بفساد عابر للحدود، ومؤامرات متعددة الجنسيات، كشفت الأزمة التى طالت عملاق الانشاءات والخدمات العامة شركة كاريليون البريطانية قبل أيام، التى آلت إلى إعلان إفلاسها، عن ملف جديد للتجاوزات المالية للنظام القطرى الحاكم، الذى استطاع على مدار سنوات طويلة التسلل لأسواق واقتصاديات العديد من الدول الأوروبية للتأثير على دوائر صنع القرار ومراكز رسم السياسات العامة لتلك الدول.
فبعد يومين من إعلان إفلاس الشركة البريطانية، كشفت صحيفة "تايمز" أن أموالا متأخرة لدى قطر ساهمت فى هذه النهاية المأساوية، خاصة بعدما رفضت البنوك إقراضها أى أموال إضافية، وقالت الصحيفة البريطانية فى تقريرها إن الدوحة مدينة لكاريليون بنحو 200 مليون جنيه إسترلينى فى إطار مشروعات بناء متعلقة بكأس العالم التى تستضيفه قطر فى 2022.
ورغم الاتهامات التى أطلقتها "ذا تايمز" والتى تتسق مع جرائم مالية أخرى ارتكبتها قطر داخل بريطانيا، ومن بينها قضية الفساد الشهيرة الخاصة ببنك باركليز، والتى لا يزال القضاء البريطانى يفحص أوراقها، إلا أن مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية حاولت المماطلة وإلقاء اللوم على الشركة، بقولها إن "كاريليون" التى ربحت عطاء البناء التحضيرى لكأس العالم فى 2011، تدين لها بسبب عدم قدرة الشركة على إتمام الأعمال فى موعدها.
واضطرت الشركة العملاقة، بحسب الصحيفة، إلى الخضوع لتصفية إجبارية بعد تأخيرات باهظة التكلفة فى العقود وتراجع فى الأنشطة الجديدة.
وقالت الصحيفة إن الشركة أعلنت فى يوليو الماضى، عن فجوة فى ميزانيتها تقدر بنحو 850 مليون جنيه إسترلينى، من بينها 314 مليون منسوبة لمشروعاتها فى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، مشيرة إلى أن انخفاض أسعار البترول ألقى بظلاله على معدلات الإنفاق على مشروعات البناء وغيرها فى دول الخليج، مشيرة إلى أن "كاريليون" حاولت إقناع المطورين لدفع المديونيات التى قالت إنها مستحقة.
وأعلن المدراء التنفيذيين لشركة كاريليون أنهم سيحاولون إخراج الشركة من التعاملات فى قطر، على الرغم من استمرار تقديم العطاءات للعقود فى دبى، وفى نوفمبر وقعت على مشروعين مشتركين لبناء مستشفيات فى عمان.
وأشارت إلى أن ذلك ألقى بظلاله على مئات المشروعات الكبرى إذ تدير الشركة - التى تأسست قبل مائتى عام- خدمات عامة، مثل المستشفيات وخطوط القطارات ومواقع تابعة لوزارة الدفاع.
وكانت أعلنت مجموعة "كاريليون" البريطانية للمقاولات، الاثنين افلاسها، فى وقت يخشى أن يفقد آلاف العاملين بالشركة وظائفهم، كما شرعت الشركة البريطانية فى خطوات الدخول للتصفية الإجبارية بعد رفض السلطات استخدام أموال الميزانية لإنقاذها.
وأغلب عقود الشركة فى بريطانيا عقود أعمال حكومية، ويواجه وزراء فى حكومة تيريزا ماى وربما الحكومات السابقة تساؤلات بشأن منحهم عقودا حكومية للمجموعة فى وقت كانت فيه الأسواق تدرك وضع الشركة المتردى واحتمال إفلاسها.
ووفقا لصحيفة "الصن" البريطانية، فإن الشركة يعمل فيها نحو 20 ألف موظف فى المقر الرئيسى ببريطانيا فقط، وبعد قرار الإفلاس باتت هذه الوظائف فى مهب الريح.
وأوضحت الصحيفة أن نحو 43 ألف وظيفة حول العالم للشركة أصبحت مهددة بسبب انهيار الشركة، التى تشارك بشكل كبير فى مشروع السكك الحديدية (HS2) كجزء من عقد قيمته 6.6 مليار جنيه إسترلينى.
بدورها، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الأربعاء، أن انهيار "كاريليون" ضرب الآلاف من موردى الشركة والشركات والمقاولين الذين كانوا يتعاملون معها، موضحة أن المقاولون من الباطن اضطروا لتسريح العمال، حيث أن خطر العدوى الذى أصاب القطاع يشبه فى تأثيره أزمة بنك "ليمان براذرز" الذى ساهم مع أسباب أخرى فى الأزمة المالية العالمية.
وقال أندرو أدونيس، وزير النقل العمالى السابق: "ما يحدث يشبه قليلا ما حدث مع ليمان براذرز [بنك الاستثمار فى وول ستريت الذى انهار فى عام 2008]. فنحن لا نعرف كيف سيكون التأثير وحجمه. جزء كبير للغاية من عمل كاريليون هو إدارة المشاريع ويقوم المقاولون من الباطن القيام بهذا العمل، ولكن هؤلاء المقاولين لا يعرفون ما إذا كان سيدفع لهم مستحقاتهم".
يذكر أن الشركة البريطانية "كاريليون" ساهمت من قبل فى بناء وصيانة صالة مطار هيثرو، وساهمت فى إنشاء عدد من المستشفيات. ولدى الشركة البريطانية العملاقة العديد من المشروعات فى مجالات مختلفة.
رجح خبراء اقتصاديون، أن تخسر بنوك بريطانية أكثر من 2.7 مليار دولار، من جراء إعلان مجموعة "كاريليون" للمقاولات إفلاسها، وعجزها عن تسديد ما بذمتها من ديون، بحسب موقع "سكاى نيوز".
وبحسب ما نقلت "سكاى نيوز"، فإن الخسائر الناجمة عن إفلاس المجموعة البريطانية، تزيد بكثير عن الديون المحددة فى 1.2 مليار دولار.
وتضم نقابة دائنى المجموعة كلا من بنوك "باركاليز" و" HSBC" ومجموعة "إليوند" و"ستاندر يوكي"، فضلا عن شركات أجنبية.