حكايات الرعب على لسان مافيا التنقيب.. يضلون الطريق فى الجبال ويلقون حتفهم من الجوع والعطش.. والأمن يطاردهم
كتب - هدى زكريا - أحمد جمال الدين
«حسن» اسم مستعار بناء على رغبته، شاب فى الثلاثينيات من عمره، دخل مجال التنقيب عن الذهب خلال الأيام الماضية، واستمر فيه لمدة أسبوع واحد فقط، قبل أن يقرر عدم خوض التجربة مرة أخرى بعدما ألقى الأمن القبض على عشرات المنقبين عن الذهب بشكل غير شرعى.
«اتفقت مع صديق أن يكون الدليل الخاص لى فى المنطقة ويصطحبنى للأماكن التى تجرى فيها عمليات التنقيب، أمى وأبى كانا على علم بما سأقدم عليه، نظرًا لأننى اعتدت العمل فى الجبل بمفردى منذ السادسة عشرة من عمرى، وبالفعل ذهبت لمنطقة أم الرز بالبحر الأحمر بعد بورتو غالب، والمعروف فى هذا المجال أن هناك مجموعات تأتى من الوجه القبلى هى التى تقوم بعمليات التنقيب وتقيم فى الجبل لمدة لا تقل عن شهر، وخلال تلك المدة نكون معرضين لأى خطر، سواء إصابة أفرادها أو مداهمتهم من قبل قوات الأمن».
ويضيف: ذهبت للعمل بشكل فردى، ولم أنضم لمجموعات، وقررت ألا أخوض التجربة مرة أخرى، لأنها كانت غير مجدية من وجهة نظرى، فعلى سبيل المثال أنفقت على مدى أسبوع من مالى الخاص 1500 جنيه للتنقل وشراء طعام وشراب نظير 400 جنيه فقط تحصلت عليها مقابل بيع الحجارة التى جمعناها لأحد المحاجر.
«عماد» دخل مجال التنقيب بعد إدمانه
«عماد» اسم مستعار بناء على رغبته، كان موظفًا حكوميًا عاديًا يتقاضى راتبًا يراه كثيرون جيدًا وكفيلًا بأن يجعله يعيش ميسور الحال، قبل أن يتعرف على أحد رفقاء السوء ويتجه للإدمان، وتكون النتيجة أن يتم فصله من عمله، يقول: كان كل شىء يسير على ما يرام، أتكفل بالإنفاق على أسرتى، وكانت بالنسبة لنا الوظيفة الحكومية كنزًا ثمينًا، وفى يوم تعرفت على صديق كان يتعاطى مواد مخدرة اصطحبنى معه فى إحدى الجلسات وبدأت المعاناة.
ويتابع: واظبت على التعاطى إلى أن تم فصلى من الشركة التى كنت أعمل بها، فاتجهت لعمليات التنقيب، وبالفعل صعدت أكثر من مرة للجبل، كنت أخرج من الخامسة صباحا وأعود فى منتصف الليل، أو اضطر للمبيت، وظللت على هذا الحال لمدة شهرين قبل أن أضل الطريق فى إحدى المرات التى صعدت فيها للاستكشاف والتنقيب، وبقيت لمدة خمسة أيام دون طعام أو شراب.. حقيقة رأيت الموت بعينى، حتى وجدنى أحد أفراد «العبابدة»، ساكنى الجبال، وأنقذ حياتى.
ووفقًا للقانون رقم 198 لسنة 2014، تُوجه تهمة استخراج معادن طبيعية من المناجم والمحاجر بدون ترخيص من الجهات المختصة لكل من يستخرج معدنًا دون إذن مسبق، ويُعاقب القائم بالفعل بالسجن لمدة لا تقل عن العام، وغرامة لا تقل عن ربع مليون جنيه. وفى 2017 تم تعديل هذه المادة فى القانون بموجب قرار مجلس الوزراء، وأضيف لها بند خاص بحظر استيراد أدوات التنقيب إلا بعد الحصول على موافقة وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الصناعة.
وعلى الرغم من وضوح المادة القانونية السابقة، وتجريمها لعمليات التنقيب دون تراخيص وبيع الأدوات اللازمة لتلك العمليات غير الشرعية، فإن هذا لا يمنع بعض الشركات من الإعلان عن بيعها أجهزة تنقيب عن الذهب عبر صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، بعدما تنجح فى إدخالها للبلاد تحت ستار أجهزة الكشف عن المياه الجوفية.
بيع أجهزة كشف الذهب على الإنترنت.. الأسعار تتراوح بين 18 و165 ألف جنيه.. وتدخل البلاد تحت ستار الكشف عن المياه الجوفية
«نمتلك أفضل آلات وأجهزة التنقيب وبأرخص الأسعار».. هكذا بدأ «محمد»، مسؤول المبيعات فى إحدى الشركات، التى تعلن عن نشاطها لبيع أدوات التنقيب عن الذهب عبر صفحات الإنترنت، والتى يوجد مقرها فى حى المهندسين، مضيفًا أن الأسعار تبدأ من 18 إلى 165 ألف جنيه، حسب إمكانيات الجهاز، فجهاز عمق 2.5 متر ونص يصل ثمنه بـ18 ألف جنيه، وجهاز عمق 2.5 متر بـ 58 ألف جنيه، بينما عمق 4 أمتار بـ 165 ألف جنيه.
وأكد أن الأجهزة التى تباع عبر شركته تتميز عن غيرها بأنها تصلح لجميع أنواع الأراضى والتربة المختلفة، لأنها وكيل لكبرى الشركات العالمية، بحسب وصفه.
وبسؤال مسؤول المبيعات فى الشركة السابقة عن مدى مشروعية استخدام هذه الأجهزة، قال: «لا نعمل فى الخفاء، ولدينا أوراق قانونية وسجل تجارى مدون به نشاط الشركة، وهو بيع معدات التنقيب عن المعادن».
وبين عشرات الشركات التى تعلن عن بيع أجهزة كشف المعادن عبر الإنترنت كان هذا الإعلان، الذى اكتفى صاحبه بوضع سعر الجهاز وهو 2500 دولار، مشيرًا إلى أنه أرخص جهاز تصويرى فى مصر، وبالتواصل معه قال إنه يباشر نشاط البيع عبر الإنترنت فقط، الذى يمكّنه من الوصول لأكبر عدد من العملاء داخل مصر وخارجها، موضحًا أنه يوجد إقبال كبير على شراء أجهزة كشف المعادن، وتحديدًا الذهب، نظرًا لتوافره بكميات كبيرة داخل مصر.
كما توجد بعض الشركات التى تعمل على بيع أجهزة للتنقيب على أعماق كبرى، والتى يتم التواصل معها عبر أرقام دولية، أو من خلال البريد الإلكترونى، ويبدأ سعر الجهاز من 1000 إلى 9 آلاف دولار، ويعمل ذلك الجهاز على عمق 20 مترًا.
لا يقتصر عمل هذه الشركات على بيع الأجهزة، وإنما يعمل بعضها على تأجير هذه الأجهزة لمن يريد، بأسعار تبدأ من 700 إلى 1500 جنيه يوميًا، بناء على عقد يتم تحريره يطلق عليه عقد التأجير، ويتضمن الشروط الآتية: توقيع إيصال أمانة، وتوقيع شيك بقيمة الجهاز، واسترجاع جميع المستندات بعد تسليم الجهاز، شريطة تسليم الجهاز بحالة جيدة.
دورات تدريبية والاستعانة بجيولوجيين
ونظرًا لتعدد الشركات العاملة فى ذلك المجال، والمنافسة فيما بينها على اجتذاب العملاء، فإن كلاً منها يسعى لترويج بعض المميزات، ومنها تقديم دورة مجانية للعملاء الجدد على استخدام هذه الأجهزة، بجانب صيانة مجانية، ومنها إحدى الشركات التى تتخذ مقرًا لها فى مدينة نصر، والتى أشارت إلى استعانتها بجيولوجيين متخصصين للقيام بعملية البيع من أجل إرشاد العميل إلى الجهاز المناسب.
وقال الجيولوجى «محمد. ر»، كما عرف نفسه: إن أجهزة الشركة بها إمكانيات عديدة تتيح للجميع استخدامها، سواء كانوا مبتدئين أو محترفين، بجانب أنها تصلح لجميع أنواع الأراضى، لافتًا إلى أن الشركة تمنح عملاءها الجدد دورة تدريبية على الأجهزة لضمان تحقيق أفضل نتائج، موضحًا أن الشركة تتيح لعملائها الحصول على أحدث الأجهزة فى مجال التنقيب، ومنها أحد الأجهزة الذى يتمتع بإمكانيات هائلة، وعدم تأثره بالمؤثرات الخارجية، كما أنه مقاوم للتشويش، سواء كانت صادرة عن أجهزة اتصالات سلكية أو لاسلكية، وبه مواصفات عالية الجودة ومميزات فنية وتقنية فريدة، ويستطيع التنقيب على عمق 12 مترًا، ويظهر على شاشة الجهاز اسم المعدن المدفون، وصورته، وعمقه بوضوح كامل، كما تُرفق مع الجهاز أسطوانة تعريفية باللغة العربية لشرح طريقة عمل وتشغيل الجهاز.
ليس كل ما يلمع ذهباً.. الصينى نموذجاً
كتب - تامر إسماعيل صالح
مع نهاية القرن الحادى والعشرين غزا الأسواق المصرية نوع جديد من الذهب، يطلق عليه الذهب الصينى، نسبة إلى بلد المنشأ، وليس إلى نوع الذهب، لأنه بالأساس ليس ذهبًا. ورغم إدراك المصريين لذلك، فإن حبهم للمعدن النفيس جعلهم يقبلون على هذا المنتج الصينى الذى اختلف كثيرون فى تعريف مادة تصنيعه، التى جعلت سعر «الخاتم» أو «الغويشة» منه لا تتخطى 20 جنيهًا.
صاغة الذهب
«بـ200 جنيه تستطيع أن تشترى شبكة كاملة»، هكذا قال لنا فتحى الصايغ، أحد أصحاب محال الذهب، موضحًا أن سر انتشار الذهب الصينى هو حب المصريين للذهب الأصلى، وتعلقهم به، وعدم قدرة كثيرين على اقتنائه، ما جعل شبيهه الصينى الرخيص الثمن فرصة جيدة لتمتع السيدات أصحاب الظروف المادية الصعبة بارتداء إكسسوارات وحلى ذهبية الشكل بأسعار رخيصة جدًا، نافيًا أن يكون هذا النوع من المنتجات قد أثر على الذهب الحقيقى وتجارته، لأن من يشترى الذهب الصينى «زبون» مختلف، فى حين يظل الذهب الحقيقى محافظًا على مكانته كمعدن نفيس، ولم تتأثر سوق الذهب إلا بارتفاع الأسعار وليس بالذهب الصينى.
من جانبه قال وصفى أمين، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، إن أقوى الصدمات التى تلقتها سوق الذهب فى مصر هو قرار تعويم العملة فى نوفمبر 2016، وهو ما أثر على سوق الذهب.
ويضيف وصفى أن الذهب الصينى لا يمكن أن يكون بديلًا للذهب النقى، وأن الذهب عيار 14 لم يحقق نجاحًا وإقبالًا من المواطنين، لأن سعره وصل إلى أكثر من 400 جنيه. وعن الفرق بين العيارات المختلفة، قال إن عيار 21 نسبة المعدن النقى فيه تصل إلى 0.875، والباقى فضة ونحاس وقصدير، أما عيار 18 فتصل فيه نسبة الذهب النقى إلى 0.750 والباقى إضافات، وبالنسبة لذهب عيار 14 فنسبة النقى فيه تصل إلى 0.585 والباقى إضافات، وعن مستقبل أسعار الذهب قال إنه يتوقع أن تستمر أسعار الذهب فى الارتفاع، خاصة أن نسبة الشراء لا تتعدى 5%.
الدول الأكثر إنتاجاً للذهب.. أمريكا الأولى عالمياً.. والسعودية عربياً
كتبت - هدى زكريا
«الذهب» واحد من أهم ملاذات الاستثمار الآمنة لأى دولة تعانى من اضطرابات اقتصادية، لذلك تسعى كثير من الدول للاستحواذ على أكبر قدر منه ولعل هذا ما جعل مجلس الذهب العالمى يخرج فى آواخر العام الماضى، بأحدث تقاريره بشأن ترتيب الدول التى تمتلك أكبر احتياطى من الذهب على مستوى العالم.