السبت، 23 نوفمبر 2024 02:44 ص

تونس تحقق فى تحويل آل تميم 8 مليارات دولار للإرهابيين فى ليبيا.. رعب داخل الإخوان للتورط فى الوساطة.. الغنوشى يأمر أعضاء "النهضة" بعدم الإدلاء بتصريحات.. والحركة تدرس التخلى عن الدوحة

سرطان قطر يصل شمال أفريقيا

سرطان قطر يصل شمال أفريقيا سرطان قطر يصل شمال أفريقيا
الأحد، 11 يونيو 2017 02:00 ص
كتبت آمال رسلان

لم تستشعر حركة النهضة الإسلامية التونسية خطرًا محدقًا بها مع بداية أزمة الدول العربية مع قطر مؤخرًا، وظنت أن الخلاف الذى اندلع داخل البيت الخليجى سيظل قابعًا داخله، وظلت تتابع وتراقب عن بعد فى صمت ما يدور بين قطر وجيرانها، وكيف بدأت الأمور تتحول من مناوشات إعلامية إلى قطيعة دبلوماسية، ثم عزلة سياسة وحصار اقتصادى للدوحة عقابًا على دعمها للإرهاب.

 

الحركة الإسلامية التى تعد ذراع التنظيم الدولى للإخوان فى تونس أدركت جيدا أن لهب النيران التى لم تعد تقتصر على الدوحة وجيرانها ستطالها حتما، وبدأت حالة الرعب تستشرى فى مفاصل التنظيم الإخوانى الذى عقد عدد من الاجتماعات مؤخرا لدراسة الوضع المتفاقم والخسائر التى قد تلحق بالحركة فى حال سقط حكم تميم بن حمد.

 

ما فاقم من شعور الحركة الإخوانية بالخطر الاتهامات التى وُجهت لها بأنها كانت ذراع قطر فى تونس بعد الثورة وتورطت فى عددا من الاغتيالات السياسية عندما كانت النهضة على رأس الحكم التونسى، فضلا عن لعبها دور الوسيط مع إخوان ليبيا لتأجيج الوضع فى دولة الجوار وتهريب الإرهابيين والدعم المادى.

 

تلك الاتهامات فندها المتحدّث باسم الجيش الليبى أحمد المسمارى، والذى أكد أن قطر تموّل الجماعات الإرهابية فى ليبيا عن طريق تونس من خلال ملحق عسكرى تابع لقطر بدول شمال أفريقيا وهو مقيم بتونس يدعى سالم على جربوعى، حيث عمد هذا الأخير إلى تحويل 8 مليارات دولار من البنك القطرى التونسى إلى بنك الإسكان بتطاوين، ليتمّ فيما بعد إرساله إلى ليبيا لدعم الجماعات الإرهابية.

 

وتجاوبت الحكومة التونسية بشكل سريع مع الاتهامات، حيث أعلن وزير الدفاع الوطنى فرحات الحرشانى، عن فتح تحقيق قضائى حول تحويل أموال قطرية من تونس فى اتجاه ليبيا لفائدة المجموعات الإرهابية، مشيرا إلى أن التحقيق سيثبت تلك الاتهامات ويكشف المتورطين فى معاونة المسئول القطرى لتحويل الأموال لليبيا، مشددا على أنه سيتم تتبع كل ما من شأنه أن يمس بأمن تونس، لجدّية مواجهة الإرهاب الذى أصبح يهدّد العالم.

 

هذه التحقيقات تأتى فى وقت أعلن فيه الداخل التونسى الحرب على جميع أذرع قطر فى الداخل والتى ظلت منذ الثورة ووصول الإخوان للحكم تعبث بأمن البلاد، حيث طالب نائب فى البرلمان التونسى، السلطات القضائية بالتحقيق فى مصادر تمويل جمعية تونس الخيرية، أحد فروع "قطر الخيرية" المتهمة من قِبَل دول عربية بدعم أنشطة إرهابية.

 

وأوضح النائب المستقل وليد جلاد، أن الجمعية تحتكم إلى موازنة ضخمة وهى فرع من فروع جمعية قطر الخيرية المتّهمة بتمويل مجموعات إرهابية، لافتا إلى أن هذه المبادرة ليست الأولى إذ تواجه الجمعية دعوى قضائية تقدم بها المكلف بنزاعات الدولة منذ 2014، لمخالفتها القانون المنظم لعمل الجمعيات، لكن لم يصدر عنها أى قرار حتى اليوم، مؤكدا أنهم سيناقشون الأمر داخل الكتلة البرلمانية لتشكيل قوة ضغط.

 

وسبق للسلطات التونسية أن أعلنت فى أكثر من مناسبة عن تورط المئات من الجمعيات الخيرية والدينية فى دعم وتمويل الإرهاب ومساهمتها فى تسفير الآلاف من الشباب التونسيين للقتال فى سوريا وليبيا، وقالت صحيفة الشروق التونسية إن تقارير إدارية أعدّتها الجهات الأمنية المعنية، كشفت عن تلقى جمعية خيرية تمويلات من دولة خليجية فاقت قيمتها المئة مليون دينار (50 مليون دولار) بين 2012 و2015.

 

الاستجابة السريعة للحكومة والبرلمان مع ملاحقة أذرع قطر أثارت رعبا فى قلب الإخوان من أن تكشف التحقيقات الدور الذى تلعبة حركة النهضة، وظهر هذا التوجس فى خروج راشد الغنوشى زعيم الحركة عن صمته ليؤكد فى تصريح صحفى اليوم إن النهضة لم تدرج قطّ فى أى قائمة من قائمات الإرهاب، التى تم إطلاقها منذ 24 ساعة من قبل الإمارات ومصر والسعودية والبحرين، معتبرا أن ما ورد من اتهامات فى الفترة الأخيرة للحركة من اتهامات بتورطها فى الإرهاب يدخل فى باب التجاذبات السياسية والإعلامية، وفق قوله.

 

تصريحات الغنوشى تكشف مدى التخبط الذى تعيشه الحركة من الداخل خاصة أن موقف حركة النهضة فى بداية الأزمة جاء ليعكس حذرا فى التعاطى معها إذ فضلت عدم الانحياز بشكل مطلق إلى الشق القطرى تحسّبا للتحولات التى ستفرزها تطورات الوضع، وفضل أعضاء حركة النهضة إبداء موقف معتدل يدعو إلى "الحوار بين الأشقاء" وجاءت سياسة الحياد بناء على قرار مباشر من الغنوشى حتى يتبين الموقف.

 

وكشفت وثائق ومعلومات استخباراتية نشرتها قناة سكاى نيوز، عن أن جهات تمولها دولة قطر كانت تقف وراء اغتيال الزعيم النقابى التونسى شكرى بلعيد، وذكرت مصادر أمنية واستخباراتية أن قرار اغتيال بلعيد تم اتخاذه بعد أن أعلن امتلاكه معلومات وحقائق خطيرة عن دخول أطراف مشبوهة للتراب التونسى والجزائرى عبر سيارات قطرية رباعية الدفع مجهزة بمعدات متطورة من النوع الذى منحته الدوحة للحكومة التونسية.

 

وأوردت المعلومات أن بلعيد كان يمتلك وثائق سرية وخطيرة تكشف ضلوع دولة قطر فى حادثة عين أميناس الإرهابية بالجزائر، والهدف الرئيسى لقطر فى تلك الفترة كان خلق جو من الفوضى وعدم الاستقرار الأمنى فى الجزائر عبر تونس، كما وضعت دولة قطر يدها على ميليشيات ليبيا المسلحة، وكان عبدالحكيم بلحاج، أحد قادة هذه الميليشيات، والمعروف بعلاقته الوثيقة بالغنوشى، يتلقى الدعم المباشر من الاستخبارات القطرية.

 

وألقى مكتب التحقيقات الفيدرالى الأميركى (إف.بى.آي) القبض، فى وقت لاحق، على الإرهابى أبوأنس الليبى، واعترف بعد استجوابه بأن الاغتيالات السياسية التى كانت تحدث فى تونس، وأهمها قضية اغتيال السياسى شكرى بلعيد، تورط فيها عبدالحكيم بلحاج، الذى كان ينسق مباشرة مع الغنوشى بعلم القطريين.

 

ووسط بداية تكشف خيوط العلاقات بين حركة النهضة الإسلامية وقطر فى دعم عمليات إرهابية بالمنطقة كشفت مصادر مطلعة أن مجلس شورى الحركة فى حالة انعقاد دائم لوضع سيناريوهات تعامل مع الأزمة، حيث تدرس الحركة كيفية الخروج من المأزق والحفاظ على شعبيتها فى الشارع التونسى خاصة أنها مقبلة على انتخابات بلديه هامة والأولى منذ ثورة تونس، وكانت على ثقه أنها ستفوز فى تلك الانتخابات نظرا لأنها التنظيم الأكثر تماسكا.

 

وقال مراقبون أن الحركة لا تريد خسارة محور السعودية والإمارات فى ظل استمرار انهيار الأوضاع فى قطر، حيث تدرس الحركة كيفية الحفاظ على علاقتهم مع الدوحة والإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة مع الرياض فى نفس الوقت، إلا أن حركة النهضة اعتادت على المهادنة فى وقت الأزمات حفاظا على المكاسب التى حصلت عليها بعد الثورة وفى إطار ذلك قد تبتعد الحركة عن الحاضنة الأساسية لهم فى المنطقة الدوحة فى سبيل الاستمرار على رأس السلطة فى تونس.


print