تتصاعد الحاجة إلي وجود مدونة للسلوك البرلماني، في ضوء الممارسة البرلمانية خلال أدوار الانعقاد الثلاثة الماضية، والتي كشفت عن عدد من الظواهر التي تحتاج إلي المعالجة، لاسيما فيما يتعلق بظاهرة غياب النواب عن الجلسات، الأمر الذي أزعج رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال، وصولاً إلى تهديداته تارة بإعلان أسماء المتغيبين في وسائل الإعلام، وتاره أخرى بتطبيق اللائحة الداخلية لمجلس النواب، بالإضافة إلي وضع قواعد فيما يتعلق بالظهور الإعلامي، وإيجاد آلية للتعامل مع أي من النواب الذين يظهرون في قنوات معادية للدولة.
إعداد المدونة
وفي هذا الصدد، كشفت مصادر برلمانية لـ"برلمانى" أنه يٌجرى حالياً إعداد مدونة للسلوك البرلماني داخل مجلس النواب، في ضوء نصوص اللائحة الداخلية المٌنظمة لعمل البرلمان، ومن المٌتوقع تقديمها إلي رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال، مع بداية دور الانعقاد الرابع تمهيداً لمناقشتها فى الجلسة العامة.
وتنظم المادة (368) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ضوابط إعداد "مدونة السلوك" والتى نصت علي وجوب أن تراعي الاحترام الواجب لمؤسسات الدولة الدستورية وأصول اللياقة مع زملائه بالمجلس ورئاسة الجلسة سواء داخل أو خارج المجلس. ويضع المجلس مدونة للسلوك البرلمانى، وتلحق بأحكام هذه اللائحة وتعتبر جزءًا منها وتصدر بذات إجراءاتهما وتكون ملزمة لأعضائه.
وأضافت المصادر في تصريحاتها، أن مدونة السلوك في أي برلمان من شأنها معالجة كافة الأمور والقضايا التي ظهرت خلال الممارسة البرلمانية فيما يتعلق بسلوك الأعضاء، ومنها معالجة مسألة انتظام الحضور النيابي والتصدي لإشكالية الغياب عن الجلسات العامة، مشيراً إلي أن اللائحة الداخلية للمجلس شاملة وتناولت العديد من القضايا مثل مسألة تضارب المصالح وبشهادة الاتحاد البرلماني الدولي فإنها وافيه وعالجت معظم القضايا بل وقننت السوابق البرلمانية.
ومن المتوقع، أن تتضمن مدونة السلوك، جنباً إلي جنب معالجة ظاهرة تغيب النواب، عدد من الضوابط لتنظيم كافة ما يتعلق بسلوك العضو البرلماني وتكون ملزمة له، خاصة في ظل بعض ممارسات أعضاء المجلس التي اعتبرها زملاؤهم خروجاً عن السياق وتسيء إلي البرلمان، ومنها ما يتعلق بضوابط ومحددات الحديث داخل المجلس دون أخذ الكلمة عنوه أو التحدث بشكل غير لائق مع رئيس المجلس أو الإساءه إلي المجلس في التصريحات الإعلامية، بالإضافة إلي البنود الخاصة بتقاليد الزي البرلماني وعدم ارتداء الملابس "الكاجوال"،وأخرى حول قواعد الاخلاقيات التي تفرض علي النائب عدم استغلال منصبه لتحقيق مكاسب خاصة، وعدم إقامة علاقات تثير الريبة.
من جانبه، طالب النائب محمد صلاح أبو هميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بتشكيل لجنة مع بداية دور الانعقاد الرابع برئاسة الدكتور على عبد العال، للانتهاء من مدونة السلوك التي نصت عليها اللائحة، ومن شأنها أن تتضمن عدد من الضوابط السلوكية التي تحكم عمل العضو النيابي ويلتزم بها.
وقال أبو هميلة، في تصريح خاص لـ"برلمانى"، إنه يجب ألا ينتهي دور الانعقاد الرابع دون إصدار مدونة السلوك، لتلزم العضو بواجباته والسلوكيات التي يجب أن يسلكها بصفته النيابية، مشيراً إلي أن أحد القضايا التي يجب تناولها إلزام العضو بعدم التعامل أو التواصل مع القنوات الفضائية التي تنتهج سياسات معادية للدولة مثل قنوات الإخوان والعقاب حال التواصل معها.
وفيما يتعلق بالتزام أعضاء المجلس بالحضور في الجلسات العامة، يؤكد رئيس برلمانية الشعب الجمهورى أنها يجب أن تكون التزاما داخليا من النائب البرلماني، إيمانا بدوره النيابي وحق الشعب الذي انتخبه.
أيضا جاء تأكيد النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر، علي الحاجة إلي مدونة للسلوك البرلماني لتتضمن الأعراف الواجب الإلتزام بها داخل المجلس، قائلاً : لقد تأخرنا كثيراً في إصدارها وكان يجب أن يكون هناك مبادرة في هذا الصدد، وهي في جميع الأحوال ستكون مقيدة بنصوص الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب.
وقال أبو حامد، في تصريح لـ"برلمانى"، إن المدونه ستعالج عدد من القضايا الملحة مثل ظاهرة تغيب النواب وإخضاع المتغيبين بشكل مبالغ فيه إلي بنود الإخلال بشروط العضوية، لاسيما أن الأصل فيها الحضور، بجانب تضمينها بنوداً بمنع النواب من التعامل مع كيانات معادية بشكل واضح للدولة والقنوات المرتبطة بها مثل تنظيم الأخوان الإرهابي وبعض الدول المعادية لمصر.
وأضاف النائب محمد أبو حامد، أن أحد النواب الذين ظهروا علي قناة معادية للدولة، أدعي بأن زملاء له داخل المجلس قاموا بالظهور أيضا علي هذه القناة، لكن في الحقيقة عندما تتابع تصريحات النواب تجدها تدافع عن الدولة بما يؤكد خداعهم من القناة وعدم ذكر مسماها الحقيقي الأمر الذي اشتكي منه عدد من النواب سابقاً، لكن بمتابعة تصريحات هذا النائب تجده يعمل علي تشوية الدولة وهو أمر غير مقبول تماماً.
اللائحة الداخلية للبرلمان
وحددت اللائحة الداخلية في مادتها (381) الجزاءات البرلمانية، حال الإخلال بواجبات العضوية أو ارتكاب الأفعال المحظورة، لتتدرج ما بين اللوم وصولاً إلى إسقاط العضوية، وذلك حسب جسامة الفعل المُرتكب.
وحسب المادة (382)، يُطبق الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس مدة لا تقل عن جلستين ولا تزيد علي 10 جلسات، أو الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس لمدة تزيد علي 10 جلسات ولا تجاوز نهاية دور الانعقاد، إذا ثبت ارتكاب النائب أحد الافعال الأتيه : إهانه رئيس الجمهورية بالقول أو المساس بهيبته، إهانه المجلس أو أحد أجهزته البرلمانية، استخدام العنف داخل حرم المجلس ضد رئيس المجلس أو رئيس الحكومة أو أحد أعضائها أو أحد أعضاء المجلس، ويجوز توقع إسقاط العضوية بمراعاة الظروف التي وقعت فيها المخالفة.
ووفقا للمادة (383) يُوقع جزاء الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس لمدة لا تزيد عن 10 جلسات ولا تجاوز نهاية دور الانعقاد، أو اسقاط العضوية، حال ثبوت قيام النائب بتهديد، رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس الوزراء لحمله علي أداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل في اختصاصه، أو استخدام العنف لتعطيل مناقشات وأعمال المجلس أو لجانه أو للتأثير علي حرية ابداء الرأي.
مشروع المدونة
النائبة منال ماهر الجميل، عضو ائتلاف دعم مصر، أيضا تقدمت في وقت سابق بمشروع مدونة السلوك البرلماني إلي الدكتور علي عبد العال، وتقول في تصريحاتها لـ"برلمانى"، إنها قامت بتجديد المشروع المقدم منها مع إعادة تقديمها بنهاية الدور الثالث، معربه عن أمنيتها في سرعه مناقشته تحت القبة في الدور الرابع لاسيما للحاجة الملحة إلي إصدارها في ظل بعض الظواهر النيايبة التي تتطلب المعالجة العاجلة مثل ظاهرة الغياب المتكرر للنواب والتي تؤثر سلباً علي إنتظام العمل البرلماني حتي أن هناك قوانين أضطر رئيس المجلس إلي تأجيل التصويت عليها عده مرات.
ونظم مشروع المدونه الذى تقدمت به "الجميل"، الواجبات العامة للأعضاء وفي مقدمتها التزام النائب بحضور جلسات المجلس، وحال غيابة سواء بعذر أو بدونه يتوجب علي أمانه المجلس أن تذكر ذلك بكل شفافية مع إيجاد آلية فعاله لمحاسبة المتغيب عن الجلسات، وتتمثل بالخطوات التاليه، نشر أسماء المتغيبين بعذر أو بدونه في المضبطة أو عبر وسائل الإعلام، وفرض غرامة مالية علي المتغيبين دون عذر، وإيجاد آلية قانونية تصل إلي حد إسقاط العضوية حال تغيب النائب عن أكثر من ثلث الجلسات.َ
وتشمل المدونه، بنداً حول عدم جواز حديث النائب إعلاميا في أي مشروع قانون قبل إحالته إلي اللجنة المختصة أو الموافقة عليه من حيث المبدأ، لاسيما بعد البلبله التي شهدها المجتمع أثر إعلان بعد النواب التقدم بمشروعات قوانين، قبل التقدم بها فعلياً أو تم رفضها لعدم مناسبتها، مما أثر سلبياً علي المجلس، وتعرض لهجوم شديد علي آثرها.
وتضمنت الواجبات، عدم قبول الهيبات العينية والمعنوية التي قد تلحق الضرر بصورة النائب ونزاهته، الامتناع عن الدخول في مناقشات جانبية تسيء له، ويعتبر قبول أي عضو للرشوة للتأثير في سلوكه كبرلماني، بما في ذلك قبول أي رسوم أو تعويض أو مكافأة تتعلق بتأييد أو معارضة أي قانون أو تحرك، وغيرها من القضايا المقدمة، أو هناك النية لتقديمها إلي البرلمان، أو لأي لجنه من لجانه يعد مخالفه لقانون البرلمان، مع التأكيد علي أهمية تجنب الواسطة والمحسوبية أو استخدام السلطة في غير محلها أو التأشيرات الوزارية التي تخدم مصالح شخصي.
وشملت الواجبات، الالتزام بنصوص الدستور والقانون ولائحة النواب، واحترام المجلس وتجب ما يسيء إلي سمعته وهيبته، والمحافظة علي المعلومات التي حصل عليها أثناء عمله النيابي وعدم استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية والمحافظة علي سرية المعلومات المتعلقة بقضايا المواطنين وبخصوصياتهم، الحفاظ علي سمعه المجلس خلال الزيارات الرسمية والخاصة، وارتداء اللباس الرسمي المناسب أثناء الجلسات والاجتماعات التي يليق بالمؤسسة التشريعية، والالتزام بمعايير المصلحة العامة والابتعاد عن المصالح الخاصة أثناء تأديه وظيفتهم.
كذلك نظمت واجبات النواب تجاه بعضهم البعض، من خلال احترام الاراء الفكرية ووجهات النظر السياسية للآخرين، واجتناب مهاجمة النواب لبعضهم البعض والامتناع عن الهجوم الشخصي، وألا يكون البرلمان ساحة لتصفيه الخلافات الشخصية، والتعامل مع شكاوي النواب ضد بعضهم البعض من خلال لجنة متخصصة تنبثق عن لجنة القيم، وتنبيه النائب في حال خروجه عن القواعد العامة للسلوك البرلماني ويفضل أن يكون ذلك مكتوبا، والمحافظة علي معايير الموضوعية والمهنيه أثناء مناقشه أي قضية تتعلق بعمله كنائب.
وحسب المدونه، تحال أي شكوى بشأن مخالفة أي مواد المدونه إلي لجنة القيم، وللجنة حفظ الشكوى أو التوصية بما تراه مناسبا بحسب أحكام قانون لائحة مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016، ومنحت لجنة القيم اختصاص وضع أليات تنفيذ المدونة وتطبيقها ومتابعة الالتزام بها والتحقيق في الإدعاءات ومعالجة الانتهاكات المحتملة لمدونة السلوك بحسب قانون اللائحة بجانب بمراجعة المدونة بصورة دورية وتعديلها علي ضوء التحديات التي قد تواجه عملية التطبيق ومن الممكن أيضا تشكيل لجنة فرعية مستقلة تعني بمراقبة عملية تطبيق مدونة السلوك ضمانا للمعالجة غير المنحازة لحالات سوء السلوك.