هل يوجد فى القانون تهمة أو عقوبة لفعل الجهر بالإفطار فى نهار رمضان؟ سؤال يتكرر كل عام مع بداية شهر رمضان وانتشار تحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعى من أن هناك حملات سيتم شنها على المقاهى وفى الشوارع ضد من يجهرون بالإفطار وقت الصيام، وفى رحلة البحث عن إجابة تلك السؤال تتضح كثير من الأمور، بينها أن عددا من الدول العربية بالفعل تطبق عقوبة لهذا الفعل وتجرمه، بينها الكويت والمغرب وتونس والسعودية والإمارات والسودان، وتتنوع العقوبات بين الغرامة والحبس لمرتكب ذلك الفعل، لكن مصر يختلف بها الوضع مع اختلاف الأراء حول عقوبة ذلك الفعل، بين رجال الشرطة والقانونيين والحقوقيين، ورجال الدين.
فى 2009 كانت انطلاق ما يسمى مواجهة ظاهرة انتشار الجهر بالإفطار، من خلال عدد من الحملات الأمنية ببعض المحافظات، أسفرت عن القبض على عشرات المواطنين فى محافظات أسوان وبورسعيد والسويس والإسكندرية، وتحرير محاضر لهم بتهمة الجهر بالإفطار.
وفى مايو 2016 كانت أحد الوقائع التى تسببت فى جدل كبير حين داهم رئيس حى العجوزة أحد المقاهى فى نهار رمضان وقام بتشميعها وسحب المعدات، ثم أكد فى تصريحات لاحقة أن الهدف لم يكن ضبط المفطرين ولكن إعادة الانضباط للشارع بغلق الأماكن غير المرخصة.
مساعد وزير الداخلية الأسبق: ضغوط الإعلام أجبرتنا على تنفيذ الحملات
يقول اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، إنه فى تلك الفترة كان يعمل بجهاز الأمن العام، وتم تنفيذ تلك الحملات بعد ضغوط كبيرة من أجهزة الإعلام على رجال الشرطة، لمواجهة ظاهرة انتشار الشباب الذين يجاهرون بإفطارهم فى الشوارع، فتم تنفيذ عدد من الحملات بعدة محافظات لضبط الأمر، وتحرير محاضر ضد من تم القبض عليهم، لكنهم جميعا خروجوا من النيابة بغرامة 50 جنيها.
ويوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الاتهام الموجه لهم كان يستند إلى مواد قانون العقوبات، وأن هناك عقوبة قانونية لجريمة الجهر بالإفطار، على اعتبار أن الغضب من أفعال هؤلاء الشباب قد يؤدى إلى مشاجرات وفتن بمدن وقرى مختلفة، بسبب الرفض المجتمعى والدينى للتباهى والتفاخر بالإفطار فى نهار رمضان فى الشوارع.
وتابع قائلًا: إنه بمجرد تحقيق الغرض من تلك الحملات بانحسار الظاهرة، توقفت عمليات القبض، خاصة أن الهم الأكبر لرجال الشرطة فى رمضان هو ضبط المرور، ومراقبة الأسواق والأسعار، ومداهمة أوكار المخدرات، وليس مراقبة من يصوم ومن يفطر، مشددًا على أن القبض كان يتم على سند قانونى بقانون العقوبات.
محامى: لايوجد مادة بقانون العقوبات بلفظ "الجهر بالإفطار"
ومن جانبه، ينفى المحامى والحقوقى حافظ أبو سعدة وجود عقوبة قانونية لذلك الفعل، وأنه لا يوجد فى قانون العقوبات من الأساس كلمة "الجهر بالإفطار"، موضحًا أن ما يتم يستند إلى قرار وزارى سابق، وأنه قد يكون مستندًا أيضًا على قانون تنظيم عمل المقاهى والأماكن التى يتم تناول الطعام أو الشراب بها، وليس عقوبة محددة لجريمة تسمى الجهر بالإفطار، متابعا: "قد يكون أيضًا المحضر يحرر ضد من يجاهر بالإفطار استنادا إلى مواد قانون العقوبات التى تجرم تهدد أمن الشارع والمارة".
وأضاف، أن تكل الأمور التى تعد من أمور الذوق العام والآداب العامة، لوا يمكن أن ينظمها قانون خاصة أن هناك غير مسلمين لا يمكن أن تفرض عليهم عدم تناول الشراب أو الطعام فى نهار رمضان، أو حتى المرضى وكبار السن الذين لا يستطيعون الامتناع عن تناول الطعام والشراب لأسباب صحية.
داعية أزهرى يطالب بتشريع يجرم الجهر بالإفطار
أما الرأى الدينى فى الأمر فيوضحه الدكتور أحمد المالكى عضو المكتب الفنى لمشيخة الأزهر بأن الحكمة الأساسية من فريضة الصيام هى التقوى، استنادا لقول الله تعالى "لعلكم تتقون"، وأن التهاون فيه معصية كبيرة، أما أن يُفطر المسلم ويجاهر بإفطاره، فهذا يزيد من أثر العصيان والإفك، مطالبا بأن تسن الدولة تشريعا ضد المجاهرة بالإفطار فى رمضان، معتبرا أنه ليس من أمور الحرية الشخصية نهائيا، وأن تجريم ذلك الفعل حماية للمجتمع من انتشار الفتنة.
وأضاف أن النبى الكريم حذر كثيرا من المجاهرة بالمعصية فى مواقف كثيرة، كقوله "لعن الله المجاهرين، من ابتلى فليستتر بستر الله، وكل أمتى معافى إلا المجاهرين".