وتطل الخلافات بين رئيس وزراء تونس الشاب يوسف الشاهد والرئاسة التونسية والحزب الحاكم برأسها للتصدر الأزمات التى يعانيها تونس، فمؤخراً أعلن حزب نداء تونس ، تجميد عضوية الشاهد، وهو ما تبعه بعض الاستقالات فى صفوف أعضاء وقيادات الحزب اعتراضاً على هذا الإجراء، إلا أن كثيراً من رموز الحزب الحكام يؤكدون فى المقابل ، أن الشاهد لا يدعمه على الأرض إلا جماعة الإخوان ممثلة فى حركة النهضة.
وفى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، قال الدكتور منجى الحرباوى، المتحدث باسم "نداء تونس" : "الفترة المقبلة تحمل مفاجآت عديدة وحكومة يوسف الشاهد الحالية اقتربت من النهاية ولن يمتد عملها لـ2019 وهى الآن بمثابة حكومة تصريف أعمال، حيث إنها فقدت الغطاء الشعبى وأيضا السياسى من قبل الأحزاب السياسية الكبرى والمنظمات المجتمعية المهمة مثل منظمة الأعراف الخاصة بأصحاب الاعمال ومنظمة الاتحاد العام.
وأضاف الحرباوى، أن الحكومة الجديدة ستأتى بتوافق جميع الأطياف السياسية تكون بعيدة عن أى تجاذبات سياسية، وستبدأ تونس مرحلة سياسية مبنية على أساس من الديمقراطية السليمة والحقيقية وتكون أولويتها الاستقرار السياسى والاقتصادى، فهذه هى أولوية تونس فى الفترة المقبلة خاصة بعدما تحقق لها الاستقرار الأمنى.
أوضح الحرباوى فى تصريحاته أنه لم يعد هناك داعم لـ"الشاهد" سوى حركة النهضة الإخوانية ، والتى استخدمت الشاهد لتحقيق وتسهيل مصالحها التى هدفت من خلالها لمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة ، حتى أصبح الشاهد رهينة لدى "النهضة" تجمعهما المصالح والمآرب الشخصية دون الالتفات لمصالح تونس الوطنية العليا.
وعن ظاهرة الاستقالات من "نداء تونس" عقب إعلان تجميد عضوية الشاهد ، أشار منجى إلى ان الحزب فقد 50 % من أعضائه منذ 2014 ، ومن يتقدمون باستقالاتهم الآن هم من فرضت عليهم ضغوط سياسية من قبل الدولة أو من يسعوا لمصالح شخصية ، ونتوقع استقالات أخرى مع تزايد الضغوط السياسية على الأعضاء ، وهذه الاستقالات ربما تؤثر فى التوازنات داخل البرلمان لكنها لن تغير من مصير "الشاهد" الذى أنهى مستقبله السياسى فالأمر مسألة وقت .
وعن الأسباب التى دفعت حركة نداء تونس لتجميد عضوية الشاهد، قال الحرباوى لقد انتدبت حركة نداء تونس الشاهد ليكون على رأس حكومة وحدة وطنية لكنه للأسف انحرف عن الخط المرسوم له والاتفاق الذى قطعه باستكمال المسار الديمقراطى وبناء الدولة والإصلاحات الكبرى التى نصت عليها وثيقة قرطاج الأولى الموقعة فى 2017 وأصبح متفردا برأيه بما يحقق مصالحه الشخصية، وقد نبهناه أكثر من مرة لكنه استمر فى تعنته.
فى المقابل ، تقف حركة النهضة ـ الذراع التونسية لجماعة الإخوان ـ أمام فضيحة من العيار الثقيل، بعدما كشفت تقارير إعلامية تونسية تورطها فى جرائم اغتيالات سياسية كان ضحيتها السياسى اليسارى الشهير شكرى بلعيد الذى اغتيل قبل سنوات، والسياسى التونسى محمد البراهمى.
وقال الناطق باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي فى تصريحات نشرتها وسائل إعلام تونسية إن النيابة فتحت تحقيقا فيما ورد من معطيات لهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمى بخصوص اتهامات لأجهزة ـ لم تسمها حتى الآن ـ بسرقة ملفات متعلقة بقضية اغتيالهما، ولم تسلمها للقضاء.
فيما أكدت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمى، أن حركة النهضة لها تنظيم خاص له علاقة بالاغتيالات السياسية، وأن مصطفى خضر المشرف على هذا الجهاز كان بحوزته وثائق تتعلق بملف اغتيال بلعيد والبراهمي.
مشهد من جنازة شكرى بلعيد
وأوضحت الهيئة، أنه فى ديسمبر 2013 تم العثور على مجموعة وثائق فى المكان الذي يسكنه خضر آنذاك، وأشارت إلى أن جزءا من هذه الوثائق موجود فيما وصفته بـ"غرفة سوداء" في وزارة الداخلية، داعية إلى فتح هذه الغرفة، وتمكينها من الاطلاع على ما أودع فيها.
وأوضحت هيئة الدفاع أن خضر كان على اتصال مباشر برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان نورالدين البحيري، والإخواني مصطفى خضر المسجون حاليا بعد صدور حكم قضائي بسجنه ثماني سنوات، بسبب تورطه في إخفاء وثائق أمنية، حيث كان يضع يده على وثائق تتعلق بالاغتيالات السياسية التي عرفتها البلاد في ظل حكم حركة النهضة، بحسب هيئة الدفاع عن عضوي مجلس أمناء ائتلاف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، شكري بلعيد، ومحمد البراهمي.
وفيما يتعلق بالوثائق المتلاعب بها، قال عضو هيئة الدفاع رضا الرداوي إن وثيقة بعنوان "فنون القتال على الدراجة النارية" تتشابه مع طريقة اغتيال السياسيين المعارضين بلعيد والبراهمي، معلنا مقاضاة حركة النهضة.
وفي 26 يوليو 2013، اغتال مسلحون مجهولون السياسي التونسي المعارض محمد البراهمي بالرصاص أمام منزله في تونس العاصمة. وقبله بشهور، اغتيل القيادي في الجبهة الشعبية الذي عرف بمعارضته الشرسة للحكومة التي تقودها حركة النهضة، شكري بلعيد، بإطلاق أربع رصاصات في رأسه وصدره.
السبسي والغنوشي
وأمام تلك الأزمات، اجتمع الرئيس السبسي مع راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة، أمس الثلاثاء، حيث أكدت الناطقة الرسمية بإسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش إن اللقاء تناول سياسة التوافق التى كانت بين نداء تونس وحركة النهضة، كان إلى بصفة السبسي رئيس للجمهورية وهو أيضا مؤسس حركة نداء تونس.
وأوضحت أن موقف رئيس الجمهورية، كما عبر عنه سابقا، محافظ على العلاقة الخاصة بينه وبين راشد الغنوشي، أما بالنسبة إلى التوافق مع حركة النهضة، فإنه بالنسبة إلى رئيس الجمهورية انتهى مثلما أكد سابقا فى حديث تلفيزيونى.
وأوضحت أن حزب نداء تونس طلب توضيحات من رئاسة الجمهورية حول فحوى اللقاء خاصة وأن موضوع اللقاء تعلق بالعلاقة بين حزبي نداء تونس وحركة النهضة، وأشارت إلى أن ما جاء فى بيان نداء تونس الموقع عليه من طرف الناطقة الرسمية أنس الحطاب هو شأن يهم حزب نداء تونس ولا يهم رئاسة الجمهورية .
ومن جانبها، أخرى أصدرت حركة النهضة بيانا رسميا حول اللقاء ، مؤكدة أنه يأتى فى إطار الحرص "على خيار التوافق والتشاور فى المشهد السياسى التونسى وخاصة بين المؤسسات التنفيذية للدولة بما يعزز فرص تجاوز التحديات وتوفير المناخات المناسبة لانجاز الاستحقاق الانتخابى فى أحسن الظروف.