نهاية واحدة على أراضى مختلفة، تلك التى كتبت لتنظيم "داعش" الإرهابى، الذى منى بهزائم متتالية داخل سوريا، فى مواجهة الجيش السورى، تدعمه القوات الروسية، بأفرادها وآلياتها البرية والجوية والبحرية، متحدين حول هدف واحد هو دحر الإرهاب وتقليم مخالبه، واستمرت المواجهات على الأراضى السورية، مع التنظيم الإرهابى، إلى أن أعلن الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، مطلع ديسمبر الجارى، هزيمة "داعش"، نهائيًا فى سوريا، لتلحق بجارتها العراق، التى سبقتها وأعلنت هزيمة نهائية للتنظيم من قبل.
وفى خضم المعارك التى شنتها القوات السورية، فى مواجهة تنظيم داعش، كان للقوات الروسية، دورًا بارزًا ساهم فى تحقيق هذا النجاح والانتصار الواضح، والبداية كانت يوم 30 سبتمبر 2015، عندما بدأ سلاح الجو الروسى بتوجيه ضربات جوية فى الأراضى السورية، وذلك استجابة لطلب الرئيس السورى بشار الأسد، دعمًا عسكريًا من موسكو، من أجل كبح جماح "داعش" على الأرض، ما تبعه موافقة مجلس الاتحاد الروسى، على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين، استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.
وجاءت هذه الضربات بعد تزايد الدعم العسكرى المعلن لنظام الأسد من قبل موسكو، والإعلان عن تشكيل مركز معلوماتى فى بغداد تشارك فيه روسيا وإيران والعراق وسوريا لمحاربة تنظيم داعش.
اشتباكات فى دير الزور
ونجحت القوات الروسية بمساندة الجيش السورى فى استعادة مطار كويريس، ثم مدن تدمر وحلب وحماة ودير الزور والميادين وضفة نهر الفرات، حيث حاربت هذه الوحدات بدعم من الطيران الروسى وتمكنت تقليم أظافر داعش.
وفى هذا الصدد، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليرى جيراسيموف، أن المستشارين العسكريين الروس فى سوريا شكلوا فيلقا من المتطوعين، يسهم بجهود رئيسية فى القضاء على "داعش".
وقال جيراسيموف، "الكثير من نجاحات القوات الحكومية السورية أضحت ممكنة بفضل ضباطنا الذين عملوا كمستشارين عسكريين. ومن خلال جهودهم، تم تشكيل وتحضير فيلق من المتطوعين الذين جنبا إلى جنب مع وحدات الدفاع الشعبى التابعة للعميد سهيل الحسن لعبت دورا حاسما فى هزيمة وحدات داعش".
وأكد جيراسيموف، أنه "تم فى الوقت الحالى كسر القوى الرئيسية لداعش فى سوريا، وبقى القليل لدحره بشكل نهائي، للانتقال إلى التسوية السياسية فى سوريا".
وأشار رئيس الهيئة، إلى أن وحدات الدفاع الشعبى التابعة للعميد سهيل حسن كانت تقوم بتنفيذ المهام الأكثر أهمية فى جميع تلك المعارك خلال العامين الماضيين، ابتداء من استعادة مطار كويريس، ثم مدن تدمر وحلب وحماة ودير الزور والميادين وضفة نهر الفرات، حيث حاربت هذه الوحدات بدعم من الطيران الروسى وغيرها من وسائل القتال.
وأوضح جيراسيموف، "حاليا القوات الأساسية لتنظيم "داعش" مقسمة وبقى القليل لهزيمتها النهائية والانتقال إلى تسوية الوضع فى سوريا"، موضحًا أن الضباط الروس فى مركز المصالحة بين الأطراف المتنازعة يشاركون فى هذا العمل، كما تم إنشاء مناطق خفض التصعيد والتوتر بسوريا على الحدود التى تتواجد فيها وحدة الخدمة التابعة للشرطة العسكرية الروسية "حيث يرى فيهم المواطنون المحليون الضمان الأساسى لمراقبة نظام وقف الأعمال القتالية والعسكرية بشكل عام، اليوم تم إنشاء جميع الشروط اللازمة للحل السياسى للنزاع، بالإضافة إلى دور مؤتمر الحوار الوطنى الذى سيعقد لاحقاً حول هذا الأمر".
هذا وتشارك القوات الجوية الفضائية الروسية، ووحدات الأسطول البحرى، فى العمليات القتالية فى سوريا إلى جانب الجيش السورى، بناء على طلب رسمى من الرئيس السورى بشار الأسد، بالتوازى مع جهود تبذلها روسيا فى الساحة الدبلوماسية، أدت حتى الآن، إلى إنشاء مناطق خفض التصعيد فى سوريا، حيث يشارك المراقبون الروس ووحدات الشرطة العسكرية الروسية فى الحفاظ على الأمن بتلك المناطق.
روسيا جرّبت 162 سلاحاً منذ بدء حربها ضد داعش
وبعد سنتان من بداية التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، قالت المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى تقرير يسرد فيه إحصائيات التدخل العسكرى الروسى، فى سنتين كاملتين، ما بين 2015 و2017، إن تدخّل روسيا العسكرى "ضاعف مساحة سيطرة النظام فى سوريا"، وإن النظام بات يسيطر على أجزاء كبيرة من الأرض السورية، بعدما كان "يسيطر فقط على 22% من مساحة سوريا الكاملة فى الأشهر الأخيرة من العام 2015".
وذكر المرصد فى إحصائيته، أنه منذ بدء التدخل العسكرى الروسى لصالح الأسد فى 30 من سبتمبر 2015 وحتى 30 من سبتمبر 2017، قد سقط مئات القتلى من الفصائل المسلحة، وهيئة تحرير الشام، وتنظيم داعش".
وجاء فى تقرير للوكالة الروسية "سبوتنيك"، خصص لمرور عامين على التدخل العسكرى الروسى لصالح الأسد، ما يفيد بأن روسيا اختبرت أحدث أسلحتها منذ تدخلها العسكرى فى سوريا، وأحصت الوكالة السابقة قيام روسيا باختبار 162 نموذجاً من "الأسلحة الحديثة والمتطورة".
وذكر تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن روسيا تمكّنت "من جنى ثمار استراتيجية" جراء دعمها لنظام الأسد، عسكرياً، فوقّعت "اتفاقيتين لإقامة قاعدتين على (البحر) المتوسط، الأولى جوية فى مطار حميميم، والثانية بحرية فى طرطوس"، وأن الاتفاقيتين تنصّان على بقاء القوات الروسية مدة نصف قرن قابلة للتمديد.
كما أكدت "الشرق الأوسط"، أن روسيا استطاعت من خلال عمليتها العسكرية فى سوريا "تجربة أنواع جديدة من أسلحتها فى ظل ظروف حرب حقيقية"، كما تجمع كل التقييمات الروسية الرسمية، لتدخل روسيا العسكرى لصالح الأسد، على أن قواتها ساهمت بتوسيع سيطرة الأسد على مزيد من الأراضى فى سوريا.
المعارضة السورية، بدورها، ترى أن التدخل العسكرى الروسي، وإن كان فى جزء منه ضد تنظيم "داعش"، إلا أن وجهه الآخر هو تقوية نظام الأسد، على حساب فصائل المعارضة السورية المقاتلة، حيث شنّت القوات الروسية عدداً كبيراً من الغارات على مقار تابعة للمعارضة السورية، منذ بدء تدخلها العسكرى.
قاذفات استراتيجية روسية تقصف مواقع لتنظيم "داعش"
ومؤخرا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن قاذفات روسية قصفت أهدافا لتنظيم "داعش" الإرهابى فى شمال شرق سوريا.
وقالت الوزارة، فى بيان، إن "قاذفات من طراز تى يو- 22 إم ثرى قصفت أهدافا لـ"داعش" فى شمال شرق روسيا"، وذكرت الوزارة أن الطائرات الحربية انطلقت من قواعدها داخل روسيا، ودكت النقاط المحصنة والآليات التابعة لداعش فى منطقة العشارة بمحافظة دير الزور.
وأكدت الوزارة الروسية أن القصف دمر كل الأهداف وأثبتت ذلك قياسات وسائل الرقابة الموضوعية المزودة بمعدات تقنية خاصة، وقامت مقاتلات من طراز Su-30SM و Su-35S انطلقت من قاعدة حميميم الجوية الروسية، بمرافقة القاذفات وتقديم التغطية الجوية.
ويذكر هنا أن الجيش السورى، أعلن فى الخامس من سبتمبر الماضى، أنه وبدعم عسكرى جوى روسي، فك طوق الحصار عن دير الزور المحاصرة من قبل تنظيم "داعش" الإرهابى منذ ثلاث سنوات.
وفى 9 نوفمبر الماضى، أعلن الجيش السورى، تحرير مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور بالكامل من أيدى التنظيم الإرهابي، وشدد على أنه سيواصل ملاحقة فلول التنظيم فى كل مكان على الأرض السورية.
أسلحة الجيش الروسى
موسكو تتصدر العالم فى عدد الدبابات وعربات قتال المشاة
ومن أجل تمكين قواته على التصدى لداعش، أعلن نائب وزير الدفاع الروسى، دميترى بولجاكوف، أن القوات المسلحة الروسية تتصدر العالم من حيث عدد الدبابات وعربات قتال المشاة وراجمات الصواريخ .
وقال بولجاكوف فى تصريحات صحفية، "إن القوات المسلحة الروسية أنتجت 25 ألف قطعة من المدرعات والسيارات الجديدة و4 آلاف قطعة حديثة من الأسلحة الصاروخية والمدفعية، ما سمح لروسيا بأن تتصدر العالم من حيث عدد الدبابات وعربات قتال المشاة وراجمات الصواريخ ".
وأضاف "لقد ارتفعت نسبة الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة فى الجيش الروسى بأكثر من 50% من إجمالى عدد التقنيات والأسلحة الموجودة لدى القوات المسلحة الروسية"، مشيرا إلى أن شركات مجمع الصناعات العسكرية ووحدات الصيانة التابعة للجيش زادت من مستوى صلاحية التقنيات والمعدات إلى 98%، مؤكدا أن جميع الأسلحة والمعدات العسكرية صالحة وجاهزة للاستخدام حاليا .
أكثر من 90% من الروس واثقون من قدرة الجيش على الدفاع
وكان لتلك النجاحات التى حققتها القوات الروسية على الأراضى السورية، أثره الكبير فى الداخل الروسى، حيث أعرب أكثر من 90% من المواطنين الروس عن ثقتهم بقدرة الجيش الروسى على الدفاع عن روسيا فى حال وجود تهديد خارجي، واعتبر غالبيتهم أن القدرة الدفاعية لروسيا قد تعززت كثيرا فى السنوات القليلة الماضية.
وأظهر استطلاع للرأى، أجراه مركز بحوث الرأى العام بالاشتراك مع وكالة أنباء "سبوتنيك" اليوم الأربعاء، أن 43% من المشاركين فى الاستطلاع أشاروا إلى ضرورة حماية الجيش لمواطنى الدولة وحماية أراضيها .
وشدد 32% على أهمية تعزيز القدرات القتالية للبلاد، واعتبر 34% أن الإنجاز الرئيسى هو تحديث القوات المسلحة للبلاد على مدى السنوات الخمس الماضية، فيما قال 15% من المستطلعة آراؤهم أن الإنجاز الرئيسى يتمثل فى إنجازات الجيش الروسى الكبرى فى سوريا.
وأوضح الاستطلاع أن الديناميات الطيبة عن دور الجيش الروسى فى السنوات الخمس الماضية يمكن وصفها بأنها إيجابية، وأن نسبة الذين قيموا إيجابيا عمل القوات المسلحة الروسية بلغت 88 فى المائة مقارنة بــ 52 فى المائة فى العام 2012، وأشار المدير العام لمركز بحوث الرأى العام لعموم روسيا، قسطنطين أبراموف، إلى أن الجيش بات فى أعين المجتمع الروسى اليوم أحد أكثر المؤسسات الحكومية المرحب بنشاطها.