بعد الخطوة التى أقدم عليها الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بإضافة نوعا جديدا من الأسئلة التى تختص بوضع حلول مختلفة للمشكلات طبقا للتخصصات المختلفة بالجامعة، بحث "اليوم السابع"، إمكانية أن يقود هذا النوع الجديد من الأسئلة حملة لتغيير المناهج التعليمية بالجامعات، من خلال آراء بعض المتخصصين فى أساليب التدريس والتفكير العلمى.
وأعلن الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، تطبيق أسئلة حل المشكلات بامتحانات الكليات خلال امتحانات الفصل الدراسى الثانى، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأسئلة له العديد من المزايا، إذ أنها تؤدى إلى تغيير طرق التفكير، وتعليم الطالب التفكير العلمى، مؤكدا أن هذا النوع من الأسئلة يجعل الطالب قادرا على حل نفس المشكلة بأكثر من طريقة.
وأضاف الخشت، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن النوع الجديد من الأسئلة يعلم الطالب التفكير المستقل والاعتماد على الذات، ويقضى على طرق الحفظ والتلقين والإجابات الجاهزة، مؤكدا أنها تقضى على العقول المغلقة، التى تعد أساسا للتعصب والتخلف والإرهاب، كما أنها تعطى الطالب المرونة فى التعامل مع المشكلات المختلفة، كما تمنحه القدرة الإبداعية على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات وبأسلوب علمى.
وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن هذا النوع من الأسئلة سيتم تطبيقه بامتحانات كل الكليات العملية والنظرية والعلمية، بداية من الفصل الدراسى الثانى للعام الجامعى الحالى، مؤكدا أن هذه الأسئلة ستأتى مناسبة للمواد التى يتم تدريسها سواء علمية أو نظرية،قائلا:"أى طبيب يشخص الحالة بطريقة حل المشكلات بوضع فروض والبحث عن الفرض الأمثل والاحتمالات للتحقق منها، كما أنه قد يكون مطالبا بالتعامل مع مجموعة من الحالات فى وقت واحد فى أقسام الطوارئ وغيرها ولذا وجب التعرف على هذا الأسلوب فى التفكير والتوصل للحلول بشكل علمى.
من جانبه، أكد الدكتور عصام جميل، مدرس المنطق والتفكير العلمى والناقد بكلية الآداب بجامعة القاهرة، أن الدكتور محمد الخشت الخشت رئيس جامعة القاهرة أصاب كبد الحقيقة عندما أعلن عن أسئلة حل المشكلات كجزء أساسى فى التعليم الجامعى فهذه الأسئلة تقود إلى ثورة فى تغيير المناهج التعليمية لعدة أسباب، لأنها تتطلب هذه الأسئلة المولدة للتفكير من الطلاب أن يتخطوا الحقائق والمعلومات المباشرة إلى محاولة التفكير فى هذه الحقائق على نحو يبدو مختلفا عما هو مطروح من قبل، سواء فى الكتاب أو المحاضرة لاستخلاص ما نسميه "بين السطور" فى هذه الأفكار ودلالاتها ومنشئها وما يمكن أن تقودنا إليه.
وأضاف جميل، أن هذه الأسئلة تستحدث العمليات المعرفية العليا مثل تحليل الأفكار والاستدلال والمقارنة والتنبؤ والتقويم، وتحقق العديد من المزايا، فهى تعمل على تكوين قدرات وعادات عقلية خاصة للطلاب مثل القدرة على تكوين رأى لنفسه، والقدرة على الوصول إلى حل موضوعى بعيدا عن التحيز، والقدرة على تحديد واستجواب الافتراضات، وتحقق العديد من العادات العقلية أيضا منها عادة التفكر فى الأدلة، وعادة رؤية الأشياء على حقيقتها الفعلية، وعادة استقلالية الفكر والإرادة.
وأشار أستاذ التفكير العلمى بجامعة القاهرة، إلى أنه من الأهداف الرئيسية لهذا النوع من الأسئلة القضاء على فكرة التعصب بكل صوره، قائلا: "هذه الأسئلة تنمى لدى الطالب مجموعة من الاستعدادات منها تقبل أدلة جديدة ضد المعتقدات السابقة،والتى تتطلب عقلا متفتحا، واستعداد تجاهل الفرضيات التى أثبتت عدم كفايتها، حيث الاختبار الحقيقى هو ما إذا كان الشخص مستعدا للتخلى عن المعتقدات والفرضيات التى بدت واعدة فى يوم من الأيام، وكذلك استعداد التكيف مع وقائع العالم الجديد".
من جانبه، أوضح الدكتور محمد كمال، المتحدث باسم النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، أنه لم تعد الطريقة العقيمة مجدية فى التعليم لأن دور الطالب فيها يتوقف على تلقى المعلومات ثم وضعها كما هى فى الامتحان ليخرج منه لا يعرف ما الذى كتبه، مؤكدا أن الطريقة الصحيحة فى التعليم تعتمد على مشاركة الطالب فى المادة العلمية وتفاعله معها وتوظيف المادة العلمية لتوسيع أفق الطالب وتأهيله ليكون مواطنا صالحا فيما بعد عن طريق وضع المشكلات المختلفة والحلول المقترحة لها.
وذكر كمال، أن الطريقة الفعالة للتدريس، تفتح المجال للطالب ليقترح حلولا تجمع بين الحلول المشتركة، أو تخرج عليها بحيث يعمل عقل الطالب بطريقة تبرز قدراته الإبداعية والفكرية، مما يجعله قادرا بعد ذلك على مواجهة المشكلات المختلفة فى حياته وإيجاد الحلول لها بنفسه.
وقال الدكتور عبد الله سرور، أستاذ بجامعة الإسكندرية ووكيل مؤسسى نقابة علماء مصر، إن فكرة جامعة القاهرة فى أسئلة حل المشكلات قديمة فى حد ذاتها قديمة وليست جديدة، مضيفا: "هذه لا علاقة لها بتغيير المناهج وإنما تغيير طريقة سؤال ومن الجميل أن يتم التجديد فى الأسئلة لدفع الطلاب إلى الابتكار والإضافة لهم".
وأوضح سرور، أن القضية الحقيقية فى حتمية تغيير المقررات الدراسية، مؤكدا أن الطريقة القديمة البالية فى صياغة وصناعة المقرر الدراسى لابد أن تتغير، قائلا: "هناك مقررات لا لزوم لها ولابد أن تلغى لأن المواد العلمية أصبحت متاحة للجميع ولكن لابد أن يتم تعليم الطالب كيفية الاستنتاج والاستنباط من المعلومات المتاحة".
وأشار الدكتور عبد الله سرور، إلى أن تدريس ملامح العصور المختلفة وحياة الشعراء والنص الشعرى، لطلبة الآداب على سبيل المثال، لم تعد مجدية، قائلا: "لكن نحتاج لاستخراج حقائق جديدة من النص وعدم التكرار الذى لا يجدى.