"إذا كان هدف داعش عدم قيام بابا الفاتيكان بتلك الزيارة، فإن ذلك لن يحدث، فزيادة عدد الهجمات الإرهابية فى مصر ستجعل البابا مصمم أكثر على نشر رسالة السلام التى يرغب فى توصيلها للعالم من خلال مصر"... بهذه الكلمات خرجت من صحيفة "جورنال" الإيطالية صباح اليوم التالى لهجوم سانت كاترين الإرهابي، الذى استهدف كمينا أمنيا، ليكون الرد حاسما وقاطعا بأن مؤامرات تنظيم داعش وتنظيم الإخوان الدولى ضد مصر، لم ولن تنجح فى إنهاء هذه الزيارة المرتقبة .
تقرير صحيفة جورنال الإيطالية، الذى جاء قبل أيام من خروج البابا نفسه فى رسالة مصورة إلى شعب مصر، معلنا حرصه الشخصى على الزيارة، كشف بما لا يدع مجالا للشك تفهم المجتمع الدولى لحقيقة ما تواجهه الدولة المصرية من مخاطر حقيقية ليست لخلل أمنى وإنما لاحتدام المواجهة مع التنظيمات الإرهابية، ولوقوف مصر فى طليعة الدول التى تخوض حربا حقيقية ضد الإرهاب والعنف المسلح.
وقبل أن تنقل سيارات الإسعاف ضحايا تفجيرات الكنائس، وقبل أن توارى جثامين الشهداء الثرى، بادرت قناة الجزيرة والمنصات الإعلامية الموالية لتنظيم الإخوان بإطلاق حملة شائعات ومزاعم عن إلغاء الزيارة أو تغيير جدولها المعد مسبقا بسبب تلك الهجمات، إلا أن تقرير صحيفة "جورنال" الإيطالية جاء ضمن سلسلة تأكيدات ـ تزايدت حدتها يوماً تلو الآخر ـ على أن تلك العمليات لن تؤدى إلا لزيادة تمسك البابا بإجراء الزيارة.
وفى تقريرها قالت الصحيفة: "زيادة عدد الهجمات الإرهابية فى مصر ستجل البابا مصمم أكثر على نشر رسالة السلام التى يرغب فى توصيلها للعالم من خلال مصر"، فيما قالت صحيفة "فيتوكوديترانيو"، إن "الإرهاب لا يقصد الأقباط بعينهم وإنما المصريين بشكل عام سواء مسلمين أو مسيحيين"، فى الوقت ذكرت فيه صحيفة "أوبينيون بوبليكا" إن "الإرهاب يرغب فى كسر التوازن التقليدى للتعايش بين المسلمين والطوائف المسيحية، لتغذية الانقسامات بين الطرفين وخلق حالة من عدم الثقة والتوتر، كما تم مع المسلمين أنفسهم بوجود صفة "إخوانى"، فهؤلاء يرغبون أن تصبح مصر متقسمة إلى قبيلة وعشيرة أو عائلات منفصلة، كما يوجد فى بعض بلدان الشرق الأوسط.
وقبل أيام من الزيارة، نقل موقع إذاعة الفاتيكان الرسمى عن مندوب المطران الأرثوذكسى فى إيطاليا أثيناجورس فاسيليو، قوله: "إن زيارة البابا فرانسيس والبطريرك المسكونى بالقسطنطينية برثلماوس الأول فى وقت واحد إلى مصر، ستتمكن من إنشاء مسافات جديدة مع أولئك الذين يستغلون الدين لأغراض سياسية، ولذلك فعلينا التحلى بالشجاعة كما يجب علينا التحدث وإجراء الحوار معا، فإننا نحتاج إلى هذه الزيارة رغم أنها تأتى فى وقت صعب".
وأضاف فاسيليو: "لا يمكننا التظاهر بعدم رؤية إخواننا يعانون فى أجزاء كثيرة فى العالم، وهذا الحوار سيكون حديثا أخويا يجمع الأطراف كلها للتوصل لحل معا" ، وعما إذا كانت هناك مخاوف من وقوع عمليات إرهابية كرد من التنظيمات المتطرفة على الزيارة، قال فاسيليو: "الأديان كلها لها واجب رئيسى وهو تفسير معنى السلام الذى يتنافى مع السيادة أو الخضوع لرغبة البعض، هناك عمل مشترك لإيجاد طريق لحل جميع الأزمات، وعلينا إنقاذ أنفسنا معا، المسيحيون مع المسيحيون، والمسيحيون مع جميع المؤمنين بالديانات الأخرى".
ونقلت إذاعة الفاتيكان عن الأنبا مكاريوس توفيق مطران الأقباط الكاثوليك بالإسماعيلية قوله: "إن مصر تستعد لاستقبال البابا فرانسيس يومى 28 و29 أبريل الجارى وأن هذه الزيارة خطوة جديد نحو فتح حوار جديد من إخواننا المسلمين" ، وأضاف مطران الإسماعيلية: "زيارة البابا إلى مصر بالتزامن مع المؤتمر الدولى للسلام فى القاهرة أيضا خطوة تشجيعية وداعمة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى تعانى من العديد من الأحداث فى الآونة الأخيرة".
وفى إطار التأكيد على أهمية الزيارة وحرص البابا عليها قال مراقب الكرسى الرسولى لدى الأمم المتحدة برنارديتو أوزا: "إن زيارة البابا إلى مصر ترياق لعلاج العنف والكراهية عبر الحوار"، ونقلت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية قول أوزا "إن المقصود من الزيارة المرتقبة للبابا فرنسيس فى مصر هو أن الحوار واللقاء الحلول المثلى لعلاج العنف والكراهية، وتأكيد أن الإرهاب ليس له دين، وهذه الأعمال الإرهابية التى ترتكب باسم الله تتعارض مع الكرامة ومع حقوق الإنسان الأساسية، وخاصة فى الحياة والحرية الدينية".
"البابا لن يستخدم سيارة مصفحة خلال الزيارة، فلا داع لأى خوف فى مصر فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية"، قالها جريج بورك المتحدث باسم بابا الفاتيكان، مؤكداً فى مؤتمر صحفى عقد أمس الاول الاثنين أن "شعار رحلة البابا ستكون "بابا السلام فى مصر السلام" ، ولذلك فإن البابا لا يحتاج إلى سيارة مدرعة.
وفى الوقت الذى تواصل فيه الدولة المصرية حربها ضد الإرهاب فى شتى ربوع مصر وسط ميادين المواجهة فى سيناء وعلى الحدود المختلفة، وعبر المنابر الدبلوماسية فى أروقة الأمم المتحدة وهيأتها، وفيما تواصل دولاً فى مقدمتها قطر وتركيا إيواء ورعاية جماعات العنف والإرهاب وتقدم تمويلاً لا ينقطع لتخريب مصر والنيل منها، خرج قداسة البابا فرانسيس فى رسالة مصورة استهلها بـ"السلام عليكم"، وقال: "يا شعب مصر الحبيب بقلب فرح سأزور بعد أيام أبناء وطنكم العزيز مهد الحضارة وهبة النيل وأرض الشمس والضيافة، حيث عاش الآباء البطاركة والأنبياء وحيث أسمع الله صوته لموسى.. إنى لسعيد حقا أن آتى كصديق ومرسل سلام وحاج على الأرض التى قدمت منذ أكثر من ألفى عام ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة التى هربت من تهديدات الملك هيرودس، ويشرفنى أن أزور الأرض التى زارتها العائلة المقدسة".
واستطرد بابا الفاتيكان، قائلاً: "أحييكم بمودة وأشكركم على دعوتكم لى لزيارة مصر التى تسمونها أم الدنيا، أشكر الرئيس عبد الفتاح السيسى والبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الكاثوليك على دعوتهم لى.. أشكر كل واحد من الذى سيفتحون قلوبهم لاستقبالى، وأشكر كل من عملوا ويعملون من أجل تحقيق هذه الزيارة".
ويصل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان مصر للمرة الأولى غدا الجمعة، فى زيارة تبدأ باستقبال رسمى فى مطار القاهرة يعقبه لقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قصر الرئاسة، يليه لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وسيتوجه بعد ذلك إلى المؤتمر العالمى للسلام لإلقاء كلمته وللاستماع إلى كلمة الشيخ الطيب، قبل أن يلتقى بقداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية، ويقيم البابا فى ثانى وآخر أيام زيارته قداسة الإلهى قبل أن يتوجه للقاء قيادات دينية مسيحية فى ختام الزيارة.