من بين تلك القوانين التى مازالت تنتظر دورها لإعادة النظر، سواء بالتعديل أو إقرار قانون جديد، يأتى قانون مكافحة الدعارة الصادر برقم 10 لسنة 1961، فما يزيد عن 57 عاما مرت على إنهاء الوحدة بين مصر وسوريا، التى بدأت بالإعلان عنها رسميا فى 22 فبراير 1958 كبداية لتحقيق حلم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بتوحيد الأمة العربية، حيث تم اختيار القاهرة عاصمة للجمهورية العربية المتحدة، وتوحيد برلمانى البلدين فى مجلس الأمة بالقاهرة، وصدرت العديد من القوانين والمراسم والتشريعات لتطبيقها داخل الجمهورية العربية، كان من بينها قانون مكافحة الدعارة.
مازال قانون مكافحة الدعارة ساريا رغم إنهاء الوحدة بين مصر وسوريا، يحمل نفس الألفاظ والمصطلحات القانونية والعقوبات والغرامات التى تفرض على تسهيل أو ممارسة الدعارة، وهى المصطلحات التى تم استخدامها وقتها لتتماشى مع البلدين، فتجد العقوبة تكون أحيانا بالليرة، وهى العملة الرسمية لسوريا.
جاءت كل مواد القانون لتتحدث عن "الجمهورية العربية المتحدة"، وتحمل مواده عبارات "الليرة السورية" و"الإقليم السورى"، بل وسمحت المادة 18 لوزير الشئون الاجتماعية والعمل فى الإقليم السورى إيداع البغايا المرخص لهن من تاريخ العمل بهذا القانون بمؤسسة خاصة، وللمدة التى يراها مناسبة لتأهيلهن لحياة كريمة وتدريبهن على الكسب الشريف، وتعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور كل ممن تخالف ذلك، وذلك بعدما كانت الدعارة مقننة فى الأراضى السورية.
وجاء فى المادة الخامسة من القانون، على سبيل المثال، "كل من أدخل إلى الجمهورية العربية المتحدة شخصا أو سهل له دخولها لارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة من 100 جنيه إلى 500 جنيه فى الإقليم المصرى ومن ألف ليرة إلى خمسة آلاف ليرة فى الإقليم السورى.
وجاءت غرامة لا تقل عن 28 جنيها فى الجرائم التى نصت عليها المادة 9 من القانون والتى تتضمن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 25 جنيها ولا تزيد على 300 جنيه فى الإقليم المصرى ولا تقل عن 250 ليرة ولا تزيد على 3000 ليرة فى الإقليم السورى أو بإحدى هاتين العقوبتين"، ثم ذكرت الجرائم وهى "كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلا أو مكانا يدار للفجور أو الدعارة أو لسكنى شخص أو أكثر إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك، وكل من يملك أو يدير منزلا مفروشا أو غرفا مفروشة أو محلا مفتوحا للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصا يرتكبون ذلك أو بسماحة فى محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة، وكل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة.
وتلقت المحكمة الدستورية العليا، طعنا على قانون مكافحة الدعارة، بعدم دستورية بعض مواده، وجاء فى المذكرة الدفاعية التى تقدم بها أحمد حسام المحامى، أن قانون مكافحة الدعارة جاء فى 19 مادة عقابية تتضمن جزاءات مختلفة على جرائم غير متماثلة، حوت تلك المواد عبارات مثل الفجور والدعارة دون وضع أية تعريفات لها، الأمر الذى يتنافى مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذى يستوجب أن تتصف نصوص التجريم بالوضوح وأن تبعد عن الغموض والالتباس.
محاولة واحدة لإعادة النظر فى القانون، وتشديد بعض عقوباته، جاءت من قبل النائبة شادية ثابت، عضو مجلس النواب، التى تقدمت بمشروع قانون جديد، فى شهر نوفمبر الماضى، عقب الجدل الذى أثير بسبب رفع علم المثليين خلال إحدى الحفلات الموسيقية بالقاهرة.
وقالت النائبة شادية ثابت، إن قانون مكافحة الدعارة الحالى عقوبته ضئيلة ولا تتناسب مع حجم الجرم الذى يقوم به العاملين ممارسى ومروجى الدعارة والفسق والفجور، خصوصا وأن الغرامات الموقعة كانت قوية وقت إقراره حينما كانت قيمة الجنيه المصرى أقوى أعلى بكثير مما هو عليه حاليا.
وأضافت فى تصريحاتها لـ"برلمانى" أنها تقدمت بمشروع القانون، عقب رفع عمل المثليين، ودخل للجنة مشتركة تضم ممثلين عن اللجنة التشريعية ولجنتى الصحة وحقوق الإنسان، لكنه لم يتم مناقشته حتى الوقت الحالى.
تعرف النائبة شادية ثابت "الدعارة" فى مشروع القانون بأنها استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادى، وممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز، بينما عرفت "الفسق والفجور" بأنه هو ارتكاب جرائم جنسية محرمة مثل اللواط، وزنا المحارم، والبهتان، و"أماكن الدعارة أو الفجور: كل مكان يستعمل عادة لدعارة الغير أو فجوره ولو كان يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصا واحدًا، أو كل مكان مفتوح أو مغلق تتم فيه أفعال بغاء وفسق وفجور.
ويشدد مشروع القانون المقدم العقوبات سواء كانت عدد سنوات السجن أو الغرامات، لتصل فى بعض الجرائم إلى سنوات سجن لا تقل عن 7 سنوات، وغرامات لا تقل عن 500 ألف جنيه، بل وتضاعفها، إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر 21 سنة، كإجبار فتاة على ممارسة الدعارة.