عامان إلا بضع شهور مضوا على قرار روسيا منع رحلاتها الجوية المباشرة إلى مصر، منذ حادث الطائرة الروسية المنكوبة والذى وقع فى أكتوبر 2015، والذى يقف وراءه حادث إرهابى لم تتمكن حتى كتابة تلك السطور التحقيقات المشتركة بين موسكو والقاهرة من فك ملابساته رغم تعدد زيارات الوفود الأمنية المتبادلة بين البلدين.
ورغم اشتراطاتها المختلفة لتأمين المطارات داخل مصر، وإشادة خبرائها الأمنيين بتطبيق معايير الأمن والسلامة فى موانئ مصر الجوية، إلا أن موسكو لا تزال تماطل عبر مستويات رسمية وشبه رسمية فى اتخاذ قرار عودة الرحلات الجوية، متجاهلة فى ذلك تقارير إعلامية روسية وغربية كشفت عن استياء السياح الروس من حرمانهم من أحد أهم وأبرز المقاصد السياحية التى طالما سعوا إليها.
وعلى مدار ما يقرب من عامين، توالت الوعود تلو الوعود من المسئولين الروس وعلى رأسهم وزير النقل مكسيم سوكولوف، بعودة السياحة الروسية مرة أخرى للمحروسة قريبة، إلا أن تلك التعهدات سرعان ما تبخرت أمام مماطلة لافتة لم تكن مفهومة قبل أن تكشف تقارير غربية عن وقوف قطر وراء التأجيل المتكرر لقرار عودة الرحلات الروسية إلى مصر.
وتعرقل الدوحة عبر شبكة واسعة من الاستثمارات داخل روسيا قرار موسكو بعودة السياحة إلى مصر، حيث بدأت الإمارة التسلل إلى مفاصل الاقتصاد الروسى منذ أن اعتلى الأمير الأب حمد بن خليفة، الحكم عقب انقلابه على والده عام 1995، حيث استثمرت الدوحة مئات مليارات الدولارت فى روسيا عبر تملك أسهم ضخمة فى شركات ومؤسسات روسية، بالإضافة لعقارات وغيرها من الأصول، وكل ذلك تحت مظلة "صندوق الثروة السيادية" القطرى الذى يتخطى رصيده 335 مليار دولار.
ومن خلال "صندوق الثروة السيادية" القطرى الذى خرج إلى النور 2005، تمكنت الدوحة من التغلل فى عدد من المجالات والقطاعات المختلفة داخل الدولة الروسية، بداية من البنوك والعقارات والفنادق، ومرورًا بمشاريع الغاز والنفط وحتى المشاركة فى المطارات الروسية.
وقد أنشئ "تنظيم الحمدين" القطرى الإرهابى، الصندوق السيادى القطرى، من أجل التغلغل داخل الدول الكبرى طمعًا فى كسب ودهم والتأثير على دوائر صنع القرار.
وتنوعت الاستثمارات القطرية داخل موسكو، حيث حصلت شركة "بريميوم كونستراكشن" القطرية مؤخرا، على عطاء بناء مجمع فنادق كبير فى شبه جزيرة القرم الروسية بقيمة 100 مليون دولار، وهو المشروع الذى تسعى الدوحة أن تتحول القرم لمنتجع سياحى ضخم ينافس مدن شرم الشيخ والغردقة.
وعما دونها من الاستثمارات، يؤكد مراقبون أن استثمارات قطر فى الشركات المشغلة للمطارات الروسية تظل الأكثر تأثيرا على قرار عودة موسكو للرحلات الروسية إلى مصر، حيث دفع "صندوق الثروة السيادية" القطرى، حوالى 240 مليون يورو مقابل 25% من أسهم الشركة المشغلة لمطار "بولكوفو" الروسى الواقع فى مدينة "سانت بطرسبرج" شمال روسيا الاتحادية، وهى المدينة التى كان يأتى منها أكبر نسبة سياح روس إلى مصر.
وكشفت التقارير الغربية، أن شركة "المستثمر الأول" الذراع العقارية لـ" صندوق الثروة السيادية" سعت لاستثمار 500 مليون دولار، بالاشتراك مع عملاق النفط الروسى "غازبروم" فى قطاع العـقارات الروسية خاصة، فى العاصمة الروسية موسكو.
كما أبرم "صندوق الثروة السيادية" القطرى فى إطار تحالف مع شركة "جلينكور" العملاقة لتجارة السلع الأولية، صفقة مع عملاق النفط الروسى شركة "روس نفط" نهاية عام 2016 استحوذ بموجبها على حصة بنسبة 19.5% فى الشركة الروسية بقيمة 10.5 مليار يورو.
ومن المتوقع، حسب التقارير الغربية، أن يشترى الصندوق القطرى أيضا 20% من حصة شركة "لوك أويل"، من محطات الوقود فى روسيا.
كما يستثمر الصندوق القطرى، حوالى 500 مليون دولار فى أعمال التنقيب عن الغاز والنفط التى يتضمنها مشروع "الأورال الصناعى" أو ما يعرف بـ"الأورال القطبى" الروسى.
كما قدمت شركة "قطر القابضة" مؤخرا، طلبا لبنك "VTB" الروسى لشراء أسهم كبيرة فيه.