الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:33 م

هبات المقرئ تصل لـ 300 ألف جنيه شهريا.. يرفضون الإفصاح عن الأجر هاتفيا خوفا من الضرائب.. ومقرئ يكشف: الأجور تتراوح بين 10 و 50 ألفا فى الليلة.. وأمنة نصير: ادفعوا ضرائبكم

بورصة المقرئين "تدفع أكثر يجود أكثر"

بورصة المقرئين "تدفع أكثر يجود أكثر" بورصة المقرئين "تدفع أكثر يجود أكثر"
الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 12:00 ص
كتب تامر إسماعيل

ساقنى القدر ذات ليلة لحضور اتفاق مع أحد المقرئين الكبار فى محافظة المنوفية لإحياء ليلة عزاء متوفى عائلة متوسطة بالمحافظة، ورغم علمى وإيمانى بأن كل عمل يستحق أن يكون له مقابل، وأن الله فضل عباده على بعضهم فى الأرزاق، إلا أن ما كنت شاهدا عليه فى هذا الاتفاق تخطى تلك الثوابت، لدرجة أننى لم استطع الاستمتاع بتلاوة ذلك المقرئ يومها بعدما شاهدته وهو يتفاوض على المال فى مقابل التجويد والإمتاع.

 

 

المقرئ: انتوا عارفين إن وهبتى 10 آلاف بلاش تفاصلونى

 

العائلة: أيوه لكن حضرتك قبل كده قصرت معانا فى ميت من سنتين وقلت لنا وقتها إنك هتردلنا إللى حصل بواجب وأهو جه وقته

 

المقرئ: هو انتو عايزينى أغشكم.. ما كل حاجة غليت وانتو عارفين.. وبعدين أنا ممكن أخد منكم 7 آلاف بس متزعلوش لو معرفتش أبسطكم فى التجويد واللعلعة

 

العائلة: بص يا شيخ "....." أنت هتاخد 7 وهتجود علشان راجل طيب وهتراعى ظروف الوفاة وكمان إحنا جيابين معاك مقرئ سنيد يعنى هيبدل معاك ربع وربع

 

المقرئ محاولا إثبات أن حديثه لم يكن جاد: شكلى مش هعرف أقلبكم.. توكلنا على الله.. بس برضه محدش يزعل لو صوتى مطاوعنيش.. على بركة الله

 

كان هذا الموقف كاشفا لى جوانب أخرى من شخصية المقرئ الذى يمنحه صوته وموهبته وزيه وعطوره جلالا وتقديرا ليس حقيقيا – على قدر ما رأيت- فهو كغيره من كافة المهن والمواهب، يبيع صوته وموهبته على قدر ما يحصل عليه من أموال، وأنه ليس زاهدا أو مستغنيا لله ولثواب قراءته، ولست أعلم هنا هل هذا ينقص من ثوابه أم لا، فذلك عند الله، لكنه بالتأكيد غير من صورته المحفورة فى أذهاننا منذ أن كنا نسمع عن "عبد الباسط وشعيشع والمنشاوى وإسماعيل وغيرهم"، ولا أعلم حتى إن كان هؤلاء يتبعون نفس الأسلوب أم لا، لكن اندهاشى قادنى فى النهاية لأن أحاول معرفة ما هى أسعار أشهر أو أغلى المقرئين فى محافظات مصر، والذين يصل بعضهم إلى 30 و 40 ألفا فى الليلة الواحدة، وهم قليلون، مقابل الأغلبية التى تحصل فى المتوسط على 10 آلاف فى الليلة أى بمعدل 300 ألف جنيه شهريا، ولا تستغرب فهم أحيانا كثيرة فعلا يعملون كل ليلة دون راحة، بل أنهم أحيانا يفاضلون بين العروض لكثرتها فيأخذون الأكثر دفعا، أو الأكثر قرابة، أو الأعلى شأنا من المتوفين ليحيوا ليلته.

 

جلسة أخرى للتفاوض حضرتها مع أحد كبار المقرئين الذى استمد شهرته من والده أحد رموز القراءة فى مصر، وقد تمسك ذلك الشيخ بـ20 ألف جنيه فى الليلة، قائلا: "أنا مش بفاصل وما بحبش الفصال وانتو جايين تتفقوا معايا وانتوا عارفين قدرى فلما الفصال".

صوان عزاء
صوان عزاء فاخر

 

القراء يرفضون التفاوض هاتفيا خوفا من الضرائب

 

لكن الغريب أن أغلب هؤلاء المشايخ من الصعب التفاوض معهم هاتفيا إلا إذا كنت على علاقة مباشرة معهم ويعرفونك أو يعرفون عائلتك، لأنهم يخشون دائما الاتفاق هاتفيا، وهو ما أكدته تجربتنا مع 5 من شيوخ المقرئين، حاولنا معرفة أجرهم عبر الهاتف والاتفاق معهم، لكنهم رفضوا ذلك لحجج وبطرق مختلفة حرصوا خلالها على إرجائه عند اللقاء المباشر.

 

وقد أوضح أحد المشايخ المقرئين فى إذاعة القرآن الكريم –رفض ذكر اسمه- فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أنهم يرفضون التحدث فى ذلك هاتفيا لعدة أسباب، أهم تلك الأسباب الخوف من الملاحقات الضريبية، والسبب الثانى هو أنهم لا يرحبون عادة بالاتفاق عبر الهاتف لأن من يتفاوضون هاتفيا يسعون للمفاضلة بين أكثر من شيخ وهو ما لا يرحب به القراء، والسبب الثالث أنهم يخشون التسجيل لهم وإعلان ذلك إعلاميا أو التشهير بهم وهو ما حدث مع بعضهم.

 

 

مقرئ يكشف: بنديرة القراء تتراوح بين 10 و 50 ألف

 

وأكد نفس الشيخ الذى رفض ذكر اسمه حرصا على صداقته بزملاء مهنته، أن أجور المشايخ الكبار حاليا أصبحت تتراوح بين 10 آلاف إلى 50 ألفا، وأن ذلك لا يعنى أن المقرئ يأخذ نفس المبلغ كل مرة، بل إن ذلك يعود لتقديره الشخصى، وعلى حسب العائلة والمتوفى، وعلى حسب بعد المسافة، فقد يقرر أحدهم أن يجامل أسرة المتوفى لأنه يعلم حجم المنفعة من وراء القراءة فى عزائهم إن كان من المشاهير مثلا، وقد يتنازل عن جزء من أجره إذا كانت تلك الليلة فى إحدى المدن التى يريد أن يصنع فيها شعبية، مضيفا أن قراء المحافظات بينهم ميثاق ضمنى بألا يقرأوا فى قرى ومدن بعضهم البعض إلا فى استثناءات محدودة، موضحا أن الأسعار ارتفعت خلال الشهور الماضية مثل كافة الأجور فى كل المجالات بعد تعويم الجنيه، فمن كان يأخذ 10 آلاف أصبح يأخذ 15 أو 20 ألفا، وهكذا.

 

صوان عزاءصوان عزاء

 

 

أحمد نعينع: أغلب قراءاتى مجاملات

 

وفى اتصال بالشيخ أحمد نعينع أحد أشهر المقرئين أكد أنه لا يطلب مبلغا معينا من أى شخص، بل يأخذ ما يعطيه له أسرة المتوفى، بل أن أغلب قراءاته تكون مجاملة ودون مقابل – كما أكد- رافضا التعليق على أجور المقرئين من زملائه وعلى الأمر برمته، ومشددا على أنه لا يغالى أو يبالغ ولا يطلب أجرا محددا ويترك الأمر كله لصاحب الاتفاق.

احمد نعينع
أحمد نعينع

 

 

رئيس إذاعة القرآن الكريم: أجورهم تتراوح بين 15 و 25 على الأكثر

 

وتعليقا على تباهى بعض المقرئين بانتمائهم لإذاعة القرآن الكريم وأنهم مسجلون بها مما يمنحهم ميزة نسبية فى الشهرة والأجر، يقول حسن سليمان رئيس إذاعة القرآن الكريم أن الإذاعة غير مسئولة عن أى عمل خاص للمقرئين وأن ذلك اتفاق بينهم وبين المواطنين لادخل ولا سلطان لهم عليه، مشددا على أن دور إذاعة القرآن الكريم مستمر فى اكتشاف مواهب القراء فى كافة المحافظات وأنهم يجوبون القرى بحثا عن تلك المواهب.

 

وعن المبالغة فى طلب الأجور قال سليمان إن معلوماته عن هذا الأمر أنها تتراوح بين 15 و 25 ألف جنيه على أقصى تقدير، وأنه لا يحب التدخل أو الحديث عن ذلك الأمر لأنه أمر شخصى يخص المقرئ ومن يحاول الاتفاق معه.

حسن سليمان رئيس شبكة القرأن الكريمحسن سليمان رئيس شبكة القرأن الكريم

 

 

آمنة نصير: أطالبهم بتطهير أموالهم وتطبيق أخلاق القرآن

 

ومن جانبها علقت الدكتور آمنة نصير أستاذ الفقه بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب بأن قراءة القرآن مهنة يجب أن يتحلى صاحبها بأخلاق القرآن وأن يكون سفيرا جيدا لمهنته وألا ينساق خلف الفصال والبحث عن المال وأن يراعى الحفاظ على هيبة وقيمة تلك المهنة.

 

وشددت على أن مقرئ القرآن من حقه أن يتكسب من مهنته وأن ذلك لا ينقص من قدره طالما يراعى الله ويراعى ضميره ولا يغالى فى ما يطلبه، وأن يدرك أنه ليس كالفنانين أو المذيعين، لأن مهنته لها قدسية خاصة عند الناس ويجب أن يحافظ على تلك القدسية.

وعن تقنين الأمر بقانون أو تسعيرة، أكدت أن تقدير ذلك الأجر يجب أن يكون توافقيا بين المقرئ والمواطن دون تدخل من أحد فيه بقانون أو غيره لأنه عمل خاص، ويجب فقط أن يراعى فيه المقرئ عدم المغالاة وأن يراعى حق الدولة فى أن يدفع الضرائب وأن يطهر أمواله بإعطاء الدولة حقها فيما يتقاضاه.

الدكتور أمنة نصيرالدكتور أمنة نصير

 

 

مصادر: حصة المقرئين من دفع الضرائب "صفر"

 

وفى هذا السياق، كشف مصدر بمصلحة الضرائب العامة، فى تصريحات لـ"برلمانى"، أن البند الخاص بضرائب المقرئين والمبتهلين فى تحصيل الضرائب وصل للرقم صفر بسبب تحايل البعض على كافة طرق التحصيل، وعدم وجود آلية واضحة لرقابة ما يتحصلون عليه من إحياء الليالى التى يصل أجرها بعض الأحيان إلى 30 و 40 ألف جنيه فى الليلة الواحدة لبعض المشايخ.

 

وأكد المصدر، أن أغلبهم يدعى أنهم لا يتقاضون أجرا على تلك الليالى وأنهم يقيمونها مجاملة، ولا يوجد دليل على تقاضيهم تلك المبالغ.

 

وأكد عبد المنعم مطر مستشار وزير المالية الذى كان قبل ذلك رئيسا لمصلحة الضرائب، أن المقرئين يتم معاملتهم ضريبيا وفق قانون المهن الحرة، وأنهم بالفعل لا يقدمون فواتير على الليالى التى يحييونها وأن لجان الضرائب تعطيهم تقييما تقديريا لمبلغ الضرائب المطلوب منهم.

 

وشدد مستشار وزير المالية، على أنهم يدفعون ضرائبهم بهذه الطريقة التقديرية التى قد تكون فعليا مختلفة عن الواقع إلا أن معالجة ذلك تتطلب أمانة من الجميع والتزام بحق الدولة، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستشهد تزايدا فى حصيلة الضرائب لكل الفئات بسبب المعالجات المستمرة لنقاط القصور فى المنظومة الضريبية، وزيادة حملات التوعية.

 


print