انتشار الجيش فى شوارع زيمبابوىمظاهرات شعبية فى زيمبابوى للمطالبة بتنحى الرئيس موجابى
ورغم أنه كان من المنتظر مع التطورات المتتالية للأزمة، أن تتضح الرؤية داخل المشهد المرتبك حول مصير الرئيس موجابى، وزوجته، جريس موجابى، التى كانت تسعى لخلافته فى رئاسة البلاد، إلا أن المشهد يزداد ارتباكًا مع كل ساعة تمر، ابتداءً من بدء مفاوضات قادة الجيش مع الرئيس للتنحى، ورفضه الأمر برمته، ثم خروج تصريحات متضاربة تشير إلى موافقته التنحى عن السلطة فى مقابل الخروج الأمن، إلى جانب ظهوره المفاجئ فى حفل تخريج دفعة جامعية بالعاصمة، رغم الإعلان المسبق عن الإقامة الجبرية، كل هذه التناقضات تجعل سيناريوهات مصير رئيس زيمبابوى، وزوجته، غامضة تمامًا.
لكن، بالتدقيق فى القيمة المضافة لعناصر الأزمة، رغم الارتباك الشديد للمشهد، وتحديدًا ظهور الضغط الشعبى الذى تغيب عن الساعات الأولى من تحركات الجيش، ما جعل الأمر يبدو وكأنه انقلابًا عسكريًا، فيمكن هنا ترجيح كفة نهاية الرئيس موجابى، بالتنحى عن السلطة استجابة لمطالب آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة هرارى، رافعين لافتات وصور الرئيس الحالى، ومكتوب عليها "موجابى.. يجب أن نرحل"، إلى جانب صور أخرى لقائد قوات الدفاع فى زيمبابوى، كونستانتينو تشيوينجا، مكتوب عليها "صوت الشعب"، مما يشير إلى الدعم الشعبى الواضح لتحركات الجيش للإطاحة بالرئيس والمحيطين به، ممن وصفوهم بـ"المجرمين".
انهيار جبهة دعم "موجابى" عقب تغير موقف الحزب الحاك
وإلى جانب المظاهرات الشعبية، المنظمة تحت شعار "مسيرة تضامن"، بدعم وتأمين من الجيش، والتى امتزجت بروح احتفالية تشير إلى اقتراب نهاية حكم رئيس زيمبابوى، الذى دام 37 عامًا، منذ استقلال بلاده عن بريطانيا عام 1980، ظهر تغيرًا أخر مفاجئ على الساحة تمثل فى تحول موقف حزب الاتحاد الوطنى الأفريقى الزيمبابوى "الجبهة الوطنية الحاكمة"، بزعامة زوجة موجابى، من الأزمة، فبعدما كان يصف تحركات الجيش بأنها "خيانة"، عاد مؤخرًا بموقف مغاير تمامًا، دعا فيه الرئيس روبرت موجابى، إلى الاستقالة، وتلك الدعوة كافية لتؤكد انهيار سلطة الزعيم الطاعن فى السن بعد سيطرة الجيش على السلطة.
لم يكتف الحزب الحاكم فى زيمبابوى، بمطالبة الرئيس موجابى، بضرورة الاستقالة من منصبه، بل اجتمعت أفرع الحزب الحاكم فى كل الأقاليم العشرة فى زيمبابوى، ودعت أيضًا "جريس موجابى"، زوجة الرئيس، للاستقالة من الحزب، هذا إلى جانب اعتزام حزب الاتحاد الوطنى الأفريقى الزيمبابوى، عقد اجتماع حاشد، اليوم السبت، لدعم محاولات الجيش وقدامى المحاربين فى حرب التحرير، للإطاحة بـ"موجابى"، من السلطة، وانطلاقًا من هذه النقطة، يمكن الجزم بانهيار جبهة رئيس زيمبابوى، وتداعى حائط الصد الأخير له للحفاظ على بقائه فى السلطة.
وبالخروج قليلًا من الداخل الزيمبابوى، لتقييم الأزمة من منطلق ردود الفعل الإقليمية والعالمية، نجد أن هناك تغيرًا ما يشير إلى دعم التحول الديمقراطى لتداول السلطة فى زيمبابوى، ورحيل الرئيس الحالى، فكان التعليق الأمريكى، متمثلًا فى دعوة وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، خلال لقائه وزراء خارجية أفارقة، إلى ضرورة العودة السريعة للحكم المدنى، فى زيمبابوى، مؤكدًا أن الفرصة مواتية أمام هرارى، لكى تضع نفسها على مسار جديد، يجب أن يتضمن انتخابات ديمقراطية ويحترم حقوق الإنسان"، وإقليميًا، جاء أول تأييد لتحركات الجيش فى زيمبابوى، من قبل رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا، الذى قال "الوقت قد حان بالنسبة لـ"موجابى"، من أجل تسليم السلطة لجيل جديد".
ومع كل الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية المضافة للأزمة بما لا يعود بالنفع أو الدعم لموقف الرئيس موجابى، فلا يبقى أمام رئيس زيمبابوى، المشهود له من أقرانه بدوره الهام والمؤثر فى مقاومة الاستعمار، إلا أن يختتم مسيرته النضالية فى سبيل حرية وطنه، بشكل مشرف يليق بتاريخه، وذلك باللجوء لسبيله الوحيد لإنهاء الأزمة دون مزيد من التوتر والضرر، بإعلان استقالته وتسليم السلطة لإجراء انتخابات ديمقراطية، مقابل الخروج الأمن من الأزمة السياسية الطاحنة التى تمر بها البلاد.