السبت، 23 نوفمبر 2024 01:46 ص

عاجل إلى وزارة السياحة.. "برلمانى" يقدم 9 مقترحات تنقذ القطاع وتعيد لمصر سمعتها.. أفكار لرعاية السياح وإبهارهم بأقل التكاليف.. والعالم سبق بلد الآثار بعشرات السنوات فى ثقافة إرضاء الزبون

أفكار من أجل مصر

أفكار من أجل مصر أفكار من أجل مصر
السبت، 31 مارس 2018 02:00 م
أعد الملف - محمود حسن - تامر إسماعيل صالح
 - خبراء السياحة يؤكدون: الأفكار إبداعية ودول أخرى سبقتنا بأميال..  ويكشفون: سنغافورة تطبق «أبلكيشن» خاصاً ويمنحون السائح هاتفًا لاستخدامه

- الخبير السياحى عمارى عبدالعظيم: يجب استغلال فيديوهات الرحالة الأجانب ودمجها فى أعمال احترافية لتصحيح صورة مصر وجذب السياح

- نقيب السياحيين: أتمنى من الوزارة أن تعمل على إعادة على الحفلات العالمية لأنها سيكون لها دور كبير فى عودة السياحة

«السبع العجاف»، هذا هو الوصف الدقيق لما شهده قطاع السياحة فى مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، حيث واجهت السياحة المصرية أصعب مراحلها خلال تلك السنوات، وشهدت تراجعا كبيرا فى أعداد السائحين الأجانب، وتعرض القطاع لانخفاض شديد فى معدلات العمل والإشغالات بدأت فى 2011 ووصلت لذروتها فى عام 2016، ثم بدأت فى التعافى تدريجيا فى 2017 لكنها مازالت تعانى من أزمات على مستوى التسويق والتدريب والترويج واستعادة ثقة السياح أنفسهم قبل الدول.

قطاع السياحة يعانى أزمة شديدة لا ترتبط فقط بانخفاض نسب السياح الأجانب فى مصر فى 2017 لـ70% مما كانت عليه فى 2010، بل تتمثل فى أن الثروة السياحية فى مصر طاقة معطلة وغير مستغلة بالشكل الأمثل حتى فى أفضل المواسم السياحية عددا ودخلا.
 
ورغم تعاقب 4 وزراء عليها منذ 2011 حتى الآن، إلا أن أغلب المشاكل والأزمات الخاصة بالقطاع مازالت تقريبا كما هى، رغم أن وسائل وأدوات العصر تطورت بشكل كبير وتطورت معها احتياجات السياح الأجانب فى أى دولة حتى لو كانت متطورة، ناهيك عن دولة مثل مصر يواجه فيها السائحون مشكلات عديدة.
 
لذلك يبدو أنه من الأفضل أن يتوقف الحديث قليلا عن تلك الملفات العالقة التى لا تنتهى، ويبدأ العمل على إيجاد أفكار ومقترحات أكثر بساطة قادرة على اختراق الروتين والتعقيدات الحكومية، وتقدم خدمات ضرورية وتحفيزية للسياح، تسهل عليهم الحياة فى مصر، وتشعرهم أن هناك من يفكر فيهم ويدرك أهمية راحتهم فى هذا البلد.

 

 

1- إضاءة الهرم الأكبر بالأحداث العالمية واجب و«صيت» و«مكسب»

يمثل التضامن والتفاعل مع الشعوب والبلدان خاصة فى الأحداث الحزينة أهم وسائل التواصل والطمأنة بين الشعوب، خاصة لو كان ذلك التضامن سيحدث من عن طريق أهم وأقدم عجائب الدنيا وهو الهرم الأكبر، فلو استغلت الدولة مكانة هذا الأثر الكبير وجعلته منارة إضاءة مع الأحداث العالمية والدولية الكبرى على غرار برج إيفل فى فرنسا، حيث يعد ذلك من أهم الفاعليات التى يحرص عليها الفرنسيون القائمون على الترويج لبرج إيفيل مع الأحداث العالمية الكبرى التى يشهدها العالم، خاصة الأحداث الحزينة، وكان مثالا على ذلك إضاءة البرج بعلم مصر بعد حادث مسجد الروضة الإرهابى فى نوفمبر الماضى، ورغم أن وزارة السياحة قامت بذلك التقليد فى 2015 تضامنا مع حادث الطائرة الروسية فى مصر إلا أن ذلك الإجراء لم يتكرر مرة أخرى مع احداث دولية تالية.

 
لو اتبعت مصر هذا التقليد فسيعود عليها بنفع كبير حيث ستنشر كل وسائل الإعلام الدولية ذلك الحدث وسيضمن تفاعل وحب كل الشعوب التى ستدعمها مصر بإضاءة الهرم الأكبر تضامنا معها فى أى حدث، مما سيضيف أيضا على الأهرامات المصرية بعدا عالميا وإنسانيا جديد يزيد من ارتباط الشعوب الأخرى بالآثار المصرية والحضارة الفرعونية.
 
وعلق الخبير السياحى عصام على، قائلاً: إن إضاءة الهرم الأكبر ليس مجرد فكرة للترويج السياحى لمصر بل هى مسؤولية ودور إنسانى مهمل يجب أن تأديته تجاه العالم الذى يرى فى الحضارة الفرعونية وفى الأهرامات ذاكرة للإنسانية وليس لمصر فقط، مشيرا إلى أن ذلك التقليد سيعطى لبلدنا وللأهرامات دورها ومكانتها الإنسانية الحقيقية، مشيرا إلى أنه لا يتذكر أن حدث ذلك إلا وقت سقوط الطائرة الروسية حين تم إضاءة الهرم بأعلام مصر وروسيا ولبنان، لكن الأهم من ذلك أن نتضامن مع العالم من خلال معالمنا السياحية فى أحداث لا علاقة لنا بها، ما سيجعل تلك الشعوب ترتبط بمصر وبمعالمها السياحية عاطفيا وتدافع عنها ولا تصدق كل ما يقال حولها.
 
 

2- تطبيق «Egypt welcome» صديق السائح ودليله

لاشك أن مصر من الدول التى يعانى فيها السائحون من مشاكل عديدة سببها الأول، كما ذكرنا من قبل هو عدم وجود قواعد ثابتة لأوجه الحياة المختلفة، وعدم قدرة أغلب المصريين على التواصل مع السائحين باللغة الإنجليزية ناهيك عن باقى اللغات الأخرى، ويفرض ذلك الواقع على الجميع البحث عن وسيلة سهلة وشاملة ومريحة تسهل على السائحين فى مصر كل أوجه الحياة بداية من لحظة وصولهم المطار مرورا بكل المواقف التى قد يحتاجون فيها مساعدة أو نصيحة أو معلومة.

 
ومن نعم الله على الأجيال الحالية هى التطور التكنولوجى، حيث أصبح من السهل إصدار تطبيق إلكترونى شامل يكون مهمته خدمة السياح المصريين أو أى شىء يرغب فى البحث عنه كنوع من المساعدة له أثناء وقبل زيارته لمصر، ويكون من بين أبواب وخدمات ذلك التطبيق المبدئية، باب عن الفنادق وأماكن السكن بكل أشكالها وأسعارها وأماكنها، وباب عن كل الأماكن السياحية فى مصر مصنفة حسب المحافظات وتصنيف آخر حسب النوع شواطئ أو فرعونية أو إسلامية وهكذا، وباب خاص بالخدمات والأرقام السريعة، وأن يكون للتطبيق خدمة خط ساخن متاح بجميع اللغات 24 ساعة للرد على استفسارات أى سائح فى مصر، كما يضم التطبيق باب عن الأسعار وأفضل أماكن تقديم الخدمات، ويتم التحكم فى المعلومات الخاصة بذلك التطبيق من خلال وزارة السياحة التى ستقوم بدورها بوضع اشتراطات وضوابط محددة للأماكن ومقدمى الخدمات الذين سيتم وضعهم فى التطبيق، لضمان أكفأ خدمة لتحسين صورة مصر أمام السائحين، ويقترح لذلك التطبيق اسم «Egypt welcome».
 
من جانبه أشاد الخبير السياحى أشرف شيحة بفكرة التطبيق الإلكترونى «welcom egypt» موضحاً أنها فكرة جيدة وقطاع السياحة فى مصر فى حاجة إليها.
 
وتابع شيحة فى تعليقه قائلاً: «المفاجآة أن هذه الفكرة تطبقها دولة سنغافورة بل طورتها بحيث لا يتوقف الأمر عند مجرد أبليكشن يحمله السائح على الموبايل، بل إن السائح يجد جهاز موبايل كامل عليه كافة الخدمات والتطبيقات التى يحتاجها فى غرفته فى الفندق على أن يسلمه للفندق مع مغادرته له».
 
وأوضح الخبير السياحى أن هذا الموبايل يوفر خدمة التواصل المجانية والمباشرة بين السائح والفندق وبين السائح وكل أفراد أسرته الموجودين معه، كما يجد عليه جميع أرقام الخدمات التى يحتاجها خلال رحلة سفره.
 
 

3 -تاكسى السائح وداعاً للاستغلال 

من أهم المشاكل التى تواجه السياح فى مصر سواء كانوا فى زيارة فريدة أو كانوا تابعين لشركة سياحة أو بمفردهم هى أزمة المواصلات، وقد تسبب استغلال بعض سائقى التاكسى للسياح إلى ضرر كبير لسمعة السياحة المصرية، لذلك يجب أن تعمل وزارة السياحة على إطلاق تاكسى السائح تشرف عليه بنفسها يكون له تسعيرة محددة وتختار فيه السائقين ووفقا لمجموعة من الضوابط، ومن الممكن ربطه بتطبيق «Egypt welcome» ويتم انتقاء السائقين أصحاب اللغة الأجنبية والثقافة وأن يتم تدريبهم على طريقة التعامل الجيدة مع السائح وتقديم الخدمات لهم ومدهم بالمعلومات التى يريدونها، وأن يكون ذلك السائق وسيارته متواجدين دائما بالقرب من الأماكن التى يتكاثر فيها وجود السائحين ويتم توعية السائحين بأن الطرق الأفضل للمواصلات فى مصر هو ذلك التطبيق.

 
وأبدى مرة أخرى عمارى عبدالعظيم، رئيس شعبة شركات السياحة بالغرفة التجارية للقاهرة، إعجابه بهذه الفكرة أيضا، مؤكدا أنه كثير من السائحين ينقلون صورة سلبية كبيرة عن مصر بسبب قطاع سائقى التاكسى فقط، بعد تعرضهم للاستغلال فى غياب الوعى والثقافة لدى بعض سائقى التاكسى بخطورة ما يفعلونه مع السائحين. وتابع عمارى أنه يؤيد أن يكون اختيار سائق تاكسى السائح خاضع لشروط من بينها توافر لغة أجنبية، وأن يكون مدربا على التعامل مع السائحين وتقديم الخدمات والدعم الذى يحتاجونه، وألا يدخل منظومة تاكسى السائح إلا الذى تنطبق عليه الشروط التى تقرها وزارة السياحة.
 
 
4 -قناة وإذاعة مصر للسياحة مصر بالصوت والصورة

من أكثر الأشياء التى تقرب الشعوب من بعضها هى وسائل الإعلام، ولاعتبارات اللغة والثقافة المختلفة، قد لا يشعر السائح الأجنبى أثناء مجيئه إلى مصر بسهولة التواصل مع المصريين شعبا وإعلاما، ويعود ذلك لعدم إتقان أغلب المصريين للغات أجنبية، ما يستدعى إنشاء قناة وإذاعة فضائية لخدمة السائحين بلغات مختلفة أو باللغة الإنجليزية تقدم لهم كل الخدمات التى يحتاجونها فى مصر وتبث نشرات إخبارية تتضمن الأخبار السياحية التى قد تهم السائح الموجود فى مصر.

 

ومن المهم أن تتضمن تلك القناة والإذاعة توعيات ونصائح دورية للسياح وتصحح كل الصور والأخبار المغلوطة لديهم، وأن يتم توعية كل الفنادق بأن تكون تلك القناة رقم 1 على ريسيفر غرف السائحين.
 
 
وعن ذلك المقترح قال عمارى عبدالعظيم عمارى، الخبير السياحى ورئيس شعبة شركات السياحة بالغرفة التجارية للقاهرة: إن إطلاق قناة وإذاعة سياحية أنها فكرة مهمة لكن شرط ألا تكون خاضعة للحكومة حتى لا يكون مصيرها مثل مصير قنوات ماسبيرو، وأن يتم إسنادها إلى القطاع الخاص، وأن تكون الدولة مساهمة لها ومشرفة عليها وليست مالكة مستقلة لها، وأن تعتمد تلك القناة خطة ومحتوى مدروس وموضوع من قبل خبراء السياحة والإعلام.
 
 
 
5 -مكتبة أجنبية مصورة عن الأماكن السياحية 

البحث عن كلمة مصر على موقع عالمى مثل يوتيوب لن تكون نتيجته إلا مجموعة من الفيديوهات المعتمدة على مبادرات فريدة لشباب ورحالة مصريين وأجانب، فى حين أن وجود أفلام وفيديوهات احترافية تقدم الوجه الحقيقى لمصر وأماكنها السياحية أمر ضرورى ومهم فى سياق الترويج لمصر عبر تلك الوسائل التى أصبحت دليلاً أساسياً لأغلب المسافرين عبر العالم.

 
ومن بين تلك الفيديوهات ستجد عشرات الفيديوهات الخاصة بكثير من الشباب الأجانب الرحالة الذين يسافرون دولاً كثيرة فى العالم ويوثقونها بالفيديوهات، وستجد أغلبهم قد زار مصر ووثق زيارته بالفيديوهات، إلا أن تلك الفيديوهات يتوقف نفعها على العدد الموجود من المتابعين على صفحة كل منهم، فى حين أن وزارة السياحة تستطيع تجميع تلك الفيديوهات التى يتضمن أغلبها مشاهد ومواقف وشهادات فى غاية الإيجابية والجمال عن مصر، ويتم صناعة فيلم توثيقى لكل هؤلاء الرحالة المشهورين ويتم تسويق الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعى عالميا، بهدف استهداف الفئات التى تقتنع وتؤمن بأراء هؤلاء الرحالة ما سيكون له تأثير مباشر على ثقة هؤلاء فى مصر من خلال شهادات مباشرة من مواطنين مثلهم وليس حملات دعائية تفتقد لثقة الجمهور. يضاف إلى ذلك استغلال كل المشاهد السينمائية الأجنبية التى رصدت أو حكت أو ناقشت أماكن سياحية وتاريخية فى مصر، وكذلك الأفلام والمشاهد الوثائقية التى أنتجتها وأذاعتها قناة ناشيونال جيوجرافيك والمتعلقة بالأماكن السياحية فى مصر، واستغلال كل هذا المحتوى الأجنبى وإعادة بثه ونشره بعد أخذ موافقة تلك الجهات بشكل يخدم السياحة المصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
 
 
وفى ذلك السياق قال الخبير السياحى عمارى عبدالعظيم: إن هناك ضرورة جدية للاستفادة من زيارات النجوم الأجانب لمصر من خلال التسويق الجيد لهم، مبديا تأييده لضرورة استغلال فيديوهات الرحالة الأجانب الموجودة على مواقع الإنترنت ودمجها فى أعمال احترافية يتم نشرها وبثها على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى لاستهداف تصحيح صورة مصر لدى المواطنين الأجانب الذين لا يعرف بعضهم عن مصر سوى الحرب فى سيناء.


6 - أغنية تليق بجمال مصر على طريقة «ديسباسيتو»

 

4 مليارات و871 مليون مشاهدة حظيت بها أغنية ديسباسيتو على موقع «يوتيوب»، وذلك على الصفحة الرسمية للمغنى لويس فونسى، بخلاف مئات النسخ الأخرى على صفحات غير رسمية، احتوت الأغنية على لقطات متميزة من سواحل هذه البلدة الصغيرة الخلابة، كما احتوت الأغنية أيضا على كلمة «بورتريكو»، فكانت النتيجة عائدا إيجابيا على هذه الجزيرة الصغيرة الجميلة، فوفقا للصحيفة الرسمية لبورتريكو أن السياحة زادت بعد الأغنية بنسبة 45%، كما أن منظمي الرحلات السياحية أدرجوا مواقع تصوير الأغنية ضمن الجولات السياحية وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الروسية سبوتنيك.

 
أما موقع «trip advisor» المختص فى السياحة، فقد سجل زيادة فى حجز الفنادق عبره خلال موسم الصيف بنسبة 24%، وزادت عائدات الحجوزات إلى بورتريكو على موقع «إكسبيديا» للسفر والسياحة بنسبة 10% وفقا لما ذكرته وكالة سبوتنك الروسية، أما لويس فونسى فقد تم تعيينه فى أغسطس من عام 2017 سفيرا للسياحة فى هذه الجزيرة.
 
 
الدكتور زين الشيخ، خبير السياحة العالمية، أكد أن القوى الناعمة المتمثلة فى الأغانى والأفلام والمسلسلات هى واحدة من أهم وسائل الجذب السياحى التى يعمل العالم بأكمله عليها بقوة من أجل مزيد من تنشيط السياحة، ضاربا المثل بدولة مثل تركيا التى نجحت فى اجتذاب قطاعات واسعة جدا من السياحة بفضل المسلسلات التركية وانتشارها، وتصويرها فى أهم أماكن الجذب السياحى، ما أعطى فى النهاية انطباعا للمشاهدين بما يمكن أن يجده فى تركيا عند زيارتها، بالإضافة لاستمتاعه بالمسلسل وإخراجه وحكايته. 
وأضاف الشيخ فى تصريح لـ«اليوم السابع»، أن من بين الدول التى نجحت فى اجتذاب السياحة بفضل تلك «القوة الناعمة» كانت الهند التى نقلت ثقافتها وجمالها وتميزها وتراثها الفريد إلى العالم عبر السينما الهندية وبوليود التى تعد ثانى أكبر صناعة سينما فى العالم حاليا بعد هوليود، فالسائح لا يأتى فقط من أجل زيارة الآثار، بل ليشاهد ثقافة ومجتمع مختلفا عن مجتمعه، لذا فإن الغناء والسينما والموسيقى وكل العناصر الفنية لها أهميتها القصوى فى الجذب السياحى. 
 
 
وتابع خبير السياحة العالمية، بقوله إننا لا نحتاج حتى أن نرى ما فعلته الدراما التركية أو السينما الهندية، والموسيقى اللاتينية فى بورتريكو لاجتذاب السائحين، فلدينا نموذج تاريخى هنا حاضر فى مصر إذا قمنا باسترجاعه، ألا وهو سينما الستنينيات والسبعينيات التى خلقت بالأصل من مصر مقصدا سياحيا لدى السائح العربى، ونقلت ثقافة مصرية خالصة إلى هناك، بل إننا يمكن أيضا ألا نذهب بالذاكرة إلى بعيد بل إن مسلسلا مثل «جراند أوتيل» الذى تم تصويره بأحد الفنادق التاريخية فى أسوان، نجح فى اجتذاب المئات من عناصر السياحة الداخلية إلى ذلك الفندق الذى أصبحت حجراته مشغولة بنسبة 100% لأشهر طويلة بفضل هذا المسلسل الذى تم تصويره فيه. 
 
 
وطالب الدكتور زين الدين الشيخ خبير السياحة العالمية، الفنانين المصريين بأن يقوموا بالتصوير فى الأماكن السياحية والمعالم الشهيرة، وإبراز الجمال المنسى ومواطنه فى مصر لما فى ذلك من مردود إيجابى للغاية، مؤكدا أن اتجاها مثل هذا قادر على خلق طفرة فى كل من السياحة والفن، على حد سواء.
 

7 - حفلات نجوم الغناء العالمى «الأجانب بيصدقوا نجومهم»

 

فى عام 2007 زارت النجمة العالمية شاكيرا مصر، وأحيت حفلا أسطوريا تحت سفح الهرم فى واحدة من أجمل حفلات تلك الفنانة التى تجمع مزيجا خاصا بين سحر الشرق وأجواء أمريكا اللاتينية والروح الغربية، مازالت مقاطع فيديو كثيرة من الحفلة موجودة على موقع «يوتيوب»، وتحظى بمشاهدات متزايدة وتعليقات حديثة، ولعل أشهر تلك المقاطع هو المقطع التى غنت فيه شاكيرا جزءا من أغنية «أنت عمرى» لكوكب الشرق أم كلثوم. لم تكن شاكيرا هى الوحيدة التى قدمت لتحيى حفلا أسطوريا فى مصر، ففى عام 2009 أيضا قدمت الفنانة العالمية بيونسيه حفلا فى الغردقة حضره 5 آلاف شخص، كما حظيت زيارة النجمة العالمية إلى الأهرامات بمتابعة كبيرة وقتها خاصة فى ظل ارتدائها الملابس الفرعونية، كما أن بيونسيه التقطت عددا من أشهر الصور لها بالأزياء الفرعونية فى محيط الهرم وداخله، ولعل بيونسيه افتتنت بهذه الزيارة بشكل خاص، إذ أن التقارير الصحفية أشارت إلى أن المطربة العالمية بات لديها اعتقاد خاص بأنها أميرة فرعونية.
 
 
زار مصر أيضا فى عام 2014 انريكى إجلاسيس المطرب العالمى الذى أحيا حفلا كبيرا فى منطقة العين السخنة، وهى الزيارة الثانية له لمصر بعد حفل أحياه عام 2003، كما أحيا الموسيقار العالمى يانى حفلا تحت سفح الهرم فى عام 2015، وكان من آخر النجوم الذين شاركوا فى إحياء الحفلات السياحية الفنان لويس فونسى صاحب أغنية «ديسباسيتو« مصر، حيث أحيا حفلا فى الساحل الشمالى.
 
 
لذا فمن الممكن الاعتماد على أحد المطربين الأجانب المشهورين فى تصوير إحدى أغانيه بين الآثار والمقاصد السياحية المصرية، فسوف يمثل ذلك نقلة نوعية كبيرة تجذب كل محبى وعشاق هؤلاء المطربين.
 
 
الحفلات العالمية وسيلة جذب رائعة لعدد من السياح كما يقول باسم حلقة «نقيب السياحيين» لـ«اليوم السابع»، حيث ضرب مثالاً بالحفلات التى تحييها إيطاليا فى ساحة الدومو بمدينة ميلانو، حيث إن أحد عناصر الجذب السياحى هناك هو إقامة حفلات عالمية بصفة دورية تكون عنصر جاذب من كل الدول الأوروبية، حيث يتم الإعلان عن هذه الحفلات فى جميع أرجاء أوروبا وتنظيم رحلات سياحية لحضور هذه الحفلات فقط، وهى الحفلات التى تحقق انتعاشا كبيرا فى مكاسب السياحة الإيطالية.
 
 
نقيب السياحيين أضاف لـ«برلمانى» أن إقامة الحفلة فى حد ذاته أمر جيد، حيث يخلق ارتباطا ذهنيا لدى المشاهد العالمى الذى لم يحضر هذه الحفلات بالآثار المصرية والتاريخ المصرى، مما يدفعه ليضع المكان دوما فى ذهنه كأحد الأماكن التى يخطط لزيارتها، لكن العنصر المهم لإقامة هذه الحفلات هو أن تقام تلك الحفلات بالتنسيق بين الدولة وشركات السياحة، بمعنى أنه إذا أقامت الدولة حفلا غنائيا لمطرب عالمى عليها أن تخطر العاملين فى حقل السياحة للتسويق لها، بدلا من أن نعمل فى جزر منعزلة بدون خطة وتنسيق مسبق وبدون أن نضع هدفا لهذه الحفلات فتكون أقامتها كعدمه، موضحا أن التنظيم السليم لهذه الحفلات يجب أن يتضمن بالإضافة لفاعلية حضور الحفلة برنامجا سياحيا موازيا يستمر لمدة يومين أو ثلاثة أيام لزيارة المعالم السياحية المحيطة بموقع إقامة الحفل، سواء كان فى الأقصر وأسوان، أو القاهرة، أو حتى أماكن السياحة الشاطئية. نقيب السياحيين أبدى تفاؤلاً أيضاً بجهود وزيرة السياحة رانيا المشاط قائلا: إنه يتمنى أن تعمل على خطة إحياء هذه الحفلات فى مصر بالتنسيق مع غرفة السياحة، بحيث يعمل الجميع دولة وقطاع خاص على تنظيم برامج سياحية على مثل هذه الفعاليات العالمية والتسويق لها سواء كان فى القطاع الخاص أو فى مكاتب هيئة التنسيط والسفارات المصرية.
 
 
وشدد بسام الحلقة على أن الحفلات فى الخارج هى جزء من المخططات السياحية، ويتم إجادة استخدام هذه الحفلات بحيث تكون عنصر جذب مهم جدا، كما أن إشراك الطيران الوطنى متمثلا فى شركة «مصر للطيران» أمر مهم وحيوى، لأن سعر تذكرة الطيران أحيانا قد يكون حاسما فى العديد من البرامج السياحية وهو القادر على إنجاح البرنامج أو إفشاله.
 

8 - مبادرات شباب «اللى بيطلع من القلب بيروح للقلب»
 
لا تقوم السياحة فقط كمنظومة على الدولة، بل هى منظومة اجتماعية شاملة يقوم بها المجتمع بأكمله، وفى العديد من دول العالم تقوم الجهود المدنية على المشاركة فى تنمية هذا القطاع الحيوى والمهم بجهود منظمة وتطوعية.
 
 
وفى خلال الأعوام الماضية شاهدنا مثل هذه الجهود من الشباب المصرى فى نشر التوعية الأثرية والترويج للسياحة المصرية، مثل مبادرة «المماليك» التى قدمها أحد الباحثين فى التاريخ الإسلامى، وهو يوسف أسامة، الذى قام بعمل مبادرة تطوعية تستهدف تنشيط السياحة الداخلية عبر جمع مجموعة من الأشخاص لشرح تاريخ الآثار الإسلامية غير المعروفة، وكذلك تصوير تلك الآثار وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعى. 
 
 
وكان هناك أيضا مبادرة المرشدة السياحية بسنت نور الدين، التى قامت بتصوير عدد من الفيديوهات فى العديد من المعالم الاثرية والسياحية بأسلوب بسيط الذى تقوم فيه بتعريف المصريين بعدد من المعالم السياحية والأثرية فى مصر. 
 
 
النائب محمد عبده، عضو لجنة السياحة بالبرلمان أكد أن مثل هذه المبادرات الموجهة للداخل لها كبير الأثر داخليا للحفاظ على الآثار والاهتمام بقيمتها، فتثقيف المواطنين وتعريفهم بقيمة تاريخهم وأهميته للبشرية، فهذه واحدة من أهم سبل تنشيط السياحة، ورفع الوعى بأن الأثر ليس ملكا فقط لمصر بل للبشرية كلها. 
 
 
وأضاف عبده فى تصريح لـ«برلمانى» أن الدولة عليها أيضا أن تطور مثل هذه المبادرات وتدعمها، بأن تأخذ هذه الفيديوهات وتقوم بترجمتها إلى العديد من اللغات ثم تقوم المكاتب الثقافية للسفارات المصرية المنتشرة فى أنحاء العالم بالترويج لهذه الفيديوهات التعريفية كجزء من الأنشطة الثقافية لهذه الآثار. 
 
 
واقترح محمد عبده أيضاً أن يتم تطوير مثل هذه المبادرات، قائلاً: تخيل مثلا لو استعنا بشخص معروف فى العالم كله مثل الدكتور مجدى يعقوب، أو اللاعب محمد صلاح أو غيرهم فى أحد هذه الفيديوهات، ويقوم هذا الشخص المعروف عالميا بالتعريف بالآثار أو مشاركة صاحب المبادرة فى أحد الفيديوهات كمستمع وزائر لهذه الآثار، فعندها سنكون قد حولنا الفيديو من فيديو محلى إلى فيديو عالمى يتابعه محبين ومعجبين الشخصيات العالمية. 
 
 
وأكد النائب البرلمانى وعضو لجنة السياحة أنه سيتواصل مع وزارتى السياحة والآثار، من أجل تبنى الدولة لهذه المبادراة والمساعدة فى تذليل أى عقبات قد تقف فى طريقها، واصفا تلك المبادرات بالعمل الإيجابى الذى يجب رعايته والحصر على انتشاره وتطويره. 

9 - التوعية ودعم المشروعات السياحية الانطباع الأول يدو 

إذا أردت أن تزور بلدا معينا فإنك بالقطع لن تلتقى فى رحلتك السياحية بالآثار والمعالم التاريخية فقط، بل إنك بالقطع ستلتقى بأهل هذا البلد وعاداتهم وثقافاتهم، وكذلك شوارعهم وطرقهم، لذا فإن العمل على تنمية الوعى الثقافى بأهمية السياحة ورفع معايير البيئة التى تستقبل السائحين هو فيصل أساسى.

 
النائب البرلمانى عمرو صدقى واحد من أهم الخبراء بمجال السياحة فى مصر، فقد شغل سابقا منصب نائب رئيس غرفة السياحة المصرية، وكذلك منصب وكيل لجنة السياحة بالبرلمان، أكد أن البلد الذى يزوره السائح يتكون لديه خبرة تراكمية بالانطباع، فإذا قدمت عن طريق الطيران الوطنى ستكون الخدمة، وطريقة الاستقبال فى المطار، والمشاهد التى تشاهدها للبلد حين خروجك من المطار، لذا فإن سلوكيات مثل انتظار طويل فى المطار لحين وصول الحقائب، أو سائق تاكسى يقوم بسحبك من ذراعك كى تركب معه، وسلوكيات مثل هذه قد يعتبرها البعض طبيعية تساعد على تكوين انطباع خاطئ ومزعج للغاية لدى السائح. 
 
 
وأضاف صدقى فى تصريح خاص لـ«برلمانى» أنه لابد أن يتم خلق حالة من الوعى الجمعى لدى المصريين بأن كل سائح يأتى هو بمثابة «طوبة» فى بناء الاقتصاد المصرى يجب الحفاظ عليه والتعامل معه بحب وحرص وهو الأمر الذى سيأخذ وقتا طويلا، لكن يمكن القيام به عبر مبادرات شبابية منظمة تعمل على تهيئة المناخ المناسب للسياحة، مقترحا مثلا مبادرة تكوين تجمعات للشباب لتنظيف شوارع مناطقهم تحت شعار «جعل بلدك نضيفة يجعلها غنية»، بأن تخلق هذه المجموعات شوارع نظيفة فى البداية قبل أن تنقل الوعى للمواطنين الساكنين فيها بأهمية الحفاظ على نظافة المدينة لجذب السياحة، قائلا: إن مبادرات مثل هذه نجحت فى دول مثل إسبانيا التى يلجأ مثلا بعض سكانها للسفر إلى الريف لجعل المدن خاوية وغير مزدحمة بالسكان، هو أمر يجعل إسبانيا مثلا بلدا قادرة على جذب ما بين 60 إلى 80 مليون سائح، ما يعود فى النهاية عليهم بمردود اقتصادى قوى. 
 
 
وتابع الخبير السياحى، إن هذا المجهود يجب أن يتم تنظيمه فى إطار المجتمع المدنى، ضاربا المثال بجمعية «سياحة مصر وتنمية البيئة»، قائلا: إن هذه الجمعية تضم شبابا يعملون على تهيئة هذه البيئة السياحية، وضرب المثل أيضا بفكرة «جمعيات الصداقة» التى يقوم الشباب المصريون بإنشائها مع أجانب مقيمين هنا فى مصر التى تهتم أيضا بنقل صورة إيجابية عن مصر.  واحدة من المبادرات الشبابية لرفع الوعى التى ضرب بها النائب البرلمانى عمرو صدقى المثال هى المبادرة التى قامت بها عدد من الجمعيات فى البحر الأحمر بالمشاركة مع الدولة ورجال الأعمال، عن طريق تنظيم دعوة لشباب أوروبيين للقدوم إلى مصر والإقامة مجانا، شريطة أن يشاركوا 5 ساعات يومياً فى حملة لتنظيف مياه البحر الأحمر من النفايات البلاستيكية، قائلا: إن نجاح هذه الحملة التى نظمها أشخاص بمجهود فردى جعلت بعض المدارس والجامعات فى الخارج تطلب المشاركة فى هذه الحملة لطلابها مع السماح لهم بعمل أبحاث عن الشعاب المرجانية أثناء مشاركتهم فيها. 
 
 
وأكد صدقى أن على الدولة ورجال الأعمال والحكومة ومتخذى القرار فى المقابل التواصل مع هؤلاء الشباب، ومساعدتهم فى إدارة مشروعاتهم التنموية لرفع الوعى السياحى وتهيئة البلاد سياحيا، بحيث يساعدونهم فى وضع خطط ومهام يمكن إنجازها على مستوى قطاعات، ويكون الوصول للهدف فيها سهلا لرفع الروح المعنوية.
 
 
واختتم صدقى حديثه قائلا: إن رفع الوعى السياحى، وتهيئة مصر لاستقبال السائحين هى حجر الأساس، وأى مجهود آخر للدعاية للسياحة قبل خلق هذا الوعى سيظل مهدراً، فالتوعية الداخلية هى الأساس الذى يمكن أن نبنى عليه أى تقدم.
 

 


print