ومع التطور التكنولوجى الذى يعيشه العالم فى كافة المجالات على مدار قرون ممتدة من الاكتشافات والابتكارات العلمية، أصبح "السم" فى مطلع الألفية الثالثة فى التكنولوجيا المتطورة وليس فى الدواء أو الطعام، فلم يكد العالم ينسى هوس تأثير لعبة "بوكيمون جو" الشهيرة وإدمانها من كثيرين، حتى ظهرت لعبة جديدة تبدو أنها أخطر بكثير من سابقتها، حيث تنتهى اللعبة التى تستهدف الأطفال والمراهقين بنتيجة وحيدة وهى "الانتحار".
وفى غضون أيام قليلة، انتشرت لعبة "الحوت الأزرق" فى الوطن العربى انتشار النار فى الهشيم، والتى تزامن معها حالات انتحار ومحاولات انتحار فى العديد من البلدان العربية منها الجزائر والمغرب ومصر والكويت والسعودية، وكذلك كان لتلك اللعبة الخطرة ضحايا فى روسيا وأوكرانيا.
ومن ضحايا لعبة "الحوت الأزرق"، انتحار طفلين فى الجزائر بعد أيام من الإدمان على اللعبة، وقبل هذه الحادثة فى الجزائر تسببت اللعبة كذلك فى انتحار الطفلة أنجلينا دافيدوفا، البالغة من العمر 12 عامًا، من الطابق الـ14 فى روسيا، والطفلة فيلينا بيفن، 15 عاماً، التى قفزت من الطابق الـ13 بمنزلها فى أوكرانيا وتوفيت على الفور، كما توفيت الطفلة خلود سرحان العازمى، 12 عاماً، فى السعودية، وخالد الفخرانى، فى مصر، بسبب اللعبة نفسها، ودفعت حالات الانتحار المتسارعة مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعى لتدشين حملات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى من أجل تحذير أولياء الأمور والأطفال من مخاطر هذه اللعبة ودعوة الأباء والأمهات لمراقبة استخدام أبنائهم لشبكة الإنترنت.
ما هى لعبة "الحوت الأزرق"؟ ولماذا تدفع الأطفال والمراهقين نحو الانتحار؟وقبل الخوض فى تفاصيل حالات الانتحار، علينا التعرف على بعض تفاصيل لعبة "الحوت الأزرق"، وكيفية تأسيسها، وكذلك التعرف على الدوافع التى تجذب الأطفال والمراهقين الذين يلعبونها نحو الانتحار، فبحسب صحيفة "النهار" اللبنانية، فإن لعبة "الحوت الأزرق" أو الـ"blue whale"، هى تطبيق يحمل على أجهزة الهواتف الذكية وتتكون من 50 مهمة، تستهدف المراهقين بين 12 و16 عامًا، وبعد أن يقوم المراهق بالتسجيل لخوض التحدى، يطلب منه نقش الرمز التالى "F57" أو رسم "الحوت الأزرق" على الذراع بأداة حادة، ومن ثم إرسال صورة للمسئول للتأكد من أن الشخص قد دخل فى اللعبة فعلًا.
وبحسب ما نشرته شبكة "العربية" الإخبارية، فبعد ذلك يعطى الشخص المسئول أمرًا بالاستيقاظ فى وقت مبكر جدًا، عند 4:20 فجرًا مثلًا، ليصل إليه مقطع فيديو مصحوب بموسيقى غريبة تضعه فى حالة نفسية كئيبة، وتستمر المهمات التى تشمل مشاهدة أفلام رعب والصعود إلى سطح المنزل أو الجسر بهدف التغلب على الخوف.
وفى منتصف المهمات، على الشخص محادثة أحد المسئولين عن اللعبة لكسب الثقة والتحول إلى "حوت أزرق"، وبعد كسب الثقة يطلب من الشخص ألا يكلم أحدًا بعد ذلك، ويستمر فى التسبب بجروح لنفسه مع مشاهدة أفلام الرعب، إلى أن يصل اليوم الـ50، الذى يطلب فيه منه الانتحار إما بالقفز من النافذة أو الطعن بسكين، ولا يسمح للمشتركين بالانسحاب من هذه اللعبة، وإن حاول أحدهم فعل ذلك فإن المسئولين عن اللعبة يهددون الشخص الذى على وشك الانسحاب ويبتزونه بالمعلومات التى أعطاهم إياها لمحاولة اكتساب الثقة، ويهدد القائمون على اللعبة المشاركين الذين يفكرون فى الانسحاب بقتلهم مع أفراد عائلاتهم.
كيف تأسست لعبة "الحوت الأزرق"؟
وبحسب "العربية"، ففى مقال نشره موقع "الديلى ميل" البريطانى، أوضح أن مخترع هذه اللعبة روسى يُدعى فيليب بوديكين، بالغ من العمر 21 عامًا، وقد اتهم بتحريض نحو 16 طالبة بعد مشاركتهن فى اللعبة، واعترف "بوديكين" بالجرائم التى تسبب بحدوثها، واعتبرها محاولة تنظيف للمجتمع من النفايات البيولوجية، التى كانت ستؤذى المجتمع لاحقًا، وأضاف أن جميع من خاض هذه اللعبة هم سعداء بالموت.
وبدأ بوديكين، محاولاته عام 2013 عن طريق دعوة مجموعة من الأطفال إلى موقع vk.com، وأولاهم مهمة جذب أكبر قدر ممكن من الأطفال وأوكل إليهم مهمات بسيطة، يبدأ على إثرها العديد منهم بالانسحاب، ويكلف من تبقى منهم مهمات أصعب وأقسى كالوقوف على حافة سطح المنزل أو التسبب بجروح فى الجسد، والقلة القليلة التى تتبع كل ما أملى عليها بشكل أعمى هى التى تستمر.
وتكون هذه المجموعة الصغيرة على استعداد لفعل المستحيل للبقاء ضمن السرب، ويعمل الإداريون على التأكد من جعل الأطفال يمضون قدماً فى اللعبة، وكان "بوديكين"، يستهدف من لديهم مشاكل عائلية أو اجتماعية، ولكن "بوديكين" حاليًا فى السجن، كما أن المجموعات الخاصة بهذه اللعبة فى صفحات التواصل الإجتماعى والتى تميز نفسها برمز "F57"، أغلقت من قبل إدارة الموقع، وفقاً لـ"الديلى ميل"، ومن خلال تلك المعلومات نصل إلى أنه لعل عامل الجذب الرئيسى نحو هذه اللعبة من الأطفال هى أنها تؤمن لهم مكاناً إفتراضياً يحاولون إثبات أنفسهم فيه، لاسيما لأولئك الأطفال غير المندمجين مع محيطهم، وبعد أن تشعرهم هذه اللعبة بالانتماء وبأنهم أشخاص مهمون وذوو سلطة، تجذب نحو الانتحار.
حملات توعية لأولياء الأمور والمراهقين من خطر لعبة "الحوت الأزرق"
وفى حين حذرت العديد من وسائل الإعلام، الآباء من هذه اللعبة القاتلة، إلا أن العديد من المراهقين لا يزالون يلعبونها فى السر، ولهذا فحسب ما نشرته شبكة "العربية" الإخبارية، حدد عدد من الخبراء بعض العلامات التى تظهر على الأطفال والمراهقين للتأكد من ممارسة أبنائهم تلك اللعبة الخطرة أو غيرها من الألعاب التى تشجع الأطفال على السلوك العدوانى، من عدمه، وذلك انطلاقًا من أن التوعية هنا والمراقبة من الأهل هى الحل الأمثل والوحيد حاليًا لمنع الأطفال والمراهقين من الدخول فى هذا العالم، وذلك على أمل التوصل إلى حل لحظر تلك اللعبة وغيرها من الألعاب التى تمثل خطورة على حياة وسلوكيات الأطفال والمراهقين.
ووفق الخبراء، فإن هناك 11 علامة تظهر على ممارسى لعبة "الحوت الأزرق"، وهى، "إذا كان طفلك يقضى ساعات طويلة فى استخدام الأجهزة الذكية دون أن يشاركك نوع الألعاب التى يلعبها"، "إذا كان طفلك ينام لساعات طويلة خلال اليوم ويستيقظ طوال الليل، تقريبا كل التحديات تبدأ فى الساعة 4.20 صباحا"، "إذا كان قد بدأ فى إغلاق باب غرفته"، "إذا ظهرت علامات خدوش على ذراعيه أو فخذيه"، "إذا بدأ فجأة فى مشاهدة أفلام الرعب أو أفلام الإثارة بطريقة غريبة، بعيدا عن الفضول"، "إذا كان يضع تحديثات وعبارات وصورا غريبة على صفحات التواصل الاجتماعى".
ومن العلامات الـ11 التى تظهر على ممارسى اللعبة، أيضًا، "إذا بدأ فى قضاء الوقت على الشرفة وحده غارقا فى التفكير"، "إذا تعاطف مع الأطفال الذين ينتحرون"، "إذا بدأ بالانسحاب من الأهل والأصدقاء بحجة أن لا أحد يحبه"، "إذا أصيب بنوبات مفاجئة من الغضب"، "إذا فقد اهتمامه بالأنشطة التى كان يستمتع بها فى وقت سابق".
مصر.. خالد الفخرانى ينتحر بسبب لعبة "الحوت الأزرق"
وبالتطرق إلى توضيح بعض تفاصيل سقوط ضحايا لعبة "الحوت الأزرق" المميتة، نجد الدكتورة ياسمين الفخرانى، ابنة البرلمانى المصرى السابق حمدى الفخرانى، التى فجرت مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلنت أن سبب انتحار شقيقها خالد، هو لعبة "الحوت الأزرق"، وذلك حسب شبكة "العربية" الإخبارية.
استنفار فى الجزائر للقضاء على لعبة "الحوت الأزرق"ومن جهتها، بدأت السلطات الجزائرية خطوات لاتخاذ قرار بحجب تطبيق لعبة "الحوت الأزرق"، بعد الاشتباه بتسببها، فى أقل من شهر، بانتحار 6 أطفال ومراهقين، ولكن رغم أن الحكومة قدمت المساعدة لذوى الضحايا وذوى الناجين، إلا أنها وصلت لنتيجة أخيرة وهى أنه لا يمكن حجب هذه اللعبة، ودعت إلى ضرورة التوعية وفرض رقابة على تحميل الأطفال لبعض التطبيقات التى تستهدف براءتهم.
ومن جهتها دعت وزيرة التربية الجزائرية، نورية بن غبريط، إلى ضرورة تكافل وتكثيف الجهود بين مختلف القطاعات من وزارة التربية وحتى وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال، بصفتها المسئولة عن حماية الفضاء السيبرانى، وحتى وزارة العدل، من أجل التصدى للعواقب الوخيمة الناجمة عن استعمال الأطفال والمراهقين للألعاب الإلكترونية، وذلك حسب شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية.
لعبة "الحوت الأزرق" كادت تودى بحياة طفلين فى المغربكما سجلت السلطات المحلية المغربية فى مدينة بن جرير بضواحى مراكش، خلال أسبوع واحد تقريبًا، حالتين لضحايا لعبة "الحوت الأزرق"، التى أودت بحياة العديد من المراهقين عبر العالم، وقد وصل الطفل "إبراهيم ذو" البالغ من العمر 12 عامًا، وتلميذة فى المدرسة عمرها 14 عامًا، لمراحل متقدمة من اللعبة القاتلة فى غفلة من أولياء أمورهما والمحيطين بهما، وكانا فى طريقهما للانتحار، لولا تدخل الوالدين فى حالة الطفل الأول، وتلاميذ من المدرسة التى ترتادها الفتاة الذين اكتشفوا رسم الحوت على يدها وقاموا بإبلاغ مدير المدرسة.
وقال والد الطفل إبراهيم، إنه اكتشف بالصدفة رسم الحوت على ذراع الابن، لم يكن الرسم بواسطة شفرة الحلاقة كما يطلب من الضحايا عادة من قبل المشرفين على اللعبة، بل رسم بقلم حبر جاف فقط، بحسب ما نشرته شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية.
وأضاف الأب "سألناه عن أمر الرسم فأجابنا أنه يخص لعبة "الحوت الأزرق" التى لم نكن نعرفها ولا سمعنا عنها من قبل"، مشيرًا إلى إنه أخذ ابنه جانبا وبدأ يسأله عن سر هذه اللعبة، وماذا يعنى رسم الحوت؟، فكانت المفاجأة حين أخبره أنه مجموعة من المراحل الخطيرة فى اللعبة كما طلب منه المشرفون عليها، وكانت آخرها أنه قفز رفقة صديق له من أعلى حافلة بينما كانت تسير بسرعة وسط الطريق، مما دفع الأب إلى التوجه للجهات الأمنية المختصة، وبعدها خضع الطفل لعلاج نفسى مكثف، وبدأ يتماثل للشفاء ليعود للمدرسة حيث يتابع دراسته بالصف السابع بإحدى الإعداديات بمدينة ابن جرير.
حالتان انتحار فى المغرب و3 حالات آخرى بالكويتومع ظهور ضحية للحوت الأزرق، نظمت السلطات المحلية المغربية، بمدينة بن جرير، لقاء توعويا للآباء والمسئولين فى المدينة من أجل اليقظة ومراقبة الأطفال، قبل أن تضاف ضحية جديدة بسبب اللعبة القاتلة، وفى الكويت، تحقق السلطات، فى 3 حالات انتحار فى أقل من شهر يعتقد أنها مرتبطة بلعبة "تحدى الحوت الأزرق".
"تشارلى" لعبة جديدة منتشرة بين الشباب الليبى وتؤدى إلى الانتحارويبدو أن لعبة "الحوت الأزرق" ليست هى اللعبة الإلكترونية الوحيدة التى تهدد حياة البشر، بل هناك ألعابًا أخرى يمكن أن تنتشر فى شباب وأطفال العالم العربى، مما يستوجب الحذر، ففى ليبيا، بمدينة البيضاء، شمال شرق البلاد، وصلت حالات محاولات الانتحار - غالبيتها من أطفال - إلى 11 حالة، توفيت جراءها 7 حالات فقط، فيما لم تستطع وزارة الداخلية سوى اتهام شيطان مكسيكى فى لعبة، وذلك حسب ما نشرته "CNN" بالعربية.
وأعلن مدير إدارة الإعلام والتوثيق بوزارة الصحة فى الحكومة المؤقتة، معتز الطرابلسى، يوم الجمعة الماضى، أن محاولات الانتحار وصلت إلى 10 بمدينة مدينة، جرى إنقاذ 4 فقط، فيما تحدثت مصادر إعلامية عن وفاة طفلة أخرى، الأحد، إثر انتحارها عبر شنق نفسها وتناول كمية كبيرة من الأدوية، مما يرفع حصيلة من توفوا انتحارا بالأسابيع الماضية إلى 7 أشخاص.
وأصدرت وزارة الداخلية، بيانًا، جاء فيه "أن هناك لعبة تنتشر بين الشباب اسمها "تشارلى"، يعود أصلها إلى "شيطان مكسيكى كما تروى الأساطير يتم استحضاره داخل هذه اللعبة بما يدخل فى نطاق الشركيات التى ينهى عنها ديننا الحنيف"، وتابعت الداخليةـ أن "هذه اللعبة لم تكن مشهورة عالميًا حتى اجتاحت الإنترنت، وإن ممارسيها ملزمون وفق قواعدها بوضع قلمين فوق بعضهما على شكل صليب فى ورقة يدون عليها من جهتين متقابلتين كلمتى (Yes وNo) ويستمر اللاعبون فى مناداة "تشارلى"، حتى يتحرك القلم بعد التلفظ ببعض الطلاسم والألفاظ الغريبة".
وأضافت الوزارة - التى وصفت اللعبة بالخطر على الأمن القوى - أن الشباب الذين يلعبون هذه اللعبة تحدث لهم أعراض غريبة وكوابيس وأمراض نفسية تصل إلى حد الانتحار، مطالبة من الجهات المعنية التنبيه إلى مخاطر هذه الألعاب والثقافات والعادات المحرمة والغريبة على الدين الإسلامى والقيم والعادات الليبية.
وفى هذا الصدد، نفى معتز الطرابلسى، أن تكون حبوب الهلوسة هى سبب الانتحار، متحدثًا عن أن سبب الوفاة هو "الشنق"، وهو نفس ما نقله رئيس مكتب المعلومات بجهاز مكافحة المخدرات، والمكلف بملف الأقراص المخدرة ولجنة الانتحار، رافع الكاسح، إذ نفى حيازة أقراص مخدرة من نوعية "الفيل الأزرق" قيل إنها سبب الوفاة، فيما شكلت الحكومة المؤقتة التى تبسط سيطرتها على الشرق الليبى، لجنة تحقيق تضم عدة خبراء فى هذه القضية التى شغلت الرأى العام، فيما تترواح أعمار محاولى الانتحار بين 9 سنوات و19 سنة، إضافة إلى سيدتين تبلغان من العمر 25 و45 عاما.