على مدار السنة المالية الحالية 2016 – 2017 والتى تستعد للرحيل خلال ساعات، طبقت مصر أكبر وأجرأ برنامج إصلاح اقتصادى فى تاريخها، يحمل إصلاحات هيكلية طال انتظارها ولم تجرؤ حكومات مصرية متعاقبة على مدار أكثر من 4 عقود على أن تنفذها أو حتى مجرد أن تدخل دائرة النقاش الحكومى خوفًا من الآثار الاجتماعية لتلك الإجراءات.
وشكلت الإصلاحات التى تنفذها مصر على مدار عام، والتى يمتد أثرها خلال السنوات القليلة المقبلة، أهمية كبرى أمام الحكومة، فى آليات التنفيذ، والتخفيف عن كاهل المواطن المصرى من أثرها، حيث تتمثل أبرز الإجراءات فى تحرير وإصلاح منظومة سعر صرف العملة، وإعادة هيكلة الدعم، وضمان وصوله لمستحقيه سواء دعم السلع التموينية أو دعم الطاقة، إلى جانب خفض عجز الموازنة العامة للدولة لأقل من 10% من الناتج المحلى الإجمالى، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المصرية، وتدشين برنامجًا مهمًا للطروحات الحكومية فى البورصة المصرية، وخفض مستويات الدين الحكومى، لأقل من 80% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتتوازى مع مسارات الإصلاح الاقتصادى، مسارًا اجتماعيًا مهمًا، يتمثل فى تخفيف أثرها على المواطن المصرى بإنفاق نحو 75 مليار جنيه على حزمة قرارات لحماية محدودى الدخل وتخفيف أثر التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – عن طريق زيادة الدعم التموينى والعلاوات الاستثنائية والدورية والمعاشات، ما يسهم فى زيادة قدرة المواطنين على تحمل أثر ارتفاعات الأسعار.
وتلك الإجراءات الإصلاحية تضع مصر خلال سنوات قليلة على طريق النمو الاقتصادى بمعدلات كبيرة تصل إلى 7% وفقًا لتقديرات محلية ودولية، وبالتالى الوصول إلى معدلات الإنتاج للأسواق الناشئة ذات الأهمية الدولية فى جذب تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العقود القادمة، بما يعود بالنفع على المواطن المصرى من حيث معدلات التشغيل، وزيادة الناتج المحلى للبلاد.
وحملت الحكومة المصرية على عاتقها مواجهة تحديات الاقتصاد المصرى بمسارات وتنسيق متكامل بين أفرادها، ليكون تحرير سعر الطاقة – رفع أسعار الوقود - آخر القرارات الصعبة والجريئة، وذلك عبر رفع تدريجى تم فى نوفمبر الماضى، ليؤكد أن المرحلة الأصعب فى القرارات الإصلاحية تم بالفعل، وأن مصر فى طريقها خلال العام المقبل إلى حصد نتائج هذا الإصلاح، بتدفقات استثمار أجنبى مباشر يصل إلى 10 مليارات دولار سنويًا، وتقليص عجز الموازنة ليصل إلى 9.2% من الناتج المحلى الإجمالى، وعودة الدولار للتراجع أمام الجنيه إلى مستويات تتراوح بين 12 و14 جنيهًا للدولار، إلى جانب أرصدة احتياطى من النقد الأجنبى تصل إلى نحو 40 مليار دولار خلال سنوات قليلة.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الناتج المحلى الإجمالى لمصر - يعنى إجمالى السلع والخدمات المنتجة داخل الدولة - سوف يصل إلى 15 تريليون – ألف مليار – جنيه خلال 10 سنوات من الآن، من حجمه الحالى البالغ نحو 3 تريليونات جنيه، ولتصبح مصر ضمن أكبر 20 اقتصادًا فى العالم، بدافع عدة عوامل أبرزها تهيئة مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال خاصة فى قطاعات مثل البترول والطاقة والكهرباء، والعاصمة الإدارية الجديدة، بالتوازى مع إنشاء أكثر من 4400 كيلومتر من الطرق ومشروعات البنية الأساسية، تساعد فى إحداث التنمية الأفقية وتوسيع شرايين مصر الاقتصادية، وتصميمًا كبيرًا على خفض معدلات الفساد، بتفعيل هيئة الرقابة الإدارية لدورها الرقابى.