السبت، 23 نوفمبر 2024 09:27 ص

"الخناقات" تحكم البرلمان والغموض سيد الموقف..حكايات صراع الأحزاب وأسرار تفكك ائتلاف الأغلبية.. تدخلات الأمن يضعنا أمام مشهد مُخيف..والسؤال"من يدير اللعبة؟"

"خناقات" السياسة فى مصر

"خناقات" السياسة فى مصر "خناقات" السياسة فى مصر
الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015 03:19 م
كتب محمد مجدى السيسى
لاشىء فى مصر الآن يعلو فوق صوت "الخناقات" المنتشرة فى كل جزء من الشارع السياسى، الصراعات طالت كل كيان "ائتلاف، كتلة"، إلى أن وصلنا إلى اللاوحدة، حتى بين صفوف الحزب الواحد، المفاجآت تتوالى، مصاحبة معها غموض فى التفسير، لا تعرف من مع من أو ضد من، الثابت فى الأمر أن مصر تخسر قبل بضع أيام من انعقاد برلمان مُفترض أن يكون خطوة مهمة نحو الاستقرار.

تعرف على الحكاية من أول تكوين الائتلاف


تعال نرجع خطوات قليلة إلى الوراء، حينما تحدث الجميع عن ضرورة وجود كتلة متماسكة فى البرلمان، تقطع الطريق أمام من يريد تعطيل مرور أى قانون قد يُحدث تطورا ما، فبدأت قائمة "فى حب مصر"، فى تكوين ائتلاف يحمل اسم "دعم الدولة"، سعت من خلاله تكوين الأغلبية فى البرلمان، هذا الائتلاف مر بعدد لا حصر له من العقبات، أبرزها ظهور وثيقته التى وقع عليها عدد من النواب المُنضمين له، والتى تجردهم من انتمائهم الحزبى، ما صنع خلافا واسعا.
صور-ارشيفية-عماد-جاد--تصوير-سامى-وهيب-27-4-2013-(14)

فى ذلك الوقت طفت عدد من "الخناقات" الواسعة على السطح، من المعترضين على تشكيل هذا الائتلاف، مؤكدين أن ذلك عودة للحزب الوطنى مرة أخرى، وظهرت حدة هذه الخناقات فى حزب المصريين الأحرار، الذى يسعى أن تكون له كتلة مستقلة بالبرلمان، فضلا عما قاله النائب مرتضى منصور، فى رسالة حادة وجهها للواء سامح سيف اليزل القيادى بالائتلاف، على شاشات التلفزيون، قائلا: "اهمد، أنت داخل فى دور أحمد عز، وأنا هفركشلك الائتلاف"، ذلك الهجوم العنيف أجبر القائمة على إلغاء تلك الوثيقة، واعترافها بأن البند الخاص بتجريد النائب من إنتمائه الحزبى وُضع بالخطأ.

وهنا أسئلة مهمة، كيف لائتلاف مُفترض أن يقود برلمان مصر، يراقب حكومة ويشرع قوانين، أن يخطأ فى أول ورقة وضعها لتكون بمثابة إلتزاما قانونيا بين أعضائه؟، وما سر تكتمه الشديد على تلك الوثيقة التى خرجت طالما أنه يؤسس لائتلاف واضح أمام الشعب؟، وهل تعكس قراءة قيادات الائتلاف لتلك الوثيقة للمرة الأولى عبر المواقع الإخبارية، أن شخص واحد فقط يدير الائتلاف دون إطلاع فريق العمل على ما يحدث؟
ساويرس

الصراع على اسم الائتلاف وتحويلة من "دعم الدولة" لـ "دعم مصر"


وصلت الخلافات بشأن هذا الائتلاف إلى حد الاعتراض على اسمه، الذى أصبح أخيرا "دعم مصر" بعد أن كان "دعم الدولة"، وذلك فى اجتماعه الأهم مؤخرا، بدأ بالاعتراض على الأسلوب الذى تمت به فعاليات الاجتماع.
حوار-مع-سيد-البدوى-المحرر-امين-صالح-تصوير-سامى-وهيب-13-8-2013-(24)

عدد من المشاهد فى الاجتماع، صنعت "خناقات" أخرى، أولها كان ظهور بعض نواب "المصريين الأحرار" به، رغم قرار حزبهم بعدم المشاركة فى الائتلاف، ما تسبب فى فصل الحزب لـ"مى محمود" النائبة عنه، وحقق مع الآخرين، مشددا على استمرار قراره بعدم المشاركة، وتوالت التصريحات بين النائبة التى هاجمت حزبها، وحزبها الذى شن الحرب عليها، ما يبرز أسئلة أخرى، هل حضر نواب "المصريين الأحرار" لأنهم شعروا فجأة أن حزبهم ليس أفضل من هذا الائتلاف؟، أم أنه كان هناك تعمد لضرب الحزب "كتف قانونى"؟

المشهد الثانى من خناقات أبرز النواب


المشهد الثانى، فى الاجتماع هو عدم حضور أحد أبرز قياداته، طاهر أبو زيد وزير الرياضة الأسبق، ما أكد صحة الخلاف الواسع الذى حدث بينه وبين رجل الأعمال محمد فرج عامر، بشأن تولى رئاسة لجنة الشباب، فيما تكشف مصادر مقربة من "أبو زيد"، أنه قرر الانزواء عن الائتلاف فى الفترة الحالية، لاعتراضة على آلية إدارة الأمور بها، فضلا عن تناقض تصريحات قياداته، وهنا أيضا سؤال مهم، "هل توزيع المناصب فى الائتلاف مُتفق عليه؟ أم أنها ماشية بـالدراع؟"
مى-محمود-أحمد-إبراهيم2

24 ساعة فقط مرت على "العك" الذى خلفه هذا الاجتماع فى الشارع السياسى، حتى خرج المهندس نجيب ساويرس، رجل الأعمال ومؤسس حزب المصريين الأحرار، ليفتح النار على الجميع، فى حواره مع "برلمانى"، قال فيه: "إن ائتلاف دعم مصر بيحاولوا يعملوا خرفان بمرشد، والسيد البدوى وراء تراجع حزب "الوفد"، و"مستقبل وطن" أخذ دعم ممن عوقوا حزبه"، ما أعطى الشارع السياسى سخونة كبيرة.

خرج الجميع بعضها يردون على "ساويرس"، فى مشهد ليس له وصف سوى "الخناقات" أيضا، نواب ائتلاف "دعم مصر" هاجموه بحدة، حتى أن علاء عبد المنعم، هدد بمقاضاته، و"البدوى" قال له: "خليك فى حالك وأنا مش عاوز أقول إيه اللى عمله حزبك فى السياسة"، و"مستقبل وطن" قال له: "ركز بأمور حزبك، ولا توجد أجهزة تدعمنا"، وهنا سؤال مهم لهم جميعا، كيف يثق المواطن فى كيانات تُدير خلافاتها بتلك الطريقة؟، وهل تلك الطريقة تجلب تنمية أو تطوير؟
حوار-سامح-سيف-تصوير-حازم-عبد-الصمد-تحرير-محمد-مجدي-السيسي-3-6-2015-(15)

صراع الأحزاب مع نوابهم فى الانضمام للائتلاف


لم يتوقف عدد "الخناقات" عند ذلك الحد، بل فاجأ حزب مستقبل وطن الجميع، فى اليوم التالى للمشهد الذى صنعه "ساويرس"، وذلك بإعلان عدم مشاركته فى ائتلاف "دعم مصر"، وقال محمد بدران خلال الاجتماع الذى أعلن فيه هذا القرار: "دخلنا القائمة مُجبرين، ومش هنشارك فى الائتلاف، واحنا حزب الأكثرية فى البرلمان، وهنشكل الحكومة خلال 3 شهور، ومش هنسمح يكون البرلمان تورتة بتتقسم"، ليكون ذلك المشهد أول مسمار فى نعش "دعم مصر"، لكن السؤال الأهم هنا أيضا لمحمد بدران، من أجبرك على دخول القائمة؟، وماذا عن تفاصيل تقسيم "التورتة"؟، وهل اتخذت قرارك، لكون قطعة "الكيك" الذى اقتُسمت لك صغيرة؟ أم أن أحدا أجبرك على اتخاذه، فى ضوء أن من يقبل أن ينحنى مرة ينحنى مرة أخرى؟

الأمور عند "مستقبل وطن" لم تتوقف عند هذا القرار، بل أن عددا من نواب الحزب أكدوا استمرار مشاركتهم فى الائتلاف رغم قرار "بدران"، مؤكدين أنهم لم يعلموا بالقرار إلا حينما قاله رئيس الحزب، ما يعكس خلافا واسعا بين صفوف الحزب على هذا القرار، لكن هذا المشهد يفتح الباب للحديث حول نقطة مهمة، لماذا يدخل عنصر "المفاجأة" دائما فى القرارات التى يجب أن تُتخذ بشكل جماعى؟، وهل اختار الشعب نوابه ليُتلى عليهم قرارات خاصة بهم دون مناقشة؟
عبد-الرحيم-على

عقب ذلك بساعات، أصدر حزب الوفد بيانا أكد فيه عدم مشاركته فى الائتلاف، فى ضوء اجتماع هيئته العليا، الذى أكد فى بيان له أن لائحة الائتلاف تشير إلى أن حزب جديد يتكون مقابل هدم بقية الأحزاب، وبذلك كان انسحاب ثانى أكبر الأحزاب فى الائتلاف، لتكون تلك الخطوة ضربة قاسمة له، إلا أن مصادر تكشف أيضا استمرار مشاركة عدد من نواب الحزب فى الائتلاف رغم القرار، ما يصنع خلافا آخر فى صفوف "الوفد"، والسؤال هنا للدكتور السيد البدوى، ما الفرق بين يوم الجمعة الذى قررت فيه المشاركة فى الائتلاف ويوم الأحد الذى قررت فيه عدم المشاركة؟، وكيف ستسيطر على نوابك الذين قرروا استمرار مشاركتهم فى الائتلاف؟

لم يسلم حزب المصريين الأحرار، أيضا من تلك الخلافات الداخلية، فبالإضافة إلى قصة النائبة المفصولة، صرح النائب علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أن النائب عماد جاد، ليس مرشحا لوكالة مجلس النواب، وأن الحزب لديه مرشح آخر، ورد عليه "جاد" قائلا: "هو مين علاء عابد وإيه تاريخه فى السياسة، علشان يقول كده"، واستمر السيجال بينهما، حتى أعلن الأخير استقالته من الحزب نهائيا، ما يشير إلى أزمة حقيقية يمر بها الحزب.
حوار-مع-محمد-بدران-رئيس-حزب-مستقبل-وطن-تصوير-اسلام-اسامه-تحرير-اسلام-سعيد-20-9-2015-(32)

الحكاية مستمرة فى الأيام المقبلة


تفسير تلك "الخناقات" غامض جدا، لكن جانبا مهما يجب طرحه، هو أن الحديث عن تدخلات الأجهزة الأمنية فى العملية السياسية، أصبح "على عينك يا تاجر"، فقال "ساويرس" فى حواره مع "برلمانى": "أجهزة الأمن تدخلت لإنجاح شخصيات وإسقاط شخصيات فى الانتخابات"، وقال نائب عن حزب الوفد، فى مؤتمر له بمجلس النواب: إن جهة أمنية أجبرت الحزب على الدخول فى ائتلاف "دعم مصر"، وقال محمد بدران رئيس حزب مستقبل وطن: "دخلنا القائمة مُجبرين"، وقال النائب عبد الرحيم على: "الأمن يحرك دعم مصر، وما يحدث هيودّى البلد فى ستين داهية".
مرتضى-منصور-(23)

ذلك المشهد المُزعج يفرض عدد من الأسئلة، "من يدير السياسة فى مصر، إن افترضنا وجودها؟، وتُدار لصالح من؟، ومن يتحكم فى خريطة البرلمان؟، وبأى هدف؟، وهل يحتاج الرئيس لكتلة فى البرلمان؟، ولماذا يحتاجها؟، وهل يحتاج نواب الشعب أصلا لأحد يديرهم، بغض النظر عن كشف هوية الشخص أو الجهة أو الجهاز الذى يدير؟، الثابت أنه "ما بيعرفش"، نبحث جميعا عن من يجيبنا على كل هذه التساؤلات... فاجيبونا.


print