راح يضرب الأمير الصغير بالمطالب الخليجية عرض الحائط، ففى رفض واضح لليد العربية الممدودة إلى قطر، واستمرار لسياسة العبث القطرية فى الإقليم، ومحاولات الأمير تميم بن حمد لعزل إمارته عن محيطها الخليجى، وإمعانًا فى معاناة الشعب القطرى وإفساد فرحتهم بالعيد، أبدت الدوحة استعدادها لتطوير العلاقات مع طهران، فى اتصال هاتفى أجراه الرئيس الإيرانى حسن روحانى، مع تميم.
لم يكن رد تميم على المطالب الخليجية ردًا صادمًا، فمعروف عن تميم خيانته للعهود والمواثيق، وتنفيذ سياسات داعمة للإرهاب ساقته إلى عزل دولته عن محيطها الإقليمى، بعد أن قررت السعودية ومصر والإمارات والبحرين ودولاً إسلامية أخرى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر بسبب سياستها الداعمة للإرهاب، وإفساد العيد على القطريين الذين يكنون غضبًا شعبيًا تجاه حكمه.
وفى محاولة من أمير قطر لتأزيم الوضع، فبدلاً من أن يرد على الأيدى الممدودة للدول العربية نحوه، والتى قدمت عدة مطالب يجب على النظام القطرى تنفيذها لإنهاء المقاطعة، وأمهلته الدول الدولة 10 أيام لتنفيذها، تضمنت المطالب 13 شرطًا؛ أبرزها إعلان عن خفض التمثيل الدبلوماسى مع إيران، ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثورى الإيرانى من الأراضى القطرية، وقطع أى تعاون عسكرى أو استخباراتى مع إيران، راح يصعّد ويوثق علاقته بطهران أكثر من أى وقت مضى.
وبدلاً من أن يدفع أمير الإرهاب، تجاه حل الأزمة مع الدول العربية راح يتبادل التهانى بمناسبة عيد الفطر، وقال إن بلاده ترحب بالتعاطى والتعاون، مع طهران، كما أعرب عن تقديره لدعم إيران حكومة وشعبا لقطر، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين كانت دوما متنامية ومتينة. وأبدى استعداده لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين فى شتى المجالات، والتعاون من أجل حل قضايا العالم الإسلامى.
وكررت طهران عبارات العزل سعيًا منها للتغلغل داخل الدوحة وإيجاد موطئ قدمًا لها فى الخليج، وأكد روحانى، وقوف بلاده حكومة وشعبًا إلى جانب قطر، مشددًا على أن سياسة طهران مبنية على تطوير العلاقات مع الدوحة، وقال إن "مساعدة اقتصاد قطر وتطوير العلاقات وخاصة بين القطاعين الخاصين فى البلدين من شأنهما أن يكونا من أهدافنا المشتركة"، مشيرًا إلى وقوف طهران إلى جانب قطر حكومة وشعبًا، متابعًا أن "الضغوط والتهديدات والحظر لا يمكنها أن تكون أسلوبًا صحيحًا لحل الخلافات".
وقال الرئيس الإيرانى، إن "فرض الحصار على قطر أمر مرفوض"، مؤكدًا أن "المجالات الجوية والبرية والبحرية الإيرانية ستبقى مفتوحة على الدوام أمام قطر باعتبارها دولة شقيقة وجارة".
جولة إنقاذ جديدة فى أوروبا
وعلى صعيد آخر، بدأت إيران تقود جولة أوروبية جديدة، فى إطار مساعيها لإنقاذ حليفها فى الدوحة، وبعد أن فشلت جهودها فى استقطاب دول شمال إفريقيا وإثنائها عن مواقفها، وضمها إلى محور طهران الدوحة تركيا لإنقاذ تميم، قطع وزير خارجية إيران إجازة عيد الفطر، وراح يحشد من جديد الدول الصديقة للدوحة للوقوف إلى جانبها، لكن هذه المرة من أوروبا، وبدأ جولته اليوم الاثنين، من ألمانيا والتى سوف يتوجه منها مباشرة إلى إيطاليا.
اللافت أن جولة ظريف الأوروبية شملت بلدان تقاربت مواقفها مع مواقف طهران منذ بداية الأزمة، فألمانيا التى تخوّفت على مصالحها الاقتصادية واعتبر "دويتش فيله" فى تقريرًا لها أن الحصار الخليجى العربى على قطر يمس أيضًا بالمصالح الألمانية، فالأزمة قد تجلب أيضًا مخاطر اقتصادية على ألمانيا، كما أنّ هناك مخاوف من أية تغييرات قد تجريها قطر فى حجم استثماراتها الأجنبية الخارجية نتيجة الحصار.
وفى خضم الأزمة، زار وزير خارجية الدوحة محمد بن عبدالرحمن آل ثانى برلين مطلع شهر يونيو الجارى، وقال جابرييل فى مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى الجمعة: "قطع العلاقات وفرض الحصار أمور مرفوضة وغير مقبولة"، مضيفًا أن هذا الأمر ستكون له تأثيرات على ألمانيا.
وأما جواد ظريف خلال زيارته لألمانيا، بعث من أوروبا رسالة استغاثة لقطر استغلال نفوذها فى التشجيع على بدء حوار فى منطقة الخليج، وقال ظريف فى خطاب بالعاصمة الألمانية برلين، دعا فيه إلى آلية أمنية إقليمية جديدة لدول الخليج إن تحميل إيران أو قطر المسؤولية عن "الإرهاب" هو محاولة من هذه الدول لتفادى تحمل مسؤولية عدم تلبية مطالب شعوبها. وأضاف "فى السابق كانت إيران، والآن أصبحت قطر، هذه محاولة للتهرب من المسئولية وتفادى المحاسبة عن هذا الفشل الكبير لنظم الدول فى تلبية مطالب شعوبها والاستجابة لها".
ومن ألمانيا إلى إيطاليا لن تهدأ مساعى طهران لإنقاذ حليفها، وسوف يتوجه ظريف إلى إيطاليا التى أكدت منذ الأزمة وقوفها إلى جانب قطر، وفى تصريح له أعرب رئيس الوزراء الإيطالى، باولو جينتيلونى، استعداده لتقديم مساهمة إيجابية فى الجهود الرامية إلى حل الأزمة، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الاستقرار فى منطقة الخليج وتجنب أى تصعيد.
وكانت طهران أول دولة ترسل مبعوثًا لها إلى قطر فى 19 يونيو الجارى منذ نشوب الأزمة الخليجية فى 5 يونيو الجارى، وكشفت وسائل إعلام إيرانية إيفاد طهران مبعوثها "حسين جابرى أنصارى" مساعد وزير الخارجية الإيرانى للشئون العربية والأفريقية، الملقب بـ"رجل ملفات الأزمات"، إلى دولة قطر للقاء وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى وتسليم رسالة شفهية من روحانى إلى تميم.