هناك دائما من ينتظرون الجنازة التى يشبعون فيها لطم، هؤلاء الذين بمجرد أن سمعوا أن أسعار المحروقات فى طريقها للزيادة فى خطوة من خطوات الإصلاح الاقتصادى الذى تنتهجه الدولة فى الوقت الحالى للوصول لمستوى أفضل بالاقتصاد شرعوا بجشعهم فى زيادة أسعار ما يقدمونه للمواطن من سلع وخدمات.
الارتفاعات التى شهدتها أسعار المحروقات جاءت على الوجه التالى ليصبح السعر 3.65 جنيه للتر البنزين 80 بعدما كان 235 قرشا، و5 جنيهات للتر 92 بعدما كان 350 قرشا، وتحرك سعر السولار من 235 قرشا إلى 3.65 جنيه، وتم تحريك سعر البوتاجاز من 15 إلى 30 جنيها للأسطوانة.
لو أننا تحدثنا بفكر أوسع حول تبعات الزيادة على الخدمات التى تقدم للمواطن مباشرة مثل المواصلات مثلا فإن معظم المواطنين يستقلون الميكروباص فى مواصلاتهم الداخلية فى محيط المدينة سواء للذهاب للعمل أو لقضاء المهام المطلوبة منهم، والتى تمثل مسافاتها بحد متوسط 10 كيلو مترات، الأمر الذى لا يدع هناك مبرر لزيادة تعريفة ركوب المواطن مثال تلك الوسائل بنسبة تصل أى 40 بل 50% فى بعض الحالات سوى جشع السائقين.
لا أتهم أحدا جزافا، فالمسافة التى تقطعها وسيلة المواصلات (الميكروباص) لحرق لتر من السولار تصل إلى 6 كيلو مترات حسب تقرير أخير أصدره الجهاز المركزى للمحاسبات نشر "اليوم السابع" نسخة منه، الأمر الذى يجعل استهلاك الميكروباص فى المسافة المتوسطة التى فرضناها "10 كيلو مترات" لا يتخطى 1.4 لتر من السولار الذى زاد فقط 1.30 جنيه أى أن تكلفة الزيادة على السائق فى المرة الواحدة من التوصيل لم تتخط 1.95 جنيه ما يجعل القيمة العادلة للزيادة على الراكب يتمثل فى حاصل قسمة (1.90 جنيه على 14 راكبا) أى أن كل تعريفة الركوب التى يدفعها الراكب لا يجب بأى حال من الأحوال ألا تزيد عن 13.9 قرش فقط.
أما بالنسبة للوسيلة الأخرى التى يستخدمها المواطن "التاكسى" فمعدل المسافة التى يستهلك التاكسى لترا لقطعها يصل إلى 10 كيلو مترات، الأمر الذى يجعل الرحلة التى تصل مسافتها لـ20 كيلومترا تستهلك 2 لتر بنزين 80 ما يعنى أن الزيادة التى وقعت على السائق أو صاحب السيارة فى الرحلة حاصل ضرب (1.30 جنيهx 2) أى 2.60 جنيه، فليس من الطبيعى أن تزيد قيمة الرحلة من 37 جنيها بنسبة 40% بل إن الزيادة العادلة التى حددها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات لا يجب أن تزيد بأى حال من الأحوال عن 8.11%، بل إن عددا من سائقى التاكسى لم يجهز عداد سيارته على القيمة الجديدة لفتح البنديرة أو زيادة السعر فى الكيلو متر ويبقونها على التعريفة القديمة ليستغلوا جهل الراكب بالنسبة التى من المفترض عليه أن يدفعها، وأقرب تلك المواقف حدث معى أمس حيث طلب سائق التاكسى القيمة مضاف إليها ما يقرب من 80% منها بعدما أظهر العداد بقيمته القديمة 8.5 جنيه.
الأمر نفسه للاطم آخر غاب ضميره، فرغم كون الزيادة لم يمر على موعد إصدارها ثلاثة أيام الأمر الذى يجعل السلع الموجودة لدى التجار بنسبة كبيرة قبل الزيادة إلا أن عددا من معدومى الضمير بدأوا يستغلون بجشع جهل المواطن بحقوقه وأضافوا قيمة جزافية على أسعار السلع بحجة أن تكلفة النقل زادت بعد ارتفاع أسعار المحروقات.
الأمر كله يحتاج إلى رقابة صارمة من الدولة التى لا نكذبها فى كون تلك الإجراءات الهدف منها رفع العبء عن الموازنة العامة، الأمر الذى سيكون له مردوده على الاقتصاد المصرى وبالتالى على المواطن نفسه فى المستقبل القريب.. راقبوا يرحمكم الله فلا تدعوا المواطن فريسة فى أيدى وأنياب غائبى الضمير اللاطمين فى جنازة ارتفاع أسعار الوقود.