يتذكر جمال شتا، والد الشهيد هشام شتا، يوم مذبحة كرداسة يوم 14 أغسطس 2018، حيث يؤكد أنه تلقى اتصالا هاتفيًا من نجله الشهيد قبل دقائق من الحادث، وقال إنه بالفعل هناك هجوم على القسم لكنه لم يعطنا الصورة كاملة، حيث ظل يؤكد طوال المكالمة أنه هجوم عادى وأنهم سيحبطوه، وخلال المكالمة سمعت منادى من مسجد بجوار القسم ينادى "حى على الجهاد" فتعجبت كثيرًا أى جهاد هذا الذى يدعون إليه.
وتابع والد الشهيد النقيب هشام شتا، إن الإرهابين مثلوا بجثث معظم الشهداء، غير أن نجلى استشهد بطلقة واحدة وأسرع عدد من الأهالى لإخفاء جثته بعيدًا عن الإرهابيين، قائلاً: "التمثيل بجثث القتلى أمر بشع حتى لم يفعله الاحتلال الإنجليزى حينما دخل إلى مصر".
وحول آخر أيام الشهيد التى قضاها مع أسرته قبل استشهاده، يتذكر والده، أنه كان دائما يرفض فكرة الزواج لأنه كان يحب عمله جدًا، وكان متدينا جدًا، حيث أدى عمرة فى عام 2012، وبعدها بعام وتحديدًا قبل استشهاده بـ58 يومًا ذهبنا لأداء عمرة مرة أخرى، وقلت له وقتها إنك أديت العمرة العام الماضى فلا داعى هذا العام فرد قائلاً:" يمكن منطلعش تانى".
وأكد والد الشهيد أنه منذ استشهاد نجله يحافظ على إحياء ذكرى ميلاده سنويًا التى توافق يوم 18 فبراير من كل عام، من خلال عمل مسابقة حفظ القرآن الكريم فى المدرسة الإعدادية التى تحمل اسمه، ويقدم هدايا مالية وعينية لهن، مضيفًا: "ما أتمناه أن يتم إطلاق اسم الشهيد على كوبرى ميدان "جهينة"، لأن نجله دفعة 2009، ومنذ تخرجه كانت هذه المنطقة تحديدًا من أكثر المناطق التى خدم فيها خاصة فى فترة ثورة 25 يناير، ووافق محافظ الجيزة بالفعل على طلبى هذا إلا أن جهاز مدينة 6 أكتوبر عطل الطلب حتى الآن".
ويضيف والد الشهيد هشام شتا،"إننا فى انتظار صدور حكم محكمة النقض فى سبتمير المقبل ونأمل أن تؤيد الحكم الصادر من محكمة الجنايات لإعادة المحاكمة مرة أخرى وتفيذ ولو أن إعدامهم لن يشفى غليل ولا يبرد نارنا"، مؤكدًا أن قوات الشرطة والجيش مازالت تؤدى دورها على أكمل وجه ولم ولن تتراجع معنوياتها ولن تتوانى فى الدفاع عن أرض مصر، وآخر عملياتها البطولية كانت فى إحباط محاولة انتحارى تفجير نفسه فى كنيسة مسطرد، كما أن الجرائم الإرهابية تراجعت معدلاتها إلى حد كبير.
ووجه والد الشهيد هشام شتا، رسالة لرجال الشرطة والجيش، قائلاً:"خلصونا من الإرهاب وندعو الله أن يثبتكم على عزيمتكم، ونحن أمامكم وليس من خلفكم".
"محمد سمير" أصغر شهداء فض اعتصام رابعة.. اشترى بدلة فرحه فزفته الملائكة للجنةوالدة الشهيد: تمنى الشهادة ونالها قبل فرحه بعدة أيام.. منهم لله اللى حرمونى منهأصغر شهداء الشرطة فى فض اعتصام رابعة العدوية المسلح الملازم أول محمد سمير إبراهيم عبد المعطي، ضابط العمليات الخاصة الذى اغتالته يد الإرهاب.
اللافت للانتباه أن الضابط محمد سمير كان من ضمن رجال الشرطة الذين يحرسون منزل الرئيس المعزول محمد مرسى وقت أن كان يحكم البلاد وذلك بحكم عمله، ورجال محمد مرسى اغتالوه بدم بارد فى فض الاعتصام المسلح.
تقول والدة الشهيد، التحق ابنى بكلية الشرطة سنة 2006، وتخرج منها فى 2010، وكان يتمتع بمواصفات خاصة جعلته يلتحق بالأمن المركزى، وتحديداً فى العمليات الخاصة، حيث أنه كان لا يدخن سيجارة ولا يشرب حتى "الشاى".
وتضيف والدة الشهيد، فى حديثها لـ"اليوم السابع"، كان "محمد" يعشق الشهادة، ويداعبنى بقوله: "يا أم الشهيد"، فأرد عليه: "هم بيرضعوكم الأمانة بالشهادة والواجب إزاى".
وتابعت والدة الشهيد، "محمد" أصغر أولادى الأربعة، وقد توفى والده وهو فى السادسة من عمره، وكان رجلا منذ صغره متحملاً للمسئولية، كنت أرى فيه والده عليه رحمة الله.
وأردفت والدة الشهيد، "محمد" خطب وجهز نفسه للعرس، واشترى "بدلة الفرح" ووضعها فى شقته تمهيداً لزفافه، إلا أنه عندما جاء موعد فض الاعتصام المسلح برابعة قرر الاشتراك مع زملائه، فعاد ولم يعود لـ"بدلة زفافه"، حيث زفته الملائكة لجنة الرحمن شهيداً.
وعن يوم استشهاده، تقول والدة الشهيد، ودعنى "محمد" وخرج لعمله، وكنت أتابعه باستمرار حتى عرفت باستشهاده، وكنت أوصيه بأن يثبت ويكون "راجلا" بمعنى الكلمة، وكنت أمزاحه: "واجه بشجاعة ولا تجى تقعد هنا جنبى".
وتضيف والدة الشهيد، منذ استشهاد "محمد" وقد اسودت الدنيا فى عينى، فلا طعم للحياة بدونه، فقد رحل الشاب صاحب الـ 24 عاماً، قبل أن أفرح به، حرمونى منه برصاصتين فى صدر حبيبى، أسكنوه القبر، وكل يوم أتمنى أن أرحل إليه، حتى يستقبلنى على باب الجنة.
وعن رسالتها للإرهابيين، تقول والدة الشهيد، لن يخذلنا الله أبداً، وسيعود حق ابنى بإعدامكم، وسألقى ابنى فى جنة الرحمن باذن الله.
وتقول الأم، حصل "محمد" عام 2012 على اجتاز فرقة الأسلحة المعاونة، وفى عام 2013 حصل اجتاز فرقة المهام الخاصة، ومنحه الرئيس عدلى منصور وسام الإستحقاق من الدرجة الثالثة.
"مصطفى الخطيب" قصة ضابط اغتاله الإرهابون داخل مسجد كرداسة بسبب فض اعتصام رابعةزوجة الشهيد: لن يهدأ بالى حتى أشاهد من قتل زوجى على حبل المشنقة
يوم 14 أغسطس، يوم صعب وقاسى على أسر شهداء الشرطة، الذين فقدوا ذويهم فى فض اعتصام رابعة المسلح واقتحام مذبحة مركز شرطة كرداسة.
"سحر يوسف" زوجة الشهيد اللواء مصطفى الخطيب، روت لـ"اليوم السابع" كواليس اغتيال زوجها يوم فض اعتصام رابعة المسلح، وكيف اغتال الإرهابون زوجها بدماء باردة.
بملابسها السوادء، وصوتها الممزوج بالحزن والأسى تحدثت الزوجة عن زوجها البطل، فقالت: "تزوجت من "الخطيب" فى 1986 حيث كان يحمل رتبة "نقيب"، وكان يعمل فى الأمن العام بمديرية أمن الجيزة لمدة سنتين، ومنها انتقل لأسيوط خلال أحداث الإرهاب، حيث واجه المتطرفين برفقة زملائه لمدة 3 سنوات، ثم انتقل لمباحث السياحة والآثار لمدة 17 سنة، وفى عام 2011 كان مأموراً لمركز شرطة أبو النمرس، وبعدها نقل مأموراً لمركز شرطة كرداسة، حيث كان يدير عمله من القرية الذكية وقتها بسبب حرق القسم، وخلال هذه الفترة نجح زوجى فى تقريب وجهات النظر بين الأهالى والشرطة، حيث كان يعقد الاجتماعات بالأهالى فى كرداسة، ويصلى بهم فى المسجد القريب من المركز، حتى تم إعادة افتتاح المركز وعاد الهدوء للمنطقة مرة أخرى، بالرغم من حصوله على ترقية كمساعد مدير أمن الجيزة لمنطقة الشمال، إلا أنه ظل متعلقا بكرداسة، فقد كان يفضل البقاء فى القسم والمرور عليه من حين لآخر حيث كان يقع فى نطاق عمله ضمن عدة أقسام أخرى.
يوم فض اعتصام رابعة، هو اليوم الأصعب فى حياة أسرة الشهيد مصطفى الخطيب، حيث تقول الزوجة: "كانت الأجواء ملتهبة بسبب فض اعتصام رابعة والنهضة، ويومها قرر زوجى الذهاب صباحاً لمركز كرداسة، حيث أكد لى أن هناك تجمهرات وأنه سوف يتحدث مع الأهالى، خاصة أنه مقبول لدى الجميع وقادر على احتواء الأمر، وشعرت وقتها بشىء غريب، فقد كان وجهه مشرقا وبشوشا، ولم أدر أنه سيكون المشهد الأخير الذى يجمعنا."
وتضيف الزوجة: "تحدثت معه فى العاشرة صباحاً تليفونياً، وعرفت أنه يوجد تجمهر من المواطنين أمام المركز، لكن اللافت للانتباه، أن المتجمهرين قدموا الأطفال والنساء فى الصفوف الأولى، بعدها فى الحادية عشر صباحاً تحدثت معه مرة أخرى، فقال لى "فيه اشتباك اقفلى"، بعدها تحدثت معه الحديث الأخير، حيث قال لى"اقفلى ..اقفلى دلوقتى"، وكانت هذه الكلمات آخر ما سمعته منه.
وتضيف الزوجة: هاتف زوجى بات مغلقاً، فاتصلت على هاتف شرطى كان يعمل معه، فرد على شخص غريب وقال لى: "انتى عايزة مين؟"، فقلت له :"فلان الفلانى العسكرى اللى مع مصطفى الخطيب"، فرد على: "قتلناهم كلهم"، فانقبض قلبى، وحاولت التواصل مع الضباط بالمركز دون فائدة، حتى اتصل بى شقيقى الذى كان يحمل رتبة لواء فى الداخلية وقال لى بصوت حزين "البقاء لله".
وتابعت الزوجة: الإرهابيون المتجمهرون أمام المركز وقتها، طلبوا من رجال الشرطة خروج زوجى للحديث معهم، وبالفعل قرر الذهاب إليهم ولا يدرى بخيانتهم، حيث استدرجوه للمسجد القريب من مبنى المركز وما أن دخل حتى أطلقوا عليه رصاصتين من الخلف، ليلقى ربه داخل المسجد، كما تعود على الذهاب إليه للصلاة فيه."
وتابعت الزوجة: قبل استشهاد زوجى بأيام قال لها :"حاسس نفسى هاموت"، وبعد وفاته أصبحت الحياة بلا طعم، لكننى حاولت الصمود والتغلب عليها، حتى تخرجت ابنتى من كلية الطب والأخرى من الهندسة وزواج إحداهما، وبالرغم من استشهاد زوجى منذ 5 سنوات، إلا أننى أذهب لقبره عندما تحاصرنى المشاكل لأخذ رأيه، وأتحدث لصورته فى المنزل وكأنه موجود بيننا.
وعن رسالتها للإرهابيين، تقول الزوجة: "حسبنا ونعم الوكيل فى من حرمنى من زوجى ودمر حياتنا، لن يهدأ بالى حتى أشاهدهم على حبل المشنقة، وقتها قد يهدأ قلبى بعض الشىء، وعلى ثقة أن المولى عز وجل لن يخذلنا أبداً."
الشهيد مصطفى الخطيب مع ابنته
وتقول الحاجة فاطمة فتحى، والدة الشهيد الرائد محمد فاروق وهدان، معاون مباحث كرداسة، أتمنى أن أرى قاتليه على حبال المشنقة، مشيرة إلى أن الشهيد يوم اقتحام قسم شرطة كرداسة كان الشهيد فى فترة الراحة واتصل به زملائه ومنهم الشهيد النقيب هشام شتا، وأبلغوه بوجود محاولات لاقتحام القسم، فارتدى ملابسه على الفور وحاولت منعه من النزول إلا أنه رفض ونزل فى حوالى الساعة 7 صباحًا".
وتابعت والدة الشهيد الرائد محمد فاروق: "بعدها اتصلت به خالته حوالى الساعة 12 ظهرًا وطمأنها على نفسه وزملائه، وكنا لا نعلم الوضع هناك، بعدها جاء نبأ استشهاده وكان كالصاعقة"، مضيفة: "ابنى كان عمره 27 عامًا ولم يتزوج وحينما كنت أطلب منه أن أزوجه كان يقول "يا ماما أنا تزوجت الشرطة"، كان نفسى أزفه على عروسته ولكن زفيته إلى قبره".
وتضيف والدة الشهيد فاروق: "كل شهر أذهب إلى المنوفية لزيارة قبره وأظل أبكى بالساعات وأتحدث إلى قبره وأقول له يا محمد كرداسة كانت مقفوله دخلت إزاى يا ابنى لقضاك"، مؤكدة أنها رغم الحزن الشديد على استشهاد نجلها إلا أنه تحتسبه فى منزلة عالية بالجنة"، وتوجه رسالة لزملائه الضباط الذين يتواصلون معها باستمرار لتؤكد لهم على ضرورة الثأر لزملائهم وتخليص البلد من الإرهابيين".
وعن الحياة العلمية والعملية للشهيد تؤكد الحاجة فاطمة، إن الشهيد محمد فاروق، كان قد حصل على مجموع 95% فى الشهادة الثانوية وكان متفوقا طوال دراسته ورفض دخول أى كلية من كليات القمة وفضل كلية الشرطة، وقضى عامين بعد تخرجه فى الصعيد، ثم أتى للخدمة فى قسم شرطة الهرم وكان يرأس نقطة شرطة الرماية، وبعدها عاد إلى المديرية ثم اختارته للعمل فى قسم شرطة كرداسة".
وتابعت والدة الشهيد الرائد محمد فاروق: "فى شهر رمضان الذى سبق المذبحة طلبت منه أن يستقيل من الشرطة ويتزوج ويعمل فى أى مهنة أخرى إلا أنه كان يرفض ويقول إنه يعشق العمل فى الشرطة وخدمة بلده."