بحسب المعلومات المتاحة عن قضية التمويل الجديدة المتداولة فى غرف جهات التحقيق المختصة، اتخذت قيادات الإخوان الهاربة خارج البلاد منذ فترة قصيرة جدا، خطوات نحو بناء جسور جديدة تسمح بحركة مرور للأموال المتدفقة إلى العناصر التنظيمية المسؤولة عن رعاية وتمويل الأنشطة العدائية داخل مصر، فى ظل قبضة أمنية ناجحة استطاعت بها أجهزة وزارة الداخلية ضرب منابع تمويل الجماعة بمختلف محافظات الجمهورية.
رجال أعمال، وعناصر نسائية، وشركات تزاول أنشطة وهمية فى عدة دول، منهم تكونت أحدث شبكة سرية أسقطها الأمن، استهدف تنظيم الإخوان من تأسيسها التغلب على إجراءات الأجهزة الأمنية المصرية، فى مجال رصد وتتبع مصادر تمويل عناصرها وجناحها العسكرى داخل البلاد، واختراق منظومة الرقابة على الأموال المتدفقة من الخارج.
أوراق القضية الجديدة ضمت قائمة بأسماء رجال أعمال، ومجموعة من المتعاونين، جميعهم ينتمون إلى تنظيم الإخوان الإرهابى، مثلوا كيانات اقتصادية تعمل فى مجالات الاستيراد والتصدير، وصناعة العطور فى عدد من الدول العربية، والصرافة، والدواء، استخدمت أعمالهم الممتدة عبر 4 دول فى عملية تهريب الأموال من الخارج إلى عناصر الجماعة داخل مصر بوسائل جديدة اتخذت ستار لدعم الأنشطة العدائية.
وضعت قيادات تنظيم الإخوان بالخارج مطلع العام الجارى 2018، خطة للتعامل مع الأوضاع الأمنية والخسائر الفادحة التى لحقت بالهيكل التنظيمى للجماعة داخل مصر، استهدفت الحفاظ على ما تبقى من مجموعات سرية واستثمارها فى محاولات لإثبات الوجود على الساحة المصرية، ورفع الروح المعنوية لعناصرها، وتحسين صورتهم لدى الرأى العام، عن طريق اتباع عدة إجراءات تنظيمية.
تضمنت الخطة تأسيس شبكة سرية يتم ربطها بكيانات اقتصادية غير معروفة للأجهزة الأمنية، تتولى مهمة تهريب الأموال المتدفقة من الخارج لدعم العناصر الإرهابية والخلايا النائمة داخل مصر، فى محاولة لإسقاط النظام القائم فى البلاد، وتقويض الحكومة الجديدة وتفكيك مؤسسات الدولة، عبارة عن شركات تعمل فى مجالات تجارية مختلفة بعضها تمتلك فروع ولديها أنشطة فى دول عربية وأجنبية.
كشفت التحقيقات أن قيادات تنظيم الإخوان بالخارج، كلفوا 4 من رجال الأعمال غير المرصودين أمنيا من المرتبطين بهم، لتشكيل النواة الرئيسية للشبكة السرية، باستغلال شركاتهم فى غسيل وتهريب الأموال المرسلة للعناصر الإرهابية داخل مصر، عبر عمليات تحويل مالية بنكية، وأنشطة تتخذ الطابع التجارى عبر دول مختلفة للتمويه، والعمل على توفير غطاء مالى لدعم أسر المحبوسين فى قضايا الإرهاب لضمان ولائهم للجماعة، وفلول لجان العمليات النوعية لشراء سلاح وذخيرة.
تلقى رجال الأعمال الأربعة، تكليفات عبر وسيط تنظيمى نقلها عن قيادى هارب ويقيم فى إحدى الدول المجاورة، لاتخاذ إجراءات جديدة للتواصل مع ذويهم والمقربين منهم المرتبطين بالجماعة ولم يتم رصدهم أمنيا، لضمهم إلى الشبكة السرية، على أن يتم استخدام العنصر النسائى كحلقة اتصال رئيسية فى توزيع الأموال المتدفقة من الخارج.
بدأ نشاط الشبكة بقيام عناصر تنظيمية مقيمة خارج مصر، بإرسال حوالات مالية من بعض عناصر الجماعة الهاربة إلى حساب مملوك للقيادى الإخوانى «ع.ح.ع» الذى تولى زعامة المجموعة، استقبلهم بنكين شهيرين، وعمليات تحويل أخرى تمت عبر خدمات البريد المصرى، على أن يتولى المتهم مهمة توزيع الأموال على العناصر النشطة فى مختلف المحافظات.
وتطورت أنشطة شبكة التمويل الإخوانية فى فترة وجيزة، بقيام 3 من رجال الأعمال، اثنين منهم يملكان شركة شهيرة تعمل فى مجال الأدوية البيطرية، والثالث يمتلك شركة مقاولات كبرى، بإدارة هذه الكيانات الاقتصادية لصالح تنظيم الإخوان، والضلوع فى عمليات غسيل أموال استهدفت دمج حصيلة التمويل الخارجى فى حسابتهم المالية، وإجراء تعاملات ونشاط تجارى وهمى لإخفاء الأموال المهربة، ومن ثم تسليمها للمتهم الأول زعيم الشبكة بعد تهريبها إلى مصر.
ووظفت الشبكة نشاط إحدى شركات الاستيراد والتصدير، يمتلكها رجل أعمال يمتلك نشاطات داخل مصر أبرزها تجارة المواد العطرية واستيرادها من خارج البلاد، واستغلال شركة صرافة فى دولة عربية للدخول فى عملية التمويه وغسيل الأموال، حيث تمت هذه العمليات بطريقة معقدة جدا فى محاولة لتفادى الرصد الأمنى وتتبع السلطات المختصة.
رجل الأعمال «م.أ.ا» وضع خطة تطوير نشاط تهريب الأموال ليكون أكثر تعقيدا، حتى يسمح بحركة مرور واسعة للمال المتدفق من الخارج لعناصر التنظيم داخل مصر، واتفق مع قيادات الشبكة على اتباع 3 مسارات معقدة لإضفاء الشرعية الشكل القانونى على جرائم التنظيم الإرهابى.
تمثل المسار الأول فى استخدام شركة الصرافة العاملة فى إحدى الدول العربية، فى تهريب أموال التنظيم القادمة من الخارج لعناصر الداخل، عبر تحويل مدخرات العاملين المصريين المنتمين للجماعة، المتواجدين على أراضيها فى نشاط يبدوا قانونيا فى إجراءاته الشكلية.
أما المسار الثانى كان أكثر تعقيدا من عمليات التحويل المباشر عبر البنوك وشركات الصرافة، إذ تضمن تجميع أموال من بعض الشركات العاملة داخل القطر المصرى الراغبة فى استيراد سلع عبر وسطاء التجارة الدولية، وتسليمها إلى عناصر الإخوان الهاربة داخل البلاد، ومن ثم استبدالها بمبالغ مالية يوفرها التنظيم الدولى بالخارج لاتمام المعاملات التجارية لصالح هذه الشركات فى بعض الدول العربية والأجنبية، وبالتالى تدخل قيمة البضائع المستوردة لصالح التجار المصريين فى خزينة الجماعة لدعم الأنشطة العدائية.
تضمن المسار الثالث اتخاذ إجراءات لاستثمار الأموال المتحصلة من عمليات التهريب من الخارج، عن طريق شراء مجموعة من الحال التجارية، وتخصيصها فى مجالات تستخدم غطاء لغسيل تلك الأموال، مثل مجال تجارة العطور الذى يتم عبر دول مختلفة، وامتلاك العقارات والوحدات السكنية وبيعها بأسعار أعلى ضمن نشاط تجارى لإحدى الشركات الإخوانية
وأكدت التحقيقات فى القضية أن الجهات المختصة بوزارة الداخلية، ومجموعة من رجال قطاع الأمن الوطنى بلغ عددها 8 ضباط، رصدت نشاط أعضاء الشبكة السرية من رجال الأعمال والعناصر المتعاملة ماليا، وأسقطتهم فى حملات ملاحقة أسفرت عن ضبط وثائق هامة جدا تكشف تفاصيل بعض التحويلات المالية بلغ عددها 151 ما بين حوالات وشيكات مسحوبة على بنوك مصرية ودولية، كما عثر فى مقار شركاتهم على مبالغ مالية نقدية بالعملات الأجنبية المختلفة.