الأحد، 07 يوليو 2024 01:08 ص

"جرة قلم" المصريين تغيّر التاريخ.. استمارات عرابى قادت التحرر.. والتوقيع لسعد زغلول ألغى الحماية البريطانية.. "تمرد" أنقذت مصر و"كمل جميلك" و"علشان تبنيها" تكليف لـلسيسى لفترة ثانية

"حملات التوقيع" غيرت التاريخ

"حملات التوقيع" غيرت التاريخ "حملات التوقيع" غيرت التاريخ
الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017 06:00 م
كتب تامر إسماعيل

136 عامًا مرت على انطلاق أول حملة توقيعات فى تاريخ مصر الحديث، كانت التجربة وقتها وفقا للمراجع التاريخية غير مفهومة لدى الكثيرين، وغير مضمونة النجاح والتأثير، لكن الكاتب والشاعر عبد الله النديم قرر حينها فى عام 1881 أن يطلق حملته لجمع توقيعات من الشعب المصرى لمساندة الزعيم أحمد عرابى، وتفويضه للحديث باسم الشعب أمام الخديوى توفيق، ونجح فى مهمته واستجاب الخديوى لمطالب الشعب.

 

عشرات السنوات مرت على تلك الواقعة، تغيرت خلالها الأنظمة السياسية وطرق الحكم وتبدلت قوانين ودساتير، وظلت طريقة جمع التوقيعات هى الأكثر قوة وتأثيرا وفاعلية فى اللحظات الفارقة فى عمر الأوطان، والأكثر قدرة على تجسيد الإرادة الشعبية، خاصة أنها تخرج من رحم الحاجة والحدث وليس وفقا لقوانين أو دساتير منظمة.

 

توقيعات المصريين لعرابى تجبر الخديو على عزل الحكومة وصياغة الدستور

وتبنى الشاعر عبد الله النديم فى 1881 جمع التوقيعات من المصريين للزعيم أحمد عرابى، لتفويضه التحدث باسم الشعب أمام الخديوى توفيق، والذى اضطر أمام نجاح التوقيعات فى الاستجابة لمطالب عرابى بعزل حكومة رياض باشا والسعى لوضع دستور مصرى، وكان فى طريقه للإقرار لولا تدخل دولتى إنجلترا وفرنسا ومنع نجاح مصرمن تحقيق تلك الأحلام التى سعى إليها الشعب بقيادة عرابى وقتها.

 

 

سعد زغلول يقود مصر للتخلص من الحماية البريطانية بتوقيعات الشعب

عادت فكرة التوقيعات من جديد لتتصدر المشهد فى مصر فى عام 1918 عندما جمع المصريون توقيعاتهم للوفد المصرى المسافر إلى باريس بقيادة الزعيم سعد زغلول ،لعرض مطالب مصر كمفوضين من الشعب، وشارك فى تلك الحملة زعماء كبار مثل مصطفى النحاس ومكرم عبيد وآخرين ممن أسسوا حزب الوفد فيما بعد.

 

وكانت صيغة التفويض كالتالى: "نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات سعد زغلول ورفاقه لتحقيق المطالب المشروعة حينما وجدوا السعى سبيلا فى استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى".

 

وردا على نجاح الحملة قامت القوات البريطانية باعتقال سعد زغلول، ونفيه خارج مصر وهو ما تبعه قيام ثورة 1919 التى كانت نتائجها انتهاء الحماية البريطانية على مصر وصياغة أول دستور مصرى فى 1923.

 

 

المرأة تحصل على حق التصويت فى الانتخابات بحملة توقيعات

مرت سنوات طويلة تكررت فيها وقائع جمع التوقيعات من أجل أهداف مختلفة، مثل جمع توقيعات نسائية عقب ثورة 1952 وتقديمها للرئيس محمد نجيب، وهى التى استجاب لها نجيب، ومنح النساء وقتها فى دستور 1954 حق التصويت فى الانتخابات.

 

ثم جاء حملات جبهات المعارضة فى أواخر القرن العشرين، وبالتحديد فى أواخر سنوات حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، للمطالبة بالتغيير، والتى قادتها مجموعات شبابية وسياسية، ولكنها لم تكن ذات تأثير قوى بالمقارنة بغيرها من حملات جمع التوقيعات، إلا أنها مهدت كأحداث متقطعة لثورة 25 يناير التى أسقطت نظام مبارك.

 

 

حملة توقيعات تمرد الأوسع فى تاريخ مصر

فى 2013 قرر مجموعة من الشباب، الرد على جماعة الإخوان ورئيسهم محمد مرسى، الذى وصل للحكم عبر انتخابات تلت ثورة يناير فى ،2012 بأن يجمعوا توقيعات من المواطنين فى إطار حملة شعبية واسعة أطلقوا عليها اسم "تمرد" لدحض حجة الجماعة الدائمة بأنهم وصلوا للحكم وفق الإرادة الشعبية التى تتزايد وتتمسك بدعمها لمرسى - وفق رؤيتهم- فقرر هؤلاء الشباب العودة للإرادة الشعبية من جديد بعد عام من حكم الإخوان عن طريق جمع التوقيعات التى تخطت 22 مليون مصرى أعلنوا ثورتهم على نظام الإخوان ومهدت تلك التوقيعات لثورة 30 يونيو 2013، لتغير وجه تاريخ مصر وتنقذها من كهف جماعة الأخوان المظلم.

 

 

"كمل جميلك" تجبر السيسى على الترشح لانتخابات رئاسة 2014

عقب ثورة 30 يونيو 2013 تزايدت مطالب المصريين بخوض الرئيس السيسى لانتخابات الرئاسة التى كانت مقررة فى 2014، لكن تكرار تصريحات السيسى الذى كان وزير للدفاع وقتها عن أن الإرادة الشعبية هى التى تحكم اختياراته خاصة أنه غير طامع فى الحكم، جعل مجموعات من الشباب تقرر أن تظهر للسيسى حجم الإرادة الشعبية الراغبة فى ترشحه لانتخابات الرئاسة فأطلقوا حملة "كمل جميلك" التى تمكنت - وفق تصيرحات مؤسسيها وقتها- من جمع أكثر من 30 مليون استمارة موقعة من المصريين فى كافة المحافظات وهددوا بحملها جميعا ووضعها أمام مكتب السيسى لو لم يعلن ترشحه للرئاسة، وهو ما استجاب له السيسى وأعلن خوض انتخابات الرئاسة وفاز بها بنتائج أكدت حجم تلك الإرادة التى جسدتها الحملة.

 

 

"علشان تبنيها" رسالة المصريين للسيسى من أجل الترشح لفترة رئاسية ثانية

منذ شهر تقريبا ومع اقتراب انتهاء فترة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتى تشهد افتتاح العديد من المشروعات العملاقة، وتأكيدا على استمرار الإرادة الشعبية فى وجود الرئيس عبد الفتاح السيسى على مقعد رئاسة الجمهورية، قرر مجموعة من الشباب بينهم نواب بالبرلمان الحالى إطلاق حملة "علشان تبنيها" لمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالترشح لفترة رئاسة ثانية، وهو مالاقى رواجا وانتشارا وتجاوبا واسعا من كل طوائف المجمتع بما فيهم النجوم والرموز فى مجالات الفن والسياسة والرياضة الذيت وقعوا على استمارة الحملة.

 

وتكشف تلك الوقائع التاريخية فى عصور مختلفة أن لغة التوقيعات تكون أقوى وأكثر تأثيرا فى أحيان كثيرة من لغة صناديق الانتخابات أو آليات الديمقراطية المعتادة التى تجسيد رغبة الشعب فى أمر ما، وتصبح لغة التوقيعات هى الأكثر تعبيرا عن تلك الرغبة التى قد تكون غير منظمة أو مذكورة فى مواد الدستور والقانون، ويسعى المواطنين لإعلانها عير تلك الحملات.


print