عادت مجددا قضية شبكات تسفير الشباب التونسى لبؤر التوتر للقتال فى صفوف التنظيمات الإرهابية فى ليبيا وسوريا للواجهة على الساحة التونسية، حيث عملت بعض الجهات فى الداخل التونسى خلال الشهران الماضيين على جمع الأدلة حول المتورطين فى التغرير بالشباب التونسى والدفع بهم الى التهلكة.
الوفود التونسية المكثفة التى زارت دمشق مؤخرا عملت على جمع المعلومات من المسئولين السوريين الأمنيين، فضلا عن لقاءاتهم للمرة الأولى ببعض الشباب التونسى الذين حاربوا فى صفوف التنظيمات الإرهابية والمحبوسين بالسجون السورية، لجمع معلومات عن الجهات التى تورطت فى تجنيد هؤلاء الشباب والدول اللإقليمية التى مولت تلك العمليات.
وتمكنت اللجنة البرلمانية للتحقيق فى ملف تسفيرِ الشباب للقتال من خلال تلك المعلومات الأمنية والاستخباراتية من التوصل إلى نتيجة مفادها أن سفرهم لم يكن بشكل منفرد، وإنما تقف وراءه شبكات منظمة تعمل على مستويات عدة، بدءاً بالتأثير الإعلامى لقنوات مدعومة من دولة قطر وهى قناة الجزيرة وصولاً إلى الدعم المالى واللوجستى.
قناة "العربية نت" قالت إن هناك ما يقرب من 20 مليون دولار تم تحويلها من الدول الداعمة للإرهاب لبعض الجمعيات الخيرية فى تونس لتمويل تسفير الشباب، وأوضحت فى تقرير لها أن قيادات حركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – دعوا الشباب التونسى الى السفر لسوريا للقتال، لافتا الى أن هناك ثلاث جهات متورطة فى هذه القضية وهى دولة قطر الراعية للإرهاب وحركة النهضة – إخوان تونس، والجمعيات الخيرية.
تلك الحقائق التى رواها شهود عيان وأهالى الشباب الذين تورطوا فى القتال فى سوريا أكدتها النائبة التونسية ليلى الشتاوى عضو اللجنة البرلمانية للتحقيق فى شبكات التسفير، حيث قالت إن الوفد البرلمانى الذى زار سوريا والتقى تونسيين - حاربوا الى جانب تنظيم داعش الإرهابى والتنظيمات المسلحة - فى السجون السورية، قد تحدث إليهم وعاد بمعطيات جديدة.
وأوضحت خلال استضافتها فى برنامج ميدى شو التونسى مساء أمس أن الرقم الذى أكدته السلطات السورية والجمعيات التى تعمل على ملف التونسيين، هو 6 آلاف تونسى انتقلوا إلى سوريا للقتال ضمن تنظيم داعش، مؤكدة أن الرقم مرجح للارتفاع.
وأكدت وجود اسم شخص سورى يلقب "أبو محمد" تكرر فى أكثر من ملف للذاهبين إلى بؤر التوتر، وهو مشتبه به فى استقطاب التونسيين وقدم إلى تونس فى 2014 وتحرك بحرية وقام بتسفير عشرات الشباب إلى سوريا، وشددت على وجود سوريين يترددون على المساجد كلاجئين ولهم خبرة فى الاستقطاب.
وقالت الشتاوى: إن النواة الأولى لعمليات تسفير الشباب التونسى نحو بؤر التوتر وخاصة سوريا انطلقت فعليا منذ رمضان سنة 2012 نتاجا لانطلاق عمل "منظومة متكاملة" عملت على غسل "أدمغتهم" والتغرير بهم.
المعلومات التى أصبحت متاحة لدى الجهات التونسية تؤكد أن قطر دفعت الأموال لتدريب وتجنيد الشباب فيما عملت قناة الجزيرة – البوق الإعلامى لإمارة الإرهاب - من خلال تقاريرها المفبركة عن الأوضاع فى سوريا لتأجيج مشاعر الشباب، وأكدت الشتاوي، أنها التقت فى سوريا، لدى زيارتها لدمشق ضمن وفد برلمانى تونسي، عددا من الشباب التونسيين الذين أفاد البعض منهم أنهم أرادوا "مساعدة السوريين ومحاربة النظام السورى بعد ما شاهدوه من مجازر خصوصا عبر قناة الجزيرة القطرية.
وأوضحت الشتاوي، أن السوريين انخرطوا بدورهم فى "منظومة" تسفير الشباب التونسي، حيث جاءوا إلى تونس على أنهم لاجئون، للقيام بمهمتهم المتمثلة فى تجنيد الشباب المتواجد فى المساجد واستهداف الفئات الأضعف والتى يمكن التأثير عليها بسهولة.
خريطة تسفير الشباب التونسى الى سوريا أصبحت مكشوفة أمام الجهات التونسية الامختصة، حيث قالت الشتاوى إن تسفير الشبان لسوريا تم عبر مطار تونس "قرطاج" الى تركيا دون أن يخضعوا للإجراءات الديوانية الروتينية العادية، على الرغم من أن الرحلات باتجاه تركيا بالذات تستوجب إجراء استجواب معمق للمسافرين حول أهداف السفر، وهو ما يثبت وجود تعليمات عليا بتسهيل مرورهم، وفق قولها.
تلك المعلومات لم تعد خافية على أهالى الشباب الذى تم التغرير به ودفعه نحو حرب باطلة، وشهد الخميس الماضى مظاهرات أمام وزارة الخارجية لأهالى الشباب المتورط فى الإرهاب بسوريا وليبيا، اتهموا خلالها الدوحة باستقطاب أبناء التونسيين بالتعاون مع حركة النهضة، والزج بهم فى الحروب التى تشهدها المنطقة، وطالب المتظاهرون بالعمل على إعادة أبناء التونسيين لبلدهم والكشف عن المتورطين فى تجنيد الشباب التونسى فى عمليات إرهابية.
ومن جانبه دعا رئيس جمعية انقاذ التونسيين العالقين بالخارج، محمد إقبال بن رجب، فى تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، السلطات الرسمية لإعادة الأطفال العالقين بليبيا أبناء الدواعش، فضلا عن إيجاد حل لإعادة التونسيين العالقين بالسجون السورية (43 تونسيا)، والذين أكد النظام السورى أنه تم إلقاء القبض عليهم على الحدود السورية التركية وطالب بإعادتهم لعدم تورطهم فى إراقة دماء السوريين.
وقال إن عدم تحرك السلطات بخصوص العالقين بليبيا وسوريا رسخ لدى العائلات قناعة بأن الغاية من ذلك عدم فضح المسئولين المنتمين إلى أحزاب والمتورطين فى تحريض وتسفير الشباب، إضافة على عدم كشف الأطراف التى تقف وراء شبكات التسفير إلى بؤر التوتر ومصادر التمويلات الخارجية.
ودعا فى هذا الإطار إلى ضرورة فتح بحث تحقيقى فى التمويلات التى تلقتها بعض الجمعيات المشبوهة خاصة من قبل قطر، موضحا أن جمعية التونسيين العالقين بالخارج ستتوجه يوم 30 أغسطس بمناسبة اليوم العالمى للمفقودين بمراسلة إلى مجلس نواب الشعب لمطالبته بفتح تحقيق حول التمويلات المتأتية من قطر والداعمة للإرهاب.