالات وقت عرض الرخصة فى البرلمان.
وقال النائب، إنه على استعداد أن يقدم قائمة بخمسين مشروعا لكل المحافظات، وكلها مشروعات جاذبة تستطيع استثمار تلك الأموال، مشيرا إلى عدم وجود إرادة لدى الحكومة لللاستثمار الحقيقى، مؤكدا أن كل وزير وكل محافظ لديه فرصة لتنفيذ مشروع بنطاق عمله لكن الرؤية غائبة، مشددا على أن الأزمة ستظل مستمرة طالما لم تجذب أموال المواطنين بمشروعات كبيرة وجاذبة.
مسعود يطالب القوات المسلحة باستثمار أموال المصريين فى 200 مشروع عملاق
طالب النائب أمين مسعود عضو مجلس النواب، القوات المسلحة أن تتبنى خطة قومية عملاقة لإنشائ 200 مشروع بالمحافظات، بتمويل أموال المصريين التى يدخرونها بمنازلهم ولايستثمرونها، ولايستفيد منها اقتصاد الدولة.
وقال النائب فى تصريحات لـ"برلمانى" إن أموال المصريين لن تخرج "من تحت البلاطة" إلا من خلال دعوة القوات المسلحة لإطلاق خطة مشروعات عملاقة تتبنى إنشاء 200 مصنع بالمحافظات، بمتوسط 8 مشروعات بالمحافظة، ويتم تمويلها من أموال مواطنى المحافظة من خلال اكتتاب عام، ويعمل بها شباب المحافظة، مما سيقضى على أزمة البطالة وسيدعم الاقتصاد ويقضى على ظاهرة الإدخار "تحت البلاطة".
ووأوضح النائب فى تصريحات لـ"برلمانى" أن تلك الاموال تظهر فقط عندما يأتى أحد النصابين ويعد المواطنين بمكاسب وهمية ثم يأخذ أموالهم ويهرب، مضيفا أن المواطن لن يثق فى أى جهة أخرى لاستثمار أمواله بتلك الطريقة إلى القوات المسلحة، التى أثبتت كفاءتها ونزاهتها وقدرتها على إنجاح تلك التجربة التى ستكون اكبر دفعة للاقتصاد المصرى.