وبدأت تركيا خطة محكمة للتقارب مع عدد من ممثلى القبائل الليبية من الطوارق، فى خطوة تعكس محاكاة الاستراتيجية التركية فى سوريا بدعم مجموعات محددة فى صراع محلى بغية جنى ثمارها على الصعيدين الدولى والإقليمى.
وأكدت مصادر ليبية لـ"برلمانى"، على أن تركيا تحاول زعزعة الأمن والاستقرار فى جنوب ليبيا عبر التعاون مع أطراف قبلية تعمل على تهريب ثروات ليبيا وتحديدا الذهب، موضحة أن المخابرات التركية تسعى لتوسيع نفوذها جنوب ليبيا والهيمنة على تلك المنطقة فى إطار استراتيجيتها لنهب ثروات ليبيا.
وأوضحت المصادر، أن تركيا تسعى للتوسع والتغلغل فى القارة الأفريقية عبر البوابة الليبية، مؤكدة على أن المخابرات التركية بدأت تنشط فى عدد من دول القارة السمراء التى ترتبط مصالحها بالأوضاع فى ليبيا.
وبدأ وفد من قبائل الطوارق يضم عددا من الرموز المحلية زيارة لتركيا أول إبريل الجارى وهى الزيارة التى تستمر الآن، حيث يتألف وفد الطوارق من ثمانية من شيوخ الطوارق وبعض الشخصيات الليبية المؤيدين لتركيا.
ووفق عدد من المراقبين فقد بدأ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، يغازل الطوارق منذ فترة من الوقت لإنشاء مجموعة جديدة بالوكالة لتعزيز سياساته فى منطقة الساحل وشمال أفريقيا.
وقالت صحيفة الوسط الليبية، إن التحرك يعتبرا مثالا على سلسلة من الاتصالات التى جرى ترتيبها من قبل عملاء أردوغان فى ليبيا كجزء من الجهود المبذولة لاختراق الطوارق فى السنوات الأخيرة.
وقال المحلل السياسى التركى، عبدالله بوزجرت، من معهد ستوكهولم للحرية، إن الهدف هو استخدام الطوارق - الذين يتمتعون بتحكم كبير فى مساحات شاسعة من الصحراء الفارغة التي يتم استغلالها في كثير من الأحيان من قبل الخاطفين ومهربى المخدرات والإسلاميين المتطرفين - من أجل تطوير سياسات الحكومة التركية الحالية بشكل عام والطموحات الشخصية للرئيس التركى بصفة خاصة.
وقال بوزجرت "تمامًا مثل القذافى، الذى تلاعب ذات مرة بالطوارق لسياساته الخاصة، فإن التأثير على الطوارق قد يزود أردوغان بمجموعة جديدة من الأدوات لابتزاز عدد قليل من الدول الأفريقية بما فيها ليبيا ومالى والجزائر والنيجر ولردع الحلفاء الغربيين.
يذكر أن المسئول عن إدارة الشؤون الليبية فى تركيا منذ توليه منصب نائب رئيس الوزراء فى الحكومة السابقة، عمر الله إيسلر، قام بعدة رحلات إلى ليبيا كمبعوث خاص، وكان يلتقى قادة الفصائل الإسلامية المتشددة وغيرهم، إذ كان يطلق عليه اسم المدافع عن الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش"، عندما قال إن داعش أكثر إنسانية لأنها على الأقل لا تعذب ضحاياها، وهو يشغل حاليًا منصب رئيس اللجنة البرلمانية للتعليم والشباب والرياضة وكان أحد المخططين لزيارة وفد الطوارق إلى تركيا.
وشمل جدول زيارة وفد الطوارق لتركيا الاجتماع مع إبراهيم كالين، وهو إيديولوجى إسلامى يعمل فى القصر الرئاسى فى أنقرة كمتحدث باسم أردوغان، ويشاع أنه سيكون الرئيس القادم لوكالة الاستخبارات التركية.
ويقوم إبراهيم كالين – نيابة عن أردوغان - بتنسيق أنشطة معظم الجماعات الإسلامية فى الخارج، وغالباً ما يلتقى بهم فى العاصمة أنقرة من أجل تقديم المشورة وتوجيه عملياتهم، ويقوم بتوفير الاتصالات والموارد التى طورتها الحكومة التركية فى أفريقيا.
رجب طيب أردوغان
فى الوقت الذى يتم فيه التعامل مع الحكومة التركية مع الطوارق عن كثب من قبل الحكومة التركية، فأنه تجرى اتصالات أخرى وعلى مسار موازٍ ترعاها مجموعة خيرية مثيرة للجدل ومؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية.
وتحظى الهيئة بدعم من أردوغان وتعمل عن كثب مع المخابرات التركية، لتهريب أسلحة للجماعات المتطرفة فى سوريا، وفقا لوثائق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما شاركت فى نقل الإمدادات إلى مجموعات القاعدة فى سوريا وفقا لملف التحقيق السرى الذى استمر عامين والذى تم نشره فى يناير 2014.
قبائل الطوارق
وقال الباحث فى معهد ستوكهولم للحرية عبدالله بوزغرت، إنه عندما وصل وفد الطوارق إلى مطار إسطنبول- أتاتورك أول أبريل الجارى، كان ممثلون من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بقيادة عضو مجلس الإدارة أحمد ساريكورت فى استقباله بقاعة كبار الزوار وكان من بين أعضاء الوفد مولاى عقديى أما كونيدى، رئيس هيئة الطوارق الليبية العليا، الذى كان مشاركًا فى جهود المصالحة القبلية التى تحتفظ بها منظمة غير حكومية مقرها روما تدعى مبادرة آرا باسيس.
ومن بين أعضاء الوفد أيضًا أحمد ماتكو نينو مصطفى، وشيخ قبائل الطوارق، وأبو بكر الفقى أنقيدازين أبكيده، رئيس مجلس الطوارق الثقافى، وفى اليوم الأول من إقامتهم الأسبوعية فى تركيا، زار الطوارق مقر هيئة الإغاثة التركية لمناقشة الأمور الليبية.
وكجزء من البرنامج، ألقى المؤرخ فنايات الكونى، وهو من الطوارق الذى رافق الوفد، كلمة حول كيفية مساعدة الطوارق فى توسيع نطاق الإسلام فى أفريقيا فى حدث نظمته هيئة الاغاثة الإنسانية.