أوضاع إنسانية واقتصادية مزرية جنتها سوريا جراء الصراع الداخلى بين نظام الرئيس
بشار الأسد والميليشيات والكيانات المسلحة، لتسفر بعد 6 سنوات من الاقتتال عن أرقام هائلة لحجم الدمار الذى لحق بهذه البلاد.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فأن الاقتصاد فى سوريا أصبح عنوانه
التضخم والفقر، مشيرة إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالى لأكثر من النصف فى وضع رهيب للغاية. وأوضحت أن الاقتصاد السورى يصارع التضخم وفقدان الإنتاج وانتشار الفقر الذى يمكن أن يهدد الاستقرار حتى فى المناطق التى يسيطر عليها النظام.
ورصدت الصحيفة الخسائر السورية بسبب الحرب الدائرة التى بدأت فى 2011، بالأرقام، فلقد ارتقع مؤشر سعر المستهلك، وهو المؤشر الرئيسى للتضخم، إلى 500% بين عامى 2010 و2016، ذلك وفقا لما ذكره الاقتصاديون السوريون والتقارير الإخبارية المحلية التى استشهدت ببيانات المكتب المركزى السورى للإحصاء.
وبينما بلغ متوسط راتب موظفى الخدمة المدنية 200 دولار شهريا، على الأقل، قبل اشتعال الصراع، فأنه بالكاد يصل إلى 60 دولارا حاليا، بسبب انخفاض قيمة العملة. وبحسب البنك الدولى فأن الناتج القومى الإجمالى فى سوريا قد تراجع إلى النصف هذا العقد.
وأشار البنك إلى أن الانخفاض الحاد فى النشاط الاقتصادى قد كلف ما لا يقل عن 2 مليون شخص وظائفهم، وأن حوالى 60% من السوريين أصبحوا غير قادرين على شراء المواد الغذائية والمواد غير الغذائية الأساسية حيث باتوا يحصلون على هذا النوع من المساعدات.
وقال ديفيد بوتر، المحلل الاقتصادى فى مركز شاثام هاوس للأبحاث فى المملكة المتحدة، "سيستمر الوضع الاقتصادى الكارثى لفترة طويلة قادمة".
وأصبحت سوريا مقسمة بسبب القتال. ويسيطر النظام السورى للرئيس بشار الأسد والميليشيات الإرهابية والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة والجماعة الإسلامية المسلحة على أجزاء مختلفة من البلاد.
لكن الاقتصاد المتعثر فى تلك المناطق والحرب قد أديا إلى تغيير سلوك المستهلك. وانخفض دعم الوقود فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة، مما دفع المزيد من السوريين من أبناء الطبقة الوسطى، حتى النساء، لركوب الدراجات الهوائية، التى نادرا ما كانت تشاهد فى الشوارع السورية قبل الحرب.
وفى بعض أنحاء البلد، اختفى تقريبا مهر الزواج، الذى كان يتم دفعه للعروس كهدية. وبات بعض العرسان يقدمون للعرائس 1 ليرة سورية كشئ رمزى. ونقلت "وول ستريت جورنال" عن جهاد يازجى، الصحفى فى بيروت، قوله "لقد تم تدمير النسيج المجتمعى فى سوريا".
وبسبب الظروف الاقتصادية القاسية، قالت الصحيفة إن أسواق السلع المستعملة قد ازدهرت بعد أن كان العديد من السوريين ينظرون إليها كنوع من العار. وقال خالد النجار، مواطن سورى يعيش فى الأراضى التى يسيطر عليها المتمردين شمال غرب سوريا "ليس هناك أمن، فلماذا تشترى الجديد إذا كان يمكن تدميره كله فى لحظة".
وقد ازدهر سوق بيع السلع المستعملة عبر مجموعات الفيس بوك، والأسعار عادة ما تكون مدرجة بالدولار الأمريكى. وتلفت الصحيفة إلى أنه على الرغم من حظر الحكومة السورية استخدام العملات الأجنبية عام 2013، إلا أن ذلك لم يمنع الناس من ممارسة أعمالهم بالدولار بسبب تقلب الليرة السورية.
ويعتمد الاقتصاد السورى على المساعدات الخارجية، بما فى ذلك القمح من روسيا والوقود من إيران. وكلا البلدين حلفاء رئيسيين لنظام الأسد. ويعتمد المواطنون السوريون أيضا على المساعدة من الخارج حيث يتلقى العديد من السوريين تحويلات من أفراد العائلة الذين يعيشون فى أماكن أخرى.
وما يتراوح بين 4 و 5 ملايين سورى يتلقون مساعدات غذائية من برنامج الأغذية العالمى كل شهر. ويتلقى مليون شخص تقريبا مساعدات غذائية أخرى، وفقا للبنك الدولى. وكثير من الذين يحصلون على المعونة الغذائية ينتهى بهم المطاف إلى بيع بعضهم لشراء ضروريات أخرى.
وفى حلب يحاول بعض الذين يحصلون على اللحوم كمساعدات غذائية بيعها فى الشارع لأنهم غير قادرين على تبريدها أو طهيها فى المنزل بسبب انقطاع الكهرباء، ويأملون فى كسب بعض المال قبل أن تفسد، وفقا لشهادات سكان سابقين على اتصال مع المواطنين الباقين داخل المدينة.