نص دستور 2014 على إلغاء ندب القضاة للجهات غير القضائية، وتطبيقا لهذا أعدت اللجنة العليا للإصلاح التشريعى فى عهد المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية ومجلس النواب السابق، مشروع قانون بذلك فى نهاية ديسمبر من العام الماضى وأرسلته لمجلس الوزراء ليتخذ طريقه القانونى تمهيدًا لإصداره، إلا أن المشروع تم تجميده.
وينظم المشروع ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، حيث يحظر ندب أعضاء الجهات والهيئات القضائية للعمل بالجهات الحكومية الوزارات أو الهيئات أو الجهات التنفيذية كمستشارين أو خبراء أو بأى مسمى قانونى.
وينص المشروع على حظر الندب كليًا وجزئيًا، باستثناء 4 جهات فقط يجوز الندب إلى جهة واحدة منها فقط، وهى الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى، أو الجهات القائمة على إدارة شئون العدالة، أو الجهات المشرفة على الانتخابات.
"اللجنة العليا للإصلاح التشريعى كانت قد أعدت بالفعل مشروع القانون وأرسلته إلى مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على الجهات القضائية لإبداء الرأى ثم عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة لإبداء ملاحظاته وأخيرا إرساله للبرلمان، لكن المشروع لم يتخذ هذا المسار وحتى الآن يظل بمجلس الوزراء".. هذا ما قاله المستشار محمد عيد محجوب الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، حول مشروع قانون حظر ندب القضاة، مؤكدًا على أن المشروع لم يعرض على مجلس القضاء الأعلى حتى الآن.
وأضاف محجوب، لـ"برلمانى"، حول عدم اتخاذ المشروع لمساره الطبيعى، أن الأمر يسال عنه مجلس الوزراء، حيث لم يتحرك المشروع حتى الآن من المجلس ولم يتخذ خطواته القانونية تمهيدًا لصدوره.
وشدد الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، على ضرورة صدور مثل هذا القانون تطبيقا للدستور، والذى نص فى المادتين 239 و186 على إلغاء الندب الكلى والجزئى للقضاة لغير الجهات القضائية، موضحًا أن صدور قانون بإلغاء ندب القضاة هو التزم دستورى لابد من تطبيقه عاجلًا أم أجلًا.
وتنص المادة 239 من الدستور على أن "يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أواللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور".
وتنص هنا المادة على فترة انتقالية يتم خلالها إلغاء ندب القضاة لغير الجهات القضائية نهائيًا وهى حتى عام 2019، وحددت المذكرة الإيضاحية للمشروع تاريخ 17 يناير 2019 لإنهاء الندب كليًا، وهى نهاية السنوات الخمس كما ذكر النص الدستورى.
كما حظر ندب القضاة لغير الجهات القضائية فى المادة (186) من الدستور ونصت على: "القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وإعاراتهم، وتقاعدهم، وينظم مساءلتهم تأديبيًا، ولا يجوز ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقرره لهم."
وقال المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، أنه يجب أن يصدر قانون يلزم بأنه يقع باطلًا ندب أى قاضى فى أى جهة قضائية على الإطلاق للعمل طوال الوقت أو بعض الوقت، سواء إلى وزارة أو جهة سيادية أو هيئات عامة أو أشخاص من القانون العام أو الخاص بأى صورة من الصور، وعلى القاضى إذا رغب فى العمل فى إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أن يقدم استقالته ويلتحق بما يشاء.
وأشار رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، إلى أنه إذا كان العمل بمجلس النواب كعضو منتخب يحتم استقالة القاضى قبل الترشح وهى مهنة ينتخب فيها عضو مجلس النواب ليكون نائبا عن الشعب كله فهل يستصاغ عقلا ومنطقا أن يعمل القاضى لدى جهة حكومية قبل أن يقدم استقالته.
وأوضح السيد، أن مهمة القاضى هى الفصل فى الخصومات التى تنشأ بين المتقاضين بعضم البعض، أو بينهم وبين أشخاص القانون العام ( الحكومة والهيئات العامة ) أو أشخاص القانون الخاص ( الشركات والجمعيات الأهلية ) أو بعضهم مع البعض الآخر، وبالتالى فإنه حتى يكمل القاضى مهمته ويكون محل لثقة وتقدير واعتزاز المتقاضين بغير استثناء يتعين على سبيل الجزم واليقين أن يتفرغ القاضى لهذه المهمة الجليلة ولا يجوز بحال من الأحوال أيا كانت الأسباب أو المبررات أن يمتهن القاضى وظيفة آخرى.
من جانبه قال الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، فيما يتعلق بموقف الجهات والهيئات الحكومية وتعاملها مع النص الدستوى الذى يحتم إلغاء ندب القضاة، خاصة وأن هناك العديد من الجهات تعتمد بشكل كبير على القضاة، أنه يجب على هذه الجهات أن تبدأ من الآن وحتى العامين والنصف عام القادمين وهى المدة المتبقية لإلغاء ندب القضاة وفق الدستور، فى تدريب العاملين بهذه الجهات على الأمور القانونية وتنمية مهارتهم فى هذا الشق وبطريقة مكثفة، لأن قانون حظر ندب القضاة سيصدر حتميا وفقا لما قاله الدستور.
وأضاف فوزى، أن الأمر الآخر هو أنه يجب أن يفرغ القضاة للعدالة الناجزة، لأن جزء من تحقيقها هو تفريغ القضاة من أى عمل يتصل بشكل خاص بعمل السلطة التنفيذية.
وأوضح وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، أن النص الدستورى فى المادة ( 186 ) أسند للقانون تحديد الجهات التى يجوز فيها ندب القضاة، كما أجازت المادة ( 239 ) من الدستور ندب القضاة للجان القضائية أو إدارة شئون العدالة، كالندب مثلا بوزارة العدل، أو ندبهم فى الإشراف على الانتخابات.