كتب زكى القاضى
الانتخابات البرلمانية 2015 مختلفة وتحمل مفاجآت كبيرة على مستويات عديدة، أمر لا شكّ فيه ولا يحتاج إلى علامة أو تدليل، فمن البداية وكونها تأتى فى ظرف سياسى واجتماعى استثنائى، عقب ثورتين شعبيتين، وبعد صراع طويل مع نظام الإخوان الفاشى، ثمّ معركة حادة بين الدولة المصرية والإرهاب، وصولاً إلى كونه البرلمان الأول تقريبًا - باستثناء شهور برلمان الإخوان الملوّن - الذى تشهده مصر منذ حلّ برلمان الحزب الوطنى المزوّر فى 2010، عقب قيام ثورة 25 يناير 2011، ما يعنى أن مصر قضت 5 سنوات تقريبًا دون برلمان، وأن حالة من الشوق والعطش للممارسة البرلمانية والنيابية تسيطر على الشارع والسياسيين المصريين، وإلى جانب كل هذه التفاصيل مثّلت بعض النتائج والمؤشرات مفاجآت كبيرة، منها تراجع حزب النور فى مرحلتى الانتخابات، وتقدم حزبى المصريين الأحرار ومستقبل وطن، واكتساح قائمة "فى حب مصر" للسباق فى قطاعات القوائم الأربعة، وغير ذلك من التفاصيل والعناوين، ولكن تظل رغم كل هذه النقاط المهمة والملفتة، يظل توفيق عكاشة المفاجأة الأكبر فى مجلس النواب 2015.
لم يكن الرقم الذى حصل عليه الإعلامى توفيق عكاشة فى الجولة الأولى للمرحلة الثانية من الانتخابات ووصوله لجولة الإعادة، أو الرقم الذى حصل عليه فى الجولة الثانية بدائرة طلخا ونبروه بمحافظة الدقهلية، رقمًا عاديًّا أو متوقًّعًا ومعتادًا فى السباقات الانتخابية فى مجلس النواب، ولهذا أثار دهشة الأوساط الإعلامية والسياسية والمهتمين بالانتخابات والمتابعين لتفاصيلها، إذ جاءت نتائج الدائرة كالتالى: توفيق عكاشة فى المقدمة بـ94354 صوتًا، وفى المركز الثانى فؤاد بدراوى بـ79977 صوتًا وفارق يقترب من 5000 آلاف صوت عن عكاشة، وفى المركز الثالث بسام فليفل بـ58474 صوتًا، وجمال عبد الظاهر 51271 صوتًا، ومحمد نجاح الشورى 50499 صوتًا وأخيرًا إبراهيم أنور 39951 صوتًا.
توفيق عكاشة.. الرسالة الإعلامية البسيطة والانتماء الريفى الواضح
دأب الإعلامى توفيق عكاشة، رئيس قناة الفراعين والمذيع المحسوب على اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى، على التحدث بلغة بسيطة أمام الشاشة، والتى ساهمت فى منحه مساحة من الحضور المؤثر والبارز لدى قطاعات واسعة من المصريين، وأكسبته عشرات الآلاف من المؤيدين على مستوى الجمهورية، انتقل صداها إلى دائرته التى يفخر دائمًا فى حلقاته التليفزيونية بالانتماء إليها، وكيف جاءت ثورة 23 يوليو 1952 لتأخذ من عائلته وتعطى أهالى الدائرة، كونه ينتمى لعائلة أرستقراطية من عائلات الإقطاع الزراعى قبل الثورة.
ورغم المظهر والأصل الأرستقراطى، حرص توفيق عكاشة على خوض سباق مجلس النواب بطريقة مغايرة وأكثر بساطة واقترابًا من الشارع والناخبين، فنظّم حملة انتخابية عملت على إظهاره ح بمظهر شعبى وريفى بسيط، يتناسب مع طبيعة دائرته الريفية وناخبيها، ليظهر بالجلباب بين المواطنين وعلى شاشة التليفزيون، إضافة إلى الجلوس معهم فى الشارع وعلى المقاهى للحديث حول مشكلاتهم.
"عكاشة" والقدرة على إحداث تأثير وحراك مجتمعى
يعتبر الإعلامى والسياسى توفيق عكاشة واحدًا من أبرز الشخصيات القادرة على إحداث تأثير وحراك سياسى ومجتمعى فى كثير من الأوقات، على خلفية اقترابه من الناس وتواصله معهم بلغة بسيطة وسلسلة، إضافة إلى ارتباطه فى المخيلة الشعبية بالفلاح البسيط، الذى يبدى رأيه فى كل المواقف، وهو الأمر الذى زاد منه وعمّقه توالى اشتباكاته فى مجال السياسة، إذ ناصر ثورة 25 يناير فور قيامها وأكد وقوفه إلى جانب الثوار وضد مبارك ونظامه، ثمّ ما لبث أن انقلب عليها، ليسبّ الثورة ويصفها بأنها أكبر مؤامرة فى تاريخ مصر.
كذلك شارك "عكاشة" بدور كبير فى ثورة 30 يونيو، وفى سبيل ذلك عمل على حشد أنصاره والمؤيدين له فى ميادين العباسية والرماية وأمام المنصة، لدعم القوات المسلحة ورفض حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وعلى خلفية هذه المواقف أُغلِقت قناة الفراعين عدة مرات، وأعلن هو نفسه عن محاولة اغتياله من قبل عناصر محسوبة على جماعة الإخوان.
مالك الفراعين والحرب على "الماسونية العالمية"
إضافة إلى ما سبق، لعب توفيق عكاشة دورًا واضحًا فى محاربة ما يُسمّى بـ"الماسونية العالمية"، وهى مصطلح درج على استخدامه فى برنامجه "يحدث فى مصر" الذى كان يُذاع على شاشة قناة الفراعين فى وقت سابق، وشاركته تقديم بعض حلقاته الإعلامية حياة الدرديرى.
فور فوز توفيق عكاشة فى الانتخابات الجارية، أعلن عن خوضه انتخابات رئاسة مجلس النواب، قائلاً: "الفارق الذى حصلت عليه من عدد الأصوات جعلنى أعلن خوضى انتخابات رئاسة مجلس النواب"، متابعًا فى حواره على شاشة قناة الفراعين، المملوكة له، عقب فوزه بمقعد مجلس النواب عن دائرة طلخا ونبروه بمحافظة الدقهلية: "أنحنى احترامًا لكل أبناء الشعب المصرى، وما أقدرش أقول إلا إنى هعيش خدام لنعول جزم أبناء الشعب المصرى".
هاشتاج #توفيق_عكاشة_رئيسا_للبرلمان
فى سياق متصل، تصدر هاشتاج "توفيق عكاشة رئيسا للبرلمان"، موقع التواصل الاجتماعى والتدوينات القصيرة "تويتر"، محتلاً المرتبة الثانية ضمن قائمة الأكثر تداولاً فى "التريند" المصرى على الموقع الشهيرة، وذلك عقب إعلان فوزه بمقعد مجلس النواب المصرى عن دائرة طلخا ونبروه بمحافظة الدقهلية، والذى تلاه إعلان "عكاشة" عن ترشحه ومنافسته على مقعد رئيس مجلس النواب المصرى، فيما تباينت ردود الفعل ما بين الإيجاب والسلب فيما يخص دخوله لحلبة المنافسة على رئاسة المجلس.