من الأمور التى تكاد تذهب بالعقل، محاولة تفسير الأزمات المتلاحقة التى تنشب من وقت لآخر بسبب محترفى "الفتى والفتاوى"، فإن أنت حاولت تفسر الأمر من زاوية نصرة الأديان، تجد أن لا منطق لنصرة دين بالإساءة لآخر، ولو توجهت لتفسير ما يحدث من ناحية المصلحة العامة، تجد أن لا مصلحة عامة فى إثارة النقاط الخلافية التى لا يأتى من وراءها سوى الأزمات والفتن، أما فى حالة أن يأخذك خيالك لما هو أبعد من ذلك، وحاولت تفسير سبب "فتاوى الفتايين" من زاوية التوقيت، فإنك تقترب لمرحلة الجنون لا محالة، وتقفز داخلك التساؤلات التى لا نهاية لها، فهل نحن فى هذه المرحلة نمتلك رفاهية فتح ملفات من نوع ثوابت الدين، وحقيقة الأديان الأخرى، وإيمان وكفر أولئك وهؤلاء؟، وهل أنجزنا كل الملفات الوطنية والاجتماعية والشعبية، وأصبح هناك ضرورة للحديث فى المسكوت عنه ناحية مشاكل الأديان؟
أمس الأول بلاغ جديد ضد إسلام بحيرى، ولا تعرف فى حالة هذا الرجل من تلوم تحديدا، فمن وهب وقته وعمره لكل ما هو مثير للجدل، وجاذب للفتن، نصب نفسه خبيرا فى كل شىء وأى شىء، وتحدث فى ثوابت الدين الإسلامى بشكل يستفز مؤيدو التجديد الدينى قبل المحافظين.
طرح إسلام بحيرى يقرب الملحد من حب الأديان
يمتلك إسلام بحيرى قدرة عجيبة على استنفار كل ما بداخلك من غضب عندما يتحدث بطريقته التى يراها الجميع، فضلا عن مضمون ما ينطق به، ويمتلك ميزة، أنه عندما يتحدث عن خرافات الدين، يجعل الملحد أقرب للإيمان، بسبب طرحه "شكلا وموضوعا"، ومع ذلك يجد منصات إعلامية تفتح له أبوابها، وهواة أزمات مثله يقدمون فيه البلاغات، بيد أن الشخص نفسه قادر على طرد كل مستمع له، ولم يجذب طرحه لسنوات مؤيد واحد، ولا هى خدمت وطنا ولا مواطنين.
لم تنته أزمة إسلام بحيرى بعد، وكان بطل الواقعة الثانية الشيخ سالم عبد الجليل الوكيل السابق لوزارة الأوقاف، ذلك الرجل الذى لم يجد أولوية يتحدث فيها هذه الأيام سوى مدى إيمان المسيحيين، والمفاجآت التى تنتظرهم فى الدار الآخرة.
حديث سالم استدعى محبا جديدا للأزمات فتدخل "أبو حامد"
حديث سالم عبد الجليل فتح علينا نيران فتنة وأزمة جديدة، واستدعى واحدا من أهم محترفى ركوب الأزمات والنفخ فى النار، فجاء النائب محمد أبو حامد، بدلا من أن يهتم بما يفيد أهالى دائرته أو أبناء وطنه، أخرج ما طرحه سالم عبد الجليل للنور أكثر، وأعلن تقدمه ببيان عاجل ضده، وطالب بمحاكمته، وذكرنى بالمثل البلدى الشهير"ياللى رايح كتر م الفضايح"!
إلى متى لا نعرف فقه الأولويات؟، وإلى متى نضع هواة الفتى فى حجمهم الذى لا يساوى أكبر من التجاهل التام، فكما لم يقنع إسلام بحيرى شخصا واحدا بطرحه، لن يهتم كثيرون بما قاله سالم عبد الجليل أيضا، غير أن الأمور تظهر أكثر بالبلاغات التى تقدم ضد "إسلام"، والبيانات التى تخرج ضد "سالم".
يقينى أن بالمدارس والمستشفيات والجامعات والقرى والمدن من هم أولى بالاهتمام، ويستحقون منكم الوقت والجهد والتفكير والعون والمساعدة، ومؤكد أن من يعمل لخدمة المجتمع فى هذه الظروف بأى شكل من الأشكال أفضل مليون مرة ممن يبحث عن "فتية جديدة" أو "فتنة جديدة"، فكم شخص فى العالم يعشق مجدى يعقوب، رغم أن الرجل لم يقترب يوما من ثوابت الأديان أو غيرها، وفنى عمره وعلمه فى خدمة الإنسان، غير أن هذا الزمن ابتلانا بمن يظنون أنهم يحسنون صنعا، وهم أبعد ما يكون عن كل ما هو حسن، فلا هم أقنعوا أحدا سوى بعكس ما يطرحون، ولا هم عملوا ما يفيد بشرا أو وطنا أو دينا، غير أنهم مصرون على الظهور والحديث والفتى، فمتى يعقلون؟