وأضافت الدراسة التى تقدم توصيات للاتحاد الأوروبى للتعامل مع القاهرة، أن مصر - وهى دولة يبلغ عدد سكانها 97 مليون نسمة يبلغ الناتج المحلى الإجمالى فيها أكثر من 336 مليار دولار ولها دور بارز فى الوساطة فى جهود السلام فى منطقتها - شريك حاسم لأوروبا فى إيجاد حلول للتحديات فى المنطقة الأورومتوسطية، موضحة أن أوروبا تهتم من جهتها بتعزيز الأمن والاستقرار فى البلاد التى تواجه العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن محاربة التكفيريين فى سيناء.
وتستعرض الدراسة الشاملة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية والبيئية الرئيسية لعدم الاستقرار فى مصر على مدى العقود الخمسة المقبلة، وتقدم توصيات بشأن السياسة العامة حول كيفية دعم الاتحاد الأوروبى لاستقرار مصر وازدهارها على المدى الطويل.
الديمغرافية والبطالة وتغير المناخ
ومن التحديات التى تواجه مصر خلال العقود المقبلة النمو السكانى الكبير، إذ تقدر الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2050 سيصل عدد سكان مصر إلى 150 مليون نسمة، بينما سيصل فى 2100 إلى 200 مليون، بحسب الدراسة. ويعنى النمو السكانى، إلى جانب نظام التعليم الحالى، أن الشباب المصرى غير مستعد وغير قادر على الدخول إلى سوق العمل. ومع استمرار النمو السكانى، سوف تعانى المراكز الحضرية المصرية لتوفير خدمات مثل الإسكان والصرف الصحى والرعاية الصحية والتعليم.
وفى الوقت نفسه، فإن آثار تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات فى أنماط المطر، وارتفاع مستويات سطح البحر، والزيادات المحتملة فى الأحداث المناخية الكارثية، تخلق تهديدات كبيرة للمجتمعات والقطاع الزراعى فى دلتا النيل.
إصلاحات اقتصادية طموحة
ويشيد الباحث بخطة الحكومة المصرية لتشجيع النمو الاقتصادى، من خلال خطة طموحة للإصلاح الاقتصادى بدءا من عام 2015ـ، قائلا أنه بعد عدة سنوات من النمو البطيء، هناك بعض أسباب تدعو للتفاؤل: أولا، رفع تعويم الجنيه المصرى عقبة رئيسية أمام توافر سيولة العملات الأجنبية، وثانيا، ساعدت الإصلاحات المالية على استقرار المالية العامة. ثالثا، من المرجح أن يؤدى التطور المتسارع لاحتياطيات مصر من الغاز، بما فى ذلك حقل ظهر العملاق، إلى تحسين العجز التجارى وضمان إمدادات الطاقة المحلية للسنوات العشر المقبلة. وهذا يخلق أيضا سوق تصديرية يحتمل أن تكون مربحة فى المستقبل.
ولكن لا يزال هناك تحديا قائما متمثل فى زيادة الصعوبات الاقتصادية على أغلبية المصريين لاسيما مع ارتفاع تعداد السكان.
عدم استقرار مصر يؤثر على المنطقة الأورومتوسطية
وتابع الباحث عادل عبد الغفار أن الجمع بين كل هذه التحديات يعنى أنه على مدى العقود القادمة، تعرض مصر لأى عدم استقرار من المرجح أن يكون له تأثير على المنطقة الأورومتوسطية. وتسلط أولويات الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوروبى ومصر الضوء على مخاوف أوروبا من عدم الاستقرار المحتمل وتغطى ثلاثة مواضيع عامة؛ النمو الاقتصادى المستدام والشامل للجميع؛ وإقامة شراكات أقوى فى مجال السياسة الخارجية مع التركيز على تحقيق الاستقرار فى المنطقة المشتركة؛ وتعزيز الاستقرار والأمن فى مصر، بحسب تقرير بروكينجز.
وقدمت الدراسة مجموعة من التوصيات للاتحاد الأوروبى لتعزيز لتعزيز الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى والسياسى المصرى والمساعدة فى تأمين مصالح أوروبية أوسع. أولها، ضرورة تركيز برامج مساعدة الاتحاد الأوروبى على دعم البرامج الاقتصادية الشاملة التى تفيد الشباب والنساء من خلال مبادرات مثل "مرفق الاتحاد الأوروبى للنمو الاقتصادى وخلق فرص العمل" وبرنامج الأعمال التجارية الصغيرة التابع للبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير. واعتبرت أ زيادة الفرص التعليمية لبرامج مثل إيراسموس + يمكن أن تساعد فى تثقيف المزيد من الشباب المصرى وإعدادهم لدخول سوق العمل. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمساعدة البرنامجية للاتحاد الأوروبى التى تركز على التدريب المهنى أن تساعد فى تخفيف الضغط على النظام الجامعى المصرى وتوفير المزيد من المسارات الوظيفية للشباب.
ثانيا، يجب على الاتحاد الأوروبى أيضا دعم طموحات مصر لتصبح مركزا إقليميا للغاز. وبالنسبة للاتحاد الأوروبى، فإن تجديد مصر فى مجال إنتاج الطاقة يمكن أن يعزز أمن الطاقة، حيث من المتوقع أن يستمر الطلب الأوروبى على الغاز فى النمو مع انخفاض الإنتاج المحلى، وبالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة التعاون بين دول شرق البحر المتوسط والاتحاد الأوروبى يمكن أن تساعد على تعزيز الاستقرار الإقليمي.
ثالثا، يجب على الاتحاد الأوروبى دعم المبادرات الرامية إلى تطوير واعتماد مصادر الطاقة المتجددة فى مصر. وبالإضافة إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، يمكن للطاقة المتجددة أن تحد من ارتفاع مستويات التلوث، الأمر الذى من شأنه أن يحسن صحة ونوعية الحياة للسكان مع خفض تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بمعالجة الأمراض المزمنة الناجمة عن التلوث المفرط. وستساعد زيادة توافر مصادر الطاقة المتجددة أيضا على استقرار مصر على المدى الطويل من خلال تزويد السكان بمصادر طاقة أكثر اتساقا واستدامة.
صوت أوروبى موحد
وأخيرا، خلصت الدراسة إلى أهمية تبنى موقف أوروبى موحد تجاه مصر، معتبرة أن التركيز كان على العلاقات الثنائية بين القاهرة وبين دول أوروبية بعينها، والعمل بصوت واحد سيساهم فى تعزيز هذه العلاقات.