السبت، 23 نوفمبر 2024 02:17 ص

الموازنة العامة للدولة تتحمل خسائر الاعتصامات.. دافعو الضرائب أول من يتحملون نتائج الاحتجاجات.. ومطالب بوضع خطة شاملة لإعادة هيكلتها وربط الأجر بالإنتاج

الكل خسران فى معارك "إضراب العمال"

الكل خسران فى معارك "إضراب العمال" الكل خسران فى معارك "إضراب العمال"
الأحد، 27 أغسطس 2017 06:00 م
تحليل – منى ضياء

ارتبطت الاعتصامات والإضرابات بعدد من الشركات العامة خاصة غزل المحلة على مدار سنوات طويلة، وفى الغالب يعتقد كثير منا أن ما يحدث فى هذه الشركات هو شأن داخلى باعتبار أن لكل شركة موازنة خاصة بها مستقلة عن الموازنة العامة للدولة، فإذا أنتجت وحققت أرباحا فهى لها، وإن خسرت فلن يتضرر إلا العاملين بها.

 

هذا الاعتقاد خاطئ للغاية، فرغم أن للشركات العامة وشركات قطاع الأعمال والهيئات الاقتصادية كالسكة الحديد والنقل العام وغيرها موازنات خاصة، ولكن فى الحقيقة فكل مواطن يدفع من جيبه تكلفة الخسائر التى تحققها بعض الشركات العامة سنويا، وعلى العكس إذا حققت أرباحا تنعكس على حياته إيجابيا أيضا. ولكن كيف؟

 

هناك علاقة بين الموازنة العامة للدولة والشركات العامة أو شركات قطاع الأعمال أو الهيئات الاقتصادية، فإذا كانت الشركة أو الهيئة تحقق أرباحا يتحول جزء من فوائضها المالية إلى الموازنة العامة فى صورة ما يسمى "إيرادات أخرى"، وكذلك تسدد ضرائب على أرباحها.

 

وإذا حققت الشركات خسائر فتقوم الموازنة العامة بتغطية هذه الخسائر من أموال الموازنة لسد العجز بموازنات هذه الهيئات أو الشركات وتحسين الخلل الناتج فى ميزانياتها حتى تتمكن من العمل ودفع رواتب موظفيها، وبالتالى فأى خسائر تحققها الشركات العامة فيتم تعويضها من جيوب المواطنين دافعى الضرائب خاصة وأن الإيرادات الضريبية تشكل حوالى 80% من إيرادات الموازنة العامة.

 

وبالنظر إلى البيان المالى التحليلى لموازنة السنة المالية الحالية 2017/2018، تقدر أرباح الشركات العامة بحوالى 11.628 مليار جنيه، وفى المقابل تتحمل الموازنة مبلغا قدره 16.6 مليار جنيه فى صورة قروض ومساهمات لعلاج الاختلالات التمويلية لهذه الشركات.

 

الأكثر من ذلك أن الأرباح التى تأمل الموازنة الحصول عليها تتمثل فى أغلبها من حصة الدولة فى أرباح بنكى مصر والأهلى والمقدرة بمبلغ 8.432 مليار جنيه خلال السنة المالية الحالية، و1.024 مليار جنيه من الشركة المصرية للاتصالات، و757 مليون جنيه من الشركة القابضة للتأمين، و487 مليون جنيه من شركة المطارات والملاحة الجوية، ما يعنى أن أغلب الأرباح تتركز فى قطاعات محددة فى حين تتحمل الموازنة النزيف المستمر للشركات العامة.

 

فإذا كان من حق عمال أى شركة المطالبة بحقوقهم المشروعة من زيادة الرواتب والعلاوات، ففى المقابل من حق المواطنين ألا يتحملوا تعويض خسائر غيرهم، لأن الشركات التى تحقق فوائض مالية وتسدد جانب من أرباحها للموازنة العامة تعود فى النهاية بالنفع على الجميع فى صورة دعم ومعاشات ورواتب وغيرها من أوجه الإنفاق التى تؤثر على حياتنا بصورة مباشرة، وإذا حققت خسائر فهذا يحملنا جميعا تعويض هذه الخسارة، وهو ما يجب سرعة تداركه بخطة واضحة وشاملة لإعادة هيكلة الشركات العامة وربط الأجر بالإنتاج.


print