ونتيجة لتدهور اقتصاد الإمارة الخليجية خلال الفترة السابقة منذ المقاطعة العربية يوم 5 يونيو الماضى، بدأت الدوحة فكر فى عدد من الوسائل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه كان أخر تلك الوسائل قرار السلطات القطرية بالسماح للمستثمرين الأجانب بالتملك بنسبة 100% فى عدد من القطاعات الاقتصادية الكبرى والحساسة.
وقانون التملك قبل تعديله، يوم الخميس الماضى، كان ينص على السماح بتملك الأجانب فى الشركات والأسهم بنسبة لا تزيد على 49% مع وجود مستثمر قطرى الجنسية يملك 51% من الشركة، ما يجعل اتخاذ أى قرارات مصيرية للشركة بيد القطريين.
ولكن القرار الجديد يمهد الطريق أمام تغلغل الأجانب خاصة شركاء أميرها من الأتراك والإيرانيين، داخل البورصة المحلية والقطاعات الاقتصادية، ما يزيد من مخاطر التخارج عند أى هزات مستقبلية.
وتراجع عدد المستثمرين الأجانب سواء أفراد وشركات بنسبة 1.5% منذ بدء المقاطعة العربية إلى 187331 ألفا، نزولا من 190136 ألفا مطلع يونيو الماضى.
ويأتى ذلك، وفقا لوسائل إعلام خليجية، بعد أن تضررت المؤشرات الاقتصادية للدوحة، بشدة، من الهبوط الحاد فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، منذ قرار مقاطعة الرباعى العربى لها.
وقاطعت كلا من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، قطر فى محاولة منها لتعديل السياسات الخارجية للدوحة القائمة على دعم وتمويل الإرهاب، ولكن بالرغم من خسائرها المتتالية فإن قطر تواصل دعمها للتنظيمات الإرهابية.
تراجع المستثمرين
ويشكل المستثمرون الخليجيون سواء أفرادا وشركات ما نسبته 23.2% من إجمالى عدد المستثمرين القطريين (6345 ألفا)، وترتفع النسبة إلى نحو 29.4% مع إضافة المستثمرين الأجانب.
وتلجأ الدول لعادة لإبقاء أغلبية ملكية الاستثمارات بيد المواطنين من حملة جنسيتها، تجنبا لأية قرارات تخارج مفاجئة قد ينفذها الأجانب الباحثين عن البيئة الأفضل لتحقيق الأرباح.
ويوضح تقرير أصدره بنك قطر المركزى، نهاية الأسبوع الماضى، سبب اتخاذ الحكومة فى البلاد قرار رفع نسبة تملك المستثمرين الأجانب فى البورصة.
فالتقرير الذى يفصل ميزان مدفوعات قطر حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضى، أظهر تراجعا حادا فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سواء الاستثمارات القطرية فى الخارج، أو الأجنبية داخل البلاد.
هبوط الاستثمارات الخارجية
وبحسب التقرير، تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطر، بنسبة 35% فى الربع الثالث من العام الماضى، إلى 816 مليون ريال أى حوالى 223.5 مليون دولار.
وكان إجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطر، بلغ خلال الربع الثالث من 2016 نحو 1.251 مليار ريال أى حوالى 342.7 مليون دولار.
ولم تكن وضعية الاستثمارات القطرية فى الخارج أفضل حالا، حيث انخفضت استثمارات قطر فى الخارج بقيمة 392.3 مليون دولار فى الربع الثالث 2017.
بينما فى الربع الثالث 2016 ضخّت قطر استثمارات مباشرة فى الخارج، بقيمة 1.675 مليار ريال (459 مليون دولار).
ودفعت المقاطعة العربية، لتخارج ودائع أجنبية من البنوك، ما دفع الحكومة والبنك المركزى، لضخ السيولة اللازمة للحفاظ على استقرار سعر صرف العملة المحلية.
هبوط البورصة
وفق وسائل الإعلام الخليجية فأن بورصة قطر كانت أول ما أصيب بالقرار العربى وهبطت فى الأسابيع اللاحقة للقرار لمستويات هى الأدنى منذ 90 شهرا على الأقل، وهبط مؤشرها من حدود 10200 نقطة قبيل قرار المقاطعة، إلى أقل من 7700 نقطة فى نوفمبر الماضى.
وخسرت البورصة نحو 113 مليار ريال أى نحو 31 مليار دولار من قيمتها السوقية، خلال شهور المقاطعة، إلى حدود 419 مليار ريال (114.79 مليار دولار) من 531 مليار ريال (145.47 مليار دولار).
استنزاف الاحتياطى النقدى
وكان للاحتياطى النقدى وأصول الدولة نصيبا واسعا فى الخراب الاقتصادى الذى حل بالإمارة، فبأكثر من 22 مليار دولار، تراجعت أصول هيئة قطر للاستثمار - الصندوق السيادى للدولة - منذ بدء المقاطعة العربية، وجاءت الأرقام المنشورة، على موقع "SWF Institue" المتخصص فى عرض وتحديث الثروات السيادية حول العالم.
وأظهر تقرير المؤسسة العالمية أن إجمالى أصول هيئة قطر للاستثمار حتى نهاية مايو الماضى، بلغ 342 مليار دولار أمريكى أى قبل المقاطعة بأيام، حتى نهاية أكتوبر الماضى، وتراجع إجمالى أصول الصندوق الذى يستثمر فى عديد القطاعات حول العالم إلى حدود 320 مليار دولار.
وتراجعت الأصول الاحتياطية لبنك قطر المركزى بنسبة 21.1% خلال الشهور اللاحقة للمقاطعة العربية، حتى أكتوبر الماضى.
وأظهرت بيانات بنك قطر المركزى الصادرة مطلع شهر ديسمبر الجارى، تراجع الأصول الاحتياطية بقيمة 35 مليار ريال (9.62 مليارات دولار) منذ مايو حتى أكتوبر الماضيين.
بورصة قطر
وسجلت قيمة الأصول الاحتياطية لبنك قطر المركزى 131.4 مليار ريال (36.1 مليار دولار) فى أكتوبر الماضى، نزولا من 166.5 مليار ريال (45.74 مليار دولار) فى نهاية مايو الماضى.
الهرب نحو إيران
ولم تجد إمارة دعم الإرهابوالتطرف، سوى جارتها الشمالية إيران، بديلا عن عمقها العربى والخليجى، ونفذت رزمة اتفاقيات معها، تجارية ومصرفية وملاحية، وتحالفت معها فى شتى المجالات ضد أشقائها العرب.
إيران تحتل السوق القطرى
وكشفت وسائل إعلام إيرانية، خلال وقت سابق من الشهر الجارى، أن بنوكا إيرانية من القطاع الخاص استغلت أزمة الدوحة من دول الخليج، ودشنت تلك البنوك علاقات مصرفية بينها وبين بنك قطر الوطنى - أكبر بنوك قطر - حيث بدأت بفتح حسابات فى هذا البنك لعرض خدمات مصرفية.
ولم يتوقف الأمر عند فتح حسابات مصرفية بل أن اجتماعا قطريا إيرانيا عقد الشهر الجارى فى طهران، ناقش إنجاز المبادلات بين البلدين بعملات دول المنطقة، بعيداً عن العملات الرئيسة.
إيران تنحتل قطر اقتصاديا
كما وقعت كل من تركيا وإيران وقطر الشهر الماضى، فى العاصمة الإيرانية طهران، اتفاقية لتسهيل نقل البضائع التجارية والعبور، وتوفر الاتفاقية الموقعة بين الدول الثلاثة، تسهيلات لقطاعات النقل البحرى والبرى، كما توسّع العلاقات التجارية بين الدول المذكورة، فضلاً عن إقدام الشركات الإيرانية العاملة فى الصناعات الغذائية وفى مقدمتها "شيرين عسل" للتوسع بقوة فى السوق القطرية، للانفراد بطرح المنتجات الغذائية والحلويات بأسعار تفوق نظيرتها فى دول الجوار القطرى قبل المقاطعة.
أسهم بورصة منخفضة
هبوط الريال
وتوالت نكبات قطر الاقتصادية فوجدت الدوحة نفسها أمام مخاطر إضافية نتيجة قطع العلاقات، تتمثل فى تراجع سعر صرف العملة المحلية الريال، ومنذ المقاطعة الاقتصادية، يجرى تداول الريال فى الأسواق الخارجية عند مستويات أقل من السوق المحلية، حيث يتم تنفيذ الغالبية العظمى من النشاط.
ودفع هبوط العملة أمام الدولار إلى تنفيذ الحكومة القطرية والبنك المركزى بضخ السيولة من النقد الأجنبى فى الأسواق المحلية فى محاولة لاستعادة التوازن لسعر صرف الريال.
ودفعت المقاطعة العديد من المستثمرين ورجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية، لنقل ودائعها من البنوك العاملة فى قطر إلى الخارج، وقال صندوق النقد الدولى أن عزلة قطر الطويلة قد تؤدى إلى إضعاف الثقة فى اقتصادها وخفض الاستثمار والنمو فى البلد.
قطاع السياحة
وكان لقطاع السياحة القطرية نصيبا هو الآخر من الخراب الذى تسبب فيه تنظيم الحمدين للإمارة، فقد هبطت السياحة الوافدة إلى قطر بنسبة 18% على أساس سنوى، خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجارى 2017.