وأشار التقرير إلى أنه كانت هناك تداعيات للإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر 2012، ومنها وقوع أحداث قصر الاتحادية فى أيام 4 ، 5 ، 6 ديسمبر 2012 والتى راح ضحيتها عدد من المواطنين ما بين قتيل ومصاب، مبينا أنه تم تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من أعضاء غالبيتهم ينتمون إلى جماعة الإخوان و أنصارهم، ما آثار حفيظة التيارات المدنية السياسية، مشيرًا إلى ما تلا ذلك من حصار للمؤسسات القضائية والإعلامية والدينية، وتزايد معارضة المواطنين لسياسات الرئيس الأسبق محمد مرسى، ونشأة حركة تمرد التى جسدت هذه المعارضة فى صورة استمارات يوقع عليها المواطنون، واستطاعت تجميع ملايين الاستمارات، ودعت مع غيرها من القوى السياسية المدنية للنزول إلى الشارع يوم 30 يونيو 2013 وهو يوم تولى الرئيس مرسى للسلطة للتعبير عن رفضهم لسياساته، إلا أن جماعة الإخوان دعت إلى التظاهر بميدان رابعة العدوية منذ يوم 21 يونيه 2013 وذلك استباقا لليوم الذى دعت إليه القوى الشعبية والسياسية بالتظاهر يوم 30 يونيو 2013، وفى 28 يونيو ظهرت الدعوة لتحويل المظاهرات إلى تجمع، حيث بدأت أحداث العنف منذ اليوم الأول للتجمع.
ورصد التقرير يوميات العنف والمحاضر المحررة بشأنها وأيضًا محاضر عن التضرر من ممارسات المتجمعين وصولًا إلى يوم الفض 14 أغسطس 2013، مبينا أن أعداد هذه المحاضر بلغت 108 محاضر.
ونوه تقرير لجنة تقصى الحقائق إلى أن وزارة الداخلية وضعت خطة الفض لاعتصام رابعة تنفيذا لقرار النيابة العامة الصادر فى 31/7/2013 وأيضًا تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر بالإجماع بضرورة تنفيذ قرار النيابة العامة، وحددت "الداخلية" يوم 14 أغسطس 2013 موعدًا لتنفيذ قرار النيابة العامة بضبط الجرائم ومرتكبيها فى ميدانى رابعة والنهضة وغيرهما، وسربت وزارة الداخلية الخبر لإعطاء فرصة لمن يرغب فى مغادرة التجمع، والتقى وزير الداخلية مع مجموعة من الإعلاميين والنشطاء من منظمات حقوق الإنسان عشية الفض ودعاهم إلى مصاحبة القوات المخولة بالفض.
وأكد التقرير أن تجمع الإخوان بميدان رابعة "ضم عناصر مسلحة بأنواع مختلفة من السلاح النارى والأبيض والمفرقعات والمواد الكمياوية وغير ذلك"، مضيفًا أنه عندما طوقت قوات الشرطة مكان التجمع فى السادسة صباحا تقريبًا، وأعلنت عن ضرورة الإخلاء والخروج من الممر الآمن فى طريق النصر باتجاه المنصة والممرات الفرعية الأخرى، والتأكيد على عدم ملاحقة الخارجين من هذه الممرات، قابلها المسلحون بالتجمع بإطلاق النار والمولوتوف والحجارة، وذلك فى الساعة السادسة وخمسة وأربعين دقيقة، وأصيب النقيب محمد حمدى بطلق نارى فى ذراعه الأيسر أثناء وجوده فى شارع الطيران، وكان أول قتيل أيضاً فى الأحداث من قوات الشرطة حيث أصيب الملازم أول محمد جودة بطلق نارى فى الوجه الساعة السابعة وخمس دقائق جراء إطلاق النار عليه من شارعى الطيران وأنور المفتى، ثم توفى فى الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة حسبما أثبت ذلك الإخطارات الرسمية ومستندات مصلحة الطب الشرعى .
وقال التقرير إن المستفاد من أقوال الشهود والتسجيلات، أن الشرطة تدرجت فى استخدام القوة بداية من الإنذار واستخدام سيارة الطنين والمياه والغاز، ولم تلجأ إلى استخدام الرصاص الحى إلا بعد وقوع أكثر من قتيل ومصاب بين صفوفها، فاستدعت المجموعات القتالية فى منتصف النهار للرد على مصادر إطلاق النار عليها، وجرى تبادل إطلاق النار بين قوات الشرطة والمسلحين الذين اتخذوا من بعض المتجمعين دروعا بشرية، وتنقلوا بينهم فأصابتهم نيران الطرفين "الشرطة والمسلحين"، ووقع منهم عدد من القتلى والجرحى، وتمكنت القوات من الوصول إلى قلب ميدان رابعة فى حوالى الثالثة عصراً، وأحكمت سيطرتها وأخلت المسجد فى السادسة مساء تقريباً ثم سمحت لبعض المواطنين بنقل الجثامين وانتهت من ذلك فى الثامنة مساء.
وتابع أنه "ثبت من الخطط المضبوطة لدى أعضاء جماعة الإخوان فى الجناية رقم 2210 /2014 قسم العجوزة، أنها تنوعت ما بين خطط لمواجهة الدولة بالمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية، وتعطيل أجهزتها وإنشاء حكومة موازية، وإرهاق الأمن وكسر وزارة الداخلية لإسقاط النظام، وتشكيل قوة الدفاع الشعبى للقبض على عدد من رجال القضاء ورجال النيابة والقيادات الأمنية ومحاكمتهم علنًا وكذلك خطة لتقطيع أوصال الدولة بقطع الطرق ووسائل المواصلات، وخطة إعلامية تتبنى استراتيجية الإلحاح فى تكرار الخبر أو المعلومات حتى تصبح حقيقة يصعب نفيها، والتواجد بكل وسائل الإعلام للنفى الفورى لكل ما يتسرب من حقائق للإعلام، كما بثوا صورًا ومواد فيلمية لأحداث وقعت بالخارج على أنها حدثت فى مصر، وأشخاص يدعون الإصابة وعلى ملابسهم الخارجية ما يشبه الدماء وبكشف الملابس الداخلية يتبين خلوها من أية آثار لدماء أو جروح " .
ورصد التقرير نتائج عملية الفض كالتالى :
8 قتلى و156 مصابًا فى جانب الشرطة .
607قتلى بعضهم من المواطنين غير المتجمعين الذين قتلوا برصاص مسلحى التجمع، وكشفت مصلحة الطب الشرعى عن نقل عدد من الجثث من أماكن وفاتها "المرج، السلام، النهضة، الدقى والنزهة" إلى منطقة رابعة فتكرر تسجيلها، وتم التصحيح بقصر تسجيلها على مكان وفاتها فقط، ورصدت أيضًا مصلحة الطب الشرعى تكرارًا فى بعض الأسماء للمتوفين فى منطقة رابعة وجرى حذف المتكرر، وهذا يفسر سبب انخفاض أعداد القتلى عما ذكر من قبل، مشيرًا إلى أن عدد المصابين بلغ 1492 مصابًا وذلك بخلاف الذين آثروا العلاج خارج المستشفيات الحكومية.
• ما تم تشريحه من جثث بمعرفة مصلحة الطب الشرعى 363 حالة ، وباقى العدد صمم المتجمعون على دفنهم بتصاريح دفن من غير تشريح، وصدرت تصاريح الدفن ولم يثبت فى أى منها أنها حالة انتحار حسبما سبق الإدعاء بذلك
• كان اتجاه الطلقات التى أصابت الحالات التى جرى تشريحها كالتالى :
ـ 29 حالة من أعلى إلى أسفل .
ـ 87 حالة من الأمام إلى الخلف .
وخلص التقرير إلى القول بأن تجمع رابعة " وإن بدا فى مظهر سلمى إلا أنه لم يكن سلميا قبل أو أثناء الفض"، مؤكدًا أن المسوغات القانونية توافرت للشرطة لفض التجمع بالقوة بعد أن فشلت مساعى إخلائه إراديًا، ولافتًا إلى أنه تم الإعلان عن عزم الحكومة فض التجمع من خلال البيانات التى كانت تلقى على المتجمعين وفى وسائل الاعلام قبل تحديد موعد الفض، وجرى تسريب موعد الفض بعد ذلك لوسائل الإعلام التى أرسلت مراسليها لتغطيته، بالإضافة إلى الإنذار الصادر قبيل الفض، وتحديد الممر الآمن، ودعوة المتجمعين للخروج الآمن منه، ولكن كثيرا منهم رفضوا الخروج أو أجبروا على ذلك.
وتابع أنه ثبت أن هدف قوات الشرطة منذ البداية إخلاء الميدان وليس قتل المتجمعين غير أنها اضطرت إلى الرد على مصادر النيران التى أطلقها عليها المسلحون من بين المتجمعين، ودلل على ذلك بأن الشرطة أخطرت وسائل الإعلام بموعد الفض، وناشدت المتجمعين الخروج قبل وأثناء الفض، كما تدرجت فى استخدام القوة، ولم تستدع المجموعات القتالية إلا بعد وقوع قتلى وإصابات فى صفوفها، مشيرًا إلى أنه عند ضبط المتهمين بإطلاق النار على الشرطة من " عمارة المنايفة " لم تتم تصفيتهم بل جرى القبض عليهم وتسليمهم إلى المختصين.
ولفت إلى أن خطة الفض كانت واحدة فى تجمعى رابعة و النهضة، وعندما أعلن المتجمعون فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة رغبتهم فى الخروج الآمن، وطلبوا وساطة محافظ الجيزة، وافقت الشرطة على ذلك، ولو كانت الشرطة تنفذ خطة للقتل لاستمرت فى حصارهم وقتالهم داخل الكلية.
ورأت اللجنة المسئولة عن إعداد التقرير أن المسئولية عن أعداد الضحايا فى فض ميدان رابعة "تقع على التجمع وقادته ومسلحوه وقوات الشرطة"، مشيرة إلى أن "قادة التجمع سلحوا بعضا من أفراده، ولم يقبلوا مناشدة أجهزة الدولة والمساعى الداخلية والخارجية لفض التجمع سلميًا، مع عدم الاكتراث بنتائج الصدام، ويشاركهم المسلحون الذين بدأوا إطلاق النار على الشرطة من بين المتجمعين، فتسببوا فى وقوع الضحايا من القتلى والمصابين من جميع الأطراف بل وقتلوا غيرهم من المواطنين غير المتجمعين"، ومضيفة أن "قوات الشرطة وإن كانت اضطرت إلى الرد على اطلاق النار، إلا أنها أخفقت فى التركيز على مصادر إطلاق النار المتحركة بين المتجمعين مما زاد من أعداد الضحايا ".
وتابعت فى تقريرها أن "بعض المتجمعين يتحملون نصيباً من المسؤلية لإصرارهم على التواجد مع المسلحين واستخدامهم دروعا بشرية أثناء إطلاق النار على الشرطة، ولم يمتثلوا لدعوات الخروج الآمن قبل و أثناء الفض"، مضيفًا أن الإدارة المصرية جانبها أيضًا الصواب فى عدد من الأمور وبينها السماح بزيادة التجمع عددا ومساحة، ونقل مجموعات الأفراد والمعدات والمواد إليه التى تدعم تحصينه واستمراره بشكل واضح دون اتخاذ موقف حاسم لمنع ذلك.