ففى أحدث تقرير له أكد صندوق النقد الدولى أن النمو القوى للاقتصاد المصرى حتى الآن يمثل القوة المحركة وراء ارتفاع النمو الكلى فى الدول المستوردة للنفط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متوقعا أن يسجل الاقتصاد المصرى نموا بواقع 5.3% خلال العام الحالى على أن يرتفع إلى 5.5% فى 2019، صعودا من 4.2% فى 2017.
وتوقع الصندوق فى تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى أن تسجل متوسط معدلات التضخم السنوى 13.9% فى 2018 و12.6% فى 2019، هبوطا من 29.5% فى 2017.
كما شملت التوقعات أن يصل عجز الحساب الجارى لنحو 2.6% كنسبة داخل إجمالى الناتج المحلى مقابل عجز بلغ 6.3% خلال العام الماضى، ويستمر فى التراجع ليبلغ 2.4% خلال عام 2019.
وأرجع التقرير الصادر اليوم الثلاثاء، والذى تناقلته وكالات الانباء تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى إلى انحسار اختلالات الاقتصادية خلال فترة 2016/2017 وتحسن بيئة الأعمال، وتعافى قطاع السياحة واستئناف الرحلات الطيران المباشرة من روسيا وانخفاض سعر الصرف، كما ساهم النمو فى أوروبا فى دعم الصادرات عبر المنطقة ككل.
ولفت إلى أن الحفاظ على نظام سعر صرف مرن يجعل الدول التى تتمتع بمرونة أكبر فى سعر الصرف أقدر على استيعاب الصدمات الخارجية مقارنة بالبلدان التى تعتمد نظم صرف مدارة بإحكام.
وأشاد صندوق النقد بالتقدم المهم الذى أحرزته مصر فى إعادة هيكلة منظومة الدعم، الأمر الذى أسهم فى تحسين صلابة المالية العامة، وكذلك ربط إصلاحات الدعم بتقوية شبكات الأمان الاجتماعى الموجهة للمستحقين من أجل تعزيز عدالة الإصلاح ودعم النمو.
كما ثمن عاليا الإجراءات الحكومية الرامية الى إعادة هيكلة الشركات الخاسرة وتيسير الحصول على الأراضى الصناعية وإعلان الحكومة عن مشروع لطرح نسبة أقلية فى خمس شركات حكومية للتداول فى البورصة خلال العام المالى الجارى.
وأوضح أن تحويلات المصريين فى الخارج وزيادة المنح ستستمر فى دعم زيادة الاستهلاك الخاص، مؤكدا على أن تحسن مستويات الثقة فى الاقتصاد المصرى ستدعم نمو الاستثمار الخاص.
وأكد الصندوق ضرورة مواصلة جهود الإصلاح الهيكلى لتعزيز صلابة التعافى وغرس بذور النمو الأعلى على المدى المتوسط، لافتا إلى أن ثقة مجتمع الأعمال سوف تزداد عند استكمال إصلاحات نظام الدعم وتحسين نظم الحوكمة وزيادة القدرة التنافسية، وتعزيز بيئة الأعمال.
وشدد التقرير على ضرورة محافظة البنك المركزى المصرى على سياسة نقدية محايدة أو تقييدية، مع استمرار مراقبة معدلات التضخم والتأهب لتثبيت التوقعات التضخمية إذا ما تحققت الآثار غير المباشرة لارتفاع الأسعار نتيجة لإصلاحات دعم الطاقة.
وحث الصندوق مصر العمل على إدخال قطاع الاقتصاد غير الرسمى ضمن منظومة الاقتصاد الرسمى الذى لا يمثل سوى نحو ثلثى إجمالى التوظيف وذلك لتحقيق الاستفادة الأكبر من هذا القطاع الذى يضم منشآت أعمال تضم خمسة موظفين أو أقل تمثل نحو 60% من الاقتصاد.
وأضاف التقرير أن إجراءات الاصلاح الهيكلى الرامية لزيادة التنافسية مثل تحرير سعر الصرف وتيسير الحصول على الائتمان وتراخيص الأراضى الصناعية، تساعد القطاع الخاص على المنافسة بفاعلية أكبر، وكذلك اعتماد قوانين جديدة للمشتريات الحكومية وتعزيز الرقابة العامة، ما سيساعد على رفع كفاءة الإنفاق العام وزيادة معدلات النمو.
إشادة كبيرة من البنك الدولى
وفى سياق آخر عقدت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، والدكتور هشام عرفات، وزير النقل، ورشة عمل حول تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، الذى يصدره البنك الدولى، بحضور اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، وسامية مصدق، القائمة بإعمال مدير مكتب البنك الدولى فى مصر، وناجى بن حسين، المدير التنفيذى بالبنك، وممثلين عن وزارات الاستثمار والتعاون الدولى والإسكان والكهرباء والمالية والتجارة والصناعة والتضامن الاجتماعى ومؤسسة التمويل الدولية.
ويركز تقرير ممارسة أنشطة الأعمال للعام المقبل، على 10 مجالات هى تأسيس الشركات واستخراج تراخيص البناء، والحصول على الكهرباء، وتسجيل الملكية والحصول على الائتمان وحماية المستثمر، وسداد الضرائب والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود وتسوية حالات الإعسار.
وألقت الورشة، الضوء على أبرز الإصلاحات التى تم تنفيذها لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، وقدم فريق العمل من مؤسسة التمويل الدولية، عرضا تقديميا عن الإصلاحات التشريعية التى قامت بها مصر لتحسين البيئة التشريعية ومناخ الاستثمار، وقام فريق من البنك الدولى بعرض المؤشرات ذات الأولوية التى من المنتظر أن تعمل الوزارات على تحسينها خلال المرحلة المقبلة، من أجل تحسين ترتيب مصر فى تقرير ممارسة الأعمال خلال العام المقبل، وقامت كل وزارة باستعراض ما تم تنفيذه من اصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار.
وأكدت الدكتورة سحر نصر، حرص الحكومة على استمرار التعاون مع البنك الدولى للحصول على الدعم الفنى اللازم لتطوير بيئة الأعمال، ومن ناحية أخرى التواصل مع وزارة التنمية المحلية والمحافظات لضمان تفعيل برنامج الإصلاح الاقتصادى، لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل للشباب المصرى.
وأشارت الوزيرة، إلى استمرار برنامج الإصلاح، لمواصلة التحسن فى ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية، موضحة أن محافظة القاهرة دائما تكون سباقة فى الاصلاحات على المستوى المحلى.
وذكرت الوزيرة، أن اخر تقرير للممارسة انشطة الاعمال رصد الإجراءات الإصلاحية التى تم تنفيذها حتى أبريل 2018، علمًا بأن هناك الكثير من الإجراءات الإصلاحية التى تم تنفيذها وتلك الجارى تنفيذها، والتى من المتوقع أن تؤثر إيجابيا فى العديد من المؤشرات التى يرصدها التقرير خلال العام المقبل.
وأوضحت الوزيرة، أن مصر تتطلع لتحقيق تقدم كبير فى تقرير ممارسة أنشطة الاعمال للعام المقبل، بعد تقدمها 8 مراكز فى تقرير العام الحالى، عقب تنفيذها أكبر عدد من الإصلاحات فى عام واحد خلال السنوات العشر الماضية، وثانى أكبر عدد من الإصلاحات يُنفِّذه أحد بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، كما كانت مصر صاحبة أكبر عدد من الإصلاحات بالمقارنة بالبلدان العربية الأخرى.
مشروعات عملاقة فى مجال النقل
واستعرض الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، خطة ومشروعات الوزارة خلال الأربع سنوات المقبلة، ففى مجال الطرق والكبارى قال الوزير بأنه يتم تنفيذ المرحلة الثالثة من المشروع القومى للطرق بإجمالى أطوال 1280 كم وتكلفة 14 مليار جنيه وكذلك تطوير شبكة الطرق القائمة حيث يتم استكمال مشروعات إنشاء وازدواج ورفع كفاءة الطرق المدرجة بالخطة الاستثمارية بإجمالى أطوال 2500 كم وتكلفة 16 مليار جنيه وكذلك استكمال إنشاء عدد من المحاور على النيل بإجمالى تكلفة 10 مليار جنيه وإنشاء وتطوير عدد 20 كوبرى علوى بإجمالى تكلفة 2,5 مليار جنيه.
أما فى مجال السكك الحديدية فأوضح وزير النقل بأنه يم تطوير اسطول الوحدات المتحركة حيث تم التعاقد على توريد عدد 1300 عربة حديثة بتكلفة 1,6 مليار دولار من خلال تحالف مجرى روسى وتوريد عدد 100 جرار حديث ( GE ) وتأهيل عدد 81 جرار وكذلك شراء عدد 100 جرار جديد بتمويل من بنك اعادة الاعمار والتنمية وتصنيع وتوريد عدد 140 عربة بضاعة طرازات مختلفة من خلال الهيئة العربية للتصنيع بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات كهربة الإشارات بإجمالى أطوال 1089 كم وتكلفة 12,6 مليار جنيه واستكمال تجديد وصيانة السكة للمسافات المتراكم تجديدها بإجمالى 1000 كم وتكلفة 5 مليار جنيه واستكمال خطة التطوير الشامل للمزلقانات الواقعة على شبكة السكك الحديدية بتكلفة 2.4 مليار جنيه واستكمال خطة التطوير والتحسين لمحطات السكك الحديدية بالوجهين القبلى والبحرى بتكلفة 1.1 مليار جنيه، وفى مجال النقل النهرى أشار بأنه يتم انشاء موانئ نهرية حديثة فى صعيد مصر (أسيوط – سوهاج – قنا).
وأشادت سامية مصدق، القائمة بإعمال مدير مكتب البنك الدولى فى مصر، بالإصلاحات الكثيرة التى نفذتها الحكومة المصرية، ووصفتها بالانجاز غير المسبوق والحلم الذى تحقق.
وأضافت: "إن التسارع الملحوظ فى خطى الإصلاح للإجراءات المنظمة لأنشطة الأعمال فى مصر علامة تبعث على التفاؤل على التزام هذا البلد برعاية ريادة الأعمال وتمكين مؤسسات القطاع الخاص، وإننا نتطلع إلى استمرار الجهود من أجل تبنِّى ممارسات تنظيمية تتسم بالإنصاف والشفافية والكفاءة بغية تحفيز جهود خلق الوظائف بقيادة القطاع الخاص".
وأوضحت إن النجاح المصرى يعتمد على 3 ركائز، الأولى هى أن هناك صورة واضحة لما تستهدفه مصر من برنامج الإصلاح الاقتصادى، والركيزة الثانية، أن الإقلاع الصعب لرحلة الإصلاح الاقتصادى تمت بنجاح، من أجل صالح أجيال المستقبل، والأمر الثالث هو النجاح فى بناء عقد اجتماعى جديد بين الحكومة والمواطنين، حيث توجد مساهمة واضحة للشباب فى العملية الاقتصادية، خاصة الاقتصاد الرقمى.
وذكرت الهدف من الإصلاحات توفير فرص عمل للشباب، وأضافت أن تقرير سهولة ممارسة الأعمال هدفه تحديد موقع مصر بين اقتصادات العالم، حتى يتم الانطلاق من على أرضية معرفية صلبة.
وكان البنك الدولى اصدر مؤخرا، تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، والذى رصد قيام مصر بإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات فى خمسة مجالات هي: تأسيس الشركات، والحصول على الائتمان، وحماية صغار المستثمرين، وسداد الضرائب، وتسوية حالات الإعسار (الخروج من السوق)، بهدف المساعدة فى خلق الوظائف، واجتذاب الاستثمار، وزيادة تنافسية الاقتصاد، وحققت مصر أعلى ارتفاع فى ترتيبها فى مؤشر الحصول على الائتمان لتسجل المركز 60 بدلًا من المركز 90 فى تقرير العام الماضى بتحسن قدره 30 مركزا، وتحسن ترتيب مصر بمؤشر تسوية حالات الإعسار بمقدار 14 مركزا، لتحتل المركز 101 بدلا من 115، وتقدمت مصر فى مؤشر حماية صغار المستثمرين، حيث ارتفع ترتيبها بمقدار 9 مراكز لتصل للمركز 72 بدلا من 81 فى تقرير العام الماضى، وارتفع ترتيب مصر فى مؤشر سداد الضرائب الى المرتبة 159 مقارنة بالمركز 167 بتقرير العام الماضى، بزيادة مقدارها 8 مراكز، كما تحسن مركز مصر فى مؤشر التجارة عبر الحدود بمقدار مركز واحد ليصل إلى 170 بعد أن كان 171 بتقرير العام الماضى.