دعا الرئيس الإيرانى حسن روحانى جميع المسلمين بمن فيهم الشعب الفلسطينى ليهبوا ضد مؤامرة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا أن مسئولية جسيمة ملقاة فى هذا المجال على عاتق الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامى، وبالرغم من هذا الخطاب إلا أن إيران تبدو فى الحسابات الكلية بعيدة المدى وقد حجزت لنفسها مكانا متميزا على قمة قائمة المستفيدين من قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وسوف نحاول من خلال العرض التالى بشكل موجز شرح تلك المكاسب.
أولا: ثبوت التقييم الإيرانى لأمريكا
بنت إيران خطابها السياسى بعد نجاح الثورة الإسلامية بالعام 1979 على أمرين مركزيين أولهما: أن أمريكا هى الشيطان الأكبر فى العالم، بينما تعد إسرائيل مجرد أداة لهذا الشيطان، وثانيهما أن الولايات المتحدة الأمريكية تاريخيا ليست وسيطا نزيها فى الصراع العربى ـ الإسرائيلى.
كما زادت حدة هذا التقييم الإيرانى فى الأشهر الأخيرة بعد أن اعتلى الرئيس الجمهورى دونالد ترامب قمة السلطة التنفيذية فى البيت الأبيض ومعه شنت إيران واحدة من أشد الحروب الدعائية ضد إدارته على خلفية مواقفه من النظام الإيرانى ومن خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووى".
لكنها مع كل ذلك لم تكن تحظى بمؤيدين كثيرين فى العالمين العربى والإسلامى؛ نظرا لبناء النظام قواعده على المذهب الشيعى المرفوض من أغلب المسلمين حول العالم، ومع قرار ترامب الأخير ستحظى بفرص متزايدة فى إقناع الرأى العام الإسلامى والعربى أنها كانت محقة من موقفها تجاه الولايات المتحدة عموما وتجاه دونالد ترامب على وجه الخصوص.
ثانيا: لجوء الفصائل إلى طهران
نجحت الدول العربية مؤخرا فى استخلاص مواقف متطابقة من الجماعات الإسلامية والفصائل المتنافرة بالداخل الفلسطينى تؤيد الخط العربى والسياسات الموحدة ضد إيران المنسجمة مع المواقف الأمريكية التى اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
على إثر ذلك تمت المصالحة وابتعدت الفصائل السياسية المتصارعة رويدا رويدا على إيران، لكن قرار ترامب سيجعل تلك الفصائل توقن أن الخط الإيرانى فى التعامل مع ترامب هو الأنجح وعلى إثر ذلك ستلجأ مجددا إلى إيران كحاضنة للمواقف المدافعة عن القدس.
ويعد هذا العامل أحد المكتسبات بعيدة المدى لإيران من قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة وعليه الاعتراف الرسمى الشامل بيهودية الدولة والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.
ثالثا: توسيع محور الصراع مع إسرائيل
دأبت إيران فى السنوات الأخيرة على توسيع الصراع مع إسرائيل وتحويله من مجرد صراع عربى ـ إسرائيلى، إلى صراع إسلامى ـ إسرائيلى حتى تنضم إلى محور المقاومة العربية ضد الاحتلال الإسرائيلى.
واستهدفت إيران من ذلك كسب تعاطف الشعوب الإسلامية التى تعد القضية الفلسطينية بالنسبة لها مسألة جوهرية لا يمكن فصلها عن الالتزام بعقيدة الإسلام وتعاليم السيد المسيح التى تؤكد عربية وهوية الأراضى الفلسطينية بعيد عن الدعاوى والادعاءات الإسرائيلية.
وفى المحصلة ونظرا لعدم نجاح إيران فى تحقيق تلك الغاية على مدى نحو 38 عاما؛ فقد تجنى فى هذه المرة بعض المكاسب ذات الصفة الاستراتيجية من خلال الانخراط فى الصراع كإحدى الدول الإسلامية غير العربية القليلة التى تندمج فى الأزمة من خلال دورها فى منظمة التعاون الإسلامى.