توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بكلمة صباح اليوم السبت، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ45 لانتصارات أكتوبر المجيدة، مؤكدًا على أن الأمة المصرية والعربية بذلت فى حرب أكتوبر 1973 جهدا يفوق الطاقة وأثبت الجيش مقدرة تفوق التوقعات.
ونص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم
أيها الشعب الأبى الكريم.. تمر فى تاريخ الشعوب والأوطان أياما ليست كغيرها من الأيام، يحيط بها المجد وتحمل للأمة رسالة متجددة بالأمل والثقة، ولا شك أن يوم السادس من أكتوبر هو أحد تلك الأيام التى بذلت فيها أمتنا المصرية والعربية جهدا يفوق الطاقة، وأثبت فيها جيشنا الوطن مقدرة تفوق ما توقعه الجميع، وقدم فيها شعبنا القوى الصامد عطاءً يوق كل تصور، فكانت نتيجة الجهد والمقدرة والعطاء نصرا خالدا، تتداول سيرته الشعوب واجتهد فى تفسيره خبراء العلوم العسكرية والإستراتيجية.
السيسي: انتفض الشعب المصرى وراء جيشه ليعلنوا أن مصر عصية على الانكسار
وفى مثل هذه الأيام من عام ثلاثة وسبعون انتفض الشعب المصرى كله، وراء قواته المسلحة القادرة ليعلنوا للعالم أن مصر عصية على الانكسار، وأنها بفضل الله وبعقول وسواعد أبنائها استطاعت تجاوز الفترة الصعبة التى تلت عام 67، فأعادت بناء قواتها المسلحة وفرزت حرب استنزاف طويلة بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أثبتت أن الوطن ما زال ينبض بالإرادة والعزيمة.
السيسي: حماية الحدود والتراب الوطنى هو واجب مقدس
وجاءت حرب السادس من أكتوبر بقرار الزعيم الراحل أنور السادات وقيادته لتعلن أن مصر قادرة على إعادة صياغة أى وضع لا ترضى عنه أو تقبله فتفرض على الجميع احترام إرادتها، وتثبت أن الحفاظ على الأرض وحماية الحدود والتراب الوطنى هو واجب مقدس، تستطيع مصر بجيشها وشعبها القيام به على أكمل وجه، مهما كانت التضحيات من أرواح ودماء رجال قواتها المسلحة الذين قدموا بطولات يعجز التاريخ عن حصرها، ويقف الجميع أمامها وقفة احترام وتقدير وتبجيل.
السيسي: السادات بطل الحرب والسلام
شعب مصر الكريم،، إن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن فقط من أجل استرداد أرضنا، وإنما كان السلام أيضا نصب أعيننا، فالشعوب العريقة ذات التجربة التاريخية الممتدة على مدار الزمن تعرف معنى السلام وتسعى إليه، وتدرك جيدا أن السلام يجب أن يستند إلى العدل وتوازن القوة، ولا تخشى فى الحق لومة لائم، أو مزايدة مزايد، وهو ما أدركه شعب مصر العظيم ونفذته قيادته التاريخية متمثلة فى الزعيم محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، الذى نتوجه اليوم بتحية إلى روحه وإلى أرواح شهداء مصر الأبطال.
السيسي: الحفاظ على السلام يمثل تحديا لا يقل عن تحدى القتال
إن مصر أثبتت فى السلام نفس مقدرتها فى الحرب، ولعل الحفاظ على السلام يمثل تحديا لا يقل عن تحدى القتال، وفى الحالتين أوضحت مصر أنها عندما تقرر تستطيع التنفيذ، وأن إرادتها فى السلام نابعة من قناعة وطنية وشعبية، وأثبتت العقود الأربعة الأخيرة مقدرة هذا الشعب وهذه الأمة وعمق رسوخها فى جذور التاريخ وصلابتها أمام المحن والشدائد، فاستطاعت استرداد أرضها حتى آخر شبر حربا وسلاما، واستطاعت فرض واقع استراتيجى مختلف وصياغة معادلات الإقليم على أساس التوجه نحو السلام وليس الحرب والخراب والدمار".
السيسي: لنا الحق فى الشعور بالفخر بما حققناه مع استمرار تطلعنا إلى تحقيق المزيد
شعب مصر العظيم،، إن تحديات الحياة لا تنتهى وقدر الشعوب العظيمة مواجهة هذه التحديات وقهرها، وها نحن فى مصر واجهنا تحديا من أصعب ما يكون خلال السنوات الماضية، تحدى الحفاظ على دولتنا ومنع انهيارها، ومواجهة خطر الفراغ السياسى والفوضى، وانتشار الإرهاب المسلح الغادر، فالنظرة المنصفة إلى مجمل تحديات الأمن القومى التى شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضة، توضح لنا بجلاء أن انتصار أكتوبر لم يكن صدفة وأن جذور الانتصار وقهر المحن متواطنة فى تربة بلدنا العظيمة، وإننا كما عبرنا الجسر الفاصل بين الهزيمة والنصر خلال الفترة من 1967 وحتى 1973 استطعنا عبور مرحلة الاضطراب غير المسبوق الذى انتشر فى المنطقة خلال السنوات الأخيرة، فلم تضعف التحديات الصعبة عزيمتنا، واستطعنا محاصرة خطر الإرهاب الأسود، وتوجيه ضربات قاسمة لتنظيماته وعناصره كما استطعنا تثبيت أركان دولتنا وإعادة الثقة والهدوء للمجتمع، بعد فترات عصيبة من الاستقطاب والتوتر، ولم تشغلنا أيضا هذه المهام الجسام عن إرساء أساس متين للتنمية الاقتصادية، يستند إلى مواجهة الحقائق والتعامل مع الواقع كما هو، وليس من خلال الشعارات والأوهام، آملين فى تحقيق تقدم نوعى فى مستوى حياة هذا الشعب الكريم، ونقل الواقع المصرى من حال إلى حال أفضل من خلال العلم الحديث والجهد الدءوب، مع الصبر والمثابرة والثقة فى أنفسنا، ولنا الحق فى الشعور بالفخر بما حققناه مع استمرار تطلعنا إلى تحقيق المزيد.
السيسي: دماء الشهداء أثمرت لنا سلاما وأملا فى الحياة لملايين المصريين
شعب مصر الأبى الكريم،، فى ختام كلمتى إليكم، فى هذه الذكرى العزيزة على قلبونا، أتوجه بالتحية مجددا عرفانا وامتنانا وتقديرا لأرواح أبطال مصر، شهداء جيشها العظيم، الذى روت دمائهم الغالية تراب سيناء المقدس، فأثمر لنا سلاما وأملا فى الحياة لملايين المصريين، وتحية للوحدات العربية المقاتلة التى شاركتنا فى حرب أكتوبر، أشقاء أعزاء ورفاق سلاح، وتحية من القلب لأبناء وأسر السهداء، شهداء مصر فى كل العصور وفى الحرب على الإرهاب، التى لا تقل خطرا، نقول لأسرهم أن مصر تتذكر بكل الخير بطولات أبنائها ولا تنسى تضحياتهم، وأن أبناء هذا الشعب الأصيل يوفون بالعهد، عهد العمل والعطاء والتعمير لهذا الوطن العزيز، لننعم فيه والأجيال المقبلة من أبنائنا وأحفادنا بالحياة الكريمة الآمنة بمشية الله وتوفيقه، حفظ الله مصر وشعبها وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.