كتب حازم حسين
هل تعرف كيف تسير الأمور السياسية فى مصر الآن؟ قبل أن تتسرع وتأخذ موقفًا متسلّحًا باليقين وامتلاك الإجابة النهائية، راجع السياقات والمسارات التى شهدتها الساحة السياسية خلال الفترة الأخيرة، افحص علاقات المودة والبغضاء، قلّب التحالفات والتوازانات والصراعات بين يديك وفى عقلك، لتكتشف أن كل الأطراف تلعب بمفردها على بساط واسع، تنشأ تحالفاته وتتوتر وتهتز وتتكسّر وتنتهى سريعًا ودون سبب منطقى واحد، هكذا نشأت قائمة فى حب مصر، ثمّ تراجعت لصالح ائتلاف دعم الدولة، أو ائتلاف دعم مصر فى وقت لاحق، وهكذا اقترب مرتضى منصور من خانة المعارضين، وتوافق نجيب ساويرس وعبد الرحيم على فى مواقفهما السياسية وهجومهما على ائتلاف سامح سيف اليزل، رغم ما بينهما من عداوة وصراعات، تشهد عليها وسائل الإعلام المملوكة لكل منهما، والقضايا والبلاغات وتصريحات كل واحد بحق الآخر.
صراع عبد الرحيم على ونجيب ساويرس
شهد العام 2014 ارتباكًا كبيرًا على كل المستويات والأصعدة، تداخل معقد الخطوط والخطوط بين كل الأطراف والتيارات، تجلّت إحدى عقده فى معركة حامية اشتعلت فجأة وتصاعدت بوتيرة حادة بين رجل الأعمال نجيب ساويرس، والإعلامى عبد الرحيم على.
بدأ الأمر خلال إذاعة برنامج "الصندوق الأسود" الذى كان يقدمه عبد الرحيم على شاشة قناة "القاهرة والناس" فى مساحة هواء مدفوعة المقابل من جانبه، وقد تخصص عبد الرحيم على فى حلقات برنامجه خلال هذه الفترة فى إذاعة تسجيلات لمكالمات هاتفية تخص شخصيات عامة وناشطين سياسيين وثوريين، وعقب إحدى الحلقات فى صيف هذا العام كتب نجيب ساويرس تدوينة قال فيها: "مشاهدة حلقة ثانية من المخبر عبد الرحيم على ستجعلنى أتعاطف غصبا عنى مع الإخوان المسلمين"، ليتبعها تعليق عبد الرحيم على عليها فى إحدى الحلقات وتهديد ساويرس بإذاعة مكالمات تخصه، ثم حملة هجوم شنّتها "البوابة نيوز" على ساويرس، ما قابله رجل الأعمال بتصريحات مضادة وتصاعدت حدّة الخلاف بينهما.
لم يهدأ الأمر فى 2014، واستمر فى العام الجارى ما بين بلاغات وقضايا وتصريحات، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية، والتى قال الإعلامى عبد الرحيم على إن نجيب ساويرس وحزبه، يقصد "المصريين الأحرار" الذى أسّسه ساويرس، يسعى إلى إسقاطه فى دائرة الدقى والعجوزة ويدعم ويشترى المرشحين والأصوات، قبل أن تهدأ العاصفة المشتعلة بينهما بشكل مفاجئ، ويصل الأمر الآن إلى الغزل والحرب فى صف واحد.
نجيب ساويرس: "حب مصر" خرفان وليهم مرشد
مساحة التقارب الجديدة بين رجل الأعمال نجيب ساويرس والإعلامى عبد الرحيم على جاءت على شرف قائمة "فى حب مصر" ومنسقها اللواء سامح سيف اليزل، وائتلافها الجديد "ائتلاف دعم مصر"، وربما لم تكن هذه المساحة مقصودة أو مخططًا لها من جانب "ساويرس"، الذى قال – فى حوار لـ"برلمانى"، أجراه معه الزميل محمد مجدى السيسى – إن الانتخابات البرلمانية شهدت تجاوزات وممارسات سلبية وغير قانونية من جانب جهات وأفراد، لصالح قوائم ومرشحين منافسين لحزبه وللأحزاب الأخرى، وأن قائمة "فى حب مصر" ومنسقها يقودون البلد إلى اتجاه غير جيد، أو "هيودوها فى داهية" على حدّ تعبيره، واصفًا القائمة وائتلافها وأعضاءها بأنهم "خرفان وليهم مرشد"، وما ينطبق عليهم من نقد الآن هو نفسه ما تم توجيهه لجماعة الإخوان الإرهابية فى وقت سابق على خلفية ممارساتها الاستحواذية وخروجها على القانون وتقويضها لمساحة التنافس والحراك السياسى والديمقراطى الفاعل فى الساحة السياسية المصرية.
عبد الرحيم على: موقف "ساويرس" يستحق التحية.. حتى لا نثور على "القطيع" مرة ثالثة
رغم مفاجأة تصريحات نجيب ساويرس وجرأتها، إلا أن ما بدر من الإعلامى عبد الرحيم على، عضو مجلس النواب المستقل عن دائرة الدقى والعجوزة بمحافظة الجيزة، مساء السبت، حمل قدرًا أكبر من المفاجأة والدهشة، فرغم الخلاف المشتعل بين الإعلامى ورجل الأعمال، والقضايا والتصريحات والاتهامات والسباب المتبادل، إلا أن عبد الرحيم على شدّد على أن موقف نجيب ساويرس وطنى ويستحق التحية، وأنه رسالة إلى من يتحركون بمنطق القطيع، خاصة وأن المصريين ثاروا على هذا المنطق مرتين فيما قبل، فى 25 يناير على قطيع مبارك والحزب الوطنى، وفى 30 يونيو على قطيع الإخوان والإسلام السياسى، ويبدو أن الأمور تسير إلى ثورة ثالثة على قطيع ثالث.
لم تكن المفاجأة فى تصريحات عبد الرحيم على فى هذا الأمر فقط، ولكنها تمثّلت بدرجة أكبر حدّة وإدهاشًا فى موقف "على" الواضح والصريح من قائمة "فى حب مصر" وائتلافها الجديد، رغم ما يتخيله كثيرون من المتابعين والمهتمين عن أن علاقة جيدة ومتينة تجمع عبد الرحيم على بقادة الائتلاف، وخاصة مع تقديره لأبناء المؤسسة العسكرية والروابط التى تجمعه عمليًّا وإنسانيًّا بعدد من الاستراتيجيين والخبراء العسكريين وطيدى الصلة وأواصر الصداقة بسامح سيف اليزل وفريقه، ولكن عبد الرحيم على فجّر مفاجأة اليوم بتصريحاته بشأن القائمة وائتلافها، مؤكّدًا أن ما تعمل عليه فى حب مصر وائتلافها الجديد هو اتجاه لقولبة وتعليب البرلمان فى علبة واحدة يمسك بها رجل واحد، مشدّدًا على تضامنه مع كل من يرفض هذا أو يأخذ منه موقفًا ويجابهه، وهو ما فعله نجيب ساويرس ويستحق عليه التحية والدعم.
ولم يقف عبد الرحيم على بضرباته القوية لائتلاف "سيف اليزل" عند هذا الحد، وإنما تابع طريقه فاتحًا النار على رجل الائتلاف القوى، عبر رسالة حادة اللهجة وجهها له، قائلاً فيها: "أنت تهدم كل ما فعلته ثورة 30 يونيو وسعت لتحقيقه، وتجمع النواب فى قطيع واحد يقوده رجل واحد لتعطى أسوأ مثال لأسوأ برلمان فى تاريخ مصر، بعد أن كنا نفتخر به".