الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 05:22 ص

وزير خارجية "ترامب" خفض مساعدات مصر خلال حربها ضد المتطرفين.. تربطه علاقات قديمة برجال أعمال قطريين.. وفشل فى الوساطة لحل أزمة إمارة الإرهاب

"تيلرسون" مهندس رعاية الإرهاب فى البيت الأبيض

"تيلرسون" مهندس رعاية الإرهاب فى البيت الأبيض تيلرسون مهندس رعاية الإرهاب فى البيت الأبيض × 2017
الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017 11:00 م
كتب: محمد رضا

جسدت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة، دولة المتناقضات لدى الرأى العام العالمى، وبرز هذا الأمر بشكل جلى خلال العام الجارى، فى عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، ووزير خارجيته، ريكس تيلرسون، ففى الوقت الذى تدعو فيه واشنطن إلى رعاية الحقوق والحريات والديمقراطية، نجد الشرطة الأمريكية، تقمع وتقهر المظاهرات فى الشوارع، وعندما تتحدث الإدارة الأمريكية عن مكافحة الإرهاب، فهناك بين مؤسساتها من هم رعاة للإرهاب ويدهم ملوثة بالدماء التى يسفكها المتشددين فى مختلف بقاع الأرض حتى تلك العمليات التى تصيب بلادهم.

 

وإن كانت الإدارة الأمريكية، تلوح فى العلن بمحاربتها الإرهاب حول العالم، فهناك من بين رجالاتها حلفاء وداعمين للإرهاب، وليس هناك مثال أقرب من وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، التى تحيط به الشبهات فى كل خطوة يخطوها بالتورط والتعاون مع رعاة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسهم قطر، لتمويل الجماعات الإرهابية والمتشددة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.

 

تيلرسون الراعى الأمريكى للإرهاب فى الشرق الأوسط
 

والعام 2017، ملئ بالدلالات على اخفاقات وزير الخارجية الأمريكى، فى تعامله مع كثير من الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية فى مناطق النزاعات، وخاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب، بل وسعيه وإقدامه على اتخاذ قرارات من شأنها حماية الإرهابيين وتوفير الغطاء لهم، ومن ذلك تحركه لخفض المساعدات العسكرية لمصر فى وقت تخوض فيه القوات المسلحة المصرية، حربًا ضروسًا نيابة عن العالم فى مواجهة الإرهاب، وكذلك إعلان موقفه المعادى لقوات الحشد الشعبى، فى وقت تقوم فيه تلك القوات بدور هام إلى جانب الجيش والشرطة العراقية، لدحر تنظيم "داعش" وطرده من الأراضى العراقية.

 

وفى هذا الإطار، نجد فشلًا جديدًا يضاف إلى دولاب اخفاقات وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، مع نهاية العام، تمثل فى زيارته المطولة لمنطقة الشرق الأوسط، خلال نهاية شهر أكتوبر الماضى، للمملكة العربية السعودية، مرورًا بالعراق، ثم الدوحة، لتنتهى بزيارة لكل من أفغانستان والهند، قبل العودة إلى بلاده، حيث كان على رأس أهداف الجولة، الوساطة لحل الأزمة القطرية، إلا أنه غادر المنطقة دون أن يصرح بإحراز أى تقدم لإنهاء الأزمة.
 

"تيلرسون" استبق زيارته للمنطقة بتصريحات تتوقع فشل حل أزمة قطر
 

وزير الخارجية الأمريكى - الذى خرج من بلاده حاملًا فى جعبته أمال الإدارة الأمريكية بنجاح وساطتها لحل الأزمة مع قطر – دق بنفسه أول مسمار فى نعش فشل مهمته وفشله هو شخصيًا، ما يتمثل فى عدم إيمانه وقناعته بما هو مقدم عليه من تحدٍ، فوزير "ترامب"، كانت له تصريحات لـ"بولمبرج"، قبل مغادرته واشنطن بيومٍ واحد – أى الجمعة، الموافق 20 أكتوبر الجارى – يؤكد فيه أنه لا توجد لديه توقعات كبيرة فى تسوية الأزمة مع قطر قريبًا، وألقى بفشله على شماعة أن بعض أطراف الأزمة لا تسعى إلى إيجاد حل للمشكلة.

 

ولم يكن اخفاق وزير الخارجية الأمريكى، فى إيجاد سبيل لإنجاح الوساطة الأمريكية، والضغط على قطر للتوقف عن دعم الإرهاب، وتمويل الجماعات المسلحة التى تعمل على زعزعة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، هو الأول من نوعه، فقد سبقت له زيارة منذ بضعة أشهر، وتحديدًا خلال شهر يوليو الماضى، وفشل أيضًا خلال تلك الزيارة، فى تحقيق تقدم لتسوية الأمور بين قطر، والدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وهى، السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر.

 

 

لقاء العاهل السعودى ووزير الخارجية الأمريكى فى الرياض

 

علاقات قديمة تربط وزير الخارجية الأمريكى برجال أعمال قطريين
 

بالتدقيق والبحث عن أسباب فشل "ريكس تيلرسون"، فى انجاح الوساطة الأمريكية لحل الأزمة القطرية، لن يفوتنا بالطبع العلاقات القديمة التى تربطه برجال أعمال ومسئولين قطريين خلال فترة توليه رئاسة شركة "إكسون موبيل" النفطية، والتى شغل من خلالها مقعدًا فى مجلس الأعمال "الأمريكى – القطرى"، وفيما يبدو أن للعلاقات القوية والمصالح المشتركة بين الوزير الأمريكى، والمسئولين ورجال الأعمال القطريين، كلمة السر فى استمرار الملف القطرى على ما هو عليه، ودعمه لموقف قطر، واستمراره فى إلقاء اللوم على الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب.

ورغم أن موقف الدول الأربع، واضح تمامًا من الأزمة القطرية، والتى أبدت استعدادها لحل الأزمة شريطة رفع قطر يدها عن دعم وتمويل الجماعات الإرهابية المتطرفة العاملة على زعزعة أمن واستقرار البلدان العربية، والساعية لتفتيتها إلى دويلات، إلا أن الوزير الأمريكى، يظل منحازًا لأصدقائه القدامى فى الدوحة، محاولًا إنصافها على حساب الهدف الأسمى للقضاء على الإرهاب الذى يزهق أرواح الأبرياء فى دول الشرق الأوسط، والعالم أجمع، حيث قال فى نهاية زيارته - حينذاك - إن السعودية غير مستعدة بعد لبدء محادثات مباشرة مع الدوحة لحل المقاطعة الدبلوماسية والتجارية التى تؤثر على قطر منذ نحو 5 أشهر.

 

وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون

 

 

"تيلرسون" يثير غضب الحكومة العراقية بهجومه على الحشد الشعبى
 

وفى ملف أخر، بمنطقة الشرق الأوسط، دون الابتعاد عن سلسلة تصريحاته الجدلية، أثار وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، حفيظة الحكومة العراقية، بتصريحاته التى قال فيها إنه "يجب عودة الفصائل الإيرانية الموجودة فى العراق إلى ديارها مع اقتراب الحرب على "داعش"، من نهايتها"، منتقدًا دور تلك "الميليشيات" - فى إشارة إلى الحشد الشعبى، ذى الغالبية الشيعية فى العراق - وقال إنه من الضرورى تفكيك تلك القوات.

وكان رد الحكومة العراقية، من خلال بيان، للدكتور حيدر العبادى، رئيس الوزراء العراقى، الذى أكد أن مقاتلى الحشد الشعبى، هم مقاتلون عراقيون، قاتلوا الإرهاب ودافعوا عن بلدهم وقدموا التضحيات التى ساهمت بتحقيق النصر على داعش، موضحًا أن الحشد الشعبى، مؤسسة رسمية ضمن مؤسسات الدولة، وأن الدستور العراقى، لا يسمح بوجود جماعات مسلحة خارج اطار الدولة، مؤكدا أن علينا تشجيع مقاتلى الحشد لأنهم سيكونون أملا للبلد وللمنطقة.

 

لقاء رئيس وزراء العراق ووزير الخارجية الأمريكى فى بغداد

 

 

"تيلرسون" مهندس تخفيض مساعدات مصر العسكرية خلال حربها على الإرهاب
 

واستمرارًا لمواقفه الداعم للإرهاب فى المنطقة، أبدى وزير الخارجية الأمريكى، رغبة وزارته فى قطع جزء من المساعدات المقدمة لمصر، إلا أن الرد جاء عليه من داخل البيت الأمريكى، حيث أصدر النائب الأمريكى، ستيفن كينج، بيانا، يوم 3 أكتوبر الماضى، أعرب فيه عن مخاوفه بشأن قرار الإدارة الأمريكية، أغسطس الماضى، بقطع جزء من المساعدات لمصر بقيمة 95.7 مليون دولار، وتعليق جزء آخر يبلغ 195 مليون دولار، مشيرا إلى أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، تمثل حليفا رئيسيا فى المنطقة وثقل مواز هام فى مكافحة الإرهاب الذى يغذيه الإخوان،

وأضاف "أن مصر تلعب دورا رئيسيا فى مكافحة التطرف ويبدو أن هذه التخفيضات المقترحة فى المساعدات تتعارض مع رغبة إدارة ترامب فى دعم مصر وشعبها فى مكافحة الإرهاب"، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية، التى يقودها "تيلرسون"، بخطوتها هذه تضيع فرص تاريخية لتعزيز الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط.

 

وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون

 

 

تصريحات معادية لـ"تيلرسون" ضد الصين
 

وفى إطار القارة الآسيوية، وانتقالًا إلى دولة مجاورة، صدر أيضًا تصريح عن "ريكس تيلرسون"، قبل زيارته إلى الهند - ضمن جولته المشار إليها - حيث دعا، إلى تعاون أوثق مع الهند لمواجهة تزايد نفوذ الصين فى آسيا، لافتًا إلى أن واشنطن تريد تعزيز منطقة حرة ومفتوحة تقودها ديمقراطيات مزدهرة، كما أكد "لن تكون لدينا أبدًا مع الصين، المجتمع غير الديمقراطى، العلاقة نفسها التى يمكن أن تجمعنا بديمقراطية عظيمة كالهند"، إضافة لإشارته إلى أن الصين، تتصرف أحيانًا بمعزل عن الاتفاقيات الدولية، خاصة فى النزاع حول بحر الصين الجنوبى.

وجاءت تصريحات "تيلرسون"، المعادية للصين، ووصفها بأنها دولة غير ديمقراطية، قبل فترة وجيزة، من الترتيبات لزيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إلى بكين، خلال شهر نوفمبر الماضى، ومما لاشك فيه أن تلك التصريحات قد تؤدى إلى توتر العلاقات بين البلدين، فى الوقت الذى تعتبر فيه واشنطن، الدولة الصينية، شريكًا هامًا لحل أزمة كوريا الشمالية، حيث تعد الصين، وسيطًا لتقريب وجهات النظر بين الدولتين المتناحرتين بسبب التجارب النووية والباليستية لـ"بيونج يانج".

 

2017-10-25T115714Z_999405463_RC14F59A2670_RTRMADP_3_TILLERSON-ASIA-INDIA
 
لقاء رئيس وزراء الهند ووزير الخارجية الأمريكى
 
 
ورغم ترحيب، الهند، بتصريحات وزير الخارجية الأمريكى، الذى أعلن أن بلاده تفضل تعزيز العلاقات مع نيودلهى، عن بكين، مشيرة إلى أنها تشاركه نفس التفاؤل حيال علاقتهما المزدهرة، إلا أن تلك التصريحات يمكن أن تكون تهديدًا لفقدان أمريكا، شريكًا هامًا فى أكبر نزاعاتها الدبلوماسية، والمحاطة بتخوفات من تحولها لصدام عسكرى، هذا إضافة إلى أنها جاءت مخالفة لسياسات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، الذى بدأ فى تهدئة الأجواء مع الصين، وتخفيف حدة تصريحاته ضدها، حيث تراجع "ترامب"، عن اتهاماته لـ"بكين" بالتلاعب بالعملة لأسباب اقتصادية، إضافة إلى موافقته على احترام سياسة "الصين الواحدة"، فى اتصال هاتفى مع الرئيس الصينى، شى جين بينج، مطلع العام الجارى.
 
2017-10-25T120027Z_1569122748_RC12CACE5960_RTRMADP_3_TILLERSON-ASIA-INDIA
 
مباحثات بين رئيس وزراء الهند ووزير الخارجية الأمريكى

 


print