الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:17 م

موازنة "البرامج والأداء" أخطر أسلحة البرلمان لوقف إهدار المال العام.. لجنة الخطة أشرفت على تحول 22 وزارة و23 محافظة للأسلوب الجديد بشكل تجريبى.. والمؤسسات الدولية تؤكد أهمية التجربة

"البرامج والأداء" أخطر الأسلحة لترشيد الإنفاق

"البرامج والأداء" أخطر الأسلحة لترشيد الإنفاق
السبت، 25 أغسطس 2018 06:00 ص
كتب عبد اللطيف صبح

الإنفاق العام فى مختلف دول العالم المعاصر بات يمثل أهمية متزايدة فى الاقتصاديات القومية، بل وفى حياة المجتمعات من مختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وترجع تلك الأهمية المتزايدة إلى اعتبارات عديدة منها ارتفاع نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلى الإجمالى وكذلك ضخامة الآثار المترتبة عليه إيجابا وسلبا.

ففى ظل قصور الطاقة التمويلية؛ باتت الدول النامية تعانى من عجز مستمر فى موازناتها العامة، بل زادت نسبة تمويل هذا العجز اعتمادا على كل من الإصدار النقدى والقروض الداخلية والخارجية، إلا أن هذه الأساليب لم تزد المشكلة إلا تعقيدا ولم تزد الحالة الاقتصادية فى كثير من هذه الدول إلا سوءًا، إضافة إلى قصورها عن تغطية العجز في الموازنة العامة، الأمر الذى أدى إلى تزايد تفاقم مشكلة العجز فى موازنات كثير من البلدان.

وهنا تبرز أهمية ترشيد الإنفاق العام باعتباره السبيل الوحيد للدول النامية فى ظل قصور طاقتها التمويلية؛ إلى تجنب الآثار السلبية المصاحبة لمحاولات علاج عجز الموازنة، سواء من خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم واللجوء إلى القروض أو الإصدار النقدى، الأمر الذى يجعلنا وجها لوجه أمام ترشيد الإنفاق العام كضرورة مالية لا مفر من تحقيقها.

ويُعتبر التحول لأسلوب البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة من أفضل الأساليب لترشيد الإنفاق الحكومى للهروب من الاقتراحات العشوائية، كما يُعتبر تبويبا حديثا لحسابات الموازنة يعطى الأهمية والتركيز على البرامج الحكومية وماتقوم به الحكومة من إنجاز للبرامج والمشاريع، وليس على أساس ما يتم إنفاقه كما هو فى موازنة البنود، أى أنها تركز على الهدف نفسه وليس على وسائل تحقيق الهدف.

 

وبمعنى آخر فإن اهتمام هذا النوع ينصب على قياس الكلفة الإجمالية لبرنامج معين بغض النظر عن من يقوم بالتنفيذ، أى أن الاهتمام يتركز على نشاط الحكومة وليس على وسائل تنفيذ هذا النشاط، إذ يمكن تعريف موازنة البرامج والأداء بأنها وسيلة لتبويب بيانات الموازنة العامة للتركيز على البرامج الحكومية وليس على نسب الانفاق على هذه البرامج، وعليه فأن هذه الموازنة تعمل على إبراز وظيفة جديدة للدولة هى الرقابة الإدارية بدلاً من التركيز على وظيفة الرقابة المالية التقليدية.

 

فالفلسفة الأساسية التى تبنى عليها موازنة البرامج والأداء تبدأ من تحديد أهداف العمل الحكومى، ثم وضع البرامج التى تحقق الأهداف، ووضع آلية تمكن من إجراء المقارنة بين الأهداف والنتائج، وتقديم نتائج تصلح لتكون قاعدة لاتخاذ القرارات، وتعتمد موازنة البرامج والأداء على 3 عناصر هى، تصنيف العمليات الحكومية بحسب البرامج والأنشطة، ووضع مقاييس للأداء، وتقديم تقارير مفصلة عن الأداء.

 

وتم تطبيق موازنة البرامج والأداء بالفعل فى 22 وزارة حتى الآن وسيتم استكمالها على باقى الوزارات بالموازنة الجديدة، لأن هذا النوع من الموازنة توزع الموارد على مشروعات معينة وبرامج معينة لتحقيق أهداف معينة، ويتم قياس تكلفتها الفعلية وبحث هل زادت نسبتها أم لا.

 

وكانت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة الدكتور حسين عيسى قد وضعت هذا الملف على رأس أولوياتها ببداية الفصل التشريعى الأول لمجلس النواب، حيث تم تشكيل لجنة لفرعية لمتابعة تنفيذ استراتيجية 2030 والتحول لموازنات البرامج والأداء، برئاسة النائبة سيلفيا نبيل.

 

وعقدت اللجنة الفرعية 19 اجتماعا مع الأطراف المعنية بموازنات البرامج والأداء واستراتيجية 2030، بدور الانعقاد الثالث فقط، وهى وزارة التخطيط ووزارة المالية وممثلى الوزارات المحددة بمنشور وزارة المالية.

 

من ناحيته قال الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة، إن بعثة صندوق النقد الدولى بالقاهرة أشادت بتجربة الدولة المصرية فى التحول إلى نظام البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة، مضيفا "عندما التقيت بعثة صندوق النقد الدولى فى أبريل الماضى مكانوش مصدقين إننا هنشتغل على موازنة البرامج والأداء، ورؤساء اللجان النوعية بالبرلمان عندما تحدثوا مع مسئولى الدول الأوروبية عن تحول بعض الوزارات لموازنة البرامج والأداء كان رد الفعل إيجابى وحماسى".

 

وأوضح رئيس لجنة الخطة فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن التحول لموازنة البرامج والأداء يُشجع الكثير من المؤسسات التمويلية الدولية للتعامل مع الاقتصاد المصرى بشكل أفضل، حيث أنها تضمن توجيه أموال القروض والمنح الدولية لصالح برامج ومشروعات بشكل أكثر فاعلية، كما أشار إلى أن تلك هى المرة الأولى التى تُطبق فيها موازنة البرامج والأداء على مستوى 22 وزارة اعتادت على إعداد موازناتها وفقا لنظام الأبواب والبنود، مؤكدا أن ذلك يُعد تغيير فى الفلسفة والتفكير وإعداد الموازنة، بتحديد أوجه صرف لأموال الدولة وأهداف تسعى لتحقيقها الأجهزة الحكومية على مدار السنة المالية.

 

ولفت عيسى فى الوقت ذاته إلى أن ما يحدث الآن فى 22 وزارة هو إعداد موازناتها وفقا لأسلوب البرامج والأداء بنسبة 25% فقط من الأسلوب بشكل تجريبى، على أن يتم بعد ذلك التحول لموازنة البرامج والأداء بنسبة 100% وقياس الأداء الفعلى، ومقارنة التكاليف الفعلية والمخططة ومعدل الانحراف بينهما.

 

وأكد أنه سيتم تطبيق هذا النظام الجديد بشكل تجريبى على كافة الوزارات خلال العام المالى 2019/2020، وبعد ذلك يتم اختيار 4 وزارات فقط من الـ16 وزارة التى ستطبق البرامج والأداء بالسنة المالية 2018/2019 لتطبيق النظام كاملا بنسبة 100% خلال السنة المالية 2020/2021، لافتا إلى أن التحول للبرامج والأداء بشكل كامل يحتاج إلى 3 سنوات أخرى.

 

وأوضح عيسى أن التحول لنظام البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة حلم منذ 40 عاما، لافتا إلى أن هناك رسائل علمية مكتوبة منذ 30 عاما فى الجامعات المصرية فى نظام البرامج والأداء، قائلا "نحن ملتزمون بالدستور فى تقديم الموازنة فى شكل أبواب وبنود، لكن الأمر فعلا مُجهد وكأننا نعد موازنتين، وهى أعباء ضخمة واللجنة تعمل طوال العام، ولدينا أمل أن ينص الدستور المصرى فيما بعد على ضرورة إعداد الموازنة بأسلوب البرامج والأداء".

 

وفى السياق ذاته أوضحت سيلفيا نبيل رئيس اللجنة اللفرعية أن اللجنة عملت على 3 محاور فى دور الانعقاد الثالث هى متابعة تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، ومتابعة مراحل تنفيذ إعداد مشروع الموازنة بالوزارات المستحدثة والسابقة فى التطبيق(16 وزارة)، ومتابعة التقارير الرقابية (ربع السنوية) للوزارات التى التزمت بالتطبيق فى عام 2017/2018 (ست وزارات).

 

وأضافت سيلفيا نبيل، لـ"اليوم السابع"، أن دور الانعقاد الثالث شهد أيضا زيادة فى عدد الوزارات التى تحولت إلى موازنة البرامج والآداء إلى 22 وزارة، منها 7 وزارات سبق وأن كلفت بتقديم موازناتها وفقا للبرامج والآداء عام 2017/2018 وتستمر عام 2018/2019 وهى وزارات "الصحة، والنقل، والاتصالات، والإسكان، والتعليم العالى والبحث العلمى، والتربية والتعليم، والتضامن الاجتماعى" ولكن وزارة الصحة لم تلتزم بتقديم الموازنة فى ذلك العام، وتسعة وزارات تشرع فى التطبيق عام 2018/2019 وهى وزارات "المالية، والتخطيط، والآثار، والتجارة والصناعة، والقوى العاملة، والتموين والتجارة الداخلية، والتنمية المحلية، والشباب والرياضة، والبيئة، وقد التزمت كافة الوزارات المعنية بتقديم مشروعاتها عن العام المالى 2018/2019.، و6 وزارات جدد تم إدخالهم بعد بيان الحكومة وهم الكهرباء والثقافة والاستثمار والموارد المائية والرى والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والبترول.

 

وأوضحت سيلفيا نبيل أن ما تم عرضه خلال دور الانعقاد الحالى هو تطبيق مبدئى نحو التطبيق الشامل للبرامج والآداء، ولا يتضمن تفاصيل أنشطة كل برنامج ولا عناصر التكاليف التفصيلية الخاصة به، وكيفية ومراحل الوصول للتكلفة الكلية لكل برنامج، لافتة إلى أنها قدمت تصور لمراحل إعداد الموازنة بالشكل المتكامل للتطبيق تكاملا مع موازنة البنود.

 

 


print